molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: مكانة لا إله إلا الله- عبد الرحيم الراوي الأحد 4 ديسمبر - 3:46:13 | |
|
مكانة لا إله إلا الله
عبد الرحيم الراوي
الخطبة الأولى
أما بعد: يقول الله سبحانه وتعالى أمرًا عباده بإفراده بالعبادة والتوحيد وإفراد رسوله بالاتباع، وذلك يتجلى في تحقيق مدلول لا إله إلا الله: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21]، وقال : ((خير الدعاء دعاء عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)) رواه الترمذي، وعن عبادة بن الصامت الأنصاري الخزرجي أحد الفقهاء بدريّ مشهور قال: قال رسول الله : ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)) أخرجاه.
أيها الناس، إن "لا إله إلا الله" كلمة يعلنها المسلمون في أذانهم وإقامتهم وفي خطبهم ومحادثاتهم، وهي كلمة قامت بها الأرض والسماوات، وخلقت لأجلها المخلوقات، وبها أرسل الله رسله وأنزل كتبة وشرع شرائعه، وبها انقسمت الخليقة إلى مؤمنين وكفار. فهي منشأ الخلق والثواب والعقاب، وهي الحق الذي خلقت له الخليقة، وعنها وعن حقوقها السؤال والحساب، وعليها يقع الثواب والعقاب، وعليها نصبت القبلة، وعليها أسست الملة، ولأجلها جردت سيوف الجهاد، وهي حق الله على جميع العباد. فهي كلمة الإسلام ومفتاح دار السلام، وعنها يسأل الأولون والآخرون.
يا أمة الرسول العظيم، فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ جواب الأول يكون بتحقيق لا إله إلا الله معرفةً وإقرارا وعملا، وجواب الثانية يكون بتحقيق أن محمدا رسول الله معرفة وانقيادا وطاعة.
يا أمة الإسلام، هذه الكلمة العظيمة هي الفارق بين الكفر والإسلام، وهي كلمة التقوى والعروة الوثقى، وهي التي جعلها إبراهيم عليه السلام كلمة باقية في عقبة لعلهم يرجعون، وهي التي شهد الله بها على نفسه وشهد له بها ملائكة وأولو العلم من خلقه، فقال سبحانه: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:18، 19]. وهي كلمة الإخلاص وشهادة الحق ودعوة الحق وبراءة من الشرك، ولأجلها خلق الله الخلق فقال سبحانه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، ولأجلها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب فقال سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25]، وقال ابن عيينة رحمه الله: "ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أعظم من أن عرّفه لا إله إلا الله".
وإن "لا إله إلا الله" لأهل الجنة كالماء البارد لأهل الدنيا، فمن قالها عصم ماله ودمه، ومن أباها فماله ودمه هدر. ففي الصحيحين عن النبي قال: ((من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله)) رواه مسلم في الإيمان. وهي أول ما يطلب من الكفار عندما يدعون إلى الإسلام، فإن النبيّ لما بعث معاذا إلى اليمن قال له: ((إنك تأتي قوما أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله)) أخرجاه في الصحيحين.
الخطبة الثانية
يا أمة الإسلام، "لا إله إلا الله" لها فضائل عظيمة، ولها من الله مكانة جليلة، من قالها صادقا أدخله الله الجنة، ومن قالها كاذبا حقنت دمه وماله وأحرزت ماله في الدنيا وحسابه على الله عز وجل، وهي كلمة خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان. روى ابن حبان والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله قال: ((قال موسى: يا رب، علمني شيئا أذكرك وأدعوك به، قال: يا موسى، قل: لا إله إلا الله، قال: كل عبادك يقولون هذا، قال: يا موسى، لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهن لا إله إلا الله)). فالحديث يدل على أن "لا إله إلا الله" أفضل الذكر، ولكن قد شرط أهل العلم شروطا سبعة، وقبل بيان الشروط أبين لكم ركني لا إله إلا الله، الركن الأول: النفي، والركن الثاني: الإثبات. والمراد بالنفي نفي الإلهية عما سوى الله تعالى من سائر المخلوقات، والمراد بالإثبات إثبات الإلهية لله سبحانه، فهو الإله الحق، وما سواه من الآلهة التي اتخذها المشركون باطلة، قال سبحانه وتعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج:62].
معشر المسلمين، "لا إله إلا الله" لا تنفع قائلها إلاّ بتحقيق سبعة شروط:
الشرط الأولى: العلم بمعناها نفيا وإثباتا، فمن تلفظ بها وهو لا يعرف معناها ومقتضاها فإنها لا تنفعه؛ لأنه لم يعتقد ما تدل عليه، كالذي يتكلّم بلغة لا يفهمها.
الشرط الثاني: اليقين، وهو كمال العلم بها النافي للشك والريب
الشرط الثالث: الإخلاص المنافي للشرك، وهو ما تدلّ عليه لا إله إلا الله.
الشرط الرابع: الصدق المانع من النفاق، فإنهم يقولون بألسنتهم غير معتقدين لمدلولها.
الشرط الخامس: المحبة لهذه الكلمة ولما دلت عليه، والسرور بذلك، بخلاف ما عليه المنافقون.
الشرط السادس: الانقياد بأداء حقوقها، وهي الأعمال الواجبة إخلاصا لله وطلبا لمرضاته، وهذا هو مقتضاها.
الشرط السابع: القبول المنافي للردّ، وذلك بالانقياد لأوامر الله وترك ما نهى عنه.
ملاحظة: الشروط قد استنبطها العلماء من نصوص الكتاب والسنة التي جاءت بخصوص هذه الكلمة العظيمة وبيان حقوقها وقيودها، وأنها ليست مجرد لفظ يقال باللسان.
| |
|