molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: براءة أهل الإسلام من تفجيرات أهل الألغام - عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم الأحد 4 ديسمبر - 4:10:22 | |
|
براءة أهل الإسلام من تفجيرات أهل الألغام
عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم
الخطبة الأولى
عباد الله، مصاب عظيم على أهل الإسلام عمومًا ما وقع في مدينة الرياض من تفجيرات سَمِعْتُم نبأها وشاهدتم صُوَرَها، قام بها مَن أشار إليهم المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الذي لا ينطق عن الهوى فيما صح عنه في صحيح ابن حبان وتاريخ الإمام البخاري رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: عن حذيفة قال: سَمِعْتُ رسولَ الله يقول: ((إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ قَرَأَ الْقُرْآنَ، حَتَّى إِذَا رُؤِيَتْ عَلَيْهِ بَهْجَتُهُ وَكَانَ رِدْءًا لِلإسلام غَيَّرَهُ إِلَى مَا شَاءَ اللَّهُ؛ فَانْسَلَخَ مِنْ دِينِهِ، وَجَعَلَهُ خَلْفَهُ ظِهْرِيًّا، وَعَمَدَ إِلَى جَارِهِ بِالسَّيْفِ، وَرَمَاهُ بِالشِّرْكِ))، قال حذيفة: قلت: يا رسول الله، أيهما أحق بالشرك: الرامي أو المرمي؟ قال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((الرَّامِي)).
فهذا الحديث الصحيح يخبر فيه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أن فئة مِن جِلْدَةِ المسلمين ومِن بَنِيهم سوف يقرؤون القرآن، حتى إذا ظهرت عليهم بهجةُ هذه القراءة وأصبحوا ردءًا للإسلام طرأ عليهم الشيطان الرجيم فغَيَّر فِطَرَهُم؛ فغَيَّرُوا دين الله عَزَّ وَجَلَّ إلى ما شاؤوا من الأهواء التي ركبوها والأفكار التي انتحلوها؛ فانسلخوا من الدِّين، وجعلوا الدين خلفهم ظهريًّا، ومن صور ذلك أنهم عمدوا إلى جارهم بالسيف، أي: قاتلوا أهل بلدهم ورموهم بالشرك.
فهؤلاء ليسوا غريبين على هذه الأمة؛ لقد خرجوا يوم أن كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ موجودًا، فقال إمامهم لرسول الله: يا محمد اعدل! فقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا مَنْ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ عِنْدَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ عِنْدَ صِيَامِهِمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإسلام كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ)).
وظَّفَ هؤلاءِ الشيطانُ لأيِّ شيءٍ؟! وظَّفَهُم للقضاءِ على كُلِّ اجتماع للمسلمين، وظَّفَهُم لضرب المسلمين من الدَّاخِل؛ فهم يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإسلام، وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأوْثَانِ.
اجتمع الناس على مَن؟! على عثمان بن عفان ، فلم يُعْجِبْهُم حالُه؛ فقَتَلُوه شَرَّ قِتلَةٍ والعياذُ بالله، في قصة مأساوية يعلمها المسلمون، لا زالت قلوبُهم ممسوسةً بِسَبَبِها. وجاء الخليفةُ بعدَه علي بن أبي طالب ، فقتلوه في صورة مأساوية كذلك. وجاء الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فخرجوا عليه، وقاتلوه، وزعموا أنه مشرك بالله، مُغَيِّرٌ لحكم الله عَزَّ وَجَلَّ! فهم كما قال الإمام وَهْبُ بْنُ الْمُنَبِّهِ: "قومٌ لا يُرْضِيهِم أن تجتمعَ كلمةُ المسلمين، ولا أن تَتَّحِدَ صُفُوفُهُم".
هؤلاء شرٌّ في جسم الأمة، كالأمراض التي تطرأ على جسد كُلِّ واحدٍ مِنَّا؛ علاجُها بإصلاحها، وطلبِ الدواء لها، فإذا لم تنجع هذه الأدوية في شفائها بعد أمر الله عَزَّ وَجَلَّ فآخِرُ العلاجِ الْكَيُّ، والاستئصالُ من أورامٍ خبيثة ونحوها نوعٌ من أنواع علاجِها.
لقد –والله- مرقوا من الإسلام كما يمرق السهم من الرمِيَّة؛ إذ إنهم خالفوا النصوص المحكمات الواضحات في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ وفي سنة النبي ؛ لِمُجَرَّدِ أفهامٍ كاسِدَة وظُنُونٍ باطِلَة، لِمُجَرَّدِ شُبَهٍ كَبُيُوتِ العنكبوت، وصدق الله عَزَّ وَجَلَّ إذ وصفهم فقال: هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ [آل عمران: 7]. صدقت هذه الآية على الخوارج، وفسَّرَها السلفُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ من الصحابة والتابعين بالخوارج؛ لأنهم يلتمسون متشابهاتٍ في القرآن؛ فيضربون بها الأمور المحكمة والنصوص المحكمة والأمور الْمُجْمَعَ عَلَيها.
فهؤلاء ما قاموا به من عمل هل هو جهاد؟! والله لو عرض على كل ملة، والله لو عرض على كل فطرة سليمة لأخبرت أنه غدرٌ وخيانة، وأنه جُبن وذل. والشرائع السماوية لا تَرضى به، والإسلام على رأس هذه الشرائع السماوية وهو خاتمها جاء بتحريم هذه الأعْمَال، وبالنهيِ عنها، وبِجَعْلِها في مَصَافِّ الغدْرِ والخِيانَةِ. فأي جناية جنوا على الإسلام؟! وأي جناية جنوا على العرب؟!
العرب في جاهليتهم لا تعرف هذه الألوان من الغدر؛ من أعطوه الأمان أو أعطاه بعضهم الأمان يدفعون دماءهم دونه، ولو كان ضدَّهم في كل مبدأ. وأهل الإسلام أكَّد عليهم الإسلام ذلك، ورسَّخَه في نفوسهم أكثر. فهؤلاء لا لِقِيَمِ الجاهلية رعوا، ولا لمبادئ الإسلام حفظوا.
يقول الله عَزَّ وَجَلَّ -أيها المؤمنون- في سورة الحج: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ [الحج: 38]، هذه الآية.. اذهبوا إلى تفسير الإمام القرطبي المالكي وهو من علماء الإسلام، ليس من علماء السلطة؛ لأنه توفي قبل سبعمائة سنة، فانظروا ماذا يقول في تفسير هذه الآية. يقول رَحِمَهُ اللَّهُ: "روي أنها نزلت بسبب المؤمنين لَمَّا كَثُروا في مكة وآذاهم الكفار؛ فهاجر من هاجر إلى الحبشة، ومن بقي بمكة قالوا: إننا سوف نقتل من أمكننا من الكفار، وسوف نغتال ونغدر ونحتال؛ فتدخل الله عَزَّ وَجَلَّ بأمره وحكمته، وأخبرهم أنه ليس في حاجة لنشر الدين بهذه الطرق الخسيسة؛ فقال: إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا؛ فهو الْمُتَكَفِّلُ بالدِّفاعِ عَنهُم، وبحِفظِ دينِهِ إلى أن تَقُومَ السَّاعَة، أما هذه الطُّرُق فالله جَلَّ جَلاَلُهُ قال: إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ". قال الإمام القرطبي: "فهذه الآية أفصح نَصٍّ في النهي عن الغدر والتحذير منه".
فيا سبحان الله! يرومون أن يدعوا إلى الإسلام بغير هدي محمد ؛ خابوا وخسروا. هؤلاء لا يعجبهم أحد من الناس مهما بلغ في الصلاح والاستقامة. روى ابن مَردُويَه أن أحد هؤلاء الخوارج أحد أجداد هؤلاء الذين فَجَّروا في الرياض جاء إلى سعد بن أبي وقاص ، فقال لسعد، ماذا قال لهذا الصحابي الجليل؟! فقال له: أنت من أئمة الكفر، فأجابه سعدٌ صاحب رسول الله : كذبتَ؛ ولكنني قاتلت أئمة الكفر. أبو أيوب الأنصاري ، الإمام الصحابي المجاهد، جاهد هؤلاء الخوارج، فتابع أحدهم في معركة مشهورة بين الصحابة وبينهم، فَشَجَّه بِرُمْحِه، فدخل بين كَتِفَيْهِ، وقال أبو أيوب بكل ثقة؛ لِما يعلمه عن رسول الله : أبشر يا عدو الله بالنار. فماذا قال له هذا الخارجي وهو في حال الاحتضار؟ انظروا إلى الفكر ماذا يفعل بأصحابه؟! التفت والرمح في ظهره، وقال لأبي أيوب الأنصاري : ستعلم غدًا من أولى بها صليًّا، يعني أنكم -أيها الصحابة- أولى مِنَّا بالنار، ونحن أهل الحق. وهكذا هم والعياذ بالله.
أيها المسلمون، أدلة جلية في الكتاب العزيز تبين أن ما قام به هؤلاء باطل وضلال مبين، لن أطيل عليكم بها. يقول الله عَزَّ وَجَلَّ في الوصايا العَشْر في سورة الأنعام: وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهَ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الأنعام: 151]، والنفس التي حرَّم الله قتلها هي: نفس المؤمن، ونفس المعاهَد الذي دخل بلاد الإسلام بعهد وأمان، حتى لو أمَّنه واحد من المسلمين وَجَب على المسلمين أن يحفظوا هذه الذِّمَّة، حتى لو أمنته امرأة من نساء المؤمنين وجب أن يَحترم الجميعُ هذه الذمة، ولو كان المؤمَّن كافرًا بالله ورسوله، محاربًا قبل هذا الأمان لله ورسوله. يقول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عندما جاءت أم هانئ بمشركَين حربيين يقاتلان رسول الله ، فقالت: إني قد أجرتُهما، فكأن بعض الصحابة لم يرضَ هذا الأمان منها، فقال النبي : ((قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ)). وثبت في الصحيحين أنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال كما في حديث علي بن أبي طالب: ((وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ)).
فسبحان الله! هؤلاء الذين دخلوا إلى بلاد الإسلام دخلوها بأمان، ومن المعلوم أن دخولهم بأمان جائز بإجماع المسلمين ما دام للمسلمين فيهم مصلحة؛ فبأي حق تقتلهم؟! وبأي شريعة تغدر بهم؟!
إنك لست من الخوارج الأقحاح الأقوياء الشجعان الذين يواجهون الحروب ويواجهون الرجال؛ ولكنك أخذت من الخوارج تكفير المسلمين وقطعَ عهدهم وذممهم، وأخذت من الأحزاب الشيوعية وأمثالها من الأحزاب الغدر والنتاءة، وأن الغاية تُبَرِّرُ الوسيلة؛ لأي شيء أنت؟!
فهؤلاء لم يكونوا من الخوارج الصِّرْف؛ لأن الخوارج الصرف أشرفُ من هؤلاء؛ ولكنهم جمعوا تكفير المسلمين، وجمعوا خِسَّة طرق الأحزاب الشيوعية ونحوها التي لا دين لها في التعامل مع قضاياهم والوصول إلى غايتهم. فهل هؤلاء يفرح بهم مؤمن؟! وهل هؤلاء يعجب بأعمالهم مُعجَب؟! لا واللَّهِ الَّذِي رفع السماوات بِغَير عمد.
دليل آخر في مسند الإمام أحمد وفي مشكل الآثار للطحاوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وغيرها من دواوين الإسلام: أن رباعة بن شداد كان من التابعين، وكان واقفًا على رأس المختار بن أبي عبيد، تعرفون من هو المختار بن أبي عبيد؟ إنه مدعي النبوة الذي ادعى أنه رسول من الله عَزَّ وَجَلَّ. وكان هذا التابعي الذي تربى في أحضان السلف ولم تعصف به الأهواء ولا العواطف المبتعدة عن الشرع واقفًا على رأس المختار بن أبي عبيد، يقول ابن شداد: فلما علمتُ كذبه هممت أن أسل سيفي وأن أضرب عنقه، كافر، مدعي النبوة، يَقُول: فما منعني من ذلك إلا ما سمعته من عمرو بن الْحَمَق قال: سمعتُ رسول الله يقول: ((مَنْ أَمَّنَ رَجُلاً عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ نُصِبَ لَهُ لِوَاءُ الْغَدْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)). هذا لفظ الإمام أحمد، وفي لفظ آخر للإمام أحمد أنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال: ((مَا مِنْ رَجُلٍ يَسْتَأْمِنُ رَجُلاً عَلَى دَمِهِ فَيَقْتُلُهُ إِلاَ بَرِئْتُ مِنَ الْقَاتِلِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا)). وفي لفظ لهذا الحديث عند عبد الرزاق في مصنفه أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال: ((فَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ اللَّهِ مِنَ الْقَاتِلِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا)).
هذه النصوصُ الصَّرِيحَةُ، أين هُم عنها؟! إنهم يعرفونها حقًّا، ولكن قلوبهم جُبِلت على اتباع المتشابِه؛ حتى يكتبَ الله عَزَّ وَجَلَّ أمرًا مقضيًّا.
فيا أيها المسلمون، اتقوا الله عَزَّ وَجَلَّ، وارجوا اليوم الآخر بالابتعاد عن مثل هذه الأفكار الضالة المضلة، وعن هذه الأعْمَال البائسة. إن اليهود والنصارى لو بذلوا ملايين الدولارات وأنفقوا خزائن الذهب لتشويه صورة الإسلام بمثل ما شوه هؤلاء دين الإسلام لما استطاعوا، وقد أعجزهم ذلك بحمد الله، وما زال الإسلام يسري في الغرب وفي كل مكان، رغم ما يفعلونه من دوافع ومن مضادات لانتشار هذا الدين إلا أن الناس يقبلونه، حتَّى ابتُلِيَ الناسُ بمِثل هؤلاء الذين شوَّهُوا صورتَهُ، وأدخلوا فيه ما هو دخيل وما هو بعيد عن دين الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
يقولون: إن هذه الدولة ليس لها بيعة، أما نحن فإننا مسؤولون عن أمور المسلمين! هذه الدولة.. علماء احسبوهم معي: الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف آل الشيخ رَحِمَهُ اللَّهُ من أئمة العلماء في القرن المنصرف، والشيخ عمر بن سرير، والشيخ بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، والشيخ سعد بن عَتِيق من أئمة الحديث وعلمائه الكبار، والشيخ سليمان بن سَحْمَان، والشيخ عبد الرحمن بن ناصر السِّعدي، والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد الله بن حميد، والشيخ ابن عثيمين... كل هؤلاء يَنُصُّون على شرعية هذه الدولة، وعلى صِحَّةِ بيعَتِها.
فهؤلاء يجمعون على ضلالة وأنتم أيها الشرذمة الصغار تضعون أنفسكم بأن لكم الولاية على بلاد المسلمين وعلى أهل الإسلام! من الذي خَوَّلَكُم؟! ومن الذي أعطاكم ذلك؟! ولو كان الأمر سائبًا كما تفعلون لكان المسلمون في فوضى واضطراب لا يخرجون منها.
فالحذرَ الحذرَ من هذه الأفكار؛ فإنها لا يُرَادُ بها سوى هَدْمِ الدِّين؛ ولهذا قال العلماء: إن الله عَزَّ وَجَلَّ في سنته الكونية لا يجعل لهؤلاء الخوارج دولة. لِماذا؟ لأن الأمور لا تستقيم بهم ولا بأفكارهم؛ فهم يُكَفِّرُون المجتمعاتِ عمومًا، وهم اليوم يُقَتِّلُون مَن ترون؛ ليتذرعوا إلى قلوب الشباب المغرر بهم؛ حتى يفسدوا أكبر قَدْرٍ مُمْكِنٍ مِنَ الشَّباب، ثم سيعودون إلى أهل الإسلام يُقَتِّلُونَهُم.
نسأل الله عَزَّ وَجَلَّ أن لا يُرِيَنا هذا اليوم، وأن يدفعَ شَرَّهم.
الخطبة الثانية
أيها المسلمون، نحن في هذا المجتمع في سفينة واحدة، إن غَرِقَتْ هذه السفينة هَلَك الجميع، وإن نَجَتْ هذه السفينة نجا الجميع، والسفينةُ التي نعيش فيها لا نقول: إنها كاملة، وإنها تامة؛ بل النقص موجود، ولكنْ حَسْبُها أنها تسير، وأنها تستمر في العطاء؛ فإصلاحها والقيام على تقويمها هو شرع الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لا تدميرها وإغراقها حتى يغرقَ الناس جميعًا.
فاتَّقوا الله عَزَّ وَجَلَّ في هذا الخير الذي أجراه الله عَزَّ وَجَلَّ على أيديكم، احفظوه يحفظكم الله عَزَّ وَجَلَّ، ولا تكونوا كالذين كفروا نعمة الله عَزَّ وَجَلَّ، وأرادوا أن يبدلهم الله عَزَّ وَجَلَّ بالأمن خوفًا وبالنعمة كفرانًا والعياذ بالله؛ فتضلوا في الدنيا وتشقوا في الآخرة.
اتقوا الله عَزَّ وَجَلَّ -أيها المدرسون، أيها الآباء، أيها الوعاظ والمذكرون- في أنفسكم بتبليغ الناسِ دينَ الله عَزَّ وَجَلَّ الصحيح، اتقوا الله عَزَّ وَجَلَّ في أمم وراءَكُم تُرِيدُ أن تتعرفَ على هذا الدِّين؛ فعليكم أن لا تتعرف هذه الأممُ على دينِكُم إلا عن طريقكم أيها الأُمَناءُ الذين تنقلونه بصورة صحيحة.
دعوا عنكم مَن يكون غاضبًا لأجل نقصان في جهد مياه، دعوا عنكم من يكون الحقدُ قد ملأ قلبه لأن فلانًا تَصَدَّر المسؤولية وهو لم يَتَصَدَّرْها؛ فهؤلاء حَظُّهُم الدنيا فقط، أما أهل الآخرة فلا يأبهون بهذه الدنيا، ولا يلتفتون إليها؛ ولِهذا هم يَتَّبِعُون النبي عندما يستأثر مَن يستأثر بالمال: أن لا ينظروا إلى هذا الاستئثار، وأن لا ينتقموا لأنفسهم؛ وإنما يكون هَمُّهم أن ينشروا دين الله عَزَّ وَجَلَّ، وأن يُقِيموا الحجة على عباده أجمعين.
| |
|