molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: قواعد في التعامل مع الكفار - عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة الأربعاء 21 ديسمبر - 5:32:25 | |
|
قواعد في التعامل مع الكفار
عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة
الخطبة الأولى
أما بعد:
فإن موقف المسلم من الكفر وأهله يجب أن ينطلق من ثلاث قواعد:-
القاعدة الأولى: استعلاء المسلم بإيمانه، فإن المسلم الصادق الإيمان هو أعلى من غيره عقيدة وتصورًا للحياة، لأنه في عقيدته وتصوره للحياة هو على الحق وغيره في عقيدتهم وتصوراتهم هم على الباطل، وهو أعلى من غيره في صلته وارتباطه فإن صلة المسلم وارتباطه بالله العلي الأعلى، وهو أيضًا أعلى من غيره في منهجه وهدفه وغايته، وفي شعوره وسلوكه وخلقه، والمسلم أيضًا أعلى من غيره في قوته وإمكانه فإن الله تعالى معه قال سبحانه: فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم [محمد:35].
وقال تعالى: ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين [آل عمران:139].
إن استعلاء المسلم بإيمانه نابع من أنه على الدين الحق والآخرون على الباطل فإنه لا يوجد دين يمكن أن يقبله الله تعالى غير هذا الإسلام الذي بعث الله به الرسل وبعث به خاتمهم سيدنا محمدًا : ومن يبتغِ غير الإسلام دينًا فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [آل عمران:85].
فالدين الحق هو الإسلام لا يقبل من أحدٍ أبدًا غيره مهما كان وفي أي مكان لمّا بعث الله خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد جعل رسالته عامة لجميع الخلق وأمره أن ينادي في الأمم بقوله: قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا [الأعراف:158].
فدخل في عموم هذا الخطاب جميع الناس، جميع الأمم الذين يعيشون على وجه هذه البسيطة ودخل اليهود والنصارى في من لم يستجب منهم لدعوة هذا الرسول خاتم الأنبياء محمد ومن لم يدخل في الدين الذي جاء به، من لم يدخل في دينه من اليهود والنصارى فهو كافر وهو في الآخرة من الخاسرين ولن يقبل الله دينًا أبدًا غير هذا الدين الذي جاء به محمد الذي هو الإسلام وربما اعتقد بعض الجهال، ربما توهم بعض الجهال أن هناك دينًا يمكن أن يقبله الله عز وجل من أحد غير الدين الذي جاء به سيدنا محمد وهو الإسلام، ربما توهم بعض الجهال أن كل إنسان يمكن أن يتعبد ربه بما شاء من الأديان وهذا جهل فادح بحقيقة هذا الدين الحق الذي لا يقبل الله غيره. جهل فادح بحقيقة هذه الرسالة الخاتمة وهذا الوهم من صاحبه لأنه فقد استعلاءه.
القاعدة الثانية: أن على كل مسلم أن يتولى الله ورسوله والمؤمنين فإن عقيدة الولاء من أهم أركان هذا الدين إذ لا يُتصور أن يكون إيمان الإنسان بالله ورسوله وولاءه لغير الله ورسوله، من آمن بالله ورسوله فولاؤه يجب أن يكون لله ورسوله، أما إذا كان ولاؤه لغير الله و رسوله فهذا إخلال بالإيمان. والولاء معناه الموادة والمحبة والنصرة والمؤازرة، والمخالفة فهل يُتصور أن يكون الإنسان مؤمنًا بالله تعالى وبرسوله ثم هو يناصر ويؤازر غيرهما ويحب غيرهما، فما بالك بمن يوالي عدوهما وما يحب عدوهما وما يؤازر عدوهما، من والى أعداء الله فهو من أعداء الله هكذا أخبرنا الله عز وجل في كتابه إذ يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم [المائدة:51].
فمن والى أعداء الله فهو من أعداء الله، لأن المسلمين الصادقين وليهم هو الله عز وجل ورسوله المصطفى والمؤمنون هكذا على وجه الحصر، فليست هناك ولاية للمسلمين غير هذه الولاية، إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون ال+اة وهم راكعون [المائدة:55].
فعلى كل مسلم أن يحقق في ذات نفسه هذا الركن الهام من أركان الدين، أن يحقق في نفسه عقيدة الولاء فيكون حبه وتكون موادته ونصرته ومؤازرته وتأييده قلبًا وقالبًا، قولاً وعملاً لله ولرسوله وللمؤمنين.
القاعدة الثالثة: هي معاداة الكافرين، فإن من مقتضى الولاء لله ورسوله من مقتضى الإيمان بالله ورسوله معاداة من كفر بهما ومحاربة من حاربهما، ومن مقتضى محبة الله ورسوله محبة كل من أحبهما وبغض كل من أبغضهما، فإن من أهم قواعد وأركان الإيمان الحب في الله والبغض في الله والموالاة في الله والمعاداة في الله.
لكن أعداء المسلمين في هذا العصر حريصون على أن يلبسوا على المسلمين هذه العقيدة الهامة أن يشوشوها في نفوسهم، أن يخربوا في نفوسهم عقيدة الولاء لله ورسوله، عقيدة الحب في الله والبغض في الله، وما أكثر الشعارات التي رُفعت اليوم تنادي بالأواصر والروابط المختلفة، تنادي بالروابط الإنسانية، والإخاء الإنساني بمحبة البشر للبشر، شعارات مزيفة براقة رفعها أعداء الإسلام يريدون بذلك تخريب هذه العقيدة الهامة في نفوس المسلمين.
إن الإخاء الوحيد الذي يلتزم به المسلم الصادق الإيمان هو الإخاء الإسلامي الإيماني المبني على آصرة الإيمان ورابطة الإسلام وكل إخاء سوى هذا الإخاء فهو باطل لا يعتبره المسلم أبدًا، أما المساواة بين البشر فإن كل المقصود بها أن المسلم مثل الكافر فهذه مساواة باطلة هل يستوي إسلام وكفر، هل يستوي إيمان وكفر: أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون [القلم:35-36].
لا يستوي مسلم وكافر أبدًا لا يجتمع مسلم وكافر أبدًا، لا إخاء بين مسلم وكافر أبدًا، فإن ما بينهما المفاصلة والمعاداة والبغض في الله عز وجل.
ومعنى هذه القاعدة الثالثة التي هي معاداة الكافرين وبغضهم معناه أنه لا يحل لمسلم يؤمن بالله ورسوله أن يكنَّ في قلبه مودة ومحبة لكافر أبدًا وهذا أمر لا يمنع من البر والإنصاف إلى المسالمين من الكافرين، البر والإنصاف في المعاملة مع المسالمين من الكافرين، فإن البر والإقساط والمعاملة لمقتضى المسامحة والإنصاف والعدل لا يلزم منه المحبة والموادة والموالاة، فإن المسلم أمره دينه الذي هو دين العدل والإنصاف أن يعدل بين سائر الناس مسلمهم وكافرهم: ولا يجرمنكم شنآن قوم (أي بغض ومعاداة قوم) على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى [المائدة:8].
فأنت مأمور أيها المسلم أن تعامل الجميع بمقتضى العدل والإنصاف، لكن لا يحل لك أن تكون معاملتك مع الكافر على مقتضى المحبة والمودة والموالاة التي هي المؤازرة والمناصرة، وفرّق بين الأمرين فإن القرآن فرَّق بين الأمرين.
فرق بين الأمرين بين العدل والإنصاف والبر وبين الموالاة فقال تعالى: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون [الممتحنة:9].
فالنهي عن موالاة الكافر مسالمًا كان أو محاربًا والمحارب على وجه الخصوص الذي يحاربك أيها المسلم في الدين ويعتدي عليك أو على إخوانك المسلمين فيخرجهم من ديارهم أو يُظاهر على إخراجهم، لا يحل موالاة الكافر أبدًا وخاصة هذا الكافر الذي أعلن الحرب على المسلمين.
أما البر والمعاملة بمقتضى الإنصاف والعدل فلم ينهنا ديننا عن ذلك حتى مع الكافرين المسالمين خاصة من كان منهم ذا صلة أو قرابة، ولكن كما بينت لا يلزم من ذلك الموادة والمحبة فإن المودة والمحبة لكافر لا تجتمع مع الإيمان في قلب واحد أبدًا، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم [المجادلة:22].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ولا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئًا.
أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار.
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون [آل عمران:102] يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديدًا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزًا عظيمًا [الأحزاب:70-71].
وصلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال جل من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا [الأحزاب:56].
وقال : ((من صلى علىّ واحدة صلى الله عليه بها عشرًاْ))[1].
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وارضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علي وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكَّرون.
فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
[1] أخرجه مسلم في صحيحه (1/306) برقم (408).
| |
|