molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الرؤيـــا - صالح الونيان الإثنين 14 نوفمبر - 6:32:19 | |
|
الرؤيـــا
صالح الونيان
الخطبة الأولى
أما بعد:
أيها المسلمون!
اتقوا الله، وكونوا مع الصادقين، وأطيعوا الله ورسوله لعلكم ترحمون.
قال تعالى: ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم [يونس:62-64].
لقد أخبر تعالى في هذه الآيات بمن يستحق أن يكون من أولياء الله؛ فمن كان مؤمناً تقياً كان لله وليا، وبشرهم الله تعالى أنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون؛ أي: فيما يستقبلونه من أهوال الآخرة، وأخبر تعالى أن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
عباد الله!
قال عدد من الصحابة والتابعين: إن المراد بالبشرى هي الرؤيا الصالحة:
فعن عروة بن ال+ير بن العوام في قوله تعالى: لهم البشرى في الحياة الدنيا؛ قال: هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل المسلم أو ترى له .
عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله : ((لم يبق بعدي من النبوة إلا المبشرات)). قالوا: وما المبشرات؟ قال: ((الرؤيا الصالحة))(1).
عباد الله!
والمسلم يجب أن يكون على بصيرة من أمره، حتى لا يقع في المخالفة من حيث لا يشعر.
وأمر الرؤيا من الأمور التي اعتنى بها السلف الصالح، وقبلهم كان النبي يعتني بها، وكان إذا جلس مع أصحابه؛ سألهم: هل رأى أحد منكم رؤيا؟
وفي هذا الزمن اختلط على كثير من الناس أمر الرؤيا بغيرها، وكثرت الرؤى، واختلط صحيحها بسقيمها، وبياناً للحق، ورداً لضده؛ فإني أقول:
ظن بعض الناس أن كل ما يرى في المنام؛ أنه حق، وهذا نتيجة جهله.
وقد بين النبي ذلك؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: ((إذا اقترب الزمان؛ لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثاً، ورؤيا المسلم جزء من خمس وأربعين جزء من النبوة، والرؤيا ثلاثة؛ فالرؤيا الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث به المرء نفسه؛ فإذا رأى أحدكم ما يكره؛ فليقم، فليصل، ولا يحدث بها الناس، قال: وأحب القيد وأكره الغل، والقيد ثبات في الدين))(1).
قال العلماء: إنما أحب القيد لأنه في الرجلين، وهو كف عن المعاصي والشرور وأنواع الباطل وكره الغل؛ لأن موضعه العنق، وهو صفة أهل النار؛ قال تعالى: إنا جعلنا في أعناقهم أغلالاً [يس:8]. وقال تعالى: إذ الأغلال في أعناقهم [غافر:71].
وعن أبي قتادة؛ قال: سمعت رسول الله يقول: ((الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان))(4).
ومن الناس من إذا رأى شيئاً في منامه؛ حدث أيا من الناس به، سواء كان ما رأى ساراً أم محزناً.
ومنهم من إذا رأى الرؤيا المحزنة، يصاب بضيق في النفس، ويبيت مهموماً على وجهه؛ لسوء ما يرى.
وقد بين النبي علاج ذلك؛ فعن أبي سلمة قال: إن كنت لأرى الرؤيا، فتمرضني، حتى سمعت رسول الله يقول: ((الرؤيا الصالحة من الله؛ فإذا رأى أحدكم ما يحب؛ فلا يحدث بها إلا من يحب، وإن رأى ما يكره؛ فليتفل عن يساره ثلاثاً، وليتعوذ بالله من شر الشيطان وشرها، ولا يحدث بها أحداً؛ فإنها لن تضره))(1).
عباد الله!
وقد يتساءل البعض عن السبب في ذكر الرؤيا الصالحة للمحب وعدم ذكر الرؤيا السيئة؟!
لكن النبي أجاب على ذلك؛ فعن أبي رزين العقيلي؛ قال: قال رسول الله : ((رؤيا المؤمن جزء من ست وأربعين جزء من النبوة، وهي على رجل طائر، مالم يحدث بها؛ فإذا حدث بها؛ وقعت)) (2)، وفـي روايـة؛ قـال: وأحسبـه قال: ((ولا يحدث بها إلا لبيباً أو حبيباً))(3).
عباد الله!
وينبغى لمن أخبر برؤيا أن يعبرها على خير:
فعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج تاجر يختلف (يعني: في التجارة)، فأتت رسول الله ، فقالت: إن زوجي غائب، وتركني حاملاً، فرأيت في المنام أن سارية بيتي ان+رت، وأني ولدت غلاماً أعور! فقال: ((خير؛ يرجع زوجك إن شاء الله صالحاً وتلدين غلاماً براً))، فذكرت ذلك ثلاثاً، فجاءت ورسول الله غائب، فسألتها، فأخبرتني بالمنام، فقلت: لئن صدقت رؤياك؛ ليموتن زوجك، وتلدين غلاماً فاجراً. فقعدت تبكي، فجاء رسول الله ، فقال: ((مه يا عائشة! إذا عبرتم للمسلم الرؤيا؛ فاعبروها على خير؛ فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها))(1).
عباد الله!
ومن الناس من يتلاعب به الشيطان في منامه، ثم يظل يعرض هذا على من يجد من الناس؛ عله يجد تفسيراً يرتاح له، ومن وجد شيئاً من ذلك؛ فعليه كتمانه.
فعن جابر؛ قال: جاء أعرابي إلى النبي فقال: يا رسول الله! رأيت في المنام كأن رأسي ضرب، فتدحرج، فاشتددت على أثره. فقال رسول الله : ((لا تحدث الناس بتلاعب الشيطان بك في منامك))(2).
وأخبـر النبي بعظم إثم من يقول: إني رأيت في منامي وهو كاذب:
فعن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهما؛ أن رسول الله قال: ((من تحلم بحلم لم يره؛ كلف أن يعقد بين شعيرتين يوم القيامة، ولن يفعل))(3).
عباد الله!
وأخبر النبي أن من رآه في المنام؛ فإن رؤياه ليست بأضغاث أحلام، ولا تشبيهات من الشيطان:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله : ((من رآني في المنام؛ فقد رآني؛ فإن الشيطان لا يتمثل بي))(4).
عباد الله!
وبالمناسبة؛ فقد شاع في أوساط النساء رؤيا خلاصتها أن امرأة رأت رسول الله في المنام، وقال لها: إن الساعة سوف تقوم قريباً، وعلامة ذلك أن تفتحي مصحفاً قديماً، فتجدي فيه شعرة أو ورقة ممسوحة!! ولم تعلم المرأة التي رأتها، ولا إسنادها!! فمن الناس من يقول: إن تلك المرأة صادقة!! ومنهم يقول: إنها صحيحة!! ومن يأمن أن يكون أحد الدجالين قد أشعاعها؛ ليثير الرعب بين الناس، وليقضي على أوقاتهم بهذه الشائعات؟!
ويا سبحان الله! كانت هذه الرؤيا المشبوهة أبلغ عند بعض الجهلة والجاهلات من قول الله تعالى: وما يدريك لعل الساعة قريب ، وقوله: وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً [الشورى:17]؟! ولم يعلم من نقلها أن ما ادعت تلك المرأة رؤيته في المنام رآه الصحابة في اليقظة، وأخبرهم رسول الله بأمارات الساعة بأحاديث صحيحة.
ولا غرابة في ذلك؛ فهذه الرؤيا تضم إلى شقيقتها المختلفة رؤية الشيخ أحمد المكذوبة.
فليحذر المسلم من أمثال هذه الشائعات، وليحذر من ترويجها.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد:
أيها المسلمون!
اتقوا الله فيما تأتون وتذرون.
عباد الله!
إن بعض الناس يهتم جداً بالرؤى، ويتابعها، وينقلها، لكن قد يكون هذا دون تحقق من صحتها، والتحقق أمر مهم؛ لأنه يترتب عليه صحتها من عدمها، وإني أقول لهم: إن فيما ورد في السنة من الرؤى مما صح عن النبي أو عن صحابته غنية عن هذا.
وإليكم عباد الله ما رآه نبيكم ، ولا حرج في تناقلها وتجنب ما جاء فيها:
فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه؛ قال: كان رسول الله مما يكثر أن يقول لأصحابه: ((هل رأى أحد منكم رؤيا؟ فيقص عليه ما شاء الله أن يقص))، وإنه قال لنا ذات غداة: ((إنه أتاني الليلة آتيان، وإنهما ابتعثاني، وإنهما قالا لي: انطلق! وإني انطلقت معهما، وإنا أتينا على رجل مضطجع، وإذا آخر قائم عليه بصخرة، وإذا هو يهوي بالصخرة على رأسه، فيثلغ رأسه، فيتدهده الحجر ها هنا، فيتبع الحجر، فيأخذه، فلا يرجع إليه حتى يصبح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل به في المرة الأولى، قلت لهما: سبحان الله! ما هذا؟!). قال: (فقالا لي: انطلق انطلق! فأتينا على رجل مستلق لقفاه، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه، فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخره إلى قفاه، وعينه إلى قفاه). قال: (ثم يتحول إلى الجانب الآخر، فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصبح ذلك الجانب كما كان، ثم يعود عليه، فيفعل مثل ما فعل في المرة الأولى). قال: (قلت: سبحان الله! ما هذا؟!). قال: (قالا لي: انطلق انطلق! فانطلقنا، فأتينا على مثل التنور؛ فإذا فيه لغط وأصوات). قال:
(فاطلعنا فيه؛ فإذا فيه رجال ونساء عراة، وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا. قال: (قلت: ما هؤلاء؟). قال: (قالا لي: انطلق انطلق!). قال: (فانطلقنا، فأتينا على نهر أحمر مثل الدم، وإذا في النهر رجل سابح يسبح، وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة، وإذا ذلك السابح يسبح ما سبح ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة، فيفغر له فاه، فيلقمه حجراً. فينطلق فيسبح، ثم يرجع إليه؛ فيغفر له فاه، فيلقمه حجراً). قال: قلت لهما: ما هذان؟). قال: (قالا لي انطلق انطلق!). قال: (فأتينا على رجل كريه المرآه كأكره ما أنت راء رجلاً، وإذا عنده نار يحشها ويسعى حولها) قال: (قلت لهما: ما هذا؟ قالا لي: انطلق انطلق! فانطلقنا، فأتينا على روضة معتمة فيها من كل لون الربيع، وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء، وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط ..)) الحديث.
وفيه قال: ((قلت لهما؛ فإني رأيت منذ الليلة عجباً؛ فما هذا الذي رأيت؟ ). قال: قالا لي: أما إنا سنخبرك: أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر؛ فإنه الرجل يأخذ بالقرآن وينام عن الصلاة المكتوبة، وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه؛ فإنه الرجل يغدو من سيئة فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق، وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور؛ فهم الزناة والزواني، وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر؛ فإنه أكل الربا، وأما الرجل الكريه المرآه الذي عند النار يحشها ويسعى حولها؛ فإنه مالك خازن جهنم، وأما الرجل الطويل الذي في الروضة؛ فإنه إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وأما الولدان الذين حوله؛ فكل مولود مات على الفطرة ..)) الحديث(1).
فيا ويح من نام عن الصلاة المكتوبة غير مبال بها!! ويا ويح من يكذب ويشيع الكذب بين الناس!! ويا ويح من قارف الزنى وسلك سبيله!! ويا ويح من أكل الربا!! أما علموا عظم العذاب؟! ألهم جلد على ذلك؟! فليتوبوا إلى الله قبل أن يقول أحدهم: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين [الزمر:56].
عباد الله!
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون [النحل:90].
فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
(1) رواه البخارى.
(1) رواه مسلم .
(4) رواه مسلم .
(1) رواه الترمذى .
(2) رواه الترمذى .
(3) الحديث أخرجه الترمذى وأبو داود بلفظ : " رؤيا المؤمن جزء من أربعين جزء من النبؤة، بدلا من ست وأربعين .
(1) رواه الدارمى .
(2) رواه مسلم .
(3) رواه البخارى .
(4) رواه الترمذى .
(1) رواه البخارى .
| |
|