STARMUST2

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة : يرجي التكرم بالدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي

STARMUST2

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة : يرجي التكرم بالدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي

STARMUST2
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

STARMUST2

Choose your language=choisir ta langue= अपनी भाषा चुनें=pilih bahasa= Elija su idioma= Выберите язык
 
الرئيسيةأحدث الصوردخولالتسجيليا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Ouuou10يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Uououo10يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Uooous10يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Ooouus10يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Ooouo_10يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Ouooo11يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Ooouo_11يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Uoou_u10يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Uoo_ou10يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Arkan_10الطـهـارةيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Ouooou11محاضرات وكتب مختلفةيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Uuooo_10يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Ouuuuo10يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Oouusu10يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Plagen10يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Uuouou10يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Oouo10
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
مواقيت الصلاة بتالمست
الدول الزائرة للموقع
Free counters!
أفضل 10 فاتحي مواضيع
المدير العام
يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_rcapيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Voting_barيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_lcap 
molay
يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_rcapيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Voting_barيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_lcap 
must58
يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_rcapيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Voting_barيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_lcap 
bent starmust2
يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_rcapيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Voting_barيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_lcap 
sanae
يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_rcapيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Voting_barيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_lcap 
حليمة
يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_rcapيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Voting_barيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_lcap 
mam
يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_rcapيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Voting_barيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_lcap 
zineb
يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_rcapيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Voting_barيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_lcap 
aziz50
يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_rcapيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Voting_barيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_lcap 
mm
يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_rcapيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Voting_barيا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
هل انت نحيف ام بدين ؟حساب كتلة الجسم
الطول (بالبوصات او السنتميترات):
الوزن (بالارطال او الكيلو جرام):
استخدم النظام المتري ? :
Your BMI is

 

 يا أهل الجزيرة - عبد الرحمن السديس إمام الحرم

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
molay
مدير مراقب
مدير مراقب
molay


يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Male_m12
البلد : المغرب
الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 11945
تاريخ التسجيل : 17/12/2009
الموقع : STARMUST2

بطاقة الشخصية
الدرجة:
يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم 51365/1365يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم نعم  (1365/1365)

يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Empty
مُساهمةموضوع: يا أهل الجزيرة - عبد الرحمن السديس إمام الحرم   يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Emptyالثلاثاء 29 نوفمبر - 5:27:56



يا أهل الجزيرة

يا أهل الجزيرة  - عبد الرحمن السديس إمام الحرم Basmallah

عبد الرحمن السديس إمام الحرم

الخطبة الأولى

أمّا بعد: فأوصيكم ـ عبادَ الله ـ ونفسي بتقوى الله عزّ وجلّ، فهي جِماع الخيرات، وينبوع البركات، ومصدَر الرحمات، ونور الظلمات، وسببُ الرّقِيّ في علوّ الدّرجات والأمانِ من الدّركات وتكفيرِ الذنوب والسيّئات، يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَءامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [الحديد:28].

أيّها المسلمون، سِرُّ بقاء الأمَم وسبب فَخار الشّعوب وأساس بناء الأمجادِ وإشادةِ الحضارات إنّما يرتكز على قواعدِ المبادئ والثّوابت، ويكمُن في ظلال المثُل وضِفاف القيَم. والمستقرئ لعوامل أزماتِ الأمم وانتكاساتِ الشعوب وتقويض أمجادِها وانهيار حضاراتها عبرَ التأريخ يدرِك أنّ مردَّ ذلك كلِّه إلى التّفريط في المبادئ والمساس بالأصول والثوابت.

وإنّ اللهَ جلّت حكمتُه قد منّ علينا ـ نحن أمّةَ محمّد ـ بهذا الدّين القويم، واختار سبحانه ـ وله الحكمة البالغةُ فيما يخلق ويختار ـ هذه الجزيرةَ لتكون قاعدةَ انطلاقِه إلى كلّ الخليقة في جميع أصقاعِ المعمورة.

معاشرَ المسلمين، لقد قامت في دنيا النّاس حضاراتٌ شتَّى، وواجهت أزماتٍ متعدّدة، غيرَ أنّ القضيّة المهمّةَ في حياةِ الأفراد والأمَم على مدار التأريخ كلّه هي قضيةُ الثوابت والمنهج. وإنّ مِن رحمة الله سبحانه بهذه الأمّة أمّةِ محمّد عليه الصلاة والسلام أن وقاها شرورَ المحقِ والاستئصال، وقضى بوجودِ الطّائفة المنصورة والفرقةِ النّاجية إلى قيام الساعة، فرايةُ التّوحيد لا تسقط أبدًا، وصوتُ الإسلام لا ينقطِع سرمَدًا، هُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ [الصف:9]. روى البخاريّ ومسلم في صحيحيهما أنّ رسول الله قال: ((لا تزال طائفةٌ من أمّتي على الحقّ ظاهرين حتّى يأتيَهم أمر الله وهم ظاهرون))[1]. ولم يزل سبحانه تفضًُّلاً منه ومنَّة يوفِّق لإقامَة عقيدةِ التّوحيد ويُمكِّن لشريعة الإسلام مع أنّ عواملَ الضّعف ما برِحت والتحدّياتِ للإسلام وأهلِه ما فتئت تصيبُ الأمّة بالوهَن والأدواء في عددٍ من أجزاء جسدِها المثخَن بالجراح.

إخوةَ العقيدة، والمتأمِّل في تأريخ هذهِ الأمّة في أطواره المختلفة يجِد أنّ دولةَ الإسلام لم ينقطع موكبُها، ولم تنطفئ أنوارُها بحمد الله، منذ أن أشادَ المصطفى صرحَ حضارة الإسلام الأولى. نعم، كانت ولا تزال هناك محاولاتٌ مستمرّة ترمي إلى إقصاء الإسلام وتجريد أهلِه من إمكاناتِه الماديّة والمعنويّة، وحرمانِهم من حقوقهم وقوّتهم في شتّى المجالات، وغزوِهم عقديًّا وفِكريًّا وتربويًّا وإعلاميًّا، ولكن يأبى الله إلاّ أن يتمَّ نورَه ولو كره الكافرون.

إخوةَ الإيمان، لقد شاء الله لهذه الجزيرةِ اصطفاءً واختيارًا، فجعلها منطلقًا للرسالة الإسلاميّة الخالدَة ومتنزَّلا لوحيِهِ ومهدًا لدعوة نبيِّه عليه الصلاة والسلام وقلبةً لعبادِه ومهوًى لأفئدتِهم ومحلاًّ لأداء مناسِكِهم، فأمنُها أمنٌ لجميع البلاد، ونورُ إيمانها ساطعٌ بحمد الله في كلّ الأصقاع والوهاد، وهي مأوَى كلِّ مضطهَدٍ في دينِه من سائر العِباد. قلعةٌ من قِلاع الهدى، وصخرة شمّاء تتهاوى أمامَها سهامُ العِدى، وتتلاشى أمام شموخِها عوامل الرّدى. هي منارةُ الإسلام ومأرِز الإيمان ومحضِن العقيدة ومركز الحضارة ومنطلَق الهداية والقيادة والسّيادة والرّيادة للعالم الإسلامي، والخطّ الأخير في غُرّة الوجودِ الإسلامي، وخاتمةُ سور الدّفاع العقديّ والإيمانيّ. هي معقِل الشريعة وعاصمتُها الخالدَة ورأسُ مال الأمّة وأغلى أرباحها، تُعدُّ بمثابةِ مركز القلبِ في جسم الإنسانيّة، حفِظها الله فلم تطأها قدمُ مستعمِر، وسلّمها الله فلن تعبثَ بأمنِها يُد دعيٍّ مستهتِر، لا مكانَ فيها للعمليّات الإرهابيّة، ولا مجالَ فيها للأعمال التخريبيّة والأفعال الإجراميّة، فالله سبحانه قد بسط أمنَه في ربوعِها، ونشر أمانَه في كلّ أرجائها، فله الحمد والمنّة.

وإنّ المسلمَ الحقَّ لينشرح صدرُه بالتمكين لقبلة الإسلام الأولى وانطلاقةِ دعوتِه الكبرى، ويفرح ويغتبِط حينَ يرى صفاءَ العقيدة، ويغمره السّرور ويكتنفُه الحبور حين يجد الراحةَ والأمنَ وهو يحجّ ويعتمر بكلّ أمان واطمئنان، بعدما كانت رحلة الحجّ والعمرة رحلةً مصيريّة تُمثِّل حياةً أو موتًا، فللّه الحمد أوّلا وآخرًا وباطنًا وظاهرًا.

معاشرَ المسلمين، ولقد شهِدت الجزيرة العربية أحقابًا عِجافا، وأتى عليها حينٌ من الدّهر لم تكن شيئًا مذكورًا إلا بالظّلم والنّهب والجهل والسّلب وشيوع القتل والفوضى، حيث كانت مسرحًا للجرائم ومثَلاً في انعدام الأمن وكثرة المخاوف، حتى

ضجّ الحجيج وضجّ البيت والحرمُ واستصرخت ربَّها في مكَّة الأُممُ[2]

حين انفرطَ عِقدها وذهبت ريحُها، ولم تزل في هذا الوضع المتردّي حتّى قيّض الله لها أئمّةَ الدعوة الإصلاحيّة المباركة، فعانق سلطانُ الحكم سلطانَ العلم في زمنٍ كثُر فيه الجهل والخوف وعمّ فيه التخلّف والاضطراب ووهنت صلةُ الناس بعقيدتهم وانعدم توثُّقهم بشريعتهم، فأجرى الله على أيديهم مِن الخير للبلاد والعبادِ ما يشهَد به المنصفون ويشرَق به الحاقدون الشّانئون، فأُعلِيت راية التّوحيد ووُئدت الخُرافةُ وأُبطل التنديد، فتحًا من المجيد، وتيسيرًا من العزيزِ الحميد، حتى قرّت عيون الموحِّدين بانتشاره ورسوخِ أصوله وقواعده وإشعاعِ نور العِلم وكشفِ الشبهات عنه وتبدُّدِ سُحُب الجهالةِ واضمحلال مسائلِ الجاهلية وتحقيقِ الوحدة والأخوّة وتأمين السّبُل وشيوع الأمن واطمئنان ركّاب السفينة إلى من يقودُها بمهارةٍ واقتدار وسطَ الأمواج الهائجة، فيوصلها بإذن الله إلى بَرِّ الأمان وشاطئ السّلامة والنجاة، وهذا من مقتضيَات الإمامة في هذا الدين، وهل تُحمَى البيضة وتُصان الحوزة وتقوى اللُّحمة إلا بذلك؟!

وما الدّينُ إلا أن تُقامَ شرائعٌ وتؤمَن سبلٌ بينَنا وهضابُ

أمّة الإسلام، ومِن أفضال الله وآلائه وتمامِ منِّه ونعمائه على هذه الجزيرة مع ما نعِمت به من الدّعوة الإصلاحيّة الكبرى أنّها تميّزت بخصائصَ فريدة وثوابتَ عتيدة، أهمُّها صفاءُ المعتقَد في زمنٍ غشيته غاشيةٌ سوداء، فأُلبِس التّوحيد الخالص لله نسجًا من الخرافات والانحرافات، وعبثت بأهلِه الأوهامُ والخيالات، فبُدِّل مسلمون غيرَ المسلمين، وهبطوا في هوّة سحيقةٍ من الظُلْم والظُلَم، فعاش العالم في جوٍّ مُربادّ وظلمةٍ مطبِقة، وفيما العالمُ مستغرق في هجعتِه ومدلِجٌ في ظلمتِه إذَا بصوتِ الإمام المصلِح الشّهير والمجدِّد الكبير ـ طيَّب الله ثراه وأكرم في الجنّة مثواه وأمطر عليه شآبيبَ الرحمة والرضوان وسحائبَ البرّ والغفران ـ يدوّي من قِبَل صحراء نَجد حاضرةِ التّوحيدِ والعلم والدّعوة والمجد لإيقاظ الأمّة من سباتها العميق، حتّى تبدَّت تباشير فجر الإصلاح، ونادى منادي الحقّ أن حيّ على الفلاح، وسطعت شمس الحقّ والحقيقة بعدما كانت في أُفول، وتبدَّدت ظلماتُ الجهالة بعدما كانت في امتدادٍ وشمول، فحمدًا لك اللهمّ حمدًا حمدًا، وشكرًا لك اللهمّ شكرًا شكرًا.

لك الحمد كلّ الحمد لا مبدأٌ له ولا منتهى والله بالحمدِ أجدرُ

كانت جزيرتُنا بالأمس عاريةً واليومَ قد لبِست أثوابَها القُشُبا

لقد كان فيها من الهرج ما يُبكي العيونَ تفاصلُه.

كانت ممزّقة الأطـراف مرهقـَة فالخير منعفِر والأمن مندثِر والركن مهدودُ

فأصبحت بعد ضمِّ الشّمل شامخةً حيــنَ اسـتتبّ لهـا بعــثٌ وتجـديـدُ

فالدّار عامرة والأرض زاهـرةٌ والسُّـحْـبُ مــاطِـرة والأمـنُ منتشِـر

فتمثّلت الجزيرة بعدَ الدّعوة الإصلاحية نسجًا وحدويًا يقلّ نظيره، نجدُها وحجازها، جنوبها والشّمألُ، في منظومةٍ متألّقة متّحدة، بعدما أدّى الشّقاق في الأمّة إلى ضمورِ معاني الوَحدة فيها، في وقتٍ كانت فيه كثير من الكيانات تعاني الفرقةَ في أقسى معانيها، في انقساماتٍ عصيبة ومشاحنات إقليمية، ولقد كانت نتيجة ذلك وآثاره أمنًا وارفَ الظّلال بحمد الله في عالمٍ ضرب الخوفُ فيه أطنابَه، ولم يعُد آمنًا على نفسِه وماله وعِرضه، فالحمد لله ثم الحمد لله حمدًا لا كفاءَ له على ما أنعَم وأسدَى.

أمّةَ الإسلام، أبناءَ الجزيرة، ولقد كان من الثّوابت المهمّة في هذه الجزيرة تحكيمُ الشريعة والتّحاكم إلى الكتاب والسنة، فلا تعصّب لأحدٍ من المذاهب، ولا جمودَ على مشرب من المشارب، مع العنايةِ بالتّربية والتّعليم الإسلاميّ والتركيز على العلوم والمناهجِ والمؤسّسات الشرعية، ومنها إقامة الوحدةِ الإسلاميّة ودعمُ التضامن الإسلامي وإعزاز شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإعلاءُ شأن الحِسبة وتكريم أهلِها والاهتمام بالمرأة المسلمة في التزامها بحجابِها وعفافِها وحِشمتِها وحيائِها، في منأًى عن تبرّجها وسفورِها واختلاطِها، فنالت فتاةُ الجزيرةِ قصبَ السّبق في حصانتِها وصيانتِها، وسلِمت من الدّعوات المأفونةِ في تحرّرها من قيَمها وتجرّدها مِن مُثُلِها بدعوى الحرّيّة المزعومة والتقدّميّة الزائفة، ومنها تبنّي قضايا المسلمين الكبرى، ويأتي في مقدّمتها قضيّة أولى القبلتين وثالث المسجدين الشريفين ومسرى سيّد الثقلين عليه الصلاة والسلام الذي يمرّ اليومَ بمرحلةٍ خطيرة ويدخل في نفقٍ مظلِم من التحدّيات والمؤامرات غير مسبُوقة، أقرّ الله الأعينَ بفكِّ أسره وقربِ تحريره، وكذا دعمُ قضايا الأقليات الإسلاميّة في شتّى أنحاءِ العالم، جعله الله خالصًا لوجهِه الكريم.

يُقال ذلك ـ أيّها المسلمون ـ تذكيرًا بالنّعم، ليُشكَر المنعم المتفضّل سبحانه، وتأكيدًا على الثّوابت المتينة حتى يتذكّرها جيلُ اليوم الذي يُخشَى أن ينخدعَ ببريق المدنيّة المعاصرة، وإهابةً بالأمّة للتذكّر والاتّعاظ والاعتبار، وليسَ هذا القول لأحدٍ مجاملةً ومدحًا، ولا لغيره ذمًّا وقدحًا، ولكنّه لله ثمّ للحقيقة والتأريخ.

ألا فليعلم ذلك أهلُ الجزيرة، فيلتزموا نهجَ السّلف ليكونوا خيرَ خلف، تمسّكًا بالثوابت والأصالة، وحسنَ تعاملٍ مع المتغيّرات المعاصرة، على ضوء منهج الوسطيّة والاعتدال، بعيدًا عن مسالك الغلوّ والجفاء والإفراط والتّفريط والتميّع والانهزاميّة والانبِهار، في مجالِ العقيدة والمنهج والفكر والتربيّة والتعليم والإعلام، وفي كلّ مجالٍ من المجالات.

معاشرَ المسلمين، ولقد دأب الخصومُ على رفع عقيرتِهم عند تجدُّد كلّ نعمة وتبدُّد كلّ نقمة، فشنّوا الحملاتِ الإعلاميّة المغرِضة، وبثّوا الدّعايات والوشايات الكاذِبة ضدَّ هذه الجزيرةِ ودعوتِها الإصلاحيّة، فادَّعَوها مذهبًا خامسًا وخروجًا على ما كان عليه المسلمون الأوائِل، بدعوى الوهّابيّة أو إلصاق تهمة الإرهاب بها أو غير ذلك على حدّ قولِ الأوّل:

إنّ بَنِيَّ زمّلوني بالدّمِ شِنشِنةٌ أعرفُها مِن أخزم[3]

يردّدها بعضُ من أرخى زمامَ نفسِه لخصمِه، وأعار عقلَه وفكرَه لغيره، فصار يهذي بما لا يدري ويهرِف بما لا يعرف، جهلاً أو إغراضًا، دونَ رويّة وتثبّت ونظرٍ وتيقّن. وشأن المسلم الحصيفِ الواعي أن ينظرَ بميزانِ النّقل الصحيح والعقل الصريح، كما أنّ علينا جميعًا ـ يا رعاكم الله ـ الحذرَ من كلّ دعوةٍ تخالف ثوابتَنا ومنهجَنا الصحيح، وإن تزيَّنت ببهرج القول وتنميق القوالبِ والأساليب.

فاللهَ اللهَ عبادَ الله، اللهَ اللهَ يا أهلَ الجزيرة، في الثّبات على عقيدتِنا وشريعتنا، والمحافظة على مكتسباتِ حضارتنا وإنجازاتِ جزيرتِنا، لا إشادةً بأمجادِ الماضي فحَسب، وإنّما استمساكٌ وعزمات وعمل وجدٌّ وثبات، بالنهوض والشموخ لبناء صرحٍ لا كالصّروح وحضارة لا كالحضارات، فيبني الأبناءُ والأحفاد كما يبني الآبَاء والأجداد، ويفعلون مثلَ ما فعلوا، ولعلَّ في هذا استنهاضًا لهِمم أبناءِ الجزيرة أن يكونوا مع عِظم هذا التّشريف على مستوى الثقةِ والتّكليف، سائرين على دربِ جماعةِ المسلمين، تحت رايةِ التوحيد وعلى منهاج النبوة، لا تتوازعهم الفرقُ والأهواء، ولا تفرّقهم الجماعات والأحزابُ والآراء، محيِين لما اندرس من معالمِ هذا الدين، مصحّحين لما التبس مِن مفاهيمِه، محاذرين كلَّ شائعةٍ وتشويش، مجانبين كلَّ ذائعَة وتهويش تقصِد الإساءةَ والثلبَ والتحريش، مُبقين حقَّ الامتيازِ في هذه الجزيرة على ضوءِ هذه الشّريعة، دونَ تقليدٍ دامس لا يردّ يدَ لامس، وأن يكون دورُهم مع حراسةِ العقيدة والشريعة الإفادةَ من منجزاتِ الحضارة المعاصِرة في شتّى المجالات، أصالة وتجديدًا لا تبعيّة وتقليدًا، وبناءً عليه فلا بد مِن بعثِ روح التفاؤل والأمل والجدّ والعمَل لبناء حياةٍ سعيدة تجمَع بين الأصالة والمعاصَرة في هذه الجزيرةِ على يدِ أبنائِها الأُصلاء، لا غيرهم مِن الدُّخَلاء، تأثيرًا لا تَأثُّرًا. ألا فليعلمْ ذلك المنهزِمون ممَّن طأطؤُوا هاماتِهم وأسلموا قيادَهم لقراصنة الفكر الملوَّث وسماسرة الأخلاق الوافِدة، فنبَتت نوابتُ تعرفُ منهم وتنكر.

أيّها الأحبّة، ومع كلّ ما حبَا الله مهدَ الإسلامِ ومأرز الإيمان مِن المزايا والخصائص فإنّ المتقرِّر لدى النّصَفَة أنّ الكمالَ لله وحدَه، وأنّ العصمة ليست لأحدٍ مِن خلقِه سوى أنبيائه ورسله فيما يبلّغون من شرعِه، والموفَّق الملهَم من سُخّر في الخير مفتاحًا وللشرّ مغلاقًا، فحرص على إبراز هذه المزايا، حميّةً للدين والشريعة ليس إلاّ، وسعى في تحقيق الضمانات الواقية للمحافظة عليها في عالمٍ يَموج بالتحدّيات رَفعًا لراية الصّلاح والإصلاح بالأساليب الشرعية، وسدًّا لهذا الزحف المهول والأمواج العاتية لصدِّها عن هذه الجزيرة وأهلِها، لا سيّما مِن الشباب والفتيات، حتّى لا تُهيّأ الأجواء لاستقبال التيّارات الوافدة المحمومة أو الأفكار المنحرِفة والثقافات المسمومة في شتّى المجالات، وكان الله للمخلصين لدينهم وأمّتهم ومجتمعهم معينًا ونصيرًا، إنّه نعم المولى ونعم النصير، وَلَيَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ ٱلَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّـٰهُمْ فِى ٱلأرْضِ أَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَاتَوُاْ ٱلزَّكَـوٰةَ وَأَمَرُواْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلأمُورِ [الحج:40، 41].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي سيّد المرسلين، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات من جميع الذنوب والخطيئات، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه كان للأوّابين غفورًا.

[1] ترجم البخاري بنحوه في كتاب الاعتصام، ووصله مسلم في الإمارة (1920) من حديث ثوبان رضي الله عنه.

[2] هذا البيت لأحمد شوقي من قصيدة له بعنوان: "ضج الحجيج"، رفعها للسلطان عبد الحميد سنة 1904م، يعبر فيها عن خطورة ترك التمرد الذي قاده الشريف حسين في مكة على الأمة.

[3] هذا البيت لأبى أخزم الطائي، وهو جدّ حاتم أو جدّ جده، مات ابنه أخزم وترك بنين، فوثبوا يوما على جدهم فأدموه فقال هذا البيت، يعنى أن هؤلاء أشبهوا أباهم في العقوق، والششنة الطبيعة.



الخطبة الثانية

الحمد لله، شرح صدورَ أهل الإسلام بالهدى، ونكتَ في قلوب أهلِ الغيّ فلا تعي الحكمةَ أبدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، إلهًا واحدًا أحدًا فردًا صمدًا، وأشهد أنّ نبيّنا وحبيبنا وقدوتَنا محمّدًا عبد الله ورسوله أكرِم به عبدًا وسيّدًا، وأعظِم به أصلاً ومحتِدًا، صلى وسلّم عليه وعلى آله وصحبِهِ صلاةً وسلامًا تامّين دائمين إلى أن يُبعَث الناس غدًا.

أمّا بعد: فاتّقوا الله عبادَ الله، وَٱتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [البقرة:281]. وعليكم بالجماعة، فإنّ يد الله مع الجماعة، ومن شذّ شذّ في النّار.

عبادَ الله، ومع كلّ ما ذكِر من الخصائص والمزايا لهذه الجزيرةِ فهي ليست دعوةً إقليميّة ولا عنصريّة، وإنّما هي دعوة إسلاميّة عالميّة آفاقيّة؛ لأنّ الإسلام هو دين العالميّة الحقّة، وَمَا أَرْسَلْنَـٰكَ إِلاَّ رَحْمَةً لّلْعَـٰلَمِينَ [الأنبياء:107]، وهو قدَر الله الكونيّ والشرعيّ في هذه الجزيرة، بل فخرُها وشرفها، لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَـٰبًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ [الأنبياء:10]. وما موقع هذه الجزيرةِ من العالم إلاّ موقعُ القبلة من المصلَّى والتّاج من الحُلَّة والغرَّة من التحجيل، وقولوا لي بربّكم من الذي لا يطبَع قُبلتَه على قِبلتِه ويهيم بحبّ عرصاتِ الشعائر ومقدّسات المشاعر وأماكِن المناسِك لكلّ ناسك ومأوى ومثوى خاتم النّبوات ومنطلَق أشرف الرّسالات؟! بل حبُّها في ضمير كلّ مؤمن يفيض، ومن قلب كلّ شانئٍ يغيض، واللّبيب المنصِف الذي لم تُعشِ نورَ بصرِه وبصيرتِه رواسب الغِلّ والشّحناء والحقدِ والحسَد والبغضاء يدرك أنّ هذه الحقيقةَ معلمٌ من معالم هذه الشريعة وملمَح مهمّ من ملامِح هذه الملّة، ينبغي أن يُروَى فلا يطوى، ويَظهَر فلا يُغمَر، ويُبانَ فلا يُطمَر، فلهذه الجزيرةِ الغراء ورجالاتِها عبرَ التأريخ الإسهامُ البنّاء في المجالات الدعويّة العالميّة والمناشط الخيريّة الإسلاميّة في كثير من بقاعِ العالم، مع ما يؤمَّل مِن بذل المزيد في ذلك.

ولا غروَ فهذا من صميم ثوابتِها وأهمِّ أهدافها ومنطلقاتِها وأشهر إنجازاتِها ومكتسباتها، في منهجٍ فريد يُعلي رايةَ الحقّ والعدل والخير للإنسانيّة، وينأى بها عن مواطنِ الشرّ والعنف والإرهاب والفوضى، جعله الله خالصًا لوجهه الكريم، وضاعف مثوبتَها، وزادها من الخير والتوفيق بمنِّه وكرمه، وحفظها من كيدِ الكائدين وحقدِ الحاقدين وعدوان المعتدين.

ألا فلتسلَم جزيرتنا الشمّاء، ولتهنأ ربوعُنا الغنّاء، ولتبقَ عبرَ الأعصار درّةَ الأمصار وواحة أمنٍ وأمان ومنطلَق خير وسلام للبشريّة كافّة، ولتدُم ما دامت السموات والأرض حارسةً للعقيدة ذائدةً عن الشريعة ساعية لكلّ خير وصلاح للإسلام والمسلمين، بل والإنسانية جميعًا، وشاهت وجوهُ الخصوم المتربّصين، ورغِمت أنوف الحاقدين الحاسدين.

وإن رغِمت أنوفٌ من أناسٍ فقل: يا ربِّ لا تُرغِم سواها

وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ [يوسف:21].

ألا وصلّوا وسلّموا ـ رحمكم الله ـ على النبيّ المجتبى والرسول المصطفى، خير الورى طُرًّا، وأتقاهم لربّه جهرًا وسرًّا، كما أمركم بذلك ربكم جل وعلا فقال تعالى قولاً كريمًا: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].

اللهمّ صلِّ وسلّم وبارك على سيّد الأوّلين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين، نبيّنا محمّد بن عبد الله، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وصحابته الغرّ الميامين....


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
يا أهل الجزيرة - عبد الرحمن السديس إمام الحرم
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
STARMUST2 :: خـطـب ومحاضرات KHOTAB - MOHADARATTE :: خطب و محاضرات مكتوبةKHOTAB MAKTOUBA-
انتقل الى: