molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الغيرة على المحارم - عبد الرحمن بن صالح الدهش الخميس 1 ديسمبر - 8:40:37 | |
|
الغيرة على المحارم
عبد الرحمن بن صالح الدهش
الخطبة الأولى
أما بعد: فاتقوا ربكم، واعرفوا الأمانة التي حملكم، وغاروا على محارمكم، فالغيرة صفة إلهية تمدَّح الله بها، وكمّل بها نبيه وعباده الأسوياء، فهي فطرة قبل أن تكون شرعة، والتفريط بها عارٌ ومذمة قبل أن يكون معصية، غارت البهائم على إناثها، فكيف لا تغار الرجال على نسائها؟! ففي صحيح البخاري عن عمرو بن ميمون أنَّ قِرْدَة زنت فاجتمع عليها قردةٌ فرجموها، وفي الصحيحين أنَّ سعد بن عبادة رضي الله عنه قال: لو رأيت مع امرأتي رجلاً لضربته بالسيفِ غير مصفح، فبلغ ذلك النبي فقال: ((أتعجبون من غيرة سعدٍ؟ واللهِ، لأنا أغير منه، والله أغير مني)).
فالغَيْرَةُ هي تَغَيُّرُ القَلْبِ وهَيجانُ الغضبِ لانتهاك حرمة من محارم الله، وأشدُّ الغيرة فيما يتعلق بحفظ النساء وصيانتهن. يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَـئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].
أيها الآباء، أيها الأولياء، إنَّ المشاكل النسوية في اجتماعاتهن إنما نشأت لما أضعنا معنى قول النبي : ((كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته)). فلو قام الأولياء بولايتهم، فراقب الأب بناته، والزوج زوجه، والولي من تحت يده، لو قام هؤلاء بحقِّ الرعاية عليهم لاندفع كثيرٌ من الشر، ولأوصدت أبواب الضرر، ولم يجد العابثون إلى بناتنا ونسائنا سبيلاً.
إن بعض الأولياء لا يقرُّ قراره حتى تعيَّن بنته أو تقبَل في كلية ما أو تنقل وظيفتها من مكانٍ إلى مكان يريده، وهو جادٌ في متابعة موضوعها وتحقيقِ رغبتها، فلِمَ لا يصرف هذا الجهد ـ بل بعضه ـ في متابعة ما فيه حفظها وصيانةُ عرضها؟! وشتان بين الغرضين.
إن مما نعانيه ويعانيه كلُّ صاحبِ غيرة أننا نخشى أن يكثر الخبث، فنهلك وفينا الصالحون كما قال ذلك النبي ، فالقضية قضية الجميع، لا يخاطب بها رجال الهيئة ولا الدعاة ولا طلاب العلم فقط، ولكنها قضية السلامة في هذا الدنيا والنجاة يوم القيامة، إنها قضية تساهل بها رجال أفاضل ومن المسابقين في الخيرات وممن هم من أصحابِ الصف الأول في الصلاة، تساهلوا في أمور نسائهم فوكلوا أمرَهن إليهن خروجًا ودخولاً، وربما سفرًا وإقامة.
ويقضى الأمر حين تغيب تيمٌ ولا يُستأمرون وهم شهود
إنَّ من المظاهر المزعجة أن ترى النساء في الأسواق إلى وقتٍ متأخرٍ من الليل، ثم تراهن متجمعاتٍ بعد هذا كله على عتباتِ الأسواق ينتظرن من يوصلهن بيوتهن، والله أعلم أينتظرن محْرمًا أو سائقًا أجنبيًا.
إنَّ مما أستحثُّ به الغيرة وأنادي به الرعاية الواجبة الشرعية، أن أذكر لك بعض أمور تواتر النقلُ فيها وضاقت بها صدور الغيورين فتحدَّثوا عنها، ولا أقول ـ إن شاء الله ـ: إنها أصبحت ظواهر ولكنها بوادر، وبوادر الشر إن لم يتفطن لها الناس ويؤخذ فيها على يد السفيه تصبح أمورًا مألوفة، ولا يزالون كذلك حتى يأتي زمانٌ يُنكر فيه على من يستنكرها، فتنقلب الموازين، ويتجرأ الناس على حرمات الدين، ويُغضبوا رب العالمين.
من ذلك: ذكر من لهن اطلاعٌ على قصور الأفراح وأماكنِ تجمعات النساء في المنتزهات وغيرها أمورًا محزنة في تساهل بعض النساء في لباس الحشمة، فلم تعد المرأة هي المرأة في لباسها الساتر يعلوها الحياء ويبطنها الحشمة. تتابع النساء في ألبسة متبرجة تظهر ما يستحى في الفطرة إبداؤه، فأبدَيْن من أجسامهن ما أوجب الله عليهن ستره، قلدن نساءً رأينها في القنوات الهابطة والدعايات الفاتنة.
ومن شر البلية أن تخرج المرأة من بيتها على مرأى من وليها بلباس، وقد أعدَّت لمكان وجهتها لباسًا آخر، تخادع وليها، فهي عنده الفتاة المحتشمة ذاتُ الألبسة الساترة، وإذا خرجت هتكت ستر الله عليها، وأضاعت وقارها، وقلَّت في تلك الأماكن خشيتها لله وحياؤها من عباد الله، خيانةً من المرأة لوليها من زوجٍ أحسن الظن أو أبٍ ركبته غفلة الصالحين أو أخٍ قلّت حيطته وضعفت سلطته.
أرأيت ـ أيُّها الوَلِيُّ المبارك ـ كيف يتلاعبُ الشيطان بعقولِ بعض السفيهاتِ، وكيف يسعين للفتنة سعيًا؟! فما أعظمها من فتنة، وما أشدَّها على الولي الغافل من مصيبة. والله المستعان.
ومما ينبه عليه في المقام أيضًا ما تساهلت فيه بعض الأمهات على إقرار من الآباء من إلباس بناتهن الألبسة القصيرة أو الضيقة بحجة أنهن صغيرات، فكيف تكون بنت الثامنة والتاسعة بل إلى أكثر من ذلك أحيانًا، كيف تكون صغيرة؟! بأي عُرفٍ أو بأي شرع إلا في عرف من يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا؟! أمَا علم هؤلاء الآباء و هؤلاء الأمهات أيضًا أن البنات إذا نشأن على ذلك اعتدنه وصعب تغيير ما نشأن عليه؟!
ثم إنك ـ أيها الأب ـ إذا نظرت إلى بنتك ذاتِ التسع سنين والعشر ونحوها وقد لبست بنطالاً ضيقًا أو قصيرًا، إذا نظرت إليها وحالها كذلك فأنت تنظر إليها بعين الأبوة البريئة، فاعلم أن غيرك قد ينظر إليها بعين الفتنة المريبة، أعاذنا الله من الفتن، وحفظنا بديننا، وحفظ ديننا لنا.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|