molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: (قالت الأعراب آمنا) على ضوء سورة الحجرات - عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة الثلاثاء 20 ديسمبر - 4:36:56 | |
|
(قالت الأعراب آمنا) على ضوء سورة الحجرات
عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة
الخطبة الأولى أما بعد:
قال الله تعالى: قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله و رسوله لايلتكم من أعمالكم شيئاً إن الله غفور رحيم هذه الآية الكريمة نزلت في قوم من الأعراب من بني أسد بن خديعة جاءوا إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة جدبة فمنوا عليه بإيمانهم وقالوا قد أتيناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان فأعطنا من الصدقة وقد ذهب كثير من الأئمة رحمهم الله ومنهم الإمام البخاري أنهم كانوا منافقين أظهروا الإيمان خوفاً على أنفسهم وأموالهم أقول ولأجل هذا نفي عنهم الإيمان في قوله: قل لم تؤمنوا فالمنتفي هنا الحد الواجب من الإيمان ومما يؤيد هذا التفسير قوله بعدها: ولما يدخل الإيمان في قلوبكم فنفى دخول أصل الإيمان في قلوبهم فقلوبهم خالية إذن من الإيمان وعليه فقوله تعالى: قولوا اسلمنا معناها قولوا استسلمنا خوفاً من القتل السبي وذهب ابن جرير وابن كثير رحمهما الله إلى أن هؤلاء الأعراب المذكورين في الآية لم يكونوا منافقين بل هم مسلمون ولكن لم تستقر حقيقة الإيمان في قلوبهم فادعوا مقاماً أعلى مما توصلوا إليه فأدبوا في ذلك وكلا القولين له حظ من النظر ولهذا على ضوئها نقول: إن هذه الآية دلت على أمور عظيمة منها: أولاً: إن الإسلام هو الاستسلام الظاهر فإذا ما قام المكلف بأعمال الإسلام الظاهرة من صلاة وزكاة وصيام وحج اعتبر مسلماً وأعطي أحكام الإسلام التي أولها عصمة ماله ودمه وبناء على هذا عامل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المنافقين في المدينة على عهده على مقتضى الظاهر فاعتبرهم مسلمين مع أنهم كانوا يبطنون الكفر ومع ذلك فإنه صلى الله عليه وسلم لزم جانب الحيطة والحذر منهم فليس معنى اعتبار هؤلاء مسلمين أن نأمن جانبهم ونتخذهم بطانة وأعواناً. وهذا المبدأ هو إجراء الأحكام على الظواهر من رحمة الله تعالى ولطفه بعباده فإن شئون البواطن ليس في مقدور البشر الإطلاع عليها ولو فتح باب ذلك لوقع بعض الناس في بعض واستحل بعض الناس دماء بعض ولكن من رحمة الله ولطفه بعباده جاء شرعه المطهر بإجراء الأحكام على الظواهر ما لم ينطق المكلف ظاهره بذلك كأن يرتكب عملاً أو قولاً ينقض إسلامه فإنه حينئذ يعامل بما أظهر سواء كان فعلاً أو قولاً ما أظهر من حاله وقوله وفعله. وثانياً: أن الإيمان درجة أعلى من الإسلام فكل محسن مؤمن مسلم ولكن ليس كل مسلم ولا كل مؤمن محسناً فهي ثلاث درجات أولها الإسلام الذي هو أعمال الظاهر من صلاة و+اة وصيام وحج وثانيها يقيناً وعقيدة راسخة يظهر أثرها على الجوارح وأثر تلك الحقيقة على الجوارح مسارعة إلى الخيرات وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر وبذلاً للنفوس والمهج والأموال في طاعة الله ورسوله. وثالثهما: الإحسان ومعناه أن يبلغ من استقرار حقيقة الإيمان في قلبه مقام المشاهدة والمراقبة الدائمة الذي عبر عنه سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: ((أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك)) هذا هو مقام المشاهدة والمراقبة الدائمة الذي هو الإحسان وهذه أعلى الدرجات الثلاث وكل هذه الدرجات بينها سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في حديث جبريل وهو حديث معروف مشهور، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله)). المسلمون أهل عدل ورحمة فبمجرد أن يتلفظ أحد بكلمة الإسلام لا إله إلا الله محمد رسول الله يعد مسلماً وتثبت له أحكام الإسلام تثبت له العصمة في ماله ودمه ولكن ليس معناه أن هذه العصمة الثابتة تدوم له وإن نقضها بنفسه كأن يظهر بقوله وفعله ما ينقض كلمة الإسلام ويبطلها ولذلك فإن سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم قيد هذه العصمة بقوله إلا بحقها "أي إلا إذا نقضوا تلك الكلمة أو أخلوا بحقها فلم يفوا بها وبناء على هذا قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه جموع المرتدين قاتلهم ولم يلتفت إلى قول عمر الفاروق رضي الله عنه: كيف تقاتل من قال لا إله إلا الله؟ حاجه الصديق بهذا القيد النبوي إلا بحقها وقال قولته المشهورة:
لأقاتلن من فرق بين الصلاة وال+اة نعم المكلف إذا تلفظ بكلمة الإسلام فهو مسلم له مالنا وعليه ما علينا إلا أن ينقض بنفسه تلك الكلمة كيف يمكن أن يعد مسلماً من أعلن بقوله وفكره وفعله أنه بعثي أيمكن أن يكون الإنسان مسلماً وبعثياً في نفس الوقت؟ لا يمكن أن يكون الإنسان مسلماً ومار+ياً في نفس الوقت لا يمكن أن يكون الإنسان مسلماً وعلمانياً في نفس الوقت لأن الكفر والإيمان لا يجتمعان في قلب واحد كيف يمكن أن نعده مسلماً من أظهر الحقد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطلق لسانه بالوقيعة فيهم وأطلق لسانه بالوقيعة في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين لا يمكن أن يكون مثل ذلك مسلماً. المسلم الذي التزم بكلمة لا إله إلا الله يجب أن يحاسب على ضوء حقوقها. يجب أن يحاسب كل مسلم التزم بهذه الكلمة على ضوء حقوقها كيف نعد أمثال هؤلاء بعثيين وشتامين مسلمين؟ ومنهم أفراد مندسون فيما بيننا مع ذلك نعدهم مسلمين ونغمض أعييننا ولا نغضب لعرض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه وكل من التزم بلا إله إلا الله فيجب أن يحاسب على ضوء حقوقها ليست هناك فئة أبداً يمكن أن تعطى خصوصية أو استثناء في هذا المبدأ فاتقوا الله أيها المسلمون رعاة ورعية وكونوا مع الصادقين.
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة وبمنهج الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن ما شئت فكما تدين تدان. صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال جل من قائل: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وقال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرا)) اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آل محمد. كما صليت وباركت علي إبراهيم وعلي آل إبراهيم. إنك حميد مجيد وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علي وعلى آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن أصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
| |
|