molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: فتنة القبور - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض الأربعاء 21 ديسمبر - 6:07:16 | |
|
فتنة القبور
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض
الخطبة الأولى
أمّا بعد: فيا أيّها الناس، اتَّقوا الله تعالى حقَّ التّقوى.
عبادَ الله، خلَق الله أبانا آدمَ أبَا البشرِ بيدِه، ونفَخ فيه مِن روحِه، وأمَر المَلائكةَ أن يَسجدُوا لَه، فسجَدوا إلاّ إبليسَ استكبَر وكان من الكافِرين، فأهبطَ الله إِبليسَ مِن ملَكوت السّماواتِ، ولعَنه جلّ جَلاله، وجعَله قائدًا لِكلِّ رَذيلةٍ إلى يومِ القِيامة، فلمّا أيِس عدوُّ الله من رحمةِ الله سأل اللهَ أن يُنظِره إلى يومِ الدّينِ، وأقسَم بِعزّةِ الله ليُغوِيَنّ بني آدمَ ما استَطاعَ لِذلك سَبيلاً: فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ [الأعراف:16، 17]، وقال عنه جلّ وعلا [أنه] قال: أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً [الإسراء:62].
أسكَن الله أبانَا آدمَ الجنّةَ، وأباحَ له كلَّ شيءٍ فيها سِوى شَجرة واحِدة، أخبَر الله بها أبانا آدمَ، ونهاه وزوجتَه عنِ الأكل مِنها: وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ [البقرة:35]، ولكن عدوَّ الله وَسوَسَ لأبينا آدَمَ، وزيَّن لَه الأكلَ من تِلكم الشّجرةِ، وقال له: مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ [الأعراف:20-22]. إذًا فأهبطَ الله أبانا وزوجتَه إلى الأرض، وقال لهما: وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ [البقرة:36].
بَقِي آدم وذرّيّتُه على توحيدِ الله الخالِصِ عِبادةً للهِ، تحقِيقًا للحِكمةِ التي لأجلِها خلَق الله الثّقلين: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ [الذاريات:65، 66]، وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ [النحل:36].
مَضى علَى آدمَ ومضَى على ذرّيّةِ آدَمَ ما يُقاربُ عَشرةَ قرون وهم على التّوحيدِ الخالِص، إفراد الله بالعبادةِ وليس مع الله شريكٌ في أيّ نوعٍ من أنواع العبادة، ولكنَّ عدوَّ الله إبليسَ سَعَى بمكرِه وخِداعِه ووساوِسه الضّالّة إلى أن حَرَف بني آدَمَ عن فِطرتهم المستقيمةِ، وأوقَعَهم في الشّركِ بالله، وزيَّن لهم ذَلك الباطلَ بوسائلَ مختَلِفةٍ، تدرَّج بها شيئًا فشيئًا حَتى أوقَعَهم في عِبادةِ غيرِ الله، وزيَّن لهم الباطِلَ، وحسَّن لهم السّوءَ والفسادَ.
كان قَومُ نُوحٍ كما كانَ أبوهم آدَمُ على تَوحيدِ الله ودينِه، فأتَى إلَيهم وقال لهم مُوسوِسًا وخادِعًا: إنَّ سَلفَكم الصالح الذين مَضَوا كَانوا على جانبٍ مِنَ الأخلاقِ والفضائلِ والأعمال، فلَو صوَّرتم صُوَرَهم ونَصَبتموها في مجالِسِكم، إذا رَأيتُم تلكَ الصوَرَ تذكَّرتم أولئك الأشخاصَ وأعمالهم وفضَائلَهم، فَزادَكم تمسُّكًا بما كانوا عَلَيه. فصوَّروا صوَرَ الصّالحين، ونَصَبوها في مجالِسِهم اعتِقادًا منهم بِصحَّة ما قاله عَدوّ الله دونَ أن يكونَ لهم نَظرٌ بعيد في أنَّها وَسائلُ شِركٍ ستَؤول بهم إلى ما لاَ خيرَ فيه. فلمّا مضَى الأوَائلُ وجاء مَن لا يَفقَه ما مَضَى أوحَى الشّيطان إليهم أنَّ أولئِكَ ما صوَّروا تلكَ الصّوَرَ إلاّ ليَستنزلوا بهم المطَرَ ويستَجلِبوا بهم النّفعَ ويستدفِعوا بهم الضرَرَ وأنهم وَسائِطُ بينَهم وبينَ الله، فعَبَد قومُ نوحٍ صالحيهم، واتَّخذوهم وسائطَ يَدعونهم ويَرجونهم ويؤمِّلون فيهم، وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا [نوح:23]، قال الله: وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا [نوح:24].
فلمّا وقَع الشركُ في قومِ نوحٍ وعبِدَت الصّوَر من دون الله وعُبِدت الأصنام من دون الله وصارَت آلهةً تعبَد ويُذبح لها ويسجَد ويُنادَى باسمها ويهتَف بها في الشّدائِد وأشرَكوا مع الله غيرَه وجعلوا للهِ شريكًا في عِبادتِه بعَث الله نوحًا عَليه السلام يَدعو قومَه إلى توحيدِ الله، ويُنذِرهم ويحذِّرهم من الشركِ بالله، وأنّه رسول الله إليهم، إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [نوح:1]، دعاهم إلى الله سرًّا وجِهارًا ولَيلاً ونهَارًا، مَكَث فيهم أَلفَ سنةٍ إلا خمسِين عامًا، وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ [هود:40]، أغرق الله أهلَ الأرض قومَ نوحٍ، ولم ينجُ إلاّ نوح ومن معَه، ثم تتابعت الرسلُ إِلى الأمَمِ، ما مضَى رسولٌ إلا يعقبه رسول، كلُّهم دُعاةٌ إلى توحيدِ الله وتحقيقِ "لا إله إلا الله" كما قال جلّ وعلا: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25].
وعمَّت الرسالةُ جميعَ الأمَمِ لِتقومَ حجّةُ الله على العِباد، رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165]، إلى أن كان خَاتمهم وسيّدهم وأكمَلُهم وأَفضَلهم وآخرُهم محمّدَ بنَ عبد الله صلوات الله وسلامُه عليه، بعَثَه الله على حِينِ فَترةٍ منَ الرّسل واندِراسٍ من العِلم والهدَى، بعثَه بالحنيفيّة السّمحةِ، بعثه داعيًا إلى الله وإلى توحِيدِه، فابتدأ دعوتَه بمكّةَ كمَا ابتَدأ به إخوانُه الأنبياءُ السّابقون، يدعو قومَه لـ"لا إله إلاّ الله"، يدعوهم لأن يَقولوا هذه الكلمةَ العَظيمةَ، قولَةَ صادقٍ موقِن بها فاهِمٍ لها عامِل بمقتضاها قابِلٍ لها منقادٍ صادِقٍ في قولها، وكان قومُه يعرِفون المرادَ، وهو أنَّ العبادةَ خاصّة بربِّ العالمين، فامتَنَعوا وأبَوا وقالوا: أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [ص:5] إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ [الصافات:35، 36]. دعاهم إلى الله وصَبر وصابَر، فاستجاب له القليلُ، ثم هاجر إلى المدينةِ وما زالَ داعِيًا إلى توحِيدِ الله ودينِه إلى أن انتقلَ إلى الرّفيقِ الأعلَى بعدما تركَ أمّتَه على المحجَّة البيضاء، وقد أكملَ الله به الدّينَ، وأتمَّ به النّعمةَ فصلوات الله وسلامه عَليه، أدَّى الأمانةَ، وبلّغ الرسالةَ، ونصح الأمّةَ، وجاهد في الله حقَّ الجهاد.
أمّةَ الإسلامِ، إنَّ محمّدًا نهى أمّتَه عنِ الشّركِ قليلِه وكثيرِه، وحَذَّرهم من الشّركِ ومن كلِّ وسيلةٍ تفضِي إليه، مِن كلِّ ذريعةٍ تؤدِّي إليه؛ حمايةً لجنابِ التوحيدِ، وتحذيرًا للأمّة منَ الانزِلاق في وسائِلِ الشّرك، تحذيرًا لهم لأنَّ من حامَ حولَ الحِمى يوشِك أن يقعَ فيه، فكان صلوات الله وسلامه عَليه قائمًا بأمرِ هذه العقيدةِ خيرَ قِيامٍ، أقام بمكّة سِنينَ لم تُفرَض عليه الصلواتُ الخمس إلاّ في آخرِها، وكلّها أعوامٌ مجرَّدَة للدّعوة للتّوحيد وتحذيرًا منَ الشّرك وبيانًا لمفاسدِه وأضرارِه وسوءِ عاقبته في الدّنيَا والآخرة.
أيّها المسلم، فكَما نهى نبيُّنا عنِ الشّرك الصّريحِ وعَن أمرِه الواضِح نهانَا أيضًا عن كلّ وَسيلةٍ تفضي بنا إليه، عن كلِّ ذريعةٍ تقرِّبنا إليه، فإنّه حَمَى حِمَى التوحيدِ، وسَدَّ كلَّ الطّرُقِ الموصِلة إلى الشّرك، وحذَّر أمّتَه من وَسائلِ الشّركِ تحذيرًا عظيمًا، حتى في آخِرِ نفَسٍ من أنفاسِ حياتِه .
إنَّ أَعظمَ وَسيلةٍ تمسَّك بها عَدوّ الله دعوةُ النّاس إلى تعظيمِ الصّالحين وتَعظيمِ ذوِي الفضلِ والتّقَى، قائِلاً لهم: إنّ هَؤلاء أهلُ صَلاح يشفعون لكم عندَ ربّكم، فادعوهم واذبحوا لهم وانذُروا لهم واستَغِيثوا بهم واستجِيروا بهم ولوذوا بهم، كلّ هذا مِن وساوِس الشّيطان، ومحمّدٌ لمّا كانَ عظيمَ النّصيحةِ لأمّتِه كما قال الله عنه: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128] صَلوات الله وسلامه عليه أبدًا دائمًا إلى يومِ الدينِ نهانا أن نغلوَ فيه وأن نرفعَه فوقَ منزلتِه التي أنزله الله إيّاها، فهو عبد الله ورسوله، شرّفَه الله بالعبوديّة له في أشرفِ المقامات: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى [الإسراء:1]، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ [الكهف:1]، تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ [الفرقان:1]، وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ [الجن:19]، فهو عبدٌ لربِّه، عابِد له، مطيعٌ له، خاشِع له، خاضِع له، أعظَمُ الخلق تعظيمًا لله، وأعظم الخلقِ حبًّا لله، وأعظَم الخَلق خَشية لله، أعظَم الخلق طاعةً لله، صلوات الله وسلامه عَليه أبدا دائمًا إلى يومِ الدين.
علم أنَّ ضَلاَل من ضلَّ مِنَ الأمم قبلَه إنما هو بتعظيمِ قبورِ وضَرائِح الأولياء والبناءِ عليها واتِّخاذها مساجدَ والطوافِ بها وسؤال أهلِها كشفَ الحاجات والضّرورات والتعلّق بها وأخذ شيءٍ مِن ترابها والسّجود عليها والطواف بها والصّلاة عندها وتقريب الهدايا والنذور لها، علِم أنَّ هذه الضّلالات هي التي أوقعتِ الأممَ فيما أوقعتهم فيه.
فمن حبِّه لأمّته ونصحِه لأمّته وشفَقَته على أمّته وحِرصِه على هِدايتِهم كان شديدَ التحذيرِ مِن كلّ وسيلةٍ تقرِّبهم إلى الشرك، ففي آخرِ حياتِه تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما وهي التي ماتَ النبيُّ في حجرِها بين حاقِنَتِها وذاقِنَتها رضي الله عنها وأرضاها وعن أبيها وأمِّها، تقول: لمّا نزل برسولِ الله ـ أي: الموت ـ طفق يطرَح خميصةً له على وجهِه، فإذا اغتمَّ بها كشَفَها من سكراتِ الموت وآلامه، وهو يقول: ((لعَنَ الله اليهودَ والنصارى؛ اتَّخذوا قبورَ أنبيائهم مساجدَ))[1]، ((ألا فلا تتَّخذوا القبورَ مساجدَ، فإني أنهاكم عن ذلك))[2]، وقال لهم : ((اللّهمَ لا تجعَل قبرِي وثنًا يُعبَد، اشتدَّ غضب الله على قومٍ اتَّخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد))[3]. ولولا هذا الخوفُ لأبرز الصحابة قبرَه في البقيعِ[4]، لكن علِموا شدّةَ بغضه للشّرك وكراهيّته للغلوّ فيه، فدفنوه في حجرتِه حِرصًا منه عليه السلام وكراهيّةً لأن يناله أذى الشركِ بعدَ موته رضي الله عنهم وأرضاهم.
وهو نهانا عن الغلوِّ فيه فقال: ((لا تطروني كما أطرَتِ النصارى ابنَ مريم، إنما أنا عبدٌ، فقولوا: عبد الله ورسوله))[5]، وقال أيضًا : ((إيّاكم والغلوَّ؛ فإنما أهلك من كان قبلكم الغلوّ))[6]. رأى أحدُ أفرادِ بيت أهلِ رسولِ الله رجلاً يأتي عند قبرِ النبيّ فيسأل، فقال: يا هذا، لا تفعَل، فإنَّ رسولَ الله يقول: ((لا تتَّخِذوا قبري عيدًا، وصلّوا عليَّ فإنَّ صلاتكم تبلغني أين كنتم))[7]، وفي الحديث: ((إنَّ لله ملائكةً سيّاحين يبلِّغوني عن أمّتي السلام))[8]، فمن صلَّى عليه في أقصى الشّرق أو الغَرب كمن صلّى عليه بقربٍ مِن قبره صلوات الله وسلامه عليه.
أمّةَ الإسلام، إنَّ هناك فئةً ممّن أضلَّ الله عقولَهم وأعمَى بصائرَهم وصدَّهم عن الصراط المستقيم يرونَ الغلوَّ في قبورِ الأنبيَاء بالبناءِ عليها وتشيدِ البناء عليها واتِّخاذ تربتها مسجِدًا، يرون ذلك دينًا وإسلامًا، وهذا معاكَسَة لهديِ محمّدٍ ، قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا [الكهف:103، 104].
إنَّ هديَ نبيِّنا وسنّتَه في القبورِ معروفة، فالله جلّ وعلا شرعَ أن يقبَرَ الميِّت حِفاظًا على شخصيَّته، ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ [عبس:21]، فشرع أن يُوارَى الميّت في لحدِه، وأن يُوارى جسدُه حتى لا تتعدَّى عليه السّباع، فيوضَع في لحدِه، ويغلق اللّحد باللّبن، ويُهَال عليه التراب، ويصبِح مرتهَنًا في قبرِه بعمله، انقطع عِلمه بكلّ شيء، وأصبَحَت الروحُ في جِهة والجسد في جهةٍ أخرى، ولهذا النبيّ يقول: ((ما مِن مسلم يسلِّم عليَّ إلاّ ردَّ الله عليَّ روحي حتى أردَّ عليه السلام))[9]، فروحه مفارِقَة لجسَدِه، إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [الزمر:30، 31].
هديُ النبيِّ هَذا في القبورِ، شرعَ لنا أن نزورَ الميِّت للدّعاء له والترحّم عليه، وأن نقول: ((السلامُ عليكم أهلَ الدّيار منَ المسلمين والمؤمنين، وإنَّا إن شاء الله بكم لاحقون، يغفِر الله للمستَقدِمين منا ومنكم والمستأخِرين، نسأل الله لنا ولكم العافية))[10].
هذه الزّيارةُ الشرعيّة التي شرَعَها لنا نبيُّنا بقوله: ((كنتُ نهيتكم عن زِيارة القبور، فزوروها فإنها تذكِّركم الموتَ))[11]. فلمَّا قوِيَت عَقيدةُ التوحيدِ في القلوب أُذِن لهم بزيارةِ الأموات للاتِّعاظ والاعتبار والإحسانِ إلى الميّت بالدعاء له فقط.
لم يشرَع لنا أن نصلِّيَ عند القبرِ، بل الصلاةُ في المقبرةِ غير الصلاة على الجنازة محرَّمٌ، في الحديث: ((لا تصلّوا إلى القبورِ ولا تجلِسوا عليها))[12]، لا تصلّوا إليها ولا تجلسوا عليها، فلا تعظِّموها ولا تهينوها، وفي الحديث يقول عليّ لأبي الهيّاج: ألا أبعَثك على ما بعَثني عليه رسول الله ؟! أن لا تدَع تمثالاً إلا طمَسته، ولا قبرًا مشرِفًا إلا سوَّيته[13].
أهلُ القبور قد فارَقت أرواحُهم أجسادَهم، لا ينفعون داعِيَهم ولا يسمعونه، إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:14]، وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنْ الظَّالِمِينَ [يونس:106].
إذًا فهؤلاء الذين ينادُون بتعظيم القبور أو ينادون بأن يُعاد البناءُ على الضّرائح أو يدعون إلى شيءٍ من هذا إنما هم دُعاة ضلالٍ لا دعاة هدى، ودعاة كفرٍ لا دعاةُ إسلام، فإنَّ الله جلّ وعلا بيَّن الحقَّ على لِسان نبيِّه ، والحرمان الشريفان ـ زادهما الله أمنًا واطمئنانًا واستقرارًا ـ منذ أن شرَّفَ الله الملكَ عبد العزيز رحمه الله بخدمتِهما ورعايتِهما والقيامِ بحقّهما وتبِعه على ذلك الملوكُ من أبنائِه بعده والحرمَان الشريفان في عزّةِ التوحيد وسلامةِ المبدأ، والقبورُ مهما كانت منزلتُها يعامِل المسلمون القبورَ بالعدل، يسلِّمون على الموتى، يزورونهم للدّعاء لهم، لكن لا يستغيثون بهم، ولا يطوفون بالقبورِ، ولا يسمَحون لمن يرفَع صوتَه عند القبور بقراءةِ قرآن أو أدعيةٍ باطلة، ويرونَ ذلك ضلالاً وشركًا؛ لأنّ القبور أهلُها لا ينفَعون ولا يسمعون، وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً [الأحقاف:5، 6].
لمّا فتح النبيّ مكّةَ بدَأ أوّلَ ما بدأ به بإزالة الأصنامِ والأوثان، ورأى في الكعبةِ صورةَ إبراهيم وإسماعيلَ وهما يستقسِمان بالأزلام فقال: ((قاتل الله أولئك، ما كان للخليل ولا ابنِه أن يستقسما بالأزلام))، ودمَّر كلَّ الأصنام التي بجوارِ البيت، وكانت إذَّاك ما تزيد على ثلاثمائة وستين صنَمًا، ثم أمَر بهدمِ كلِّ القبور، فهدم اللاتَ والعزّى ومناة، ولمّا أسلمت ثقيف طلبوا منه أن يُبقِيَ القبورَ أيّامًا رِفقًا بالصغار والنساء، فقال: ((ولا ساعةً من الساعات))، وأمر بهدمِها كلِّها؛ إذ هي ضلالٌ تخالف ما دعَا إليه محمّد .
فالمسلمون يفرَحون بهذا، ويسَرّون ببقاء العقيدة الصافيةِ السليمةِ الخاليَة من الشركِ وذرائعِه ووسائلِه وكلّ ما يفضي إليه.
إنَّ محبّتَنا لرسولِ الله أصلٌ من أصل إيماننا، وإنَّ حبَّنا له فوق حبِّ النفس والولدِ والأهل والمال من كمال إيماننا، وإنَّ حبَّنا لآل بيتِ رسول الله حبُّنا لهم حبّ شرعيّ لمحبَّتنا لمحمد ، قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23]، لكنّنا لا نغلو في قبرِ أحدٍ، ولا نرفع أحدًا عن منزلتِه، ونعتقد حقًّا أنّ العبادةَ لله، وأنَّ أهلَ القبور لا يسمعون ولا ينفعون، أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النحل:21]، إنما رجاؤُنا وتعلُّق قلوبِنا بربّنا الذي لا تأخذه سنة ولا نومٌ، الحي القيوم الذي يقول لنا: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، والذي يقول لنا: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي [البقرة:186].
كم ضلَّ أولئك الذين عظّموا القبورَ، كم ضلّوا في مساعيهم، وأخطؤوا في تصوُّراتهم، وساءت أفعالهم، والله يقول: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65]، وقال عن أنبِيائه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88].
إذًا فعقيدة المسلمين الصحيحةُ هي زيارة القبورِ الزيارةَ الشرعيّة وتحريمُ رفع البناء وتحريم البناء عليها والمنع من الصلاةِ عندها والمنع من الطواف بها والمنع من إهداءِ القربان لها والمنع مِن أخذِ تربَتِها ودعوة الناس إلى تجريدِ توحيدهم لرَبهم وخالقِهم جلّ وعلا، هذا دينُ الله، وهذه شريعَة محمّد ، وهذا هو عمَل المسلمين في القرونِ الخاليَة الماضيَة، وهذا ما عَليه هذه البلادُ منذ الدعوةِ الإصلاحيّة التي قام بها الشيخ محمّد بن عبد الوهاب رحمه الله، وشدّ أزرَه وأعانَه على طريقتِه الإمام محمّد بن سعود رحم الله الجميع وأبقى في الجميع الخيرَ وسائرَ المسلمين، هذه عقيدة المسلِمين ودعوتهم الدعوة الصادِقَة المبنيّة على الكتاب والسنّة، لا على الآراء والظّنونِ والتخرّصات الباطِلَة التي يطلِقها من لا دينَ له ومَن لا إيمانَ عنده، ويزعم أنَّ هذا حبٌّ لأولئك الصّالحين، وإنَّ المحبّة الشرعيّة شيءٌ، وإن الغلوَّ والباطل والأكاذيبَ شيء آخر.
أعاذَنا الله وإيّاكم من الشّرك قليله وكثيرِه، وحفِظَ علينا عقيدَتَنا، وثبَّتنا عليها إلى أن نلقاه، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيمَ الجليل لي ولكم ولسائرِ المسلمين من كلِّ ذنب، فاستَغفِروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.
[1] أخرجه البخاري في الصلاة (436)، ومسلم في المساجد (531) عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما.
[2] أخرجه مسلم في المساجد (532) عن جندب بن عبد الله رضي الله عنهما.
[3] أخرجه مالك في كتاب النداء للصلاة (416) عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار مرسلا، ومن طريقه ابن سعد في الطبقات (2/240-241)، ووصله عمر بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعا، أخرجه البزار ومن طريقه ابن عبد البر في التمهيد (5/43)، ونقل عن البزار أنه قال: "إن مالكا لم يتابعه أحد على هذا الحديث إلا عمر بن محمد عن زيد بن أسلم، وليس بمحفوظ عن النبي من وجه من الوجوه إلا من هذا الوجه، لا إسناد له غيره، إلا أن عمر بن محمد أسنده عن أبي سعيد الخدري عن النبي ، وعمر بن محمد ثقة روى عنه الثوري وجماعة"، وقد ظنّ ابن عبد البر أن عمر هذا هو عمر بن محمد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فصحح الحديث بناء عليه، والظاهر أنه ليس كذلك بل هو عمر بن محمد بن صهبان كما جاء مصرحا به في بعض نسخ البزار، ولذا قال الهيثمي في المجمع (2/28) بعدما عزا هذا الحديث إلى البزار: "وفيه عمر بن صهبان وقد اجتمعوا على ضعفه". وللحديث شاهد مسند من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه أحمد (2/246)، والحميدي (1025)، وأبو يعلى (6681)، والمفضل الجندي في فضائل المدينة (51)، وصححه الألباني في تحذير الساجد (ص17). وشاهد آخر من حديث عمر رضي الله عنه، قال الدارقطني في العلل (2/220): "يرويه أصحاب الأعمش عنه عن المعرور عن عمر موقوفا، وأسنده عبد الجبار بن العلاء عن ابن عيينة عن الأعمش عن المعرور عن عمر عن النبي ، ولم يتابع عليه، والمحفوظ هو الموقوف".
[4] كما قالت عائشة رضي الله عنها فيما أخرجه البخاري في الجنائز (1390)، ومسلم في المساجد (529).
[5] أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء (3445) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
[6] أخرجه أحمد (1/215)، والنسائي في المناسك (3057)، وابن ماجه في المناسك (3029)، وابن الجارود (473)، والضياء في المختارة (10/30-31) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وصححه ابن خزيمة (4/274)، وابن حبان (3871)، والحاكم (1/466)، ووافقه الذهبي، وقال ابن تيمية في الاقتضاء (ص106): "وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم"، وخرجه الألباني في السلسلة الصحيحة (1283).
[7] أخرجه أحمد (2/367)، وأبو داود في كتاب المناسك، باب: زيارة القبور (2042) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه النووي في الأذكار (154)، وابن حجر في الفتح (6/488)، والألباني في أحكام الجنائز (ص213) وتحذير الساجد (ص140).
[8] أخرجه أحمد (1/441)، والنسائي في كتاب السهو، باب: السلام على النبي (1282)، والدارمي في كتاب الرقاق، باب: في فضل الصلاة على النبي (2774) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وصححه ابن حبان (914)، والحاكم (2/421)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/24): "رواه البزار ورجاله رجال الصحيح"، وصححه الألباني في صحيح الجامع (2170) وصحيح الترغيب (1664).
[9] أخرجه أحمد (2/527)، وأبو داود في المناسك (2041)، والبيهقي في الشعب (3/491) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه النووي في المجموع (8/272)، وابن تيمية في الاقتضاء (2/173)، والسخاوي في المقاصد الحسنة (436)، وقال ابن حجر في الفتح (6/488): "رواته ثقات"، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1795).
[10] أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب: ما يقال عند دخول القبور (974، 975) عن بريدة رضي الله عنه.
[11] أخرجه أحمد (5/350، 355، 356، 361)، وأبو داود في الجنائز (3235)، والترمذي في الجنائز (1054)، والنسائي في الضحايا (4430) من حديث بريدة رضي الله عنه، وأصله في مسلم في الجنائز (977) من غير ذكر حكمة الترخيص.
[12] أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب: النهي عن الجلوس على القبر (972) عن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه.
[13] أخرجه مسلم في كتاب الجنائز، باب: الأمر بتسوية القبر (969).
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيّبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلّم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فيا أيّها النّاس، اتقوا الله تعالى حقَّ التقوى.
واعلَموا أنَّ الخيرَ كلَّه في اتباع مَن سلَف، والشّرّ كلَّه في الاقتِداء بمن خَلَف وخالَفَ الحقَّ والهدَى، يقول : ((من أحدَثَ في أمرنا هذا ما ليسَ مِنه فهو ردّ))[1]، ويقول: ((مَن عمِل عملاً ليس عليه أمرُنا فهو ردّ))[2]، فالعمل الحقّ والعبادة الحقّةُ ما كان عليه محمّد وأصحابُه، فهي العبادة الحقّة، وهو الدّين القيِّم، وما عدا ذلك فضلالٌ.
فلنتَّقِ الله في أنفسِنا، ولنتمسَّك بعقيدتنا الصحيحة، ولنُوضح للمَلأ هذه العقيدةَ الصافية المبنيّة على الأدلّة من الكتابِ والسنة، ليَحيَا من حيي عن بيّنة، ويهلَك من هلك عن بيّنة، والله حكيم عليمٌ في إضلالِ من يضلّ وهدايةِ من يهتدي، لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء: 23]
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنَّ أحسنَ الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هَدي محمّد ، وشرَّ الأمور محدَثاتها، وكلّ بدعةٍ ضلالة، وعَليكم بجماعَة المسلِمين، فإنَّ يدَ الله على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.
وصلّوا ـ رحمكم الله ـ على محمّد امتثالا لأمر ربّكم، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمّد، وارضَ اللّهمّ عن خلفائِه الراشدين...
[1] أخرجه البخاري في الصلح (2697)، ومسلم في الأقضية (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها.
[2] أخرجه مسلم في الأقضية (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها، وعلقه البخاري في كتاب البيوع وفي كتاب الاعتصام.
| |
|