molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الجهاد في سبيل الله - عبد العزيز الغراوي/الدار البيضاء الجمعة 9 ديسمبر - 5:49:29 | |
|
الجهاد في سبيل الله
عبد العزيز الغراوي/الدار البيضاء
الخطبة الأولى
أيها الإخوة والأخوات في الإسلام: كان حديثنا في الأسبوع الماضي عن مشروعية الجهاد وأذن الله تعالى لنبيه في القتال.
وذكرنا أن الجهاد شرع لحماية دين الله تعالى والدعوة إليه, ولرد الظلم عن المظلومين وردع الطغاة عن غيّهم.
كما أنه شُرع لتأمين الطريق وتمهيده لمن يرغبون الدخول في دين الله, كما أن الجهاد شرع لنشر السلام في الأرض وتأمين كل ذي دين على دينه واحترام المقدسات, كل ذلك جاء واضحا كما بينا في قوله تعالى: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبِيَع وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسم الله كثيراً ولينصرنّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا ال+اة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور.
أيها المسلمون: عباد الله: بعد هذا كله نقول: ما هي المراحل التي مرّ بها الجهاد؟ ونجيب عن ذلك قائلين لقد شرع الله الجهاد لنصرة الأمة، فهو فريضة ماضية إلى قيام الساعة، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، وما تركه قوم إلا أذلهم الله تعالى , وسلط عليهم عدوهم.
ونظرة واحدة إلى حال المسلمين، ورفعة شأنهم، وعلو مكانتهم يوم كانوا متمسكين بهذه الفريضة، وإلى حالهم اليوم وقد فرطوا فيها، واتبعوا أهوائهم، وأحبوا الدنيا، وتنافسوا عليها وما هم عليه من الذل والصغار والمهانة والاحتقار.
إن نظرة فاحصة إلى وضع المسلمين في الحالين لتبين لنا الفرق الشاسع والهائل بين الجيلين.
وقد شرع الله الجهاد على مراحل ليكون أروض للنفس، وأكثر ملائمة للطبع البشري، وأحسن موافقة لسير الدعوة وطريقة تخطيطها، وكانت المراحل التي مر بها الجهاد وعلى النحو التالي:
المرحلة الأولى: وكانت بمجرد الإذن في القتال دون أن يأمر الله عز وجل نبيه به، وقد كان قبلها في مكة محرما لأن المرحلة المكية لا يناسبها القتال.
فهي بداية يجب على الدعاة أن يستنفذوا فيها جهدهم بالكلمة الطيبة والحكمة والموعظة الحسنة، ولم يكن المسمون فيها قد اشتد عودهم، وقويت شوكتهم، وكثر عددهم.
كما أنّ إعلان الجهاد في تلك المرحلة قضاء على الدعوة وأهلها وهي لا زالت في المهد لم تكبر بعد، فالواجب الحفاظ على الأنفس.
فالجهاد الذي كان في مكة موجهاً بالكلمة وهو المشار إليه في قوله تعالى: وجاهدهم به جهاداً كبيرا أي بالكلمة بالقرآن الكريم بتفهيمهم إياه والعمل به، ثم بعد الهجرة جاء الأذن ولم يفرض عليهم وكانوا بذلك مخيرين, فمن أراد أن يقاتل فليقاتل، ومن أراد أن يقعد فليقعد، فكانت تلك المرحلة ترويضاً للنفس وتمريناً لها، مع منحها فرصة الاختيار، متى ألفت الأمر وأدركت ما وراء ذلك من مكاسب روحية ومادية انتقل إلى مرحلة أخرى.
المرحلة الثانية: بدأت هذه المرحلة بنزول قوله تعالى: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتال ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين ونلاحظ أن الله جل وعلا قد فرض الجهاد بهذه الآية، ولكنه في هذه المرحلة دفاعي، لأن الآية أمرت بقتال القاتلين، ونهت عن الاعتداء، والاعتداء منا عام سيشمل غير المقاتلين كالنساء والأطفال والشيوخ، ومن لم يرتكب ما يبرر قتاله، كما يتضمن الزيادة في رد العدوان لقوله تعالى: وإن عاقبتهم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به والإسلام عند تشريع الجهاد يلتزم خطة مُثلى، فالمسلمون لا يقاتلون شهوة في القتال ولم يحاربوا حبا في الحرب، ولكنهم يقاتلون لتحقيق الغاية التي شرع الجهاد من أجلها، فالقتال في الإسلام يختلف عن القتال والحروب التي شهدها التاريخ الإنساني والتي استهدفت تحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية لأفراد أو جماعات طموحين يريدون العلو في الأرض، فالهدف وضوابط الحث والعدل والرحمة التي احتفت بالجهاد ميزته عن أنواع الحروب الأخرى الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت وقال الرسول : ((اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله ,اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً)) [رواه مسلم].
إن الذين يقاتلون المسلمين وبدءوا بالقتال والإخراج من الديار هم المعتدون, وعلى المسلمين أن يردوا هذا الاعتداء وأن يلقنوا المعتدين درساً يردعهم عن الاعتداء، ويجعلهم عبرة لمن يحاولون التفكير في الاعتداء على المسلمين, ولكن على المسلمين ألا يُمعنوا في الردع حتى لا يصبحوا هم المعتدين، ثم أمر الباري سبحانه بقتال المعتدين وقتلهم حيثما وجدوا، ولا ينبغي إتاحة الفرصة لهم كي يضربوا ويهربوا, لأن هؤلاء إن وجدوا الفرصة استغلوها، فاغلق الله عليهم الباب وأمر المسلمين بقتالهم حيثما كانوا، ما داموا مقاتلين, وقد خص الله تعالى المسجد الحرام بخصيصة لا تتوفر لغيره.
حيث أمر سبحانه المسلمين بالكف عن قتال المعتدين إذا كانوا عند المسجد الحرام، حتى يبدؤوهم بالقتال عنده، فإذا كانت الآية الأولى أمرت بقتالهم حيث ما وجدوا فإن الآية التي بعدها نهت عن قتالهم عند المسجد الحرام، حتى يبدؤوا هم بالقتال, وهذه ميزة جعلها الله تعالى لذاك المكان المبارك، ومحافظة عليه ليظل مثابة للناس وأمنا، ولا يجترئ أحد على انتهاك حرمته، والبادئ عنده بالقتال هو المعتدي الباغي وعلى الباغي تدور الدوائر.
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|