molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: فضائل النبي صلى الله عليه وسلم - عبد الحميد التر كـستاني الجمعة 25 نوفمبر - 4:26:35 | |
|
فضائل النبي صلى الله عليه وسلم
عبد الحميد التر كـستاني
الخطبة الأولى
وبعد:
أيها الأحبة سوف أتكلم في هذه الجمعة عن بعض فضائل النبي التي تستوجب محبته واتباعه في كل ما أمر واجتناب كل ما نهى عنه وزجر ولأن الحب يرتبط في قلب الإنسان بدوافع وبواعث تبعث عليه مهمتها أن تحرك القلب وتدفعه نحو محبوباته، وتتعدد هذه الدوافع وتتنوع بحسب تنوع المحبوبات واختلافها، فمن الحب ما تدفع إليه البواعث الحسية أو العقلية أو القلبية وذلك لوجود صفات قامت بالمحبوب والوصف بها من كمال أو جمال أو إحسان أو غير ذلك من الدواعي والأسباب الجالبة للحب وإذا نظرنا إلى محبة الرسول فسنجد أن البواعث عليها متنوعة ومتعددة، وذلك لكثرة ما خصّه الله به من أنواع الفضائل وصفات الكمال وما أجراه الله على يديه من الخيرات لأمته إلى غير ذلك من الدواعي التي ترجع إلى مجموع خصائص النبي وصفاته.
وقد ظهرت آثار اصطفاء الله لنبيه في جوانب كثيرة منها:
طهارة نسبه فلم ينل نسبه الطاهر شيء من سفاح الجاهلية فكان من سلالة آباء كرام ليس فيهم ما يشينهم أو يعيبهم بل كانوا سادات قومهم في النسب والشرف والمكانة وفي مسلم قال : ((إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشاً من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم)).
ومنها: تعهّد الله له برعايته وحفظه من الصغر فقد أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان فأخذه وشق عن قلبه وأخرجه وغسله في طستٍ من ذهب بماء زمزم واستخرج منه علقة، وقال له: هذا حظ الشيطان منك. رواه مسلم.
ومنها عصمته : عصمته من تسلط أعدائه عليه بالقتل أو منعه من تبليغ رسالة ربه قال تعالى: والله يعصمك من الناس .
وعصمته مما يقدح في رسالته ونبوته قال تعالى: وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ، ومنها أن الله كمّل له المحاسن خُلقا وخَلقا، فكان أكمل الناس خلقا من حيث جمال صورته وتناسب أعضائه وطيب ريحه وعرقه ونظافة جسمه واكتمال قواه البدنية والعقلية كما كان أكمل الناس خلقا إذا جمع محاسن الأخلاق وكريم الشمائل وجميل السجايا والطباع قال تعالى وإنك لعلى خلق عظيم ، ومنها تشريفه بنزول الوحي عليه قال تعالى: وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم .
ومنها كونه خاتم النبيين قال تعالى: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين .
ومن أدلة فضله وشرفه أنه ساد الكل كما في حديث عبد الله بن سلام قال: قال رسول الله : ((أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض وأول شافع، بيدي لواء الحمد تحته آدم فمن دونه)) رواه البخاري ومسلم.
ولما كان ذكر مناقب النفس إنما تذكر افتخارا في الغالب أراد أن يقطع وهم من توهم من الجهلة أنه يذكر ذلك افتخارا فقال: ((ولا فخر)).
ومنها أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولم ينقل أنه أخبر أحدا من الأنبياء بمثل ذلك بل الظاهر أنه لم يخبرهم لأن كل واحد منهم إذا طلبت منه الشفاعة في الموقف ذكر خطيئته التي أصابها وقال: ((نفسي نفسي)) فإذا أتوا النبي قال: ((أنا لها أنا لها)) كما في حديث الشفاعة الطويل.
فهو أول من يشفع في الخلائق يوم القيامة وهذه الشفاعة العظمى وهي المقام المحمود الذي اختص به نبينا قال تعالى: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا .
ومن فضله وشرفه أن معجزة كل نبي تصرّمت وانقضت ومعجزته وهي القرآن المبين باقية إلى يوم الدين.
ومنها أن الله تعالى وقره في ندائه، فناداه بأحب أسمائه وأسنى أوصافه فقال: يا أيها النبي ، وقال: يا أيها الرسول فنادى الله عز وجل الأنبياء بأسمائهم الأعلام فقال: ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة ، وقال: يا نوح اهبط بسلام منا وقال: يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا وقال: يا يحيى خذ الكتاب بقوة وما خاطب الله عز وجل نبينا إلا بقوله: يا أيها النبي أو بقوله: يا أيها الرسول .
ولا يخفى على أحد أن منزلة من دعاه بأفضل الأسماء والأوصاف أعز عليه وأقرب إليه ممن دعاه باسمه العَلَم.
ومن فضله وشرفه أن الله عز وجل أمر الأمة بتوقيره واحترامه، فأخبر عز وجل أن الأمم السابقة كانت تخاطب رسلهم بأسمائهم الأعلام كقولهم: يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهه وقولهم: يا هود ما جئتنا ببينة ، وقولهم: يا صالح آتنا بما تعدنا ونهى الله عز وجل أمة النبي محمد أن ينادوه باسمه فقال عز وجل: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ، وعن ابن عباس في هذه الآية قال: (كانوا يقولون: يا محمد، يا أبا القاسم، فنهاهم الله عن ذلك إعظاما لنبيه قال: فقالوا: يا نبي الله يا رسول الله).
ونهى الله عز وجل أمته أن يرفعوا أصواتهم فوق صوته إعظاما له فقال عز وجل: يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون يقول ابن القيم في هذه الآية: (فحذر الله المؤمنين من حبوط أعمالهم بالجهر لرسول الله كما يجهر بعضهم لبعض، وليس هذا بردة بل معصية تحبط العمل وصاحبها لا يشعر بها) فما الظن بمن قدّم على قول الرسول وهديه وطريقه قول غيره وهديه وطريقه؟
أليس هذا قد حبط عمله وهو لا يشعر؟
ومن شرفه أنه بعث إلى الناس كافة وإلى الثقلين من الإنس والجن.
ومنها أنه صاحب الوسيلة وهي أعلى درجة في الجنة لا تنبغي لعبد من عباد الله وهي له .
ومنها نهر الكوثر الذي أعطاه الله إياه وهو ونهر في الجنة ويصب في الحوض الذي في الموقف يوم القيامة، روى الإمام أحمد ومسلم وغيرهما عن أنس قال: بينما رسول الله بين أظهرنا في المسجد إذا أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما، قلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: لقد أنزلت علي آنفا سورة فقرأ: إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر .
ثم قال: ((أتدرون ما الكوثر))؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: ((نهر وعدنيه ربي عز وجل عليه خير كثير، وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد نجوم السماء فيختلج العبد منهم، فأقول: يا رب إنه من أمتي فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك)).
ومن فضله أنه أحلت له الغنائم ففي الصحيحين عن جابر أن النبي قال: ((أعطيتُ خمسا لم يعطهن أحد قبلي، نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة)) رواه البخاري ومسلم. ومن فضله أن الله عز وجل وهبه سبعين ألفا من أمته يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب وجوههم مثل القمر ليلة البدر، لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم، وليس هذا لأحد غيره .
وهذه المآثر والفضائل التي وهبها الله لنبيه محمد كثيرة جدا نقتصر على ما ذكرنا خشية الإطالة.
ومع هذا لو لم يكن له من نعمة الله وفضله عليه إلا أخلاقه العظيمة لكفته فخرا لأن المطالع في سيرته ومواقفه المتعددة يجد أن رسول الله قد حاز من كل خلق أرفعه وتسنّم ذرى الأخلاق حتى سما بها فكان كما وصفه الله بقوله: وإنك لعلى خلق عظيم .
وكما قال حسان في مدحه :
وأحسن منك لم ترقطّ عيني وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرأ من كل عيب كأنك قد خلقت كما تشاء
وما عسى أن يقول المادحون في وصف من مدحه الله وأثنى عليه بمدائح؟ وهو سيد ولد آدم، وأفضل الأولين والآخرين، فمهما كتب الكاتبون ونظم الشعراء المادحون فلن يستطيعوا أن يجمعوا كل صفاته وفضائله، فصلوات الله عليه في الأولين والآخرين وفي الملأ الأعلى إلى يوم الدين.
فقد كان أكرم الناس خلقا، وأوسعهم صدرا وأصدقهم لهجة وأكرمهم عشيرة، وأوفاهم عهدا، وأوصلهم للرحم، قريبا من كل بر، بعيدا من كل إثم، لا يقول إلا حقا ولا يعد إلا صدقا، جواد بماله، فما قال لأحد: لا. قط، إلا في تشهده وما جرى لفظه على نعم، يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، شجاعا يتقي به أصحابه عند شدة البأس، صابرا محتسبا في جنب الله كل مكروه وأذى، يسبق حلمه غضبه ويعفو عند المقدرة، رحيم القلب، طيب النفس، آتاه الله الكمال في الخلق والخُلق، والقول و العمل، وجمّله بالسكينة والوقار و+اه حسن القبول، فاستمال القلوب وملك زمامها، فانقادت النفوس لموافقته، وثبتت القلوب على محبته وفدته النفوس بكل عزيز وغال.
فهذا هو رسول الله فيجب على كل من عرف صفات نبيه أن يحاول أن يتأسى به وأن يحبه أكثر من نفسه ووالده وولده والناس أجمعين، لهذا كان المؤمنون المستقيمون على الصراط المستقيم على الجادة والطريق الوسط عرفوا منزلته وقدره وجعلوا محبته قرة عيونهم وشغاف قلوبهم واتباع سنته شعارهم ووقروه وعزروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أثبتوا له كل ما خص به ربه من كريم الشمائل وجليل الخصال وما فضله به على النبيين وسائر البشر أجمعين، لكنهم لم يغلوا فيه قيد شعرة ولم يجاوزوا به قدره فهو عبد الله ورسوله وخيرته من خلقه وسيد ولد آدم الذي كان أعظم ما دعا إليه هو توحيد الله وتعريف الناس برب العالمين. وما يجب له سبحانه على عباده من حقوق وما وعدهم به في الآخرة فلم يستغيثوا به عند الشدائد فصلوات الله وسلامه عليه وجزاه عنا خير ما يجزي به نبيا عن أمته.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
أيها الأحبة: إن الكثير من الناس في هذه الأيام يدعون محبة الرسول ولكن هذا الإدعاء لا حقيقة له فترى الكثير ممن يزعمون محبته أول المفرطين في الصلاة التي هي عماد الدين فتجدهم لا يحافظون على الصلوات في المسجد جماعة بل إن بعضهم لا يصلي إلا في المناسبات أو في الجمع والأعياد والبعض الآخر لا يصلي مطلقا بل ولا يعرف طريق المسجد.
فهل هذا من المحبة؟ وآخرين تجدهم منحرفي السلوك إلى درجة كبيرة فالشكل الخارجي لهم يدل على أن منهم من تأبّط فسقا وفجورا فتجدهم في لباسهم ومشيتهم يتشبهون بالنساء أو بالمخنثين من الرجال يتسكعون في الشوارع والطرقات كالأنعام بل هم أضل والبعض منهم يحلق لحيته يتشبه بالمجوس والنصارى واليهود فقد قال: ((حفوا الشوارب وأوفوا اللحى وخالفوا المجوس واليهود)).
من المعلوم أنه قد ملأت لحيته وجهه الشريف ولم يثبت عنه أنه أخذ منها شيء البتة. ومنهم من يسبل ثوبه وبنطلونه إلى ما تحت الكعبين وقد ورد في إسبال الإزار من الوعيد الشديد فقال : ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يكلمهم ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)) حديث صحيح.
والإسبال يا أحبتي من الكبر ومن خصال المتكبرين فقد قال : ((وإياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة)).
وبعضهم يجاهر بشرب الدخان لا يستحي من أحد يؤذي كل من جالسه أو قاربه أو صلى بجواره والدخان خبيث نص العلماء على تحريمه فهل هذا من المحبة أم الإدعاء؟ وبعضهم يبغض المتدينين من الشباب الصالحين ويتندر بهم في المجالس ويستهزئ بهم وقد ترك معاداة الكافرين من العلمانيين والنصارى واليهود وسخر جهده في معاداة الصالحين وهو مع ذلك يدعى محبة رسول الله .
وبعضهم يقيم الموالد ويحييها ظنا منه أنه يفعل قربة وعملا صالحا وأن هذا من محبة الرسول كلا والله ليس هذا العمل من محبته بل هو بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وبعضهم يأخذ من الدين شيء ويترك شيئا آخر ظنا منه أنه بالخيار يأخذ ما يشاء ويترك ما يشاء ويفعل ما يشاء ويذر ما يشاء وقد ذم الله من يفعل ذلك فقال تعالى: أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعلمون .
إلى غير ذلك من التناقض والإدعاء الكاذب في المحبة الصادقة فإن كنت صادقا فيما زعمته فإن المحب مطيع لمن أحبه.
فالحب أيها الإخوة وإن كان من أعمال القلوب إلا أنه لا بد وأن تظهر آثاره على الجوارح قولا وفعلا ولما كان الحب أمرا يمكن أن يستتر وراء المزاعم ويقع في الاشتباه كان لابد من التمييز بين الصادق فيه وبين الدعي الكاذب وبين من سلك في حبه لرسوله مسلكا صحيحا وبين من انحرف حبه عن الصواب، وقد جرت العادة أن الدعاوى لا تقبل إلا ببينات، فالبينة على من ادعى ولو يعطى الناس بدعواهم لاختل ميزان الحق والعدل.
فمن علامات محبة رسول الله :
أولا: طاعته واتباعه: فالاتباع هو دليل المحبة الأول وشاهدها الأمثل وهو شرط صحة هذه المحبة وإذا كان الله قد جعل اتباع نبيه دليلا على حبه هو سبحانه فهو من باب أولى دليل على حب النبي ، قال تعالى: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم قال ابن كثير رحمه الله: (هذه الآية حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية بأنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله).
الثاني: تعظيم النبي وتوقيره والأدب معه، وتعظيم النبي يكون بالقلب واللسان والجوارح.
فالتعظيم بالقلب هو ما يستلزم اعتقاد كونه رسولا اصطفاه الله برسالته وخصه بنبوته وأعلى قدره، ورفع ذكره، وفضّله على سائر الخلق أجمعين كما يستلزم تقديم محبته على النفس والولد والناس أجمعين.
وأما التعظيم باللسان فيكون بالثناء عليه بما هو أهله مما أثنى به على نفسه أو أثنى عليه ربه من غير غلو ولا تقصير وأن يصلي عليه حين يذكر.
وأما التعظيم بالجوارح فيشمل العمل بطاعته، وتجريد متابعته وموافقته في حب ما يحبه، وبغض ما يبغضه والسعي في إظهار دينه ونصرة شريعته والذب عنه وصون حرمته.
الثالث: كثرة تذكره وتمني رؤيته والشوق إلى لقائه وسؤال الله اللحاق به على الإيمان وأن يجمع بينه وبين حبيبه في مستقر رحمته وقد أخبر بأنه سيوجد في هذه الأمة من يودّ رؤيته بكل ما يملكون فأخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((من أشد أمتي لي حبا، ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله)).
فهذا بلال عندما احتضر قالت امرأته: واحزناه فقال: (بل وافرحتاه غدا نلقى الأحبة محمدا وصحبه) فمزج مرارة الموت بحلاوة الشوق إليه .
رابعا: ومن مظاهر محبته: محبة سنته والداعين إليها والمتمسكين بها وأهل العلم الذين لهم في هذا الدين قدم صدق وسبق وهم الدعاة العاملون الذين يجوبون البلاد طولا وعرضا يدعون إلى الله على بصيرة.
خامسا: محبة قرابته وآل بيته وأزواجه وأصحابه.
ويتمثل هذا في توقيرهم ومعرفة فضلهم وحفظ حرمتهم ومكانتهم وبغض من أبغضهم أو آذاهم، وحبهم ومعرفة قدرهم والثناء عليهم بما هم أهله.
هذه علامات محبته أسأل الله عز وجل أن يجعلنا صادقين في ذلك، وأحب أن أنبه إلى أنه يكثر الذاهبون إلى المدينة المنورة حرسها الله في هذه الأيام فأقول لهؤلاء: يجب أن تصححوا النية أولا وذلك بأن ينووا زيارة المسجد النبوي لا القبر استناداً لقوله : ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)).
فإذا وصلتم إلى المدينة النبوية وأتيتم المسجد النبوي وأردتم الدخول فيقال عند الدخول: دعاء دخول المسجد (أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشطيان الرجيم اللهم افتح لي أبواب رحمتك) ثم تصلي ركعتين تحية المسجد ثم تتجه نحو القبر فتسلم على رسول الله قائلا: (السلام عليك يا رسول الله) ثم تتجه نحو اليمين قليلا موازيا لقبر أبي بكر فتقول: السلام عليك يا أبا بكر ثم تتجه قليلا نحو اليمين فتقول: السلام عليك يا عمر ولا تقف تدعو متجها إلى القبر ثم تخرج الزيارة بهذه الكيفية مستحبة لمن قدم إلى المدينة قاصدا مسجد رسول الله ، أو لمن كان يريد السفر من أهل المدينة وهذا الاستحباب مأخوذ من الأحاديث العامة الواردة في فضل زيارة القبور ولم يثبت بخصوص زيارة قبره حديث صحيح يحتج به عند أهل العلم وأما حديث: ((من زار قبري وجبت له شفاعتي)) فهو حديث موضوع لا يحتج به وحديث: ((من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي)) وهذا حديث منكر ساقط الإسناد وحديث: ((من حج البيت فلم يزرني فقد جفاني)) هذا حديث موضوع، وهناك بعض الناس يقف أمام القبر الشريف كهيئة المصلي.
| |
|