molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: المسح على الخفين - صالح بن عبد الله الهذلول الثلاثاء 15 نوفمبر - 5:22:16 | |
|
المسح على الخفين
صالح بن عبد الله الهذلول
الخطبة الأولى
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى واحمدوه على ما أنعم به عليكم من هذا الدين القويم والصراط المستقيم، واعرفوا نعمته عليكم بتيسيره وتسهيله، فإن الله تعالى لم يجعل عليكم في الدين حرجًا ولا مشقة ولا تضييقًا ولا عسرا، وإنما بُعِث النبي بالحنيفية السمحة، ولقد أنعم الله علينا مع التيسير والتسهيل بكثرة الأجور والثواب الجزيل؛ فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ثم وعدنا الجنة بعد ذلك، فالحمد لله أولاً وآخرًا وظاهرًا وباطنًا.
معاشر المسلمين، الطهارة للصلاة فرضها الله تعالى على وجهٍ سهلٍ يسير، يطهّر الإنسانُ في الوضوء لها أربعة أعضاء فقط؛ هي غَسل الوجه واليدين ومسح الرأس ومعه الأذنان وغسل الرجلين.
وهذه الأعضاء هي أعضاء العمل غالبًا، ففي الوجه الشمّ والنظر والكلام، وفي الرأس السمع والتفكير، وفي اليدين البطش، وفي الرجلين المشْي، وتطهيرها تكفير للأعمال التي عملها العبد أثناء يومه قبل التطهر، قال : ((إن الرجل إذا غسل وجهه خرجت خطايا وجهه مع الماء، وإذا غسل يديه ورجليه خرجت خطايا يديه ورجليه، فإذا مسح رأسه خرجت خطايا رأسه، حتى يخرج نقيًا من الذنوب))، وقال : ((ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((إسباغ الوضوء على المكاره ـ يعني إكماله بمشقة مثل أيام البرد والشتاء التي نحن فيها الآن ـ وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)).
أيها المسلمون، إن من تيسير الله الرحيم عليكم في هذا الدين أن أباح المسح على الخفين بدلاً من غسل الرجلين، ويدخل في حكم الخفين الجوربان أو الشرَّاب، وقد أجمع أهل السنة على جواز المسح، وفيه أربعون حديثًا عن النبي ، رواها سبعة وثلاثون صحابيًا. وقال الحسن: حدثني سبعون من أصحاب النبي أنه مسح على الخفين، وذكره الترمذي عن عشرين صحابيًا، وفي نصب الراية للزيلعي سرد ثمانية وأربعين حديثًا تدل على ذلك، غالبها صحيح ثابت.
والخُفّان: ما يُلبس على الرجلين من الجلود، ويلحق بهما ما يُلبس من الكتان والصوف ونحوها من كل ما يلبس على الرجل مما تستفيد منه الرِّجلان بالتسخين، ولهذا بعث النبي سرية وأمرهم أن يمسحوا على التساخين. رواه الحاكم وغيره وقال: "صحيح على شرط الشيخين". والمراد بالتساخين أي: الخفاف، وسميت تساخين لأنها تسخّن الرِّجل.
عباد الله، مدة المسح المشروعة إن كان المسلم مقيمًا فيوم وليلة، وإن كان مسافرًا فثلاثة أيام بلياليها. تبتدئ مدة المسح من أول مسحة، فإذا لبس الإنسان لصلاة الفجر ولم يمسح عليها أوّل مرة إلا لصلاة الظهر فابتداء المدة من الوقت الذي مسح فيه لصلاة الظهر، فيمسح المقيم إلى مثل ذلك الوقت من الغد، وإذا تمت المدة وهو على طهارة فطهارته باقية حتى تنتقض، فالمدة يومٌ وليلة هي مدةٌ للمسح وليس مدة للبس على طهارة، فإذا انتقضت طهارته بعد تمام المدة وجب على المسلم غسل رجليه إذا توضأ، ثم يلبس من جديد.
ومن تمّت مدته فنسي ومسح بعد تمام المدة فعليه أن يُعيد الصلاة التي صلاها بالمسح الذي بعد تمام المدة، ومن لبس كنادر أو شرابًا فهو مخيّر في أول الأمر؛ إن شاء مسح الكنادر وإن شاء مسح الشراب، فإذا مسح أحدهما أول مرة تعلق الحكم به؛ فإذا قُدِّر أنه مسح الكنادر فليستمر على مسحهما ولا يخلعهما حتى تتم المدة، فإن خلعها قبل تمام المدة فإنه لا يعيدهما إذا توضأ حتى يغسل رجليه؛ لأن الممسوح إذا خُلع لا يعود المسح عليه إلا بعد غَسل الرجلين، أما إذا مسح المسلم على الشرَّاب من أول مرة فإنه لا يضر خلع الكنادر، فله أن يستمر على مسح الشراب حتى تنتهي المدة.
وكيفية المسح أن يبل يديه بالماء، ثم يُمرهما على ظهر الخفين من أطرافهما مما يلي الأصابع إلى الساق مرة واحدة.
معاشر الصائمين، ومن رحمة الله بالعبد أن من احتاج إلى ربط شيء على +ر أو جُرح أو لزقة فإنه يمسح عليها كلها بدلاً عن غسلها في الوضوء والغسل حتى تبرأ، ويقوم مسحها مقام غسلها تيسيرًا من الله، وتسهيلاً على عباده، فله الحمد والمنة.
عباد الله، ومما ينبغي التنبيه عليه في هذا الشأن أن الجورب أو الشُرّاب الذي يمسح عليه يجوز المسح عليه حتى لو كان به خروق إذا كانت صغيرة؛ لأنه من المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم وحشرنا معهم أغلبهم فقراء، وحال الفقير لا يخلو خُفُّه أو شُرَّابه من الخروق، ولم ينقل عن النبي أن نبه على ذلك أو نهى عنه، بل النصوص في المسح مطلقة، فلا سبيل لتقييد شيء لم يُقيَّد بدليل شرعي.
وأمر آخر ينبه عليه أن المسح يكون على أعلى الخف أو الجوارب أو الشراب، لحديث عليٍ قال: لو كان الدِّين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله يمسح أعلى الخف. رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، والحديث صححه جمع من أهل العلم وحسنة آخرون. وهو يفيد أن المسح يكون في أعلى الخُف أو الجوارب.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ [النساء: 28].
بارك الله لنا في القرآن...
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|