molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: صلاة الاستسقاء - عبد الصمد بن محمد البرادعي الجمعة 9 ديسمبر - 5:22:17 | |
|
صلاة الاستسقاء
عبد الصمد بن محمد البرادعي
الخطبة الأولى
أمة الإسلام، الزموا التقوى، ففي تقوى الله بسط للأرزاق وإطالة للأعمار ورغد في العيش والعافية في البدن والأهل والولد، وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.
أيها الإخوة الفضلاء، لقد كان من سنة المصطفى أنه إذا أجدبت الأرض وقل المطر دعا المسلمين لصلاة الاستسقاء، ووعدهم يومًا يخرجون فيه، فيصلي بهم صلاة الاستسقاء، وعلى هذا سار الخلفاء الراشدون رضوان الله عليهم من بعده، ثم من تبعهم من الأئمة بإحسان، وعلى ذلك عمل إمامنا -حفظه الله- في دعوته المسلمين لصلاة الاستسقاء في يوم بعينه، إذا احتاج الناس للمطر.
وسأذكر في هذه الدقائق -إن شاء الله- بعض الأحكام المتعلقة بصلاة الاستسقاء.
فأول ما ينبغي ذكره في هذا المقام هو حكم صلاة الاستسقاء: صلاة الاستسقاء سنة، بمعنى أنه يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، والبعض وربما الكثير إذا قلت له: "إن هذا الفعل سنة" زهد فيه لأنه يرى أنه لن يعاقب على تركه، ولكن هل أنت غني عن الأجر وعن رحمة الله؟! ثم هل أنت معصوم عن المعصية؟! ألست في حاجة إلى ما يكفر عنك السيئات؟! ألم تسمع قول الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ؟!
ثم هناك من يظن أنه ينبغي أن يذهب إلى صلاة الاستسقاء من كان في حاجة لنزول المطر، كأصحاب الزراعة والرعي ونحو ذلك، أما هو وأمثاله الذين يجدون الماء رقراقا زلالا من الصنابير في بيوتهم، أو على أسوأ تقدير إذا انقطع الماء أتوا بوايت من الماء وأفرغوه في الخزان وانتهى الإشكال، فيظن هؤلاء أنهم ليسوا في حاجة لأن يذهبوا لأداء صلاة الاستسقاء.
فأقول لهم: هب أنكم لستم في حاجة لنزول الغيث، أليس من المروءة أن تشكروا ربكم الذي منحكم هذه النعمة، وهو حصولكم على الماء بأيسر ما يمكن، وغيركم في بعض البلدان يقطعون المسافات الطوال ليحصلوا على ملء كوب من الماء؟! أليس من المروءة أن نشكر الله على ذلك بأداء صلاة الاستسقاء مع إخواننا المسلمين والله سبحانه يقول: لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ؟!
هذا على افتراض أنك لست في حاجة لنزول الغيث، ولكن أظنك تعلم أن الماء الذي يسيل من صنبور من منزلك مصدره مياه الآبار والعيون، ومياه الآبار والعيون مصدرها الغيث، فإذا انقطعت السماء جفت الآبار، وإذا جفت الآبار جفت الصنابير.
وليست هذه صورًا من الخيال، فإن هناك من ابتلوا بذلك حتى أصبح قيمة لتر الماء عندهم مائة ريـال أو أكثر، نسأل الله العافية. أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ.
فاحرص -أخي الكريم- على أداء صلاة الاستسقاء حيث ينادى إليها، ففي ذلك الخير العظيم لك في الدنيا والآخرة.
ثم على المسلمين قبل دعوة الإمام ومع دعوة الإمام لصلاة الاستسقاء أن يبادروا إلى الاستغفار من المعاصي والتوبة النصوح، والتوبة النصوح هي التي تجمع أربعة شروط كما هو معروف، وهي: الإقلاع عن الذنب، والندم عليه، والعزم على عدم العودة إليه، وإن كان الذنب في ظلم العباد فلا بد من إعادة المظلمة لأصحابها أو استسماحهم منها، والآيات والأحاديث في أن التوبة والاستغفار سبب لنزول الغيث واضحة معلومة.
وعلى المسلمين أيضا ترك التشاحن إذا أرادوا الاستسقاء، فإن التشاحن والبغضاء سبب لرفع الخير ومنعه، فقد جاء في الأثر أن النبي خرج ذات يوم ليخبر أصحابه بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فرفعت. يعني: أن الرسول أنسيها من أجل التشاحن.
وعلى المسلمين أيضًا الإكثار من الصدقة دائمًا، وقبل الخروج لصلاة الاستسقاء على وجه الخصوص، لأن الصدقة تطفئ غضب الرب.
والكلام هنا عن الصدقة المستحبة، أما الصدقة الواجبة وهي الزكاة فإن منعها سبب لمنع القطر من السماء، يقول عليه الصلاة والسلام: ((وما منع قوم +اة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء)).
ثم على المؤمن إذا أراد الخروج لصلاة الاستسقاء أن يتنظف في بدنه وثوبه، ويخرج متواضعا متخشعا متذللا متضرعا، فقد كان النبي يخرج لصلاة الاستسقاء على هذه الحالة، وعليه أن لا يخرج في أحسن ثيابه، ولا يخرج وهو في فرح وسرور.
ويستحب إخراج الصبيان المميزين لصلاة الاستسقاء مع المسلمين، وهم من بلغوا السابعة فما فوق، لأنهم لا ذنوب لهم، فيكونوا أقرب للإجابة.
ثم يصلي بهم الإمام صلاة الاستسقاء، وهي في هيئتها كصلاة العيد، ثم يخطب بهم خطبة واحدة، ويدعو في خطبته، ويرفع يديه أثناء الدعاء، لحديث أنس بن مالك قال: لم يكن النبي يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء حتى يُرى بياض إبطيه. والمراد: أنه حال الخطبة لا يرفع يديه إلا إذا دعا للاستسقاء، ويرفع المأمومون أيديهم مع الإمام.
وينبغي في هذا الرفع أن يبالغ فيه؛ لأن النبي كان يبالغ فيه حتى يُرى بياض إبطيه.
ثم يسن للإمام بعد الفراغ من خطبته أن يقلب رداءه أو مشلحه أو شماغه تفاؤلًا بأن الله أجاب الدعاء، وأنه سيقلب الحال من الشدة إلى الرخاء، ويتبعه في ذلك المأمومون.
هذا ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يغفر لنا ولوالدينا ولمن له حق علينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد: أيها المؤمنون، فيسن للخطيب في يوم الجمعة أن يستسقي إذا احتيج للمطر، فقد روى أصحاب السنن أن رجلا دخل يوم الجمعة على النبي وهو يخطب، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع النبي يديه ورفع الناس أيديهم، وقال: ((اللهم أغثنا)) ثلاث مرات، وكانت السماء صحوا، فأنشأ الله سحابه فرعدت وبرقت وأمطرت، ولم ينزل النبي من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته الشريفة .
ويسن للمسلم إذا نزل المطر أن يقف في أول نزوله ويحسر عن ثوبه حتى يبرز شيئًا من بدنه إما عن ساقه، أو عن ذراعه، أو عن رأسه، حتى يصيبه المطر، فقد ثبت عنه أنه إذا نزل المطر حسر ثوبه، وكان يقول: ((إنه حديث عهد بربه)).
وإذا نزل المطر وزاد وخيف منه سن للمسلم أن يقول: اللهم حولينا ولا علينا، اللهم على الظراب والآكام وبطون الأودية ومنابت الشجر.
هذا وصلوا وسلموا على خير خلق الله...
| |
|