molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: ميرة رمضان - عبد الرحمن السديس إمام الحرم الأربعاء 30 نوفمبر - 9:05:38 | |
|
ميرة رمضان
عبد الرحمن السديس إمام الحرم
لخطبة الأولى
أما بعد: فاتَّقوا الله ـ عبادَ الله ـ على الدوامِ، اتقوه تقوَى من خاف ربَّه فاستَقَام، وصِلوا بالثباتِ على الطاعاتِ شهرَ الصيامِ والقيام؛ تظفَروا بخيرِ المرام مرضاةِ الملك العلاّم، وتحوزُوا الهدى والإنعامَ، وتزدلِفوا إلى الجنّة دارِ السلام.
إخوةَ الإيمان، ليس أحفلَ في مجَالِ العِبرة والادِّكار من التَّبصُّر في وشكِ انقضاءِ الشهور والأعمار، سيما إذا كانَت ميدانًا للتنافُس في الطاعات والإحسان وكانَت مِضمارًا للفوزِ أو الخُسران، شاهدُ ذلك ودَليله سرعةُ انسِلاخ شهر رمضان المبارَك الّذي تولَّى عنَّا وحالَ كوَمضةِ برقٍ أو +َرَاب وآل، شَهرٍ رقَّت بحَفِيف الصيام والطّاعات جوانبُه، وصَفَت برحيقِ التهجّد والقيامِ مَشاربُه، وأضاءَت بالخير والبرِّ مَسَاربُه. هو نَفحةٌ ربّانيّة جلَّت لنا من عظيم ألطافِ الباري ورحمتِه وبرِّه، وأسفرت لنَا عن هدي الإسلام وحِكمتِه وسرِّه. فيه امتارَ الأبرار غذاءَ الأرواح، واستَبضَعوا ـ يا لَهنائهم ـ الحسناتِ بالغدوِّ والرَّواح، عيونُهم في ماءِ الندم والتوبة غارقةٌ، وأفئدتهم لله ما أفئِدتهم لروائِح الجنّة العبِقة تائِقةٌ، فلعمرُ الحقّ ما أطيَبَ عَيشَهم وهم على الطاعات ووارداتُ المناجاة لربِّهم ترِد عليهم بالرِّضا والنفحات، أولئك الذين صَامُوا شهرَهم إيمانًا واحتسابًا، وقاموه تقوًى ومتابًا، وها هُم الآن يدِّعونه غيرَ مَقلِيّ بالحسرات واللّوعات، ويشيِّعونه غيرَ مجفُوٍّ بالدّموع الممِضَّة الواكفات.
ذلكم ـ يا رعاكم الله ـ هو شهرُ الأمّةِ الإسلاميّة ورِواءُ بيدَاء العام وقوتُ القلوب بالصّيام والقيام، فهل تعيش أمّتُنا المعنّاةُ التي أمضَت في مدرستِه ثلاثين يومًا على زَادٍ من تقوَاه وعُدّةٍ من قُواه وذَخيرةٍ لا تبلَى من حقيقته وفَحواه؟! تعصِمُهم طوالَ العام من المآثم والزّلَل، وتؤزّهم إلى معاقدِ العزّ وفسيح الأمل، وتذودُهم إلى دقّة الاستبصارِ في وَحدتنا المصيريّة وقضايانا المستقبليّة، دونَ وهَنٍ أو +َل أو خوَر أو كلَل، بل علَلٍ بعد نهَل، وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 139].
نَعم، أَلا مَا أَحوجَ أمَّتَنا لاستِصحاب آثارِ القيام ومعَاني الصيام التي جُمِعَت في القول المكنون: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 183]. وإنّه لِزامًا عَلينا أن نُدركَ بعُمقٍ أوفر ووعيٍ أرحَب أنّ أمَّتَنا الإسلاميّة التي تناوَشَتها أَسَلاتُ الأعداءِ وحلّت بها من كُلِّ حدَب الأَدواء والأرزَاء وشُعَلُ الفتن والتحدّيات أن لا رَفوَ لها ولا إِبلالَ مِن سقامها إلا إذا تمثَّلت دروسَ الصيام واستَلهَمت حقائقَه ومآلاتِه التي يفيض بها الشهر الكريم من الصِّدق والصبر والقوَّة والهمة والرحمة والاتحاد ووقفَاتِ المحاسبة والمراجعة والتغيِير والإصلاح، وأن نعِيَ جيّدًا دورَنا على صعيد أنفسنا وأسَرِنا ومجتَمَعنا وأمَّتنا بل والإنسانيّة جمعاء، كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران: 110]. أمّا النّكوصُ والانبِتَات والإدبارُ ومُعاوَدَة الشّتَات فهاتِيك مِهادُ الذّلّة والضّعَة والهلاك، ولا حولَ ولا قوّةَ إلا بالله العليّ العظيم.
أمّةَ الاستقامة والاستجابةِ، أإِن ودَّعت الأمّة الإسلامية شهر رمضان الأغرّ فهَل تودِّع صالحَ الأعمال والقُرُبات والاحتِساب والعَزَمات والذّكر والتسبيح وعاطِر التّلاوات؟! كلاّ فكلاّ، ثمّ كلاّ وكلاّ. يجب علينا مواصلةُ المسير الجادّ والثبات على إعمارِ المساجد والازدِلافُ بالقُرُبات وترتيل الآياتِ آناءَ اللّيل وأطراف النهار دون قطيعةٍ أو هُجران أو سَأَم، بل صمودٌ لتحقيق مقاصدِ الصيام على الوجه الأكمل والأتمّ، فليس لنا غناءٌ عن الافتقارِ إلى الله ورَجاءِ مرضاته وتأييده ومَغفرته ورحمته طرفَةَ عين، ولكن الداءَ العياء الذي هوَى بكثير من الناس في الرّدى ما أترِعوا فيهِ مِنَ الازدواجيّة والثّنائية والعجز الظاهر والضّعف المُعِلِّ والمذِلِّ الخائِر، ترى بَعضَهم إذا أقبلَ رمضانُ صام واستقام وتعبَّد وتنسَّك، وإذا انقضى الشهرُ انثَنى ولَهَا وأبعَدَ وتهتَّك، وسَفَا صيامَه وقيامَه أدراجَ الغَفلَة والمعاصي، غَيرَ وجِلٍ ولا آسفٍ، فَغَدا كرمادٍ اشتدَّت به الريحُ في يومٍ عاصِف، فخبِّروا بربِّكم أيّها العقلاء: هل هذا من العقلِ في قبيلٍ أو دَبير، فضلاً عن شِرعةِ الحكيم الخبير؟! شتّان بين من حظُّه من شهرِ رمضان الغفران والعِتق من النيران، وبين من كان حظّه الخسران والخذلان، ألا ما أشدَّ ندامةَ المسِيء، وما أعظَمَ حَسرَةَ المفرِّط، وهل ينفَع المفرِّطَ فيه بكاؤُه أو يجدي في عظيمِ مصابهِ عزاؤه؟! في الحديث أنَّ رسول الله صعد المنبرَ فجاءه جبريل، فقال عليه الصلاة والسلام: ((رغِم أنفه، رغِم أنفه، رغم أنفه))، قيل: من يا رسول الله؟ قال: ((من أدرَكَ رمضان فلم يُغفَر له فأبعده الله، قل: آمين، فقلتُ: آمين)) خرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما.
ربّاه، ربّاه، كيف يرضَى بِذلِّ الأوزارِ والإضاعَة من ذاق حلاوةَ العبادة عِزّ الطاعة؟! أم كيف تُدَنَّس الجباه برغامِ المعاصِي والآثام بعد أن أشرَقَت بالسجودِ واستنارت بالصّيام للملك العلاّم؟! نعوذ بالله من الحورِ بعد الكور، يا لَضيعةِ العمل، ويا لخيبة الأمَل، يقول الإمام عليّ رضي الله عنه: (كونوا لقَبول العمل أشدَّ اهتمامًا منكم بالعمل، ألَم تسمَعوا إلى قولِ الله عزّ وجلّ: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27])، وقل ولاَ غَضاضة: تَعِس الأقوام لا يعرِفون خالقهم ورازقَهم إلا في رمضان، والله عزّ وجلّ يقول: وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا [النحل: 92]، ويقول سبحانه: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ [الفتح: 10].
فيا مَن نَكصتُم على أَعقابِكم بعد شهر القرآن، توبوا إلى الرّحيم الدّيّان، ولا تكونوا عقبةً كأدَاء في طريق أمَّتكم ومجتمَعاتكم، بادروا أيّامَكم فإنها مُغتَنَم، واستدرِكوا ما عَزَمتم عليه بالاستِغفَار والإقلاع والنّدَم.
فالبَـس شعـارَ النـدم واسكُـب شآبيبَ الدم
قـبـلَ زوال الـقـدم وقبـلَ سـوء العـدم
إلامَ تسـهـو وتَـنـي ومُعظَـم العمُـر فـني
فيا من شمّرتم لطلَبِ الخيراتِ قبل فواتها، جِدّوا وسابِقوا لاغتِنامِ الأعمال الصّالحات في أوقاتها، وادأَبوا عامَكم لا زِلتُم موفَّقين في تحصيلِها وملاقَاتها، ألا فسلامُ الله عليك يا شهر الرحمةِ والتعبّد، وآهًا عَلَيك يا شهرَ الصيامِ والغفران والتهجّد.
إن مَضَى بينَنـا وبينَك عَهدٌ حِين شطَّت عنّا و عنك الدّيار
فالقلوب التِي تركتَ شظايا والدموعُ التـي عهِدتَ غِزار
أيّها المؤمنون، وبعدَ أن نَعِمتم بأداءِ فريضة الصيام وإحياء لياليه الزُّهرِ بالقيام ـ نسأل اللهَ القبولَ ـ لم يكن جزاءُ الرحمن لكم إلاّ الإكرام والإنعام، هل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟! يقول سبحانه: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة: 185]. فها هو العيدُ السّعيد ـ وما أعظمَه من فضلٍ وما أوسَعَه من عطاء ـ قد غمَركم بغِبطَتِه وبهائه، وأظلَّكم بسروره وسنائه، شرَع المولى فيهِ الزينةَ وصلةَ الأرحام والابتهاج والتوسعةَ على العيال والمحتاجِين في أقومِ مِنهاج، ولكن مِن أسفٍ شديد أنَّ منَ الناس ـ هداهم الله ـ مَن يستقبل العيد باللّهوِ والمحرَّمات وعدمِ الاكتراثِ للثّوابِ والسيئات، قد أَطلَق عِذاره في البطالة والغفلة، لا يلوي على محبِطات الأعمال والطاعات، ومنهم من يلبَس أفخَرَ الشِّيَات والثياب، ويتأرَّج ب+يِّ الروائحِ والأطياب، لكنه ما خافَ ربَّه ولاَ تاب، وما صلّى ولا قام ولا أناب، نعوذ بالله من الخذلان والارتياب.
وهـل ينفَع الفتيـانَ حُسنُ ثيابهم إذا كانت الأفعـالُ غيرَ حِسان؟!
وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ [الأعراف: 26].
معاشرَ المسلمين، إنّ حَقيقةَ العيد تُشرِق لمن عاوَدَه في شهرِ المتاجرة معَ الله صفاؤه واستُجيبَ دعاؤه وقوِيَ بالله رجاؤه وازدَادَ يقينُه وتمتَّن دينُه وعلَت همّتُه واشتدَّت على محارمِ الله غَيرتُه. إنَّ العيدَ في شِرعةِ الإسلام فرحٌ بفضل الله وإحسانه، وجَلَلٌ بتوفيقه وامتنانِه، واتحادٌ على الخَير والعَطاء، وشعور بالإخاءِ والمودّة والهناء والحبِّ والصفاء، وإشاعة للنَّعماء، ونشرٌ للسّراء، وطَمرٌ للضّرَاء، قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس: 58].
أمّةَ الإسلام، إنّه ليجدُر بِكم أن تتذكَّروا مع فَرحةِ العيد ـ أيها الأحبّة ـ وأنتم ترفُلون في مطارفِ الأمن والرخاء والزينة وتتقلَّبون في أعطافِ السرور والحبور والبُلهنيّة أنَّ لكم إخوانًا في العقيدة حلَّت بهم المحنُ والنكبات، لا سيّما في فلسطين السليبةِ الملتاعة، أرضِ القداسات ومهدِ الرسالات، وفي بلاد الرافدين الجريحة، وآخرين حلَّت بهم الكوارثُ والزلازلُ في با+تان وكَشمير، وقُل مثلَ ذلك فيمَن سِيموا مِن التنكيلِ والبلاءِ أسوأَ النّوازل، فهم مشرَّدون في الفيافي، وأجسادُهم للعراء والسّوافِي، يتجرَّعون حُرَق الحِرمان وتباريحَ الخصاصة ولأواءَ المسغَبَة ومَرارَة المترَبة، ينتظرون بذلَكم وعونَكم، فليكونوا منكم بحسبان كما قال الرحيم الرحمن: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة: 71].
وإنَّ الذي يسلِي الفؤادَ بعد اغتِمامه والفِكرَ بعد اهتِمامِه تلك الحملاتُ الإغاثيّة المباركة والتبرّعات الخيرية الموفَّقة التي هبَّت إليها دِيارُ الحرمينِ الشريفين لا زالت مكلوءَة محروسة؛ لتكون بلسمًا ندِيًّا لإخوانهم المتضرِّرين والمنكوبين، وما تلك الوَثبَةُ النّجلاء والهِمّة السَّبوقُ واليَد المِعطاء إلاّ صفحة لألاَء وآية بَلجاء على حبِّ المعروف وإغاثةِ المرزوء والمَلهوف ونصرةِ قضايا المسلمين، وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [سبأ: 39]، وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ [البقرة: 272].
ثبَّت الله ذلك في سجِلاَّت أعمالهم الصالحة، ووفَّق المسلمين لقَفوِ الخُطى وحُسن الاقتداء والاهتِداء، وأدام عليهم سوابغ النِّعَم ونَوابِغ القِسَم، ودَفَع بها عَنهم البلايَا والنِّقم بمنِّه وكرمه.
وذلك البرُّ ـ يا إخوة الإيمان ـ وجهٌ مِن وجوه الشّعورِ بالجسد الواحد أيامَ العيد، ومَعلَمٌ وضّاء من معالم شكرِ المنعم سبحانه.
ألا فاتّقوا الله عبادَ الله، ولتبقَ آثار الصيام مستمرّةً في حياتِكم إلى مماتكم، فدَيدَنُ المسلم ودِثارُه ومنهجه وشعارُه: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر: 99].
نفعني الله وإيّاكم بالذكر الحكيم وبهدي سيد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلّ ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنَّ ربي رحيم ودود.
الخطبة الثانية
الحمد لله المتوحِّد بالعزة والجلال، أحمده تعالى وأشكره على سَوابِغ الفضل والنوال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعال، وأشهد أنَّ نبينا وسيدنا محمّدًا عبد الله ورسوله سنيُّ السجايا شريف الخصال، ندَب أمّتَه إلى صيام الستِّ من شوال، صلى الله عليه وسلَّم وبارك وعلى آله وصحبه الذين طهروا العقول من الأوهامِ والضّلال، ومن تبعهم بإحسان ما تعاقَب شروق وزَوال.
أمّا بعد: فاتقوا الله عبادَ الله، وزُمّوا النفوسَ عن المعاصي قبلَ رَداها، وألجِموها بلجامِ التقوى عن تعدِّيها وطَغوَاها، ووالوا مواسمَ الغفران بالأعمال الصالحات، وضمِّخوا عيدَكم بالذكر والشكر والإحسانِ والصّدقات، ولا يستخِفَّنكم فرحُ العيد إلى مقارفَةِ الأوزارِ أو إسخاط الجبّار بالملاهي والأوضارِ، فتبوؤوا عياذًا بالله بالخزيِ والبوار، وليكن منكم على ذكرٍ ـ تقبَّل الله صيامَكم وقيامَكم وصالحَ أعمالكم ـ أنَّ المولى جلّ اسمه وقد تفضَّل عليكم بإتمام عِدّة الصيام ندَبَكم إلى صيام ستٍّ من شوال، وهن مخصوصاتٌ بالفضل والامتِنان ورفيعِ الشان، كما قال المصطفى من ولدِ عدنان عليه الصلاة والسلام: ((من صامَ رمضان وأتبعه ستًّا من شوال كان كصيامِ الدهر)) أخرجه مسلم في صحيحه.
الله أكبر، أيّ عطاءٍ هذا غير ممنون لمن أناب إلى ربِّه واستعدَّ لريب المنون، ونقدَ لذلك التوبةَ الصادقة والدمعَ الهتون؟!
ألا فاتقوا الله رحمكم الله، وواصلوا مسيرةَ الأعمال الصالحة بعد رمضان؛ تكونوا من المفلحين.
ثم صلّوا وسلّموا على صاحب الحوض والشفاعَة ومن أوصى بلزوم السنّةِ والجماعَة، نبيِّنا محمّد بن عبد الله، أظهر الناس بِشرًا وأُنسًا، وأنداهم خلُقًا ونفسًا، كما أمركم ربُّكم بذلك جنًّا وإنسا، فقال عزّ من قائل كريمًا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].
اللّهمّ صلِّ وسلِّم وبارك وأنعِم على سيّد الأوّلين والآخرين ورحمةِ الله للعالمين نبيِّنا محمّد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وصحابته الغرِّ الميامين، وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين...
| |
|