molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: أحكام اليمين في الشريعة الإسلامية - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض الجمعة 23 ديسمبر - 5:16:26 | |
|
أحكام اليمين في الشريعة الإسلامية
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض
الخطبة الأولى
أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
عبادَ الله، اليمينُ بالله طريقٌ من طرُق الإثبات, إذ الدّعوى والخصومَة تكون بين مدّعٍ ومدعًى عليه، ولهذا جاء عنه أنّه قال: ((لو يعطَى النّاس بدعواهم لادَّعى رجالٌ دماءَ قوم وأموالَهم, ولكنّ البيّنة على المدّعي واليمين على المنكِر))[1].
أيّها المسلم، فاليمينُ على المنكِر, وقد تكون أيضًا على المدّعِي, فقد قضى النبيّ بالشّاهد واليمين[2]. هذه اليمينُ هي حلفٌ بالله جلّ وعلا، يحلِف بها المسلم إمّا لإثبات حقّ له أو يحلِف بها لنفيِ ما ادُّعي عليه من الحقوق، ولكنّ المؤمن حقًّا الذي يخاف الله ويرجوه وهو على يقين بأنّ الخصومةَ ستعاد يوم القيامة, وأنّ الله جلّ وعلا يعلم سرَّ العبد ونجواه, يَعْلَمُ خَائِنَةَ ٱلأعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ [غافر:19]، قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِى صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ [آل عمران:29]، وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى أَنفُسِكُمْ فَٱحْذَرُوهُ [البقرة:235].
أيّها المسلم، هذه اليمينُ هي تعظيمٌ لله وإجلال لله, فلا يليق بك أن تكذبَ فيها وأن توقعَها على غير موقعِها. هذه اليمينُ يصدِرها مؤمنٌ يخاف اللهَ ويتّقيه، يمينُ مؤمنٍ لا تخدعه زخارف الدنيا وأطماعها, يمين مؤمنٍ دينُه أغلى عنده من الدنيا بأسرِها, يمين مؤمنٍ يعلم أنّ الله سائله يومَ القيامة عنها ومحاسبُه عنها.
بيّنةُ المدّعي قد تقصر، وقد لا يحسِن, ويمينُك قد يُصدِّقك بها صاحبُك, ولكن إن انتفعتَ بها دنيًا فسوف تنضرّ بها آخرةً إن كنتَ كاذبًا فيها ومفتريًا فيها.
فليتَّق المسلم ربَّه عندما تُطلب منه اليمين, عندما تقصُر بيّنات المدَّعي, أو لا يجِد من يشهَد له؛ لأنّ بيّنتَه الإثباتيّة من شهود أو غيرها مفقودة, فاتّق الله في يمينك, ولا تزلّ باليمين, واعلَم أنّك إن كذبتَ في يمينك للتتغلّب بها على خصمِك فالله خصمُك يومَ لقاه, فاتّق اللهَ واحذرِ اليمينَ الكاذبة، فإنّها ممحقة للبركةِ في الدنيا, وقد يعجَّل لصاحبها العقوبة في الدنيا، ويوم القيامة فالأمر مهول والأمر عظيمٌ جدًا.
يقول الله: إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَـٰنِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا أُوْلَـئِكَ لاَ خَلَـٰقَ لَهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ وَلاَ يُكَلّمُهُمُ ٱللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَلاَ يُزَكّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [آل عمران:77].
أترضَى لنفسِك أن تكونَ في جملة هؤلاء؟! أترضَى لنفسك أن تكونَ من هؤلاء الذين لا خلاقَ لهم, لا نصيبَ لهم في الآخرة, ولا يكلّمهم الله, ولا ينظر إليهم, ولا ي+ّيهم, ولهم عذاب أليم؟! من يرضى لنفسه بهذا إلا خاسِئ الحظّ والعياذ بالله، قال أبو ذرّ: من هم يا رسول الله؟ خابوا وخسِروا، قال: ((المسبِل والمنّان والمنفِق سلعتَه باليمين الكاذب))[3].
أيّها المسلم، اليمين الكاذبةُ ذنبُها عظيم ووزرها كبير، لا تنفَع فيها الكفّارة لعظيم شأنها وكبيرِ خطرها, فاتّق الله في نفسك, وراقبِ الله قبلَ كلّ شيء.
نبيّنا يقول: ((من اقتطعَ مالَ امرئ مسلمٍ بيمينِه لقيَ اللهَ وهو عليه غضبان))، قالوا: يا رسول الله، ولو يسيرًا؟ قال: ((ولو قضيبًا من أراك))[4].
جاء رجلان إلى النبيّ في خصومة، أحدهما من حضرموت والآخر من كِندة، تخاصما في أرض, قال الحضرميّ: يا رسول الله، هي أرضي اغتصَبَني هذا، وقال الآخر: هي أرضي أزرعها ورثتُها من أبي، فسأل النبيّ المدَّعي: ((ألك بيّنة؟)) قال: لا، قال: ((إذًا يحلِف صاحبك))، قال: يا رسول الله، إذًا يحلِف ولا يبالي, هو فاجرٌ لا يتورّع عن شيء، فلمّا أراد أن يحلفَ قال النبيّ: ((لئِن حلَف على يمين صبرٍ ليقتطعَ بها مال امرئ مسلم لقيَ الله وهو عليه غضبان))[5]، فعند ذلك اتَّعظ الرجل, وردّ الأمرَ إلى أهله. هكذا الإيمان الصّادق يحجز المسلمَ من أن يستمرّ على طغيانه وظلمِه وعدوانه.
النبيّ عدَّ الكبائرَ فقال: ((الإشراكُ بالله, وعقوق الوالدين, واليمين الغموس))[6]. وأخبر أنّ من اقتطعَ بها مالَ امرئ مسلم أوجب الله له النّارَ وحرّم عليه الجنّة.
فاحذر ـ أخي ـ مِن ذلك, احذَر من ذلك غايةَ الحذر, ولا توقعِ اليمين إلاّ وأنت على ثقةٍ من صِدق نفسك, موقن بذلك, وإيّاك أن تخدعَك الدّنيا أو يستحوذَ عليك الشيطان قائلاً: لا تضعف أمامَ خصمِك, احتفِظ بقوّة شخصيّتك, إلى غير ذلك. لا يا أخي، الدّنيا منقضية وزائلة, والآثام والأوزار ستتحّملها يومَ قدومك على الله, فتخلّص في حياتك قبلَ أن يؤخذَ من حسناتِك وتُحمّلَ سيئاتِ وخطايا غيرك.
أيّها المسلم، البعضُ من النّاس لا يبالي باليمين في مصلحةٍ يريدها, لا يبالي أن يكذبَ في يمينه، في موقفٍ ما من المواقف يريد التخلّصَ من هذا الموقف فيكذِب في يمينه ولا يبالي.
أخي المسلم، النبيّ جعل من الثلاثةِ الذين لا يكلّمهم الله, ولا ينظر إليهم, ولا ي+ّيهم يوم القيامة, ولهم عذاب أليم، ذكر منهم: ((رجلاً جعل الله بضاعتَه، لا يبيع إلا بيمينه، ولا يشتري إلاّ بيمينه))[7], بمعنَى أنّ تعظيمَه لله أمر هيّنٌ في نفسه, فهو يحلِف على البيع والشراء, إن أراد أن يبيعَ قال: والله دفِع لي في هذا كذا, وهو كاذب, لأنّ المشتري إذا حلف أمامَه ظنّ صدقَه فيما قال، فاشترى منه بما قال, والله يعلم أنّه كذبٌ وافتراء.
فإيّاك واليمينَ في بيعك أو اليمينَ في شرائك، عظَمِ الله ووقّر الله في اليمين, ولا تحلِف إلا للأمر الذي لا بدّ منه, أمّا أن تحلفَ دائمًا فيوشك أن تستخفَّ بالأيمان فلا تبالي بها ولا تهتمّ بها.
أيّها المسلم، وأمّا الحلفُ على الأمور الماضيَة فهذا أيضًا على حالين: فقد تحلِف على أمر ماضٍ وأنت كاذبٌ فيه، فهذه هي اليمين الغموس, وقد تحلِف على أمر ماضٍ وأنت صادق فيه فهذا لا شيءَ عليه, لكن على كلٍّ اليمينُ يجب أن تعظَّم, ويجب أن تحتَرم, ولا ينبغي التساهلُ فيها كلِّها.
أيّها المسلم, والحلِف بغير الله نُهينا عنه لأنّ مَن حَلفنا به نعظِّمه, والتعظيمُ الحقيقيّ إنما هو لربّنا جل وعلا, ولهذا نبيّنا نهانا عن الحلفِ بغير الله فقال : ((مَن حلف بغير الله فقد كفَر ـ أو ـ أشرَك))[8], يعني بذلك الشركَ الأصغر, اللهمّ إلا أن يعظِّم مَن يحلفُ به مثلَ تعظيمِه لله، فهذا شيء عظيم.
وقال : ((لا تحلِفوا بآبائكم, من كان حالفًا فليحلِف بالله أو ليسكُت))[9], فنهِينا عن الحلفِ بآبائنا أو الحلِف بأيّ شخص حتّى بمحمّد وهو سيّد الخلق وأفضلُهم, لا يجوز لنا أن نحلفَ به, لأنّ هذا أمرٌ ممنوع إذ التعظيم المطلق إنّما هو لربّنا جلّ وعلا.
أيّها المسلم، ربّك يقول مخاطبًا عبادَه المؤمنين: وَٱحْفَظُواْ أَيْمَـٰنَكُمْ [المائدة:89]، وحفظُ اليمين يكون كما سبَق بالصِّدق فيها وعدمِ الكذبِ فيها, ويكون حفظُها أيضًا بإعطاءِ كفّارتها إذا كانت هذه اليمينُ على أمورٍ مستقبَلة, حلفتَ أن لا تفعل أشياءَ ففعلتَ, أو حلفتَ أن لا تفعلَ ففعلتَ, فهذه هي اليمينُ التي تجري فيها الكفّارة.
هديُ نبيّنا أنّه إذا حلف على أمرٍ لا يفعله ثمّ رأى الخيَرة والصلاحَ فيه كفّر عن يمينه وفعل, وإذا حلف على أمر سيفعله ورأى المصلحة في تركِه كفّر عن يمينه ولم يفعَل, يقول : ((إنّي ـ والله ـ لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرَها خيرًا منها إلاّ أتيتُ الذي هو خير وتحلّلتُ منه))[10]، أو قال: ((إلا كفرتُ عن يميني))[11].
فإذا حلفتَ ـ أيها المسلم ـ على أمور تريد أن لا تفعلها مِن حماقةٍ حصلت لك فقلت: والله لا أفعل هذا الشيء, لا أدخل هذا المكان, أو لا أشتري هذه السلعة, أو لا أبيعها, ثم تبيّن لك أن المصلحةَ في خلافِ ذلك, إذًا فكفِّر عن يمينك واحفَظ يمينك, لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِى أَيْمَـٰنِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأيْمَـٰنَ [المائدة:89].
أمّا لغوُ اليمين ما يجري على اللّسان من غير إرادةِ اليمين فهذا عفو: لا والله ما فعلت كذا, والله ما فعلتُ كذا, هذا لغو اليمين لا كفارةَ فيه, لكن لو حلفتَ يمينًا أنّك لا تفعل هذه الأشياء أو يمينًا أنّك ستفعلها فالمطلوب منك إمّا أن تلتزمَ بيمينك إن كان خيرًا, وإن كان عدمُ الالتزام أولى فكفّر عن يمينك وافعَل الذي هو الخير.
أيّها المسلم، وكلّ أمر يمكنك أن تبتعِدَ عن اليمين فهو أحسنُ لك وخير لك وأفضل لك، فكم من متسرِّع في الأيمان على أولاده على زوجاته على أهل بيته، فربّما خالفوا مرادَه ولم يُوفوا بحقّه، فيكون خاسرًا بذلك, ولهذا جاء في الحديث في حقّ المسلم: ((وأن نبرَّ المقسِم))[12], أي: نبرّ يمينَ من أقسمَ علينا إذا أقسَم علينا بأمرٍ يمكِننا فعلُه أن نبرَّ قسمَ أخينا المسلم.
أيّها المسلم، فاحفَظ يمينَك ولا تتساهل بها, الكذب ابتعِد عنه بكلّ صوره, اليمين التي تريد أن تلزِمَ نفسَك بفعل شيءٍ ثم تبيّن لك أن عدمَ فعله هو الأولى فكفّر عن يمينك, الأمر الذي حلفتَ أن لا تفعله ثمّ تبيّن أنَّ فعلَه أولى وأردتَ فعلَه فكفّر عن يمينك.
وربّنا جلّ وعلا قال لنبيّه : يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوٰجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَـٰنِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلَـٰكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ [التحريم:1، 2]. حَلِفٌ من النبيّ إمّا أنّه حلِفٌ على أن لا يشربَ ذلك العسل, أو حلِفٌ أن لا يطأ سرِّيَّته، فأمره الله أن يتحلّل من يمينه بالكفّارة لأنّ ذلك هو الأولى، فقال الله: يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوٰجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَـٰنِكُمْ أي: أنت تحلّ برّها بالكفّارة التي أوجبَها الله لتكونَ سببًا لحلّ الارتباط بهذا اليمين.
فلنتّق الله في أيماننا, ولنحذَر من الكذب فيها, ولنحذر من تركِ الكفّارة فيما نريد أن نمتنع, ولا نجعل اليمين بالله حائلةً بيننا وبين فعلِ الخير, قال الله تعالى في كتابه العزيز: وَلاَ تَجْعَلُواْ ٱللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَـٰنِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:224]، فلو حلف أن لا يبرّ, أو أن لا يفعلَ خيرًا، فالأولى له أن يكفِّر ويفعلَ الخير, ولا يجعل اليمينَ عائقًا له من فعل الخير.
أقسمَ الصدّيق رضي الله عنه ليقطعنَّ عن مِسطح النفقةَ التي كان ينفِق عليه لمّا حصل ما حصل منه، قال الله له: وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُواْ أُوْلِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَـٰكِينَ وَٱلْمُهَـٰجِرِينَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُواْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [النور:22]، فلو استفزّك الشيطان فقلتَ لأحدِ أولادك: واللهِ لا أكلّمك, أو واللهِ لا أنفق عليك, أو نحو ذلك، فكفّر عن يمينِك، وأرغِم عدوَّ الله، وابذل المعروف, وابذل الخيرَ، فذاك خير لك من أن تلجَّ في طغيانِك, وتعتمدَ على اليمين, فاليمين التي حلفتَها لتمتنعَ بها مِن فعلِ الخير كفّر عنها وافعَل الخير, هكذا أمرَك الله.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا, وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولعموم المسلمين من كلّ ذنب, فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.
[1] أخرجه البيهقي في السنن (10/ 252) بهذا اللفظ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وحسنه النووي في الأربعين: الحديث الثالث والثلاثون، والحافظ ابن حجر في الفتح (5/ 283)، وأصله في البخاري: كتاب التفسير، باب: قول الله: إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَـٰنِهِمْ ... (4552)، ومسلم: كتاب الأقضية، باب: اليمين على المدّعى عليه (1711).
[2] أخرجه مسلم في الأقضية، باب: القضاء باليمين والشاهد (1712) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
[3] أخرجه مسلم في الإيمان، باب: بيان غلظ تحريم إسبال الإزار... (106) عن أبي ذر رضي الله عنه.
[4] أخرجه مسلم في الإيمان، باب: وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (137) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه بلفظ: ((فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة)).
[5] أخرجه مسلم في الإيمان، باب: وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار (139) عن وائل بن حجر رضي الله عنه.
[6] أخرجه البخاري في الأيمان والنذور، باب: اليمين الغموس (6675) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
[7] أخرجه الطبراني في الكبير (6/246) من حديث سلمان رضي الله عنه، قال المنذري في الترغيب (2/574): "ورواته محتج بهم في الصحيح"، وقال الهيثمي في المجمع (4/78): "ورجاله رجال الصحيح"، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (1788).
[8] أخرجه أحمد (2/ 125)، وأبو داود في الأيمان والنذور، باب: في كراهية الحلف بالآباء (3251)، والترمذي في الأيمان والنذور، باب: ما جاء في كراهية الحلف بغير الله (1535) واللفظ له من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن"، وصححه ابن حبان (4358)، والحاكم (1/ 65)، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2042).
[9] أخرجه البخاري في التوحيد، باب: السؤال بأسماء الله تعالى والاستعاذة بها (7401)، ومسلم في الأيمان، باب: النهي عن الحلف بغير الله (1646) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
[10] أخرجه البخاري في فرض الخمس، باب: ومن الدليل على أن الخمس لنواب المسلمين (3133)، ومسلم في الأيمان، باب: ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها (1649) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
[11] هذا اللفظ هو أحد روايات مسلم.
[12] الأمر بإبرار المقسم أخرجه البخاري في المظالم، باب: نصر المظلوم (2445)، ومسلم في اللباس والزينة, باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة (2066) من حديث البراء بن عا+ رضي الله عنه.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتّقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
عبادَ الله، إنّ ربَنا تعالى بيّن لنا في كتابِه كفّارةَ اليمين التي حلفناها على تركِ أشياء أو فعلها, قال تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ ٱللَّهُ بِٱللَّغْوِ فِى أَيْمَـٰنِكُمْ وَلَـٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ ٱلأيْمَـٰنَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَـٰكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَـٰثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89].
فجعلَ الله الكفّارةَ على قسمين: أقسامًا ثلاثة مخيّر فيها، هي إمّا أن تطعمَ عشرةَ مساكين أو تكسوهم أو تعتق رقبة, أنت في هذه الأشياء مخيّر، وإن كان ظاهرُ القرآن تقديم الإطعام, فإذا عدِمت هذه الأشياءَ الثلاثة, لا عتقَ لا +وةَ لا تستطيع الإطعامَ، فانتقِل إلى صيام ثلاثةِ أيّام, ويستحبّ تتابعها لإفتاءِ بعض الصّحابة بذلك. هذه كفارةُ اليمين. والإطعام نصّ الله على عشرة مساكين، وإطعام كلّ مسكين نصف صاع, أي: كيلو ونصف من الأرزّ أو الحب أو التّمر أو نحو ذلك, تعطَى لعشرة مساكين. هذه هي كفّارة اليمين, وإن تعدّدت الأيمان وتنوّعت فلكلّ يمين كفّارتها.
فالمهمّ أنّ المسلمَ يحفظ يمينَه، فلا يكذب, ولا يتهاوَن بالكفّارة, ولا يستخفّ باليمين, ويجعل الله نصبَ عينيه في يمينِه حتى لا يقَع في الهلكةِ.
أسأل اللهَ أن يحفظنا وإيّاكم بالإسلام, وأن يجعلنا وإيّاكم مِن المستقيمين على طاعتِه, وأن لا يجعلَ الدّنيا أكبرَ همّنا ولا مبلغ عِلمنا, إنّه على كلّ شيء قدير.
واعلموا ـ رحمَكم الله ـ أنّ أحسَنَ الحديث كتاب الله، وخيرَ الهدي هدي محمّد ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعةٍ ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنّ يدَ الله على الجماعة، ومن شذّ شذّ في النّار.
وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على سيد الأولين والآخرين وإمام المتقين وقائد الغرّ المحجّلين محمّد بن عبد الله خاتم أنبياء الله ورسله كما أمركم ربّكم: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدِك ورسولِك محمّد, وارضَ اللهمَّ على خلفائِه الرّاشدين...
| |
|