molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: توجيهات نبوية - عبد الرحمن بن علي العسكر السبت 3 ديسمبر - 5:02:24 | |
|
توجيهات نبوية
عبد الرحمن بن علي العسكر
الخطبة الأولى
أمَّا بعدُ: فإنَّ تَقوَى الله شِعَارٌ للفائِزينَ في الدُّنْيا والآخِرَة، فاتَّقوا الله أيُّها النَّاسُ؛ يُيَسِّرُ لكُمْ أُمورَكُمْ، ويَزِدْكمْ رِزقًا في دُنياكُمْ، وتَفَوزُوا في الآخرَةِ بكُلِّ خَيرٍ وسَعَادةٍ.
أيُّهَا النَّاسُ، آيةُ رجحانِ العقلِ ودَليلُ استِنَارةِ الرَّأي العملُ بنُصحِ النَّاصحينَ والسيرُ عَلَى نَهْجِ المرشِدينَ الذين لا يُتَّهَمونَ في نُصْحِهم، ولا يسألونَ النَّاسَ أمرًا على إرشَادِهِمْ وهِدَايتهمْ، النَّصيحَة التي جَعلَها الله سبحَانَهُ شِعارَ هَذَا الدِّين، فهيَ وسيلةُ تعبيرِ المرْءِ عن رَأيهِ، وهيَ طَريقُ إصْلاح المجْتَمع، ليسَ للنَّصيحةِ حَواجِزُ مُعينة ضِدَّ شخصٍ مَا، بَلْ هِيَ واجِبَةٌ عَلَى المسْلِم لكُلِّ شَخْصٍ يَعيشُ مَعَهُ مَهمَا عَلَتْ منزِلتُهُ أو دَنَتْ, لكنْ مَا دَامتْ النصِيحَةُ صَادِرَةً ممن لا تُهمةَ في نصِيحتهِ ولا يُعلمْ منهُ رَغبةٌ في وُصولٍ أو نُزُولٍ فإنَّ القُلوبَ تنفَتِحُ لَهَا، كَيْفَ إذَا كَانت النَّصيحَةُ صَادِرَةً مِنْ خَيرِ النَّاصحينَ وَسيِّد الهُدَاةِ المرشِدِينَ؟! كَيفَ إذَا كَانَتْ صَادِرَة مِنْ مُحمدٍ بنِ عبد الله الذِي وَصَفهُ الله بقَولِهِ في مُحكَمِ كِتَابه: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة: 128]؟!
ولقَدْ كانَ كثيرَ النُّصحِ لأمَّتِهِ، دائم البَذْلِ لهمْ، حتَّى حَفِظَ عنه صَحَابَتُه عِدَّةَ نَصائحَ جَامِعَةٍ، حَوتْ خيرًا كَثيرًا بِعِبَاراتٍ مُوجَزةٍ، ويَكفي المرءَ أنْ يَعيدَ النَّظَرَ فيهنَّ كَي يَصلَ إلى خَيرٍ في أمورٍ كَثيرَةٍ، دُونَ عَناءٍ وطولِ مُكَابَدةٍ. ولَقَدْ كانَ مما نَصَحَ بهِ أمتَه خَمْسُ وَصَايا كَريمَة، في الأخذِ بَهَا صَلاحُ أمرِ الدِّينِ والدُّنْيَا والفَلاحُ في الآخِرَةِ والأولَى.
رَوى التِّرمذيُّ والإمَامُ أحَمدُ والخَرَائطيُّ في مَكَارِمِ الأخْلاقِ والطَّبَرانيُّ في الأوسَطِ والبَيْهَقيُّ في الشُّعَب عَن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ الله عنهُ قَالَ: قالَ رسُولُ الله : ((مَنْ يأخُذْ عَنِّي هَؤلاءِ الكَلِماتِ فَيعملُ بِهنَّ أو يُعَلِّمْ مَن يَعمَل بهِنَّ؟)) فقَال أبُو هُريرَةَ: فقلتُ: أنَا يا رَسُولَ الله، فأخَذَ بيدِي فَعَدَّ خَمسًا وقَالَ: ((اتَّقِ المحارِمَ تَكنْ أعبدَ النَّاسِ، وارضَ بِمَا قَسَمَ الله لَكَ تَكُنْ أغْنَى النَّاسِ، وأحسِنْ إلى جَارِكَ تَكُنْ مُؤمنًا، وأحبَّ للنَّاسِ ما تُحِبُّ لنَفْسِكَ تَكُنْ مُسلِمًا، ولا تُكْثِر الضَّحِكَ فإنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُميتُ القَلْبَ)).
عباد الله، جَمَعَ النبيُّ في هَذَا الحديث بَيْنَ عِدَّة أمُورٍ ممَّا يحفِزُ المتعلِّم عَلى التعلُّم، فأثار عَزيمةَ مَنْ أمامهُ حِينَ طَلبَ شخصًا يَقْوَى علَى تحمُّلِ هذهِ الكَلِماتِ؛ ليكُونَ ذلِكَ حَافِزًا لذَوي الهِمَم العَاليةِ في استقَاءِ هذِه النَّصائحِ، فإنْ كَانَ المرءُ عَاجزًا عَنْ ذلكَ فلا أقلَّ مِنْ أنْ يأخُذَهُنَّ فيوصِلهنَّ إلى مَن يَعملُ بهنَّ، فربَّ حامِلِ فقهٍ لا فِقهَ مَعهُ، ورُبَّ حامِلِ فقهٍ إلى مَنْ هُوَ أفْقَهُ منهُ. ثمَ لمَّا أرادَ تعليمَ أبي هُريرةَ بهذهِ الكَلِماتِ أخذَ بيدِهِ وعَدَّها في يَدِه كَي يَكونَ أربَطَ لذهْنِ المتعلِّمِ وأبعدَ عَنْ شُرودِ ذِهنِهِ، وفيه لُطفٌ في التَّعامُلِ بينَ المُعَلِّم وتلميذِهِ.
أمَّا النصيحَةَ الأولى فاتِّقاءُ المحارِم: ((اتقِ المحارِمَ تَكُنْ أعبدَ النَّاس))، المحارِمُ التي أمَرَ رَسُولُ الله باتِّقائِهَا هِيَ حُقُوقُ الله التي يَجِبُ القِيَامُ بِهَا وعَدَمُ التَّفْريطِ فيهَا مِنْ صَلاةٍ وصِيامٍ وزَكَاةٍ وحَجٍّ وأمرٍ بمعروفٍ ونهيٍ عَنْ مُنكرٍ وغير ذَلكَ منَ الواجِبَاتِ، فترْكُهَا حَرامٌ يجب أنْ يُتقى، وكذلكَ كُلّ ما نَهَى الله عنهُ مِنْ كِبارِ الذِّنُوبِ وصِغَارِها الإقدَامُ عَليهِ حَرَامٌ يجبُ أنْ يُتَّقى، يَقولُ المناويُّ رحمهُ الله: "((اتَّقِ المحَارِمَ)) أي: احْذَرْ الوقُوعَ في جميعِ ما حَرَّم الله عَلَيكَ، ((تَكُنْ منْ أعبدِ النَّاس))؛ لأنَّه يَلزَمُ مِنْ تركِ المَحَارِمِ فِعلُ الفرائِضِ، فباتِّقَاءِ المحارِمِ تَبقَى الصَّحيفَةُ نَقيَّةً مِن التَّبِعاتِ، فالقليلُ مِنَ التَّطوعِ مَعَ ذَلِكَ يَنْمُو وتَعْظُمُ بَرَكتهُ، فَيصيرُ ذَلِكَ المتَّقي مِن أكابِرِ العبّادِ" اهـ. وقَالَ ابنُ العَربي: "المحرَمَات عَلى قِسمَينِ: مُحرَّمُ الفِعلِ ومحرَّمُ التَّركِ، فإذَا اتَّقاهما العَبْدُ فَقَامَ بِحَقِّ الأمرِ والنَّهيِ، وهو رأسُ العِبَادَةِ، ووراءَ ذلكَ تَرك المُشتبهِ، وبعدَه تَركُ المباحِ، فمنْ تَرَك المُحرَّم هَانَ عليهِ مَا بَعدهُ" اهـ.
عِبادَ الله، إنَّ انْهِمَاكَ النَّاسِ في المحظُورِ وبُعدهُمْ عَنْ طَاعَةِ الله أذْهَبَ مِن قُلُوبهم مَخافَةَ الله، فأينَ مَنْ حَفِظَ سَمعَه عَنِ الحَرَامِ وبَصَرَهُ عَنِ الحَرامِ ويَدَهُ عَنِ الحَرامِ؟! لما قَلَّ ذلِكَ قَلَّتْ عِبادةُ النَّاسِ.
وتأمَّلُوا كَيفَ كَانَ الصحَابَةُ رضيَ الله عنهم، كَانَ الرَّجُلُ يأتي إلى النبيِّ وَجِلاً خَائِفًا لأنَّه حَانَتْ مِنهُ التفَاتَة إلى امرَأةٍ مُحرَّمةٍ عليهِ، فَجَاءَ إلى رَسُولِ الله مقرًّا بخطأهِ معترفًا بِذنْبهِ، لذلِكَ قَالَ : ((لا تَسُبُّوا أصْحَابي؛ فوَالذي نَفْسي بيَدِه لو أنْفَقَ أحدُكم مِثل أُحدٍ ذَهبًا ما بَلَغَ مُدَّ أحدِهم ولا نَصيفَهُ)). الصحابَةُ بشرٌ مِثلنا، لكنَّهم بَلَغُوا مِنَ الخوفِ من الله منزلةً جَعَلَتْهُم مُتَّقينَ لَهُ، مُبتعدينَ عَنْ محَارِمِهِ؛ ما لمْ يَكُنْ مَوجُودًا عِندَ مَنْ بَعدَهُمْ.
النَّصيحَةُ الثَّانية: الرِّضَا بقسْمَةِ الله، ((وارضَ بما قَسمَ الله لَكَ تَكُنْ أغْنى النَّاسِ))، الرِّضَا بقسْمَةِ الخَالِقِ مَظْهَرٌ مِنْ مَظَاهِرِ التَّسْليمِ بقَدَرِ الله والقَنَاعَة بتَدبيرهِ والاعترَاف بِعَدْلِهِ.
أيُّهَا النَّاسُ، اقْتَضَتْ حِكمةُ الله أنْ يَكونَ في النَّاسِ أغنياءٌ وفُقراءٌ، فَيَجِبُ أنْ يَرضَى الجميعُ بهذِهِ القِسمَةِ العَادِلة التي اقتَضَتها حِكمَةُ العَليمِ الخبير، و((ليسَ الغِنَى بكَثْرَةِ العَرَضِ، وإنَّما الغِنى غِنَى النَّفسِ)) كَمَا جَاءَ في الحديثِ، كما أن القَنَاعَة غِنى وعِزّ بالله، وضدُّها فقرٌ وذُلٌّ للغير، ومَنْ لم يَقْنَعُ لم يشبَعْ أبَدًا، ففي القَنَاعةِ العِزُّ والغَنى والحرِّية، وفي فَقْدِهَا الذُّلُّ والتعبُّد للغيرِ، ((تَعِسَ عَبدُ الدِّينَارِ، تَعِسَ عبدُ الدّرهَمِ، تَعِسَ وانْتَكَس، وإذا شِيكَ فلا انْتَقَشْ)). يقولُ المناويُّ رحمهُ الله: يَتعينُ عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ أن يَعلَمَ أنَّ الرِّزقَ بالقَسمِ لا بالعلمِ والعَقْلِ، ولا فَائدةَ للجدِّ؛ حِكمةً بالغةً دَلَّ الله بها علَى قُدْرتهِ، وأنَّ الأمورَ تجري بمشيئتهِ، قالت الحكَمَاءُ: لو جَرَتِ الأقسامُ عَلَى قَدرِ العُقولِ لم تعِشِ البهائِمُ، ويقولُ أبُو تَمَّام:
ينـالُ الفَتى مِن عَيشـهِ وهوَ جِـاهلٌ ويكدى الفتى في دَهْرِهِ وهوَ عَـالِمُ
ولو كانت الأرزاقُ تَجرِي على الْحِجَا هَلَكنَ إذنْ مِـن جَهلِهنَّ البَهَـائمُ
ومن كلام الأوائِل: كَمْ مَنْ عَرَج إلى المَعالي عَرَجْ.
أما النَّصيحةُ الثالثة التي أوصَاكُم بِهَا رسولُ الله فالإحسانُ إلى الجَار: ((وأحسِن إلى جارِكَ تَكُنْ مؤمِنًا)). الإحسانُ إلى الجارِ في كُلِّ أوجهِ الإحسانِ حَقٌّ مشروعٌ، صَوَّرَهُ رسولُ الهُدَى في أوضَحِ صُورَةٍ حيثُ قالَ: ((مَا زالَ جبريلُ يوصيني بالجارِ حتَّى ظَننتُ أنَّه سيورثُهُ))، وقالَ: ((مَنْ كانَ يؤمنُ بالله واليَومِ الآخِرِ فليُحسنْ إلى جَاره))، وقال أيضًا: ((والله لا يُؤمِنُ))، قيلَ: مَنْ يا رسولَ الله؟ قال: ((مَنْ لا يأمَنُ جَارُهُ بَوائِقَهُ))، يعني غوائِلَهُ وأذاه. أحاديث صحيحَةٌ كُلّها مؤكِدَةٌ عَلى حَقِّ الجارِ والإحْسَانِ إليهِ، فإذَا لم يقدِرِ المرءُ على الإحْسَانِ إلى جَارِهِ فلا أقلَّ مِنْ أنْ يَكُفَّ أذاهُ عنهُ، وإن كان مؤذيًا لَكَ فعَلَيكَ الصَّبر حتَّى يجعلَ الله لَكَ فَرَجًا، فقَدْ قالَ : ((خَيرُ الجِيرانِ عندَ الله خَيرهمْ لِجَارِه))، فإذا أحسنَ المرءُ إلى جارِهِ طَمِعَ بعدَ ذلِكَ أن يكونَ مُؤمِنًا كَمَا وَعدَ بذلِكَ رَسُولُ الله .
أما النَّصيحَةُ الرَّابعةُ فَهِيَ تسويةُ المرءِ غيرَهُ بنفسِهِ: ((وأحِبَّ للنَّاسِ ما تُحبُّ لنفْسِكَ تَكُنْ مُسلِمًا)). العَاطِفَةُ الكَريمةُ والخُلقُ النبيلُ هوَ الذي يحجِزُ النَّفْسَ عَن الأنانيَةِ ويُبَاعِدُهَا عَن الحَسَدِ الذَّميمِ، ليغْدُو المرءُ بِهَا مُسلمًا كَاملَ الإسلامِ، فالمرءُ يُحِبُّ لنفسِهِ السَّلامَةَ مِن أسْبابِ الهَلَكَةِ، فإذا أحبَّها لِغيرهِ دَخَلَ في هَذَا الحديث. قالَ السُّديُّ: "لي ثَلاثونَ سنةً في الاستغفَارِ عن قولي: الحمدُ لله، ذلِكَ أنَّهُ وقعَ ببَغْدادَ حَريقٌ فاسْتقبلني رَجلٌ فقالَ: نَجَا حَانوتُكَ، فقلتُ: الحمدُ لله، فمنذُ قُلتها وأنا نَادِمٌ حَيثُ أردتُ لنفْسي خَيرًا دونَ المسلمينَ". ويَقولُ : ((المسلمُ مَنْ سَلِمَ المسلمونَ مِن لِسَانهِ ويدِهِ))، وكمْ مِنْ مسلِمٍ اليومَ لا يُريدُ النَّاسُ مِنهُ مالاً ولا جَاهًا بقدْرِ ما يُريدُونَ مِنهُ أنْ يَكُفَّ أذَاهُ عَنهم بِقَولٍ أو فِعلٍ.
فاتَّقُوا الله عِبادَ الله، وتَخَلَّقُوا بالأخلاقِ الفَاضِلةِ، واسْتَمْسِكُوا بالهَدْي الرَّشيدِ؛ لتحظَوا بالمَقَامِ السَّعيدِ.
أقولُ مَا قدْ سَمعتُمْ، وأستغفرُ الله لي ولَكُمْ فاسْتَغفروه.
الخطبة الثانية
الحمدُ للهِ يَهدِي مَنْ يَشَاءُ إلى صِرَاطِهِ المستقيمِ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمدًا عَبدُه ورَسُولُهُ، ذُو الخُلِق الكَريمِ والنَّهجِ القَويمِ، صَلَّى الله عَليهِ وعَلى آلِهِ وأصْحَابِهِ إلى يَومِ الدِّينِ.
أمَّا بعدُ: فاتَّقُوا الله عِبادَ الله، واعْلَموا أنَّ المؤمنَ الحقَّ هو الذِي يَكونُ فَرَحُهُ إذَا تأتَّى للمسلمينَ مَا يأمَلُونَ مِنْ نَصرٍ وتأييدٍ وعِزّ وتَمكينٍ، لذلِكَ كَانَ مِنْ مَوتِ القَلْبِ وفَرَاغِهِ عن الاشتغَالِ بمَا يَنفعُ صاحِبهُ في دُنياهُ وأخرَاهُ أنْ تَرَاهُ كثيرَ الضَّحِكِ وهيَ الوصيَّةُ الخامِسَةُ التي أوصَى بها محمدٌ : ((ولا تُكثرِ الضَّحِكَ فإنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُميتُ القَلْبَ)).
القلوب الفَارِغَةُ مِنَ المسؤوليَةِ أيًّا كانَتْ دُنيويَّةً أو دينيَّةً يَشْتغِلُ أصحَابُهَا بالهَزَلِ، ويبحثونَ عَنِ المضْحِكَاتِ على اختلافِ ألوَانَها، رَغبةً في الإغْرَاقِ في الضَّحِكِ وإسْرافًا فيهِ، وفي ذَلِكَ كُلِّه إماتَةٌ للقلبِ وإعراضٌ لَهُ عَن التَّذكِرَةِ، وحسبُ المسلمِ مِنْ ذَلِكَ زَاجِرًا قولُ الرسول الكريمِ : ((لَو تَعَلْمُونَ مَا أعلَمُ لضَحِكْتُمْ قَليلاً ولَبَكيْتُم كَثيرًا)). الإكثارُ مِنَ الضَّحِكِ مُضِرٌّ بالقَلْبِ؛ لأنَّ المرءَ إذَا ضَحِك اغْتَرَّ، فأثَّرَ ذَلكَ في قَلبهِ، فَفَتَر عَن العِبَادَةِ وكَسَلَ عَن الاجتِهَادِ في العَمَلِ لِغَفْلَةِ قَلبهِ، فإذَا أكثرَ مِنْ ذلِكَ ودَامَ عَليهِ مَاتَ قَلْبُهُ بِتَرْكِ أصْلِ العَمَلِ وإعرَاضهِ عَنِ الخَوفِ مَنَ الله.
تِلكُمْ ـ عِبادَ الله ـ هِيَ وَصَايَا خيرِ النَّاصحينَ وسيِّدِ المرسَلينَ، وهُوَ الحريصُ على هدايَةِ الأمةِ والأخذِ بِهَا إلى ما فيهِ صَلاحُهَا واستِقَامَةِ أمرِهَا.
فاتَّقوا اللهَ عبادَ اللهِ، واعْلَمُوا أنَّ السَّعيدَ مَنْ أَخذَ نفسَهُ باتِّباعِ هَدْي مُحمدٍ ، والشَّقيُّ مَنْ خالَفَ أمرهُ.
ثم اعلَمُوا أن الله أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على رسول الهدى...
| |
|