molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الجليس الصالح والجليس السوء - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض الأربعاء 21 ديسمبر - 6:10:10 | |
|
الجليس الصالح والجليس السوء
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض
الخطبة الأولى
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله:
إن من حكمة الله جل جلاله أن جعل في الإنسان ميولاً إلى مصاحبة غيره، ومجالسة غيره، وهذا الميول لمجالسة الآخرين يكون أحياناً أمراً يفرضه الواقع، بأن يكون يجالس أترابه ومن في مثله، ممن يلتقي بهم إما في منزل، أو في الحي الذي يعيش فيه، أو كذلك في مراحل الدراسة الأولى، فزملاؤه وأترابه هم أصحابه وقرناؤه، بحكم واقعه الذي يعيشه. ولكن بعدما يدرك الأمر ويتصور الواقع ويكون عنده ميول لفكر ورأي معين، يكون اختيار الجليس بعد إرادة الله راجعاً لاختياره، وما يميل إليه من فكر ورأي وغير ذلك.
ولهذا جاءت شريعة الإسلام لتبين للمسلم من هو الجليس الذي ينبغي أن تُلازَم مجالسته؟ من هو الصديق الذي ينبغي أن يتمسّك بصداقته؟ ومن هو الأخ الذي ينبغي أن يكون أخاً على الحقيقة؟ جاءت شريعة الإسلام لتبين للمسلم من هو الجليس، من هو الصاحب، من هو الصديق، من هو الأخ، من هو الذي ينبغي أن تلزَم صحبته ويعض عليها بالنواجذ؟ جاء الإسلام ليحدد ذلك للمسلم، ليكون المؤمن على بصيرة من أمره، فما كل شخص يُرتَضى أن يكون جليساً، ولا أن يكون صاحباً لك، ولا أن يكون موضعاً لسرك وكتمان أمرك.
إن شريعة الإسلام أرشدت المسلم من يكون جليسه، وحذرته من صحبة من لا خير في صحبته، ومن صحبته بلاء وشر وضرر، في الحاضر والمستقبل، اسمع الله يقول: وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّـٰلِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِى ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً يٰوَيْلَتَا لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً لَّقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ ٱلذّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِى وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِلإِنْسَـٰنِ خَذُولاً [الفرقان:27-29].
أخي المسلم:
تأمل هذه الآية حق التأمل، وأن ذلك كائن في يوم القيامة، وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّـٰلِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ ندماً وحسرة، وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّـٰلِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِى ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً يتمنى أن تكون له صلة برسول الله وبسنته وبشريعته، حتى يسير على الطريق المستقيم، يٰوَيْلَتَا لَيْتَنِى لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً، ذلك الفلان الذي اتخذه خليلاً هو الذي أضله عن سواء السبيل، هو الذي غير فطرته، هو الذي أفسد معتقده، هو الذي حرَف منهجه وسلوكه إلى غير هدى، بل إلى الضلال والعياذ بالله، لَّقَدْ أَضَلَّنِى عَنِ ٱلذّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِى وَكَانَ ٱلشَّيْطَـٰنُ لِلإِنْسَـٰنِ خَذُولاً [الفرقان:29] يخذله أحوج ما يكون إليه، فشيطان الإنس يخذل قرينه أحوج ما يكون إليه، إذ العلاقة ليست علاقة متينة، وإنما علاقة فساد وبلاء تنتهي بانتهاء مفعولها.
ذكر بعض المفسرين أن الآية نزلت في عقبة بن [أبي] معيط أسلم وله صديق وجليس غائب بالشام، فلما رجع إلى مكة، ما زال بعقبة حتى غيره من الإسلام إلى الكفر[1]، وعلى كلٍّ فالآية عامة لكل من اتخذ قريناً وصاحباً وجليساً لا يدري عن حاله، يضله عن سواء السبيل، ويحول بينه وبين الهدى المستقيم[2].
إذاً فيا أخي، إياك وجليس السوء، إياك وجليس الشر والبلاء، احذر مجالسته فإنك لا تدري عن غوائله، ولا تدري ماذا سيمكر بك، وماذا سيوحي إليك من الشر، فكم من شيطان متلبس في صورة إنسان، يفسد على الإنسان دينه، ويفسد عليه خلقه، ويفسد عليه فضيلته، ويوقعه في الشر من حيث لا يعلم.
وقال جل وعلا: ٱلأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ [الزخرف:67]، الأصحاب الأخلاء يوم القيامة كل يتبرأ من صاحبه، كل يتبرأ من جليسه وخليله، وكل يقول: لست لك، ولم آمرك ولم أنهك، هكذا يوم القيامة يتبرأ كل من خليله، لكنِ المتقون خلَّتهم باقية لا انفصام لعراها، ولا تصَدُّع لبنيانها. لماذا؟ لأنها قائمة على أسس ثابتة من طاعة الله وطاعة رسوله، ٱلأَخِلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ فبعضهم ولي لبعض في ذلك اليوم، وكلهم على قلب رجل واحد، جمعتهم المحبة في الله، والأخوة في ذات الله.
أيها المسلم:
إن جليس السوء ما يزال بصاحبه إلى أن يحوله من كل خير، ويبعده عن كل فضيلة، لأنه لا يستأنس ولا يرتاح حتى يرى قرينه مشابهاً له في رذائله ودناءته.
يضيق ذرعاً إن يكن صاحبه على خلاف منهجه، وإنما يرتاح إذا رأى خليله على منهجه السيئ وعمله الفاسد.
أيها المسلم:
أبو طالب عم النبي ، آوى النبي ونصره ودافع عنه، وتحمل كل الأذى في سبيل الدفاع عن محمد ، وهو يعلم حقاً أن محمداً صادق فيما جاء به، ولا عنده ريب، لكن لم يوفَّق للعمل بهذا الدين، عرف الحق وأدركه، ولكنه ما وفِّق للعمل به، ولله الحكمة فيما يقضي ويقدر، عاش مع النبي عشر سنين بمكة، يدافع عنه، ويناضل عنه، وقريش تحترم أبا طالب فأذاها للنبي قليل، لأنهم يحترمون ذلك الشخص لمكانته وعلو شأنه، ومحمد يعيش في كنفه، وهو يدافع عنه، ولما مات سمي عام موته عام الحزن بالنسبة للنبي ، لأنه كان مدافعاً عنه، صبر معه في حصار الشعب ثلاث سنين، كان ينوّمه في فراشه خوفاً من أن يأتي أحد لاغتيال النبي، فيرى فراش أبي طالب، فيظن أنه أبو طالب، وبذل كل جهده في ذلك، ولكن حكمة الله اقتضت أن أبا طالب لم يسلم، والله حكيم عليم.
كان النبي حريصأ على هدايته، طامعاً في ذلك، فلما حضرت أبا طالب الوفاة، حضره الموت، وحان انتقاله من الدنيا، طمع النبي عسى أن ينطق بكلمة التوحيد في آخر حياته، فتكون حجة للنبي ليشفع له عند الله يوم القيامة، فأتاه النبي ، ولكن أراد الله أنه حضر عنده أبو جهل وأمية بن خلف[3] أئمة الكفر والضلال، فقال النبي له: ((يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله))، هكذا النبي يقولها، فقال له أبو جهل ومن معه: أترغب عن ملة عبد المطلب؟! فأعاد النبي القول ثانيا: ((يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله))، فقالا له ثانيا: أترغب عن ملة عبد المطلب؟! وكلما أعاد النبي القول قالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟! فقال أبو طالب: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله، ولكن النبي قال أيضاً: ((لأستغفرن لك ما لم أُنهَ عنك)) لأن معروفه كبير، فأنزل الله: ما كان للنبي والذين آمنوا . . الجحيم، وأنزل الله في أبي طالب تسلية للنبي: إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ [القصص:56][4].
انظر كيف أثر جلساء السوء ودعاة الضلال على هذا الإنسان إلى أن فارق الدنيا على غير هدى.
فالحذر الحذر من جليس لا خير فيه، من جليس لا خير في مجالسته، ولا خير في مصاحبته.
أيها المسلمون:
ونبينا يقول: ((المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل))[5]، فإن خاللت ذا تقوى وصلاح استفدت منه خيراً، وإن خاللت ذا فساد وسوء نية استفدت منه بلاء.
أيها المسلم:
انظر من تخالل، فخليل يدعوك إلى طاعة الله، وعبادته، وإخلاص الدين له، خليل يدعوك إلى المحافظة على الصلوات والعناية بها والاهتمام بها والقيام لها عند سماع داعي الله، خليل يؤمُّ المسجد فتقتدي به لأداء الصلاة، خليل تراه يؤدي ال+اة ويحصيها فتتخلق بأخلاقه، خليل تراه يحافظ على صومه وحجه فتقتدي به، خليل يدعوك إلى بر الوالدين، فأنت تقتدي به فهو دائماً يأمرك بالبر، ويأمرك بصلة الرحم، ويأمرك بكل خلق كريم، خليل ورع في معاملاته، في بيعه وشرائه وتعامله مع الآخرين، صدق، أمانة، وضوح، وأداء للحقوق، وعدم تضييع لها، خليل تشعر منه أنه يكشف لك عن عيوبك لينبهك على الأخطاء التي أنت مشتمل عليها، يكشف لك عيوبك وأخطاءك وزللك ويقول: فيك من العيب ما فيك، فيك كذا وفيك كذا، حتى يدعوك إلى إصلاح الأخطاء، وتدارك ما وقعت فيه من نقص وزلل، خليل إذا احتجت إليه رأيت ذا مروءة وصدق، وإن غبت عنه حفظك في غيبتك ودافع عن عرضك وحمى عرضك، خليل يكتم أسرارك ولا يفشيها للآخرين، خليل إن استنصحته نصحك، وإن استشرته أشار عليك بالخير، لا يكتمك نصحاً، ولا يألو جهداً في إصلاح وضعك، هذا الخليل النافع.
وأما خليل - والعياذ بالله - صحبته بلاء، لسانه بذيء؛ نميمة وغيبة وهمز ولمز وسخرية بالناس وسوء ظن بهم واحتقار لهم، لسانٌ لا ينفك عن فحش، وقول السوء، والطعن في الآخرين، لسانٌ يعمر المجلس بالسباب والشتام والأقوال الساقطة الهابطة التي لا خير فيها، خليل لا يأمرك بطاعة، ولا يحذرك عن معصية، إن تركت طاعةً ما أرشدك إليها، وإن فعلت معصيةً ما نهاك عنها، وإن تعاملت معه فإن تعامله بالغش والرشوة والخيانة وجحد الحقوق وأكل أموال الناس بالباطل.
فيا أخي، ماذا تستفيد منه؟ إن صحبته في السفر دلَّك على طرق الغواية، ومسالك الفساد، ومجالس السوء، وأندية القمار، ودور العهر والفساد.
هكذا حال بعض الجلساء، فأنت لا تستفيد منهم خيراً، ولا تطمئن إليهم، إن قلَّ وإن كثر، إن لم يقلبوك على عقبك، فإنه ينقص من إيمانك ومروأتك وكرامتك وأخلاقك.
فيا أخي المسلم، تدبر واقعك، اختر من ترى فيه الخير والصلاح، وابتعد عمَّن ترى فيه الشر والفساد، وربك يقول: وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى ءايَـٰتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَـٰنُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ [الأنعام:68]. ويقول: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِى ٱلْكِتَـٰبِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ ءايَـٰتِ ٱللَّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مّثْلُهُمْ [النساء:140].
فالحذر الحذر أخي من رفقة بعض الناس، واختر من الأصحاب من تختاره بعد تجربة، وكشف لحاله، وتأكد من أخلاقه، ليعينك على الطاعة، ويبعدك عن المعصية.
أسأل الله أن يثبت الجميع على صراطه المستقيم، وأن يعيذنا وإياكم من جلساء السوء، ويحفظنا وإياكم بالإسلام.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
[1] انظر: تفسير الطبري (19/7-8).
[2] انظر: تفسير ابن كثير (6/116).
[3] اللذان كانا عنده هما أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة كما جاء في صحيح البخاري والله أعلم.
[4] أخرجه البخاري في تفسير سورة القصص [4494-البغا-] من حديث المسيب بن حزن رضي الله عنه.
[5] أخرجه أحمد [8010-المكتب الإسلامي-] وأبو داود في كتاب الأدب[4833]، والترمذي في كتاب الزهد [2378] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه . وقال الترمذي: "حديث حسن غريب"، ونقل التبريزي في المشكاة (3/1397) عن النووي أنه قال: "إسناده صحيح"، وحسنه الألباني في تعليقه على كتاب الإيمان لابن تيمية (ص60).
الخطبة الثانية
الحمد لله، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى لله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله:
نبينا يضرب لنا الأمثال، ليكون هذا المثل مصوراً للواقع، وكاشفاً لنا عن الحقيقة، فهو يأتي بمثل حسي ليقرب به الحقائق المعنوية، ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كبائع الطيب ونافخ الكير، فبائع الطيب إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، أو تجد منه رائحة خبيثة))[1].
أيها المسلم:
هذا مثل أراد به النبي التقريب، فيذكر أن الجليس الصالح ذو التقى والمروءة كمثل حامل الطيب، من يحمل طيباً، إما أن تطيب نفسك فيهدي لك ويحذيك من طيبه ما يكون منفعة لك، وإما يعجبك هذا الطيب فتشتريه بقيمته، وإن لم يحذيك، إن لم يهد لك، إن لم تشتر فأنت لا تسأم من طيب الجلوس في ذلك المكان، تستأنس بتلك الروائح الطيبة، فينشرح بها صدرك، وترتاح بها، وهذا مثل الجليس الصالح، هذا الجليس الصالح لا يخلو من خير؛ علم يعلمك إياه، نصيحة يهديها إليك، طاعة يحثك عليها، تراه مصلياً صائماً قانتاً داعياً ربه، تراه قليل الكلام فيما لا يعنيه، فأنت تقتدي به، يقل هذا الاقتداء أو يكثر، وإن لم يحصل فأنت لا ترجع بشر، أنت على خير قل الخير أم كثر.
أما نافخ الكير الذي ينفح بالمنفاخ النار لأجل إصلاح ما يصلح، فهذا إما شرارة تصعد من ذلك الكير فتحرق ثيابك، أو تفقأ عينك، وإما روائح كريهة تقع على ثيابك فتخرج وتشم رائحة الكير في ثوبك، وهكذا صاحب السوء، إما أن يقضي عليك، فيبدّلك بعد الإسلام كفراً وضلالاً، وإما أن يصيبك بنقص في إيمانك.
يا أيها المسلمون:
إن من المجالسة الإصغاءَ إلى بعض القنوات الضالة، بعض القنوات الضالة المنحرفة، التي تحمل في طياتها الشر والبلاء، بعض هذه القنوات - وللأسف الشديد - مركزة ضد الإسلام وأهله، قنوات مجعولة سهاماً في نحور أهل الإسلام، لتفسد عقائدهم، وتدمر قيمهم، وفضائلهم، وأخلاقهم، قنوات سمح أهلها بأن تعرض العلاقة الجنسية واضحة أمام الملأ، فلا خجل ولا حياء، قنوات تناقَش فيها قضايا من قضايا الإسلام التي يلتزمها المسلمون طاعة لله ورسوله، يناقشونها لكي يضعفوا قيمتها من قلوب المؤمن، قنوات مرتع وخيم لكل شر وفساد.
فيا أيها المسلم، اتق الله، واحذر مشاهدتها، فإنك إن لم تق نفسك يوشك أن تتعلق بها فيصيبك من شرها ما يصيبك، وحذّر أولادك من بنين وبنات، وبيِّن لهم مفاسدها وأضرارها وما اشتملت عليه من الشر والبلاء، حصنهم بالتوعية الإسلامية الصحيحة ليكونوا على ثقة بدينهم.
إن كثيراً من وسائل الاتصالات أصبحت - وللأسف الشديد - تُستغَل على غير خير، تستخدم فيما لا ينفع، بل فيما يضر.
فليتق المسلمون ربهم، بعض هذه القنوات ربما يسهر عليها البعض من الناس طول ليله أو معظم ليله، وما يرجع إلا بالخيبة والندم، يشاهد ويرى ما يفسد الأخلاق، كم سببت في التفريق بين الزوجين، وكم سببت في إفساد القيم والأخلاق، فليتق المسلم ربه، وليعلم أن مشاهدتها والإصغاء إليها مجالسة لأصحاب السوء والفساد.
فأسأل الله أن يثبت الجميع على دينه، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا إنه على كل شيء قدير.
واعلموا رحمكم الله أن أحسن الحديث كتاب الله . .
[1] أخرجه البخاري في كتاب البيوع [1995-البغا-]، ومسلم في كتاب الأدب [2628].
| |
|