molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: النصر المبين على عدوان المعتدين - عبد الرحمن السديس إمام الحرم الأربعاء 30 نوفمبر - 9:12:00 | |
|
النصر المبين على عدوان المعتدين
عبد الرحمن السديس إمام الحرم
الخطبة الأولى
أمّا بعد: فيا عبادَ الله، اتَّقوا الله تبارك وتعالى، اتَّقوه خضوعًا وامتثالًا، بُكَرًا وآصالا؛ تحقِّقوا عِزًّا وجَلالًا، وسؤددًا وكمالا، وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا [الطلاق: 5].
أيُّها المسلمون، استنباءً لمعاقِدِ الفطرة وسَنِيِّ القيم واستنطاقًا لمشارق العلياء والشَّمَم من معين شريعتنا الغراء وعُبابها ومضامينها الباهرةِ في مقاصدها وآرابها نُدرك جليًّا بأنها باركتِ الفطرَ السليمة والنفوسَ المستقيمة المعتصمَةَ بدينها التواقةَ لديارها النَّزاعةَ لمنازلها وأقطارها؛ لأنَّ المغاني تعبَق برحيق الأمجاد وتؤرِّج الأشواقَ في صميم الفؤاد.
لذلك امتدحَت الشريعة الربانيةُ الذابِّين الأباة، واستنفرت الصادقين الكماة أن يهبُّوا دفاعًا عن أوطانهم الإسلاميّة أن تُنتَهب وأعراضهم الشريفةِ أن تُستَلَب من أيِّ باغٍ معتسف أو طائشِ الحِجا من+ف؛ لأن البغيَ ممقوتٌ في كلّ نفس مستبشعٌ في كلّ عقل، فأولى بشريعة الرحمة والعدلِ والعصمةِ والأمن أن تبُكَّه، ومن شأفته أن تدكَّه، وإِنْ جشَّم ذلك المشاقّ وأبهَر الأعناق في شَمَم وحميّة ومعاطِسَ تَعاف الدنيّة، برهان ذلك ورسمُه قولُه جلّ اسمه: وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ [الشورى: 39].
والأوطانُ -يا عبادَ الله- أسمى من أن تُفسَّر بالترابِ والطين، بل هي حِمى العقيدة والدين والجوهَرُ الثمين من المحارِم والمكارم التي جمَعها الدين القويم. فلله، ما أبهى المكان وأروع المكين! ولله حقُّ الدين وما أعظمه! وحقُّ الذِّمار وما ألزمه!
أيّها المؤمنون، وفي هذا الأوان الذي ذوَت فيه جذوةُ الإيمان لدَى فِئةٍ باغِية كبَّلها المكرُ والبُهتان، بل انمحَقت منهم خِلال النبلِ والأصالة والعِرفان، ولم يبالوا بحُسن الجوار وإن ماد، أو تنتهَك حدود آمنة كِئاد، بمكرٍ باغٍ وعاد ممن حاولوا -وبئسَ الصنيع الشنيع- التسلّلَ لهذا الغيل، فارتَ+وا في مستنقع الغَدرِ وهانوا، وعلى حقوق الجار تمرَّدوا ومانُوا، وذلكم هو الجرمُ المبير والإفك والتَّتبير.
فأينَ حِجا المعتدِي ورشـادُه؟! وأين منـه عقلُـه وسَدادُه؟!
لوْ كانَ ذَا رأْي لقــــدَّر أمـــــــرَهُ ولَعَـــــــــادَ عنْ إرهـــــــــابِـهِ وتَــأثّـمَــــــــا
أوْ كَان ذَا عقْلٍ لَصَانَ لجـارِهِ حقًّــــا وبــــــادَلَه الْوَفــــــــاءَ وعظَّـمَــــا
أَتراهُ يجْهَلُ قدْرَ مهبِطَ وحْيـنَا سبْحَان مَنْ منحَ العُقُولَ وقسَّمَا
إخوةَ العقيدة، ومما تأكَّد بجلاءٍ لدى النَّصَفَة بلا مراءٍ أنّ الواهمين بالتسلُّل عبرَ حدودنا الشمَّاء قد توطَّنهم البغيُ وقطن، وما أظهروا من حِقد وغدرٍ أقلُّ مما بطَن، وكلا أن يطمَحوا لسلامٍ في وطَن، أو يتعشَّقوا هناءً في زمَن، أو استدرارًا لآلاءٍ ومنن، كيف وقد سعَوا في أرضهم بالفساد وانثنَوا في مجتمَعهم بالعناد؛ متقصِّدين بُؤَرَ الخَتل والزيف ونافوقاءِ القنصِ والدسّ والحيف، يريدون لترابُط الأشقّاء أن يتنافر، ولعِقد تآخيهم أن يتناثر، ولكن هيهات هيهات.
ومُخَاتِلٍ يُبْدِي انفعــــــــالَ مخَاتِـــــــلٍ متبسِّـمًــــــــا وضمِيــــــرُه مُتجـهِّـــــمُ
وتُرِيدُ صِدْقًا مِنْ سَجِيَّةِ جَائِـرٍ؟! وَمَتَى أَفَادَ الشَّهْدَ يَومًا عَلْقمُ؟!
ولوْ أنهُم عمَّرُوا في دُوْرِهم مَا مِنْهَا دمَّرُوا ورصفُوا ما منها نَسفُوا وسَعَوا في بِناءِ عقولِهِم وأرواحِهم لكَانَ لهم أنفعَ ولمجتمعِهم أوْلى وأرْفَع.
معاشرَ الأحبّة، ويتملَّك الغيورَ الدهشُ والعجَب أن يناوشَ وُضعَاء الخلالِ قمَمَ الجبال والأبطال، فبقاعٌ شريفةٌ فيحَاء قضَى لها البارِي سبحانه بعزِّ الإسلام وتحكيمها شرعَ الملكِ العلام أن لا تبأَسَ ولا تضِلّ، ولا تهن ولا تذلّ، أليست هي متنزَّل القرآنِ ومَوئِل الأمن ومأرِز الإيمان ومهدَ البطولات والفتوحات ومبعَثَ المكرمات والغيوثات؟!
هي درَّةُ الأوطَانِ بالدِّيـنِ الَّذي أهْدَى لهــــــا عـزَّ المقــــــــــامِ وأكْـرمَــــــا
هي قرَّةُ البُلدانِ خارِطَةُ المـدَى تغذُو القلُوبَ هدًى وتُسْقي زَمْزمَا
تلتاع الدنيا بأمصارِها وأقطارها فلا تجِد الركنَ الشديدَ والرأيَ الحصيف السديدَ والعملَ الصالحَ الرشيدَ إلا في رياضِها الفيحاءِ المنوَّرة، دامَت عن كيدِ الأعداء محفوظةً مسوَّرة.
بل كيف يفكِّر هؤلاء الأفدامُ ولهذه الديارِ في قلبِ كلِّ مسلِم حبٌّ في السوَيداء مسطور، وفي كل جيلٍ تأريخٌ منشور، وكلِّ هيجاء لواءٌ مَنصور، وفي كل ظَفرٍ فَنَنٌ منضور ومجدٌ أخَّاذٌ منظور.
هنا العقيدةُ والتوحيدُ رائدُها آيُ الهدَى وإليهَا تنظُرُ المُقَلُ
هنا الإخاءُ تراءَى في أصَالتِه هُنا الوفاءُ هنَا الإيمانُ والمُثلُ
أيها الإخوة الأماجد، وليس ذلك انتشاءً وإدلالا، بل إبراهًا لمن تناساه من الكاشحين، فهذا الكيانُ النَّظيم بحمد الله لا يضمِر لأحد حِقدًا ولا ينقض عهدًا، بل يقارِض من سالمه بِرًا وودًّا، لكنّه صارمٌ بتّار لمن رام منه خدشًا أو إدًّا.
لا نبْتغِي الظُّلمَ أوْ نسْعَى لمطلبِه فحدُّ جيرانِنَا مَا مُسَّ بِالضَّررِ
وإن أتَــــــى ظالمٌ يبغِـــــــي مرابِعَنــــــا فحتْفُهُ عنْدَنا نُصْلِيه في سَقَـر
أمّةَ الإسلام، وبعد أن كتَب الله النصرَ المبين والظفَر والتمكين واجتُثَّت من المتسلِّلين أصولهم وفُلَّت نصولُهم وارتدُّوا إلى جحورِهم والهزيمةُ تستعِر في نحورهم وانقلَبوا بخناجِرهم في حناجِرهم نَلهج بالشكرِ والثناءِ للباري جلّ وعلا. كما نرفع تحيةً شذيّة مكبَّرة زكيَّةً مكرَّرةً معَطَّرة، تحيّةَ إجلالٍ واعتزاز وثناءٍ وفَخر بامتياز إلى جنودِنا الأشاوسِ ورِجال أمنِنا كُماة المتارِس من أ+ى المغارِس المرابطين على ثغورِنا الأبيَّة؛ من فِتيةٍ طاف الجلالُ بمجدهم عشقوا العُلا ورحابةَ الميدان، لكم السلام مطيبًا وتحيّةٌ مِن هائم بمناعة الأوطانِ.
فيا حماة العَرين وأباةَ العِرنِين، طِبتم وطاب جهادُكم ودِفاعكم، وهنيئًا لكم قول المصطفى : ((مَنْ قَاتلَ في سبِيلِ اللهِ فُواقَ ناقةٍ وجبتْ لهُ الجنَّة)) أخرجه أبو داود والترمذيّ من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
تِلكَ الجزِيرةُ أرضُها وسمَاؤُهـــــا حرَمٌ علـــــــى مَنْ رَامَ أنْ يَتصَيَّدَا
في القَاذِفَاتِ النَّافِثَاتِ بَوَاشِقٌ فَوقَ الحُدُودِ لمَنْ تسلَّلَ أوْ عدَا
كتائبَ البطولةِ وحواريَّ الرجولة، بوركتم ووُفِّقتم وأُجِرتم إذ سَهرتم فنِمنَا وذُدتم فأمنّا، في استبسالٍ لا يعرُو منّا، خُضتُم المكارهَ والمعامِع فوجَب علينا لكم الدعاءُ بفيضِ المدامع، كيف وما مِنكم إلا وذائدٌ عن الحِمَى وحاميه ومشتريه بمهجتِه وفاديه؛ رُقِيًّا في معارج العظَمة والمجد أو وُلوجًا بإذنِ الله في جنانِ الخلد. فطوبى لكم قولُ المصطفى الحبيبِ عليه الصلاة والسلام: ((عيْنانِ لا تمسُّهُمَا النَّار: عينٌ بكَتْ مِنْ خشيةِ الله، وعينٌ باتَتْ تحْرُسُ في سبيلِ الله)) أخرجه الترمذي وصححه.
واحْتَمَلْتمْ ما تبُثُّ الأفَاعِي مِنْ سمُومٍ حوْلنَا قدْ تخِيـلُ
غيْرَ أنَّ الله أمْضَى قضَـاه أنَّ كيْـدَ الماكِرينَ فلِيـــــــلُ
فلتَهنِكُم المرابطةُ في سبيل المولى الجليل، ولتنعَموا دومًا بالفضل الجزيل والثوابِ الكميل. أخرج البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله قال: ((رِبَاطُ يومٍ في سبِيلِ اللهِ خَيرٌ مِنْ الدُّنيا ومَا علَيهَا)).
للهِ دُرُّ مُرَابِطِيــــــنَ بِذِكْرِهِــــم قَدْ أنجدَ الخبَرُ الصَّحِيحُ وأتهمَا
هُمْ جُندُنا لم يجبُنُوا لما رأَوْا وجْهَ البُغَاةِ على الحدُودِ تَجَهَّمَا
وحسبكم -أيها الأفذاذُ المرابطون- شرَفًا وفخرًا الاستشهادُ في ساحاتِ النزالِ والجهادِ، وأنَّ الدماءَ ال+يّة التي عطَّرتمم بها ميادينَ العزّ والبسالة أوسمةٌ على صَدر هذا الكيان وغُرةٌ فى جبين الزمان، وستُدوَّن في طروسِ التأريخ بمدادِ النور والغِبطة والابتهاج والحبور، وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ [آل عمران: 169، 170].
ولله درُّكُم مِن كتائبَ نجائِد عُدَّتكم وسلاحُكم إيمانُكم وصَلاحُكم، ونَبْلُكُم نُبلُكُم، وكنانتُكم أمانتُكم، مُبتغاكم السامِي الفريد مرضاةُ ربكم، مرضاة مولاكم ربِّ العبيد، وطاعُة وليِّ أمركم العَتيد، وتطهيرُ حدودنا من كلّ مستأذِب رعديد. فعلى قلاع جبال الجود نقَشتم أروعَ كفاحاتِ المجدِ والصّمود، وتلكم هي جواهرُ العقيدة التي حقَّقتموها فَهمًا شاملًا وشعورًا وهَّاجًا عاملًا في أحلَى ولاءٍ وأوفاه وأشرقِ وفاءٍ وأحفاه. فيا بُشراكم، ويا بشرى البلاد والعباد بكم.
أبطالُنَا وهُمُ أحادِيـثُ النــــــــدَى ليسُوا علَى أوطانهم بشِحَاحِ
صبَرُوا علَى مُـرِّ القِتالِ فأَدْرَكُوا حُلْوَ المنَى مَعْسُولــــةَ الأقْدَاحِ
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت: 69]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران: 200].
بارك الله لي ولكم في الكتاب المبين، وفي سُنَّة سيِّد المرسلين، وحمَى ديارَنا من كيدِ الكائدين وحِقدِ الحاسِدين وبَغي المعتدين، ووفَّق رجالَ أمنِنا أجمعين، وكتبَ شُهداءَنا في أعلى علِّيين، إنه نعم المولى ونعمَ النصير والمعين.
أقول قولي هذا، وأستغفِر الله العظيم الجليلَ لي ولكم ولكافّة المسلمين من كلّ خطيئةٍ وإثم، فاستغفروه إنه كان غفّارًا، وتوبوا إليه إنّه كان توّابًا.
الخطبة الثانية
الحمد لله وليِّ المتّقين، أحمده تعالى وأشكره حمدًا لا يتناهى ولا يَبين، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له كتَب النصرَ لعباده المؤمنين، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبد الله ورسوله ال+يّ الأمين، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آلِ بيتِه الأطهار الميامِين، وصحبِه البالغين بالقُطُب ذُرا التمكين، والتّابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أمّا بعد: فاتّقوا الله عبادَ الله، واستدركوا سوابقَ الحوباتِ بلواحقِ التَّوبات؛ يكنِ العزُّ رديفَكم والتمكينُ والنصرُ حليفَكم.
إخوةَ الإيمان، وجديرٌ بنا ونحن نرشفُ بحمد الله من النّصر أعذبَ الأفاويق ونعُبُّ من الظَّفَر أهنأ رِحيق أن لا تزيدَنا تلك الزوبعةُ الرّعناء إلا صمودًا في الحقِّ ونُصرةً لقضايا مجتمَعِنا وأمَّتنا وسَدادًا في الأمور وسِدادًا للثغور وثقةً في وعد الله بالنصر لدينِه وأوليائه: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج: 40]، وأن لا يطوِّحَ بنا نكرانُ الإحسان والتربُّص دون توانٍ في شَعفات اليَأس والإحباط؛ فديننا دينُ الأمل والقوّة التي تستوجب الهيبة والاحترامَ، لا الإرهابَ والإرعاب والإجرام، وأن ترسَّخ العقيدةُ الإيمانيّة لدى النشءِ والأجيال في تمازُجٍ مع الحمية الدينيّة والنخوَة الوطنيّة وفقَ الضوابط الشرعية المقاصِدية في توسُّطٍ واعتدال التي يعانِق فيها الوطنُ الإسلام تعانُقَ الألف واللام، في ارتكازٍ على العِلم المتين والفِكر المتأصِّل المكين والأخلاقِ المؤتَنقة والفضيلة المؤتَلِقة.
ألا فلتسلَمي ديارَ التوحيد شامخةً في قوّة وأيد، سالمةً من كلّ مكرٍ وكَيد، حائزةً لكل برٍّ وخير، منيعةً عن كلّ سوء وضير، تغادِيكِ المنَن الباطنة والظاهرة والأمجادُ والانتصارات الباهرة، ولا زلتِ للأمّة الإسلامية العينَ الحانية الباصِرة واليدَ الطولى الناصرة والركنَ الوثيق والشقيقَ الشّفيق. فهل يعي بعدَ ذلك الدروسَ والعِبر أهلُ البغي والمكر الغُدَر ويروموا حينئذ الفوزَ والظفر؟!
مــاذَا يظنُّ المعْتدِي؟! أَيظُنُّهـــــــا ستمــــــــدُ كفًّـــــــــا بالزُّهــــــورِ إذَا رَمَـــــى؟!
مَنْ أضْرَمَ الفِتنَ العِظَامَ مُكَابِرًا فَلَسوْفَ يلْقَى الموْتَ فِيمَا أضْرمَا
فللَّه الحمد والشكر على النصرِ المؤزَّر الأثير وسلامةِ الثغور والتطهير.
أحبَّتنا الأكارم، بيدَ أنَّ استبشارَنا بنهايةِ هذه الأحداثِ وما منّ الله به علينا من تطهيرٍ للإحداث لا ينبغِي أن ينسيَنا قضايا أمّتنا، لا سيما قضيتنا الكبرى قضية فلسطين والأقصى وما يلفُّها في هذه الآونة بالذاتِ من مآسٍ واعتقالاتٍ وتعدِّيات واستطالة سافرةٍ في الهدم والحصار والاعتداءاتِ واستمرارٍ للضربات والغارات؛ مما أوصَل الأسى مداه وبلَغ من السيلِ زُباه.
لذا، وبراءةً للذمّة وإعذارًا للأمّة وقبل أن تستيقظَ الأمّة على سلبِ مقدَّساتها ونهبِ مقدَّراتها نناشد قادةَ المسلمين وأصحابَ القرار في العالم من منبرِ المسجد الحرام مِن جوار الكعبة وزمزم والمقام التصدّي بكلّ قوةٍ وحزم لوقفِ التهديدات الصهيونيّة والتنكيلاتِ اليهوديّة اللاإنسانية ضدَّ إخواننا في فلسطين وقدسِنا السّليب، ورفع الظلمِ عنهم والحصار والتصدّي لما يلقَونه من يهود من مكرٍ كُبّار؛ متفائلين مع كلِّ ذلك بإذن الله بالنصرِ المؤزَّر القريب، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 45، 46].
هذا، وصلُّوا وسلِّموا -رحمكم الله- على نبيّ المرحمة وقائدِ الملحَمة سيِّد ولدِ آدم غيرَ مُدافَع وخيرِ من ذبَّ عن الدين ودَافع، كمَا أمركم المولى العزيز الحميدُ في القرآن المجيد، فقال تعالى قولًا كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
صلَّــــــــى عليْـــــــه وسلَّـــــــمَ الله الــــــذي أعْلاهُ مـــــا لبَّى الجمِيــــــعُ وأحْـرَمــوا
وعلَــــــــى قَرَابتِـــــــــهِ المقَـرَّرِ فضْلُهُــــــــــم وعلَى صحَابَتِهِ الَّذيــــنَ هُـــــمُ هُـــمُ
جَادُوا عَلَوا ضاؤوا حمَوا زَانُوا هَدَوا فَهُم علَى السِّتِّ الجهاتِ الأنجُمُ
قُــــــــلْ لِلْمُعَــــــــــاتِبِ إذْ تَعجَّـــــــــلَ: إنـَّهُ ما شــكَّ في قَدْرِ الصَّحـــــابةِ تيِّـــمُ
اللّهمّ أعزَّ الإسلام والمسلمين...
| |
|