molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الطهارة للصلاة - صالح بن فوزان الفوزان الخميس 17 نوفمبر - 4:37:54 | |
|
الطهارة للصلاة
صالح بن فوزان الفوزان
الخطبة الأولى
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى ، واعلموا أن الطهارة مفتاح الصلاة ، ومن أعظم شروط صحتها ، قال تعالى: يا أيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلَكم إلى الكعبين وإن كنتم جنباً فاطهروا وإن كنتم على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون [المائدة:6].
ففي هذه الآية الكريمة الأمر بالطهارة للصلاة من الحدث الأصغر بالوضوء، ومن الحدث الاكبر بالاغتسال بجميع البدن.
وفيها أن الطهارة من الحدثين تكون بالماء الطهور عند وجوده والقدرة على استعماله ، فإن لم يجد الماء أو وجده ولم يقدر على استعماله، لمرض أو لكون الماء قليلا لا يكفي لطهارته وحاجته إليه للشرب والطبخ ، فإنه يتيمم بالتراب بدلا من الماء .
وفي الآية بيان تيسير الله لعباده ورفع الحرج عنهم فيما شرعه لهم من الطهارة بالماء، أو بالتراب عند عدم الماء، أو العجز عن استعماله، وأنه سبحانه يريد أن يطهرهم من الحدث والنجاسة ، ومن الذنوب والأخلاق الذميمة.
وليتم نعمته عليكم [المائدة :6].
بالترخيص لكم بالتيمم بدلا من الطهارة بالماء عند تعذرها.
لعلكم تشكرون [المائدة : 6]. الله على نعمته وتيسيره ، ورفعه للحرج عنكم ، وذلك بالثناء عليه سبحانه والاعتراف بفضله والقيام بطاعته .
وفي الآية الكريمة: بيان أعضاء الوضوء ، وهي الوجه واليدان ، والرأس ، والرجلان، وأن الفرض في الوجه واليدين والرجلين الغَسْل، والفرض في الرأس المسح بكامله، وانه في الحدث الاكبر ، وهو الجنابة ونحوها يجب غسل جميع البدن. وأما صفة التيمم بالتراب فقد بينتها السنة النبوية، وذلك بأن يضرب بيديه على تراب طهور له غبار يعلق باليد، ويمسح بهما وجهه وكفيه، ومثل التراب ما كان عليه غبار طاهر من فراش أو جدار ونحوها، فإن لم يكن على الفراش أو الجدار ونحوهما غبار ، فإنه لا يجزئ التيمم بالضرب عليه .
عباد الله : وصفة الوضوء أن ينوي بقلبه ، رفع الحدث، ثم يقول: بسم الله، ثم يغسل كفيه ثلاث مرات ، ثم يتمضض ثلاث مرات ،ويستنشق ثلاث مرات ، ويبالغ في المضمضة بأن يدير الماء إلى أقصى فمه ، ويبالغ في الاستنشاق بأن يجتذب بالماء إلى أقصى أنفه ، إلا ان يكون صائما فإنه لا يبالغ في المضمضة والاستنشاق خشية أن يذهب الماء إلى حلقه ، ثم يغسل وجهه من منابت الرأس المعتاد إلى ما انحدر من اللحيين والذقن طولا ، ومن الأذن إلى الأذن عرضا ، واللحية من الوجه يجب غسل ظاهرها ولو طالت ، ويستحب تخليل باطنها بالماء ، ثم يغسل يديه مع المرفقين ثلاث مرات ، ثم يمسح جميع رأسه بأن يضع يديه مبلولتين بالماء على مقدم رأسه ، ويمرهما إلى قفاه ، ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه ، والأذنان مع الرأس يمسح ظاهرهما وباطنهما ، وذلك بأن يدخل إصبعيه السبابتين في خرقي اذنيه ، ويدير إبهاميه على ظاهرهما ، ثم يغسل رجليه ثلاثا مع الكعبين . ويجب تعميم أعضاء الوضوء بجريان الماء عليهما ، فإن بقي منها شيء لم يصل إليه الماء لم يصح وضوؤه ، لما روى عمر رضي الله عنه أن رجلا ترك موضع ظفر من قدمه اليمنى فأبصره النبي – - فقال : ((ارجع فأحسن وضوءك ))، رواه مسلم .
وإذا كان في بعض أعضاء الوضوء جرح يتضرر بالماء، فإنه يجنب الماء الجرح ، ويغسل باقي العضو ، ويتيمم عن موضع الجرح ، وإن كان على الجرح غطاء من ضماد أو لصوق أو جبيرة على +ر، فانه يمسح عليه بالماء ويكفيه عن غسله .
وإذا كان على رجليه خفان أو كنادر ساترة للكعبين وما تحتهما فإنه يمسح عليهما ويكفيه ذلك عن غسل الرجلين. والشّراب إذا كانت ضافية على الكعبين وما تحتهما ، وكانت متينة تستر الجلد ، فإنه يمسح عليهما ويقومان مقام الخفين على الصحيح من قولي العلماء .
ومدة المسح على الخفين وما يقوم مقامهما من الشراب يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر الذي يباح له قصر الصلاة. وأما ماعلى جرح من ضماد فانه يمسح عليه إلى نزعه أو برء ما تحته.
وصفة الغسل من الجناية ونحوها: أن ينوي الاغتسال للجنابة ونحوها، ثم يسمي، ثم يغسل كفيه ثلاثا، ثم يستنجي، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يحثي الماء على رأسه ثلاث مرات يعممه بها ويروي أصول شعره، ثم يفيض الماء على سائر بدنه ويعممه به، ولا يترك منه شيئا لا يصل إليه لأنه لو بقي منه شيء ولو قليل لم يغسله لم تصح طهارته حتى يغسله.
عباد الله: والحكمة – والله أعلم -في غسل هذه الأعضاء في الوضوء كونها التي يباشر بها العبد ما يريد فعله ، وبها يعصي الله ويطيعه ، وهي أسرع ما تحرك من الإنسان لطاعة والمعصية. وقد أخبر النبي - - أنه كلما غسل عضوا منها حط الله عنه كل خطيئة اصابها بذلك العضو.
ولما أمر سبحانه بغسل هذه الأعضاء في لأوضوء وغسل جميع البدن في الاغتسال من الجنابة ونحوها قال تعالى: ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون [المائدة:6].
فبين سبحانه أن الحكمة في ذلك إرادته تطهير المسلم من الحدث وتطهيره من الخطايا . وجاء في الحديث : أن هذه الأمة يبعثون يوم القيامة غراً محجّلين من آثار الوضوء، ويعرفون بذلك ببين الامم ، مما يدل على فضل الوضوء وفائدته للمسلم في الدنيا والاخرة .
وإذا فرغ من الطهارة استحب له أن يقول: أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، لما روى عمر بن الخطاب – - عن النبي – - أنه قال : (( ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء، ثم يقول: أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية ، يدخل من أيّها شاء ))، رواه احمد ومسلم . وفي رواية يقول زيادة على ذلك : ((اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين )). والحكمة من قول هذا الذكر بعد الوضوء هي الجمع بين طهارة الباطن بشهادة التوحيد وطهارة الظاهر بالوضوء.
عباد الله: إياكم والإسراف في الماء في الوضوء والاغتسال ، فقد نهى النبي – - عن ذلك، وكان يتوضأ بالمُدّ ، ويغتسل بالصاع وهو القدوة ، فالإكثار من صب الماء في الوضوء والاغتسال إسراف لا داعي له ، وربما أن الإنسان يسرف في صب الماء ولا يتطهر الطهارة المطلوبة بحيث يبقى شيء لم يصل إليه الماء ،لأنه لم ينتبه لذلك .
فاتقوا الله – عباد الله – وحافظوا على الطهارة للصلاة وتطهروا كما امركم الله، واقتدوا برسول الله – -: وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون [آل عمران:132].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم . . .
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين على فضله وإحسانه ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، واشهد ان محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله . صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد :
أيها الناس : اتقوا الله تعالى ، واعلموا أن الطهور شطر الإيمان ، وأن التطهير للصلاة بالوضوء والاغتسال أمانة بين العبد وبين ربه ، يسأل عنه يوم القيامة . قال تعالى في وصف المؤمنين : والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون [المؤمنون :8].
وبعض الناس يتساهل في شأن الطهارة فلا يتمها كما أمر الله ، وقد يصلي طول عمره أو غالبه من غير طهارة صحيحة فلا تصح صلواته. ويذكر عن بعض البادية أنهم يتيممون بالتراب دائما مع وجود الماء ويظنون ان التيمم يكفي عن الماء ، والله تعالى إنما جعل التيمم بدل الماء عند فقده أو العجز عن استعماله ،فمن تيمم بوجود الماء وقدر على استعماله لم تصح صلاته ، لأنه صلى بغير طهارة فترك شرطا من شروط صحة الصلاة.
واعلموا أنه كما تجب الطهارة من الحدث بالوضوء أو الاغتسال تجب الطهارة من النجاسة في الثياب والبقعة ، فيجب أن يصلي ببدن طاهر وبثياب طاهرة ، وفي بقعة طاهرة. واذا أصابت البدن أو الثوب أو البقعة نجاسة وجب غسلها بالماء حتى تزول.
فاتقوا الله – عباد الله – واعلموا ان خير الحديث كتاب الله …
| |
|