molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: ماذا تريد؟ (2) - عادل بن محمد قب الثلاثاء 22 نوفمبر - 7:36:08 | |
|
ماذا تريد؟ (2)
عادل بن محمد قب
الخطبة الأولى
أخي الحبيب، ها نحنُ نقف وإياك في رِحلتنا الأخيرة اليوم ما بدأناهُ معك قبل ثلاثةِ أسابيع عن سؤالٍ طرحتهُ عليك: ماذا تُريد؟ نعم، كُلُّنا نُريد أعمال صالحة وحسنات كثيرة تُقرِّبُنا إلى اللهِ تعالى، فما أعظم والله سرور المؤمن بأعمالهِ، وما أسعده يومَ القيامةِ بأفعالهِ، قال تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97].
فيا أخي الحبيب،
إذا هبَّت رياحُكَ فاغتنمهـا فإنَّ لِكُـلِ خافِقـةٍ سكـون
ولا تغفل عنِ الإحسانِ فيها فلا تدري السكونُ متَى يكونُ
أخي الحبيب، دعني أطرحُ عليك سؤالي مرَّةً أُخرى: ماذا تُريد؟ هلْ تُريد ـ يا أخي الحبيب ـ أن يحلَّ عليكَ رِضُوانُ الله فلا يسخطُ عليكَ بعدهُ أبدًا؟ إذن اسمع يا من قُمتَ الليل، اسمع يا من بررتَ بوالديك، اسمع يا من صِلت أرحامك ورَحِمتَ جيرَانك وجعلتَ صدرك سليمًا للمسلمين، اسمع يا من حفظت لِسانك عنِ الحرام، اسمعوا جميعًا ـ يا عِبادَ الله ـ لهذا الحديثِ العظيم، يقول : ((إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ لأهلِ الجنَّة: يا أهل الجنَّة، فيقولون: لبّيكَ وسعديكَ والخيرُ في يديك، فيقولُ: هل رضيتُم؟ فيقولونَ: وما لنا لا نرضىَ ـ يا ربَّنَا ـ وقد أعطيتنا ما لم تُعطِ أحدًا من خلقِك؟! فيقول: أنا أُعطيكُم أفضلَ من ذلِك، قالوا: يا رب، وأيُّ شيءٍ أفضلَ من ذلِك؟! فيقول: أُحِلُّ عليكُم رِضواني فلا أسخطُ عليكُم بعده أبدًا)) رواهُ البخاري.
أخي الحبيب، هلْ تُريد ـ يا أخي الحبيب ـ أن تكون محفوظًا في ذمَّةِ الله، أي: يحفظكَ الله من كُلِّ سوء، إذن اسمع يا حبيبي في الله ويا أيها الغالي، اسمع إلى هذا الحديث العظيم، قال : ((من صلَّى الصُبح فهو في ذمَّةِ الله)) رواهُ مسلم. تأمَّل معي قوله: ((في ذمَّةِ الله))، فهي ليست ذمَّة ملك من ملوكِ الأرض؛ لأنهُ وإن علا مُلكهُ وتوقفت مراكِب السير تعظيمًا وتبجيلاً لهُ لا تزال فيهِ حقارة الأرض وذِلَّةُ الأرض والضعف الكائن في المخلوق من ترابِ الأرض، وإنَّمَا هيَ ذِمَّةُ مالكِ المُلك وربّ الأرباب وخالِق الأكوان وما عليها والواصِف نفسَهُ سبحانهُ قائِلاً: وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ. ذِمَّةُ الله هي الذّمَّةُ التي لا يستطيعُ أحد خرقها بلْ مسَّها، تُحيطُ المؤمِن بسياجٍ من الحِماية لهُ في نفسهِ وولدهِ وعقلهِ ودينهِ وسائر أمره، فيُحِسُّ بالطُمأنينة في كنفِ اللهِ، ويشعُرُ أنَّ عينَ الله ترعاهُ وأنَّ قوُّتَهُ تحفظهُ، فيمضي يومهُ واثِق الخُطى ثابِتُ الجنان عديم الوجل من كُلِّ ما دبّ على وجهِ الأرض.
أخي الحبيب، هلْ تُريد أن يكون لكَ نورٌ تامٌّ يوم القيامة، اسمع معي قوله : ((بشِّرِ المشائينَ في الظُّلَم بالنُّورِ التَّام يومَ القِيامة)) حديثٌ صحيح. والنُّور ـ أخي ـ يكونُ على قدرِ الظُلمَة، فمن كثُرَ سيرهُ في ظلامِ الليلِ إلى الصَّلاة عظُمَ نُورهُ وعمَّ ضِياؤُهُ يوم القيامة، والمؤمِنُ يعلمُ أنَّ مُقاساة الظُلمة هُنا هي ثمنُ النور هناك، وأنَّ سيرهُ في ظُلمةِ الليلِ إلى المساجد إنَّما يدَّخِر الأنوار لهُ ليومٍ تُضيءُ له الصِّرَاط فيعبرهُ إلى الجنَّة، وليست أنوارُ المؤمنين يومَ القيامة على درجةٍ واحدةٍ من الشِّدَّةِ والقُّوَة، بلْ تتفاوت بتفاوتِ الإيمان، قال : ((فيُعطَونَ نورَهُم على قدرِ أعمالهِم، فمنهُم من يُعطَى نورَهُ مثل الجبل بينَ يديهِ، ومنهم من يُعطى نورَهُ فوق ذلك، ومنهم من يُعطى نورَهُ مثل النَّخلةِ بيمينهِ، ومنهُم من يُعطى نورهُ دونَ ذلِكَ بيمينهِ، حتى يكون آخر من يُعطَى نورَهُ على إبهامِ قدمهِ يُضيء مرَّةً ويطفئ مرَّة)) رواهُ الحاكم وصححه الألباني رَحمه الله.
هل تريد ـ يا أخي الحبيب ـ أن لاَّ تمسَّ النار عيناك يوم القيامة؟ قال عليهِ الصلاة والسلام: ((عينان لا تمسُّها النار يوم القيامة: عينٌ بكت من خشيةِ الله، وعينٌ باتت تَحرسُ في سبيلِ الله)).
هل تريد ـ يا أخي الحبيب ـ أن تلبس تاج الكرامة يوم القيامة، وتُريد ـ يا أخي ـ أن يرضى اللهُ عنك، وتريد بكُلِّ آيةٍ حسنة؟ قال عليه الصلاة والسلام: ((يجيء صاحب القُرآن يوم القيامة فيقولُ ـ أي القُرآن ـ: يا رب حلَّهِ، فيُلبس تاج الكرامة، ثُمَّ يقول: يا رب زرهُ، فيُلبس حلَّةُ الكرامه، ثُمَّ يقول: يا رب ارضَ عنهُ، فيُقال: اقرأ وارقَ، ويُزادُ بكُلِّ آيةٍ حسنة)) حديثٌ صحيح.
هل تُريد ـ يا حبيبي في الله ـ أن يُغرس لك غِراسٌ في الجنَّة؟ اسمع إذن، عن أبي هُريرة رضي اللهُ عنه أن رسُولَ اللهِ مرَّ بهِ وهو يغرِسُ غرسًا فقال: ((يا أبا هُريرة، ما الذي تغرِس؟)) قال: قُلتُ: غِرَاسًا لي، قال: ((ألا أدُلُكَ على غِراس خير لكَ من هذا؟)) قال: بلى يا رسُول الله، قال: ((قُلْ: سُبحان الله والحمدُ للهِ ولا إلهَ إلاَّ الله واللهُ أكبر يغرِسُ لكَ بِكُلِّ واحدةٍ شجرةً في الجنَّة)) حديثٌ صحيح.
هل تُريد معرفة خصلتين أو خلَّتين لا تُحافِظ عليها إلاَّ دخلت الجنَّة، بلْ ت+ب ألف وخمسمائة حسنة؟ إذن اسمع، قال عليه الصلاة والسلام: ((خصلتان أو خلَّتان لا يُحافِظ عليهما عبدٌ مُسلم إلاّ دخلَ الجنَّة، هُما يسير ومن يعمل بهِما قليل، يُسبِّح في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ عشرًا، ويحمُد عشرًا، ويُكبِّر عشرًا، فذلِكَ خمسونَ ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، ويُكبِّر أربعًا وثلاثين إذا أخذَ مضجعهُ، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويُسبِّح ثلاثًا وثلاثين، فذلِكَ مائةٌ باللسان، وألفٌ في الميزان))، فلقد رأيتُ رسولَ اللهِ يعقُدها بيده، قالوا: يا رسُولَ الله، كيفَ هُما يسير ومن يعمل بهما قليل؟! قال: ((يأتي أحدَكُم ـ يعني الشيطان ـ في منامه فيُنومهُ، ويأتيهِ في صلاتهِ فيُذكِّرَهُ حاجتهُ قبلَ أن يقولها)) حديثٌ صحيح.
هلْ تريد ـ يا أخي الحبيب ـ أن يشكُرَكَ الله ويُدخِلُكَ الجنَّة؟ فاسمع يا من تُريد شكر الله لك، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي : ((إنَّ رَجُلاً رأى كلبًا يأكُل الثَّرى من العطش ـ أي: يأكل التراب من شِدَّةِ العطش ـ، فأخذَ الرَّجُل خُفَّهُ فجعلَ يَغرِفُ لهُ بهِ حتَّى أرواهُ، فشكر اللهُ لهُ فأدخلَهُ الجنَّة)) رواهُ البخاري.
هل تريد أن يُدخِلَكَ اللهُ الجنَّة بشهادةِ الناس لك؟ قال عليهِ الصلاة والسلام: ((أيُّمَا مُسلمٍ شَهِدَ لهُ أربعة بخيرٍ أدخلَهُ اللهُ الجنَّة))، فقلُنا: وثلاثة ؟ قال: ((وثلاثة))، فقلُنا: واثنان؟ قال: ((واثنان))، ثُمَّ لم نسأله عنِ الواحد. رواهُ البخاري.
هلْ تُريد أن ترفع درجتكَ في الجنَّة؟ قال عليه الصلاة والسلام: ((إنَّ الرَّجُلَ لترفعُ درجتهُ في الجنَّة فيقول: أنَّى هذا؟! فيُقال: باستغفار ولدكَ لك)) حديثٌ صحيح.
هل تُريد أن تعرِف رِجال الجنَّة؟ قال عليه الصلاة والسلام: ((ألا أُخبركُم برِجالكُم في الجنَّة؟)) قالوا: بلى يا رسُولَ الله، فقال عليه الصلاة والسلام: ((النَّبيُّ في الجنَّة، والصدِّيقُ في الجنَّة، والرَّجُل يزورُ أخاهُ في ناحيةِ المِصر في الجنَّة)) حديثٌ حسن حسّنهُ الألباني رحمه الله.
وهذه هديةٌ للمرأة بدخولِ الجنَّة، بلْ من أيّ أبواب الجنَّة شاءت، قال عليه الصلاة والسلام: ((إذا صلَّت المرأةُ خمسها وصامت شهرها وحصَّنَت فرجها وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنَّةِ شاءت)) حديثٌ صحيح.
وهذه هديةٌ أُخرى للمؤذنين، قال عليه الصلاة والسلام: ((من أذَّن ثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتب لهُ بتأذينه في كل يوم ستونَ حسنة، وبِكُلِّ إقامة ثلاثون حسنة)) حديثٌ صحيح. اللهُ أكبر، هنيئًا والله للمؤذنين هذه الأجور العظيمة والمباركة.
هل تريد أن تكون قريبًا من الله وأن يطرد الله عنك الداء من جسدك ويُكفِّر عنكَ سيئاتِك؟ قال عليه الصلاة والسلام: ((عليكم بقيام الليل؛ فإنهُ دأبُ الصالحينَ قبلكُم وقُربةٌ إلى اللهِ تعالى ومنهاةٌ عنِ الإثم وتكفير للسيئات ومطردةٌ للداء عن الجسد)) حديثٌ صحيح.
هل تُريد أن تنجو من كُربِ يوم القيامة؟ قال عليهِ الصلاة والسلام: ((من نفَّس عن مؤمنٍ كُربةً من كُربِ الدُنيا نفَّسَ اللهُ عنهُ كُربةً من كُربِ يومَ القيامة)) رواه مسلم.
هل تريد أن يغفر اللهُ لك ذنوب سنتين بصيامِ يومٍ؟ قال : ((صيامُ يومِ عرفة إني أحتسِبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلهُ والسنةَ التي بعدَهُ، وصيام عاشوراء إني أحتسِبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلهُ)) حديثٌ صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: ((من صامَ يوم عرفة غفر اللهُ ذنب سنتين، سنة أمامهُ وسنة خلفهُ)) حديثٌ صحيح.
هل تُريد مجاورة النبي في الجنَّة؟ قال عليه الصلاة والسلام: ((إنَّ من أحبَّكُم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكُم أخلاقًا)).
هل تريد حسنات بعد الموت؟ قال : ((إذا ماتَ الإنسان انقطعَ عملهُ إلاَّ من ثلاث: صدقة جارية، أو عِلم يُنتفعُ بهِ، أو ولد صالح يدعو له)) رواه مسلم.
هل تُريد ـ يا حبيبي في الله ـ أن يكشِفَ اللهُ عنك الهموم والكروب أو الأمراض؟ قال عليه الصلاة والسلام: ((من أصابهُ همٌّ أو غمٌّ أو سقمٌ أو شدَّةٌ فقال: اللهُ ربي لا شريكَ لهُ كُشِفَ ذلك عنه)).
هل تُريد أن تُلين قلبك وتُدرِك حاجتك؟ روي أن رَجُلاً شكا إلى رسولِ اللهِ قسوةَ قلبهِ، فقال لهُ : ((أتُحِبّ أن يلينَ قلبُكَ وتُدرِكَ حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسهُ وأطعِمهُ من طعامك يلن قلبك وتُدرِك حاجتك)).
هل تُريد أن يُحبَّكَ اللهُ ورسولهُ ؟ قال عليه الصلاة والسلام: ((إن أحببتُم أن يُحبكُم اللهُ ورسوله فأدوا إذا ائتمنتُم، واصدقوا إذا حدثتُم، وأحسِنُوا جِوارَ من جاوركم)).
هل تُريد أن يملأ اللهُ قلبكَ رِضا ويُثبِّت قدمكَ على الصِّرَاط؟ قال عليه الصلاة والسلام: ((أحبُّ الناس إلى اللهِ أنفعَهُم، وأحبُّ الأعمال إلى اللهِ عزَّ وجل سرورٌ تُدخِلَهُ على مسلمٍ، أو تكشِف عنهُ كُربةً أو تقضي عنهُ دينًا أو تطرد عنه جوعًا)).
هل تُريد أن يقيكَ الله من السُّم والسّحر؟ قال عليه الصلاة والسلام: ((من تصبَّحَ كُلَّ يومٍ بسبعِ تمراتٍ عجوة لم يضرّهُ في ذلك اليوم سُمٌّ ولا سِحر)) متفق عليه.
هل تريد دعاء يجمع لكَ دُنياك وآخرتك؟ قال عليه الصلاة والسلام: ((قُل: اللهُمَّ اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني، فإنَّ هؤلاءِ تجمع لك دُنياك وآخرتك)).
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|