molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: عوائق في طريق الجنة - عبد الرحمن بن عبد الجبار هوساوي الجمعة 2 ديسمبر - 4:40:09 | |
|
عوائق في طريق الجنة
عبد الرحمن بن عبد الجبار هوساوي
أيها الإخوة، أما رحلته الثالثة فوِجهتا النار أجارنا الله منها، وهدفها الاطلاع على ما أعد لأهلها، فماذا رأى؟ رأى النار يركب بعضها بعضًا، كما وصفها ربها: تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ [الملك:8]، أي: تكاد جهنم ينفصل بعضها من بعض من شدة غيظها وحنقها على الكفار والمجرمين، رأى نارًا وقودها الناس والحجارة، رأى عليها ملائكة غلاظا شدادا، لا يعصون الله ما أمرهم، لا يتكلمون، وإن تكلموا فزجرًا وتبكيتًا وتهكمًا وتوبيخًا.
أما شدتها فيكفي أن تعلم أنها اشتكت من نفسها لشدتها، ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((اشتكت النار إلى ربها، فقالت: يا رب، أكل بعضي بعضًا، فجعل لها نفسين: نفسًا في الشتاء ونفسًا في الصيف، فأما نفسها في الشتاء فهو زمهرير، وأما نفسها في الصيف فسموم)). رحماك ربنا، إنّ أجسادنا على النار لا تقوى. وفي الحديث: ((أبردوا بالصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم)). لا إله إلا الله، كلُ هذا فيح فقط، نعم، لماذا تستغرب؟ ألم يقل المعصوم: ((أهونُ أهلِ النار عذابًا يوم القيامة رجل يوضع في أخمصِ قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه)) مسلم.
أما طعام أهلها فالضريع والزقوم، لا يسمن ولا يغني من جوع. وأما شرابهم فالغساق والغسلين والقيح والصديد، أما أثر شرابهم فهو: وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ [محمد:15].
ماذا كان رد فعله عليه السلام تجاه هذا الجحيم؟ أقسم: ((وعزتك، لا يسمع بها أحد فيدخلها))، أي: أحد عاقل، أما غير العاقلين فما زالوا يحجزون فيها الأماكن صباحًا ومساءً.
أما الرحلة الأخيرة فكانت إلى النار بعدما حفت بالشهوات، والمقصود المحرمة حسيّة كانت أو معنوية، كالخمر والزنا واللواط والربا والظلم والرشوة والتبرج والسفور، وكالكذب والخيانة والغيبة والنميمة والمعاصي والدياثة. إن هذه الشهوات محببة إلى النفوس، ولها جاذبية تشدّ إلى نار جهنم شدًا، وإبليس قائم لا يفتر يكثر أعوانه في النار، إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6]. لما رأى ذلك جبريل أقسم: ((وعزتك، لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها)). نسأل الله السلامة منها.
أيها الإخوة، إن الشهوات التي تؤدي النار كثيرة، كما أن المكاره دون الجنة كثيرة، وكلما تخطى واحدة واجهته أخرى، وصاحب الشهوات المحرمة لا يفتر ولا يشبع كذلك، بل كلما ظفر بشهوة رغب في أخرى، فلا الشهوات تنتهي ولا المكاره تتوقف، حتى يحين الأجل وهو قريب، وكل ما هو آت قريب.
لكن العاقل يوازن ويقارن، فيؤثر ما يبقى على ما يفنى، فلذةُ الشهوة المحرمة مؤقتة سرعان ما تنقضي، ويبقى ألمها حسرة وندامة، ومشقةُ الطاعةِ وألمُها مؤقت كذلك، وسرعان ما يزول ويبقى أجرها ذخرًا عند الله. ومن رحمة الله أنه ما من شهوة محرمة إلا وعوضنا الله في الحلال مثلَها، بل خيرا منها، وأين الحرام من الحلال؟! فله الحمد والمنة.
وتذكّر ـ أخيرًا ـ كيف أن غمسة في الجنة أو النار تنسي هذا الشهوات وذاك المكاره كلَّها، ففي مسلم عن أنس قال: قال : ((يؤتى بأنعمَ أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في جهنم صبغةً، ثم يقال له: يا ابن آدم، هل رأيت خيرًا قط؟ هل مر بك نعيمٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب. ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغةً، فيقال له: يا ابن آدم، هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مر بك شدةٌ قط؟ فيقول: لا والله يا رب، ما مر بي بؤسٌ قط، ولا رأيت شدةً قط)).
| |
|