molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: أشراط الساعة - صالح بن محمد آل طالب الخميس 17 نوفمبر - 5:31:47 | |
|
أشراط الساعة
صالح بن محمد آل طالب
الخطبة الأولى
أما بعد: فإنّ أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هديُ محمّد ، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة في الدين بِدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النار، وعليكم بجماعة المسلمين، فإنّ يد الله مع الجماعة.
وبعد: أيّها المسلمون، اتقوا الله تعالى، واعلموا أنّكم إليه راجعون، وبأعمَالكم مجزيّون، فلا تغرنّكم الحياة الدنيا، يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ [غافر:39، 40].
فسمّى الله تعالى الدنيا متاعًا، والمتاعُ هو ما يتمتَّع به صاحبُه برهةً ثم ينقطع عنه كمتاع المسافر، فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ [التوبة:38]. وما عيبَت الدنيا بأكثرَ مِن ذكر فنائِها وتقلُّب أحوالها، وهو أدلّ دليلٍ على زوالها، فتتبدَّل صحّةُ الإنسان فيها بالسّقَم، ونعيمُه بالبؤس، وحياته بالموتِ، ويؤول عمارُها للخراب، واجتماعُ أهلها للفُرقة، وما فوق التراب تراب. قد كتب الله عليها الفناءَ كما كتبَ للآخرة البقاءَ، كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [الأنبياء:35]، وهذا الموت الذي يفزَع منه الناس ليس فناءً أبديًّا، بل هو انتقالٌ إلى دارٍ أخرى، دارِ الجزاء والحسابِ، وذلك بعد قيام الساعة، إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى [طه:15]، فالساعة حقٌّ، ووقتها غيبٌ، وخفاؤها لحِكمة، والجزاء حقّ، فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى [طه:16].
أيّها المسلمون، الإيمانُ بالسّاعة وأشراطها وبالبعثِ والجزاء والجنةِ والنار وجميع ما أخبر الله به من أحوالِ الآخرة وما بعد الموتِ كلُّه من الإيمان باليومِ الآخر الذي هو ركنٌ من أركان الإيمان، قال الحقّ سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا [النساء:136]، وفي صحيح مسلم عن عمرَ بنِ الخطّاب رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوسٌ عند رسول الله ذات يومٍ إذ طلع علينا رجلٌ شديدُ بياضِ الثياب.. إلى أن قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: ((أن تؤمنَ بالله وملائكته وكتبِه ورسلِه واليوم الآخر وتؤمنَ بالقدر خيره وشره))، ثم سأله عن الساعة وأمراتها، وأخبر النبيّ : ((إنّ هذا جبريل، أتاكم يعلمكم دينكم))[1]، وفي الصحيحَين عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: كان رسولُ الله يومًا بارِزًا للناس، فأتاه رجل فقال: يا رسول الله، ما الإيمان؟ قال: ((أن تؤمنَ بالله وملائكتِه وكتابِه ولقائه ورسُله وتؤمنَ بالبَعث الآخر)) الحديث[2].
أيّها المسلمون، هذه الأمور السِّتّة هي أركان الإيمان، وهي الأصول بعِثَ بها رسُل الله عليهم الصلاة والسلام، ونزلت بها الكتُب السماويّة، ولا يتِمّ إيمان أحدٍ إلاّ إذا آمن بها جميعًا على الوجهِ الذي دلّ عليه الكتاب والسنة. وما يتعلَّق بأمور الآخرةِ غيبٌ لا يعلم حقيقتَه إلا الله سبحانه، وقد أخبر جلّ في علاه عن ذلك بأخبارٍ لا يتمّ الإيمان إلا بتصديقها، قال الله عز وجل: الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة:1-3]، قال ابن رجب رحمه الله: "فالإيمانُ القائِم بالقلوبِ أصلُ كلِّ خيرٍ، وبه يحصل سعادةُ الدنيا والآخرة والنجاةُ من شقاوتهما، ومتى رسخ الإيمان في القلبِ انبعثتِ الجوارح كلُّها بالأعمال الصالحة كما قال النبيّ : ((ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلَحت صلَح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسَد الجسد كله، ألا وهي القلب)) رواه البخاري ومسلم[3]".
عبادَ الله، إنَّ الإيمانَ بالساعة وبأشراطِها وعلامتها السّابقة لها من الإيمان بالغيبِ، وهو مطلَب من مطالِب الإيمان باليوم الآخر الذي هو ركنٌ من أركان الإيمان، وقد استأثَر الله تعالى بعلم الساعة، يَسْأَلُونَكَ عَنْ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [الأعراف:187]. ومِن رحمةِ الله تعالى بعباده أن أخبرَ ببَعض علامات قُربِ وقوعها وما يسبِقها من الفتَنِ، ونبَّه النبيّ أمّتَه وحذَّرهم ليتأهَّبوا لها.
أيّها المسلمون، إنَّ الساعةَ قريب، وقد ثبَت في الصحيح أنّ النبيَّ قال: ((بعِثتُ أنا والساعة كهاتين)) وقرن بين السبابة والوسطى[4]. فبِعثتُه مِن أوّل العلامات.
ومِن العلامات ما هو جارٍ وقوعُه، أو قد وقَع، ومنه ما لم يقع وهو آتٍ لا محالة.
ومما وردَ في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ قال: ((لا تقوم الساعة حتى تقتَتِل فئتان عظيمتان، يكون بينهما مقتلةٌ عظيمة دعوتهما واحدة، وحتى يُبعَث دجّالون كذّابون قريبٌ من ثلاثين كلُّهم يزعم أنّه رسول الله، وحتى يقبَضَ العلم وتكثرَ الزلازل ويتقارَبُ الزّمان وتظهرَ الفتن ويكثرَ الهرج وهو القتل، وحتى يكثرَ فيكم المال فيفيض حتى يهمّ ربّ المال من يقبَل صدقتَه، وحتى يعرضه عليه فيقول الذي يعرِضه عليه: لا أَربَ لي به، وحتى يتطاول الناس في النبيانِ، وحتى يمرّ الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانَه، وحتى تطلعَ الشمس من مغربها، فإذا طلعت ورءَاها الناس يعني آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنَت من قبل أو +َبَت في إيمانها خيرًا، ولتقومنَّ الساعة ولقد نشَر الرجلان ثوبهما بينَهما فلا يتبايَعانِه ولا يطوِيانِه، ولتقومنَّ الساعة وقد انصَرف الرجل بلَبَن لِقحَتِه فلا يطعَمُه، ولتقومنَّ الساعة وهو يليطُ حوضَه فلا يسقي فيه، ولتقومَنَّ الساعةُ وقد رفَع أكلتَه إلى فيه فلا يطعمُها)) رواه البخاري وروى مسلم بعضًا منه[5].
وعن عوف بن مالكٍ الأشجعيّ رضي الله عنه قال: أتيتُ النبيَّ في غزوةِ تبوك وهو في قُبّةٍ من أدم فقال: ((اعدُد ستًّا بين يدَيِ الساعة: موتي، ثم فتحُ بيت المقدس، ثم موتان يأخذُ فيكم كقُعاص الغَنَم، ثمّ استفاضة المال حتى يعطَى الرجل مائة دينار فيظلّ ساخطًا، ثم فِتنة لا يبقى بيتٌ من العرَب إلاّ دخلته، ثم هُدنة تكون بينكم وبين بني الأصفَر فيغدِرون فيأتونَكم تحت ثمانين رايَة، تحت كلِّ رايةٍ اثنا عشر ألفًا)) رواه البخاري[6].
كما ثبت في الصحيحِ أنَّ مِن علامات الساعةِ كثرةَ النساء وقِلّة الرجال وموت العلماء وضياعَ الأمانة وانتشارَ الزّنا وشرب الخمر واستِحلال المعازف، وثبَت أيضًا أنَّ النبيّ أخبر أنّ بين يدَيِ الساعة سنوات خدّاعة، يُتَّهم فيها الأمين، ويؤتَمَن فيها الخائِن، ويَنطِق فيها الرّوَيبِضة وهم الفَسَقة والسفهاءُ الذين يتكلَّمون في أمر العامّة، ويتطاول الحفاةُ العُراة العالَة رِعاء الشاءِ والغنَم في البنيان، وتَضيع الأمانةُ فتوسَد الأمور إلى غيرِ أهلِها، ويسود كلَّ قبيلة منافقوها، ويرفَع العِلم، ويقبَض العلماء، ويكثر الجَهل، ويوضَع الأخيار، ويُرفَع الأشرار ويقرَّبون، ويتباهَى الناس في المساجد، فيحسِّنون بناءَها ويضيِّعون الصلاةَ التي بنِيَت المساجد لأجلها.
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((والذي نفسِي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يأتي علَى الناس يومٌ لا يدري القاتلُ فيمَ قتل، ولا المقتول فيم قتِل))، فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: ((الهرج، والقاتل والمقتولُ في النار)) رواه مسلم[7]. قال ابن حجر رحمه الله: "وفيه التحذيرُ من الفتنة والحثُّ على اجتنابِ الدخول فيها"[8].
أيّها المسلمون، وتَمَّة علامات كبرَى سريعة التتابُع، ففي صحيح مسلم عن حذيفة بن أسيدٍ الغفاري رضي الله عنه قال: اطَّلع علينا النبيّ ونحن نتذَاكَر، فقال: ((ما تذاكرون؟)) قالوا: نذكر الساعة، قال: ((إنها لن تقومَ حتى ترون قبلها عشرَ آيات))، فذكر الدخانَ والدّجال والدابّة وطلوعَ الشمس من مغربها ونزولَ عيسى ابن مريم عليه السلام ويأجوج ومأجوج وثلاثةَ خسوفٍ: خسف بالمشرق وخسف بالمغرِب وخسف بجزيرة العرب، وآخرُ ذلك نارٌ تخرج من اليمَن تطرُد الناس إلى محشرِهم. هذا لفظ مسلمٍ وبعضه في صحيح البخاري[9].
كما روى مسلِم أيضًا عن عبد الله بن عمرو قال: حفِظتُ من رسول الله حديثًا لم أنسَه بعد، سمعت رسولَ الله يقول: ((إنَّ أوّلَ الآيات خروجًا طلوعُ الشمس من مغربها، وخروج الدابّة على الناس ضحًى، وأيّهما ما كانت قبلَ صاحِبَتها فالأخرى على إثرها قريبًا))[10].
كما أنَّ من علامات اقترابِ الوعد الحقّ ما ذكر الله سبحانه بقوله: حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ [الأنبياء:96]، وهم أمّةٌ كثيرة مفسِدة، تسعى في هلاكِ الناس وإفسادِ الأرض.
فتوبوا إلى الله تعالى ـ أيها المؤمنون ـ قبل أن يفجأكم الموت أو تأتيَكم الساعة بغتةً وأنتم لا تشعُرون.
فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ [محمد:18، 19].
بارَك الله لي ولكُم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآياتِ والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفِر الله تعالى لي ولكم ولسائِرِ المسلمين والمسلماتِ من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم.
[1] صحيح مسلم: كتاب الإيمان (8).
[2] صحيح البخاري: كتاب التفسير (4777)، صحيح مسلم: كتاب الإيمان (9).
[3] صحيح البخاري: كتاب الإيمان (52)، صحيح مسلم: كتاب المساقاة (1599) عن النعمان بن بشير رضي الله عنه.
[4] صحيح البخاري: كتاب الرقاق (6504)، صحيح مسلم: كتاب الفتن (2951) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
[5] صحيح البخاري: كتاب الفتن (7121)، صحيح مسلم: كتاب الفتن (157).
[6] صحيح البخاري: كتاب الجزية (3176).
[7] صحيح مسلم: كتاب الفتن (2908).
[8] فتح الباري (13/31).
[9] صحيح مسلم: كتاب الفتن (2901).
[10] صحيح مسلم: كتاب الفتن (2941).
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:1-4]، لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص:70]، وأشهد أن لا إله إلا الله الملِك الحقّ المبين، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله، بلّغ الرسالةَ، وأدّى الأمانة، ونصح الأمّة، وجاهد في الله حقَّ جهاده حتى أتاه اليقين، صلّى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: روَى الحاكم بسندٍ صحيح عن جابرٍ رضي الله عنه أنّ النبيَّ قال: ((ما كانَت ولا تكون فتنةٌ حتى تقومَ الساعة أعظم مِن فتنةِ الدجال، وما مِن نبيّ إلا وحذَّر قومَه الدّجال))[1]، وفي صحيح مسلمٍ أنّ النبيّ قال: ((ما بينَ خلقِ آدمَ إلى قيام الساعة خلقٌ أكبر من الدّجال))[2]. ففتنَتُه أعظم الفتن بسَبَب ما يجري على يده من الخوارق العظيمة التي تفتِن ضِعافَ الإيمان ابتلاءً وامتِحانًا منَ الله تعالى، وتمييزًا للمؤمنين عن المنافقين.
وقد وصفه النبيّ وأخبر عن أحواله، وأنه قصيرٌ أفحَج أعوَر، وأنه يدخل كلَّ قرية، ويعيثُ في الأرض فسادًا إلاّ مكّةَ والمدينة، فقد ثبت في صحيح مسلمٍ وغيره أنه لا يستطيع دخولَهما، وأنَّ على كل نَقبٍ منها ملائكةً يحرسونها[3]، كما روى الإمام أحمد بسندٍ صحيح أنَّ الدجالَ لا يدخل أربعةَ مساجد: المسجد الحرام ومسجدَ المدينة ومسجدَ الطّور والمسجدَ الأقصى[4].
وفي صحيح مسلم أن النبيَّ قال: ((يتبَع الدجالَ مِن يهود أصبهان سبعون ألفًا، عليهم الطيالسة))[5]، وفي صحيحِ مسلمٍ أيضًا أنَّ الدجالَ إذا عمَّت فِتنته ثبَّت الله المؤمنين حتى ينزلَ عيسى ابنُ مريم عليه السلام على المنارة الشرقيّة بدمشق، فيلتَفّ حولَه عباد الله المؤمنون، فيَسير بهم قاصِدًا المسيحَ الدجال، ويكون الدّجّال عند نزول عيسى متوجِّهًا إلى بيت المقدس، فيلحَق به عيسى عند باب لدّ، وهي بلدةٌ قربَ بيت المقدس، فيتداركه فيقتله بحربَتِه، وينهزِم أتباعه[6]، فيتبَعهم المؤمنون فيقتُلونهم حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم يا عبد الله، هذا يهوديّ خلفي تعالَ فاقتُله، إلاّ الغرقَد فإنّه من شجَرِ اليهود[7].
أيّها المسلمون، ولِعَظم هذه الفتنة أمِرنا أن نتعوَّذ في صلاتنا منها كما في صحيح مسلم[8].
عبادَ الله، ولِكثرة الفتن في آخر الزمان ولوجودها في زماننا هذا فإنَّ على المسلم أن ينتبَّهَ من الغفلة، وأن يشتدَّ خوفه وحذرُه، وأن يحرِصَ على أسباب الثباتِ على دين الله والهرب مِنَ الفتن والالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء والعبادة.
فاللّهمّ يا مقلّبَ القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك، ونعوذ بالله من عذابِ النار وعذاب القبر ومن شرِّ فِتنة المسيح الدجال ومن فتنةِ المحيا والممات.
هذا وصلوا وسلموا على خير البرية وأ+ى البشرية محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي، فقد أمركم الله تعالى بقوله: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأزواجه وذريته وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين...
[1] مستدرك الحاكم (64)، وهو في مسند أحمد (3/292)، والسنة لابنه (1005)، وجوّده ابن كثير في البداية والنهاية (1/127)، وهو في السلسلة الصحيحة (3081).
[2] صحيح مسلم: كتاب الفتن (2946) عن عمران بن حصين رضي الله عنه..
[3] صحيح مسلم: كتاب الفتن (2942) عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها.
[4] مسند أحمد (5/435) عن رجل من أصحاب النبي ، وأخرجه أيضا عبد الله في السنة (1016) عن أبيه، والطحاوي في شرح المشكل (14/376)، قال ابن حجر في الفتح (13/105): "رجاله ثقات"، وقال الهيثمي في المجمع (7/343): "رجاله رجال الصحيح".
[5] صحيح مسلم: كتاب الفتن (2944) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
[6] صحيح مسلم: كتاب الفتن (2937) عن النواس بن سمعان رضي الله عنه بمعناه.
[7] صحيح مسلم: كتاب الفتن (2922) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
[8] صحيح مسلم: كتاب الجنائز (588) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
| |
|