molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم - عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة الثلاثاء 13 ديسمبر - 7:18:58 | |
|
النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم
عبد العزيز بن عبد الفتاح قاري /المدينة المنورة
الخطبة الأولى
أما بعد .. فمن العلامات على المحبة الصادقة لسيدنا رسول الله النصح له قال تعالى: ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم [التوبة: 91]. وأصل النصح في لغة العرب معناه الإخلاص، مأخوذ من قولهم: نصحتُ العسل إذا نقيته وخلصته من شمعه.
وقال بعضهم: النصح معناه فعل الشيء الذي به الصلاح والملاءمة مأخوذ من النصاح وهو الخيط الذي يُخاط به الثوب وعلى هذا فمعنى قوله تعالى نصحوا لله ورسوله [ التوبة: 91]. أي كانوا مخلصين في السر والعلانية ومن لوازم الإخلاص في مثل هذه الحال أن يفعل ما يلائم حبه لله ولرسوله.
أخرج مسلم في صحيحه عن تميم الداري رضى الله عنه أن رسول الله قال: ((الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله؟ قالوا: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) صدق رسول الله .
أما النصيحة لله تعالى فمعناها توحيده وصحة الإيمان به وصحة الاعتقاد به ووصفه تعالى بما هو أهله من صفات الجلال والكمال وتنزيهه تعالى عن صفات النقص، والإقبال على محابه والبعد عن مساخطه والإخلاص في عبادته.
وأما لكتابه فمعناه الإيمان به والعمل بما جاء فيه وتلاوته حق التلاوة والذب عنه من تأويل الغالين وتحريف المبطلين وتزييف الملحدين.
وأما النصيحة لرسوله فمعناها الإيمان بنبوته والإخلاص في محبته والذب عن سنته ونصرته ومؤازرته حياً وميتاً .
أما نصرته ومؤازرته بعد مماته والتحاقه بالرفيق الأعلى فمعناها مؤازرة سنته ومناصرتها وإحياؤها ونشرها بين الناس.
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: من فرائض القلوب اعتقاد النصيحة لرسول الله وقال أبو بكر الآجرّى رحمه الله: النصيحة لرسول الله تقتضي أمرين:
أحدهما: النصيحة له في حياته.
والآخر: النصيحة له بعد مماته .
أما النصح له في حياته فهو ما وجب على أصحابه رضى الله عنهم أجمعين من نصرته والمحاماة عنه ومعاداة من عاداه وبذل النفوس والأموال دونه كما قال تعالى من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه [الأحزاب: 23] وقال تعالى وينصرون الله ورسوله [ الحشر: 8 ].
قال في وصف أصحاب رسول الله وينصرون الله ورسوله [ الحشر: 8 ].
وأما النصح له بعد مماته كما يقول أبو بكر الآجرّى فمعناها التزام إجلاله وتوقيره وشدة المحبة له والمثابرة على تعلم سنته والتفقه في شريعته ومحبة أهل بيته وأصحابه رضى الله عنهم أجمعين، ومجانبة من رغب عن سنته وانحرف عنها، وبغض من عاداها والتحذير منه والشفقة على أمته والتعرف على أخلاقه وسيره وأحواله .
والصبر على ذلك كله، فيا أيها المؤمن يا محب رسول الله أما وقد فاتك شرف صحبته ومناصرة شخصه في حياته فعليك اليوم بمناصرة سنته ومطالعة سيرته والعمل بشريعته والتفقه فيها، عليك ببذل كل صدق المحبة له وصحة المتابعة له .
مناصرة سنته والذب عن شريعته خاصة في مثل هذا الزمان الذي نعيش فيه والذي كثر فيه أعداء سنة المصطفى واشتدت الهجمة فيه على الشريعة السمحة الغراء التي جاء بها الحبيب المصطفى .
فإحياء سنته والعمل بشريعته وتحكيمها في مثل هذه الظروف والأحوال من أعظم العلامات على صدق المحبة له ، وصحة المتابعة له .
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعلمون [التوبة:105].
بارك الله إلى ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فقد حكى بعض العلماء أن ملكا من ملوك المسلمين رؤى بعد موته في النوم فقيل له ماذا فعل الله بك؟ فقال: غفر لي فقيل له: بماذا؟ قال: صعدت يوما ذروة جبل فأشرفت على جنودي وجيوشي فأعجبتني كثرتهم فتمنيت أنى حضرت رسول الله فأعنته ونصرته بجنودي وجيوشي فشكر الله لي ذلك فغفر لي.
إذا كان هذا غفر الله له وشكر له اعتقاده في قلبه نصرة سيدنا رسول الله ولاشك أنه كانت له ذنوب كثيرة ومعاصي عديدة فغفرها الله له بتمنّيه هذا أنه لو كان حاضرا بين يدي رسول الله ليعينه وينصره بجنوده وجيوشه فما بالك بمن سخر كل إمكاناته وطاقاته وما أتاه الله من سلطان أو جاه أو مال أو قلم أو لسان أو سعي وجهد وتدبير أو عقل وتفكير سخر ذلك في مناصرة سنته والذب عنها وإحياءها ونشرها بين الناس لاشك أنه موعود بمغفرة الله عز وجل على مناصرته لسنة المصطفى .
فإن المحبة الصادقة تكون متحركة ذات حيوية وفعل وتأثير وتوجه صاحبها للفعل الذي يتحقق به الصلاح والإصلاح، توجه صاحبها للفعل الملائم المناسب الذي به الصلاح والإصلاح، صلاح المحب في ذات نفسه وإصلاح الآخرين من أمة سيدنا محمد وصلاح هذه الأمة وإصلاحها إنما يكون بإحيائها سنن المصطفى وتحكيمها لشريعته.
أما المحبة التي لا تأثير لها ولا فعل لها ولا توجه صاحبها إلى السنة ولا تحمله على الذب عن سنة المصطفى فهذه محبة ميتة أو ضعيفة شديدة الضعف والهزال، ولأجل هذا المعنى والله أعلم فإن الآية القرآنية كان تعبيرها هكذا: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله [آل عمران:31].
أي قل يا محمد لأمتك من كان يحب الله أو يدعى حب الله فعليه أن يتبعني عليه أن يتبع المصطفى (فاتبعوني) ولم يقل فأحبوني مع أن هذا هو المقصود ولكنه عبر في الآية بتفسير المحبة لأن من شأن المحبة الحقيقية الصادقة للمصطفى أنها مثمرة ومؤثرة، تثمر وتؤثر، تؤثر في صاحبها وتثمر فيه الطاعة والمتابعة لرسول الله . ولذلك قال فاتبعوني والمعنى فأحبوني.
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وعليكم أيها المسلمون بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الجماعة هي التمسك بالكتاب والسنة وإن كنتم قلة على ذلك.
يا ابن آدم أحبب ما شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك ملاقيه وكن كما شئت فكما تدين تدان، ثم صلوا على خاتم النبيين وإمام المرسلين فقد أمركم الله بذلك في كتابه المبين فقال جل من قائل:- إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما [الأحزاب:56].
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
| |
|