molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الشمائل المحمدية - سلطان بن عبد الرحمن العيد الأحد 13 نوفمبر - 6:18:52 | |
|
الشمائل المحمدية
سلطان بن عبد الرحمن العيد
الخطبة الأولى
أما بعدُ: فإنَّ أحسنَ الكلامِ كلامُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
فإن الله سبحانه وتعالى امتن علينا ببعثة نبيه الكريم محمد ، فقال الله جل وعلا: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [آل عمران:164]. بعث الله نبيه محمدا على فترة من الرسل، فهدى الله به من شاء إلى صراط المستقيم. وقد أمر الله جل وعلا بطاعته فقال: وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا [النور:54]. وأمر ربنا سبحانه وتعالى باتباعه فقال جل جلاله: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31]. وأوصى ربنا بالتأسي بهذا النبي الكريم فقال: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ [الأحزاب:21]. وهذه الآية أصل عظيم في التأسي برسول الله في أقواله وأفعاله وأحواله, فلنقف مع صفاته وشمائله .
من شمائله وصفاته عليه الصلاة والسلام التقشف في الطعام، قالت عائشة رضي الله عنها: ما شبع آل محمد من خبز شعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله . وفي رواية عنها أنها قالت: ما شبع آل محمد منذ قدم المدينة من طعام بر من ثلاثة ليال تباعا حتى قبض. قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان رسول الله يبيت الليالي المتتابعة طاويا هو وأهله لا يجدون عشاء، وكان أكثر خبزه خبز الشعير. وذكرت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله كان يأتيها فيقول: ((أعندك غداء؟)) فتقول: لا, فيقول: ((إني صائم)).
ومنها التقشف في الفراش, قالت عائشة رضي الله عنها: إنما كان فراش الرسول الذي ينام عليه أدم حشوه ليف.
ومن شمائله وصفاته التواضع, قال رسول الله : ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله))، وعن أنس قال: إن امرأة كان في عَقْلِهَا شيء, فقالت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجة، فقال : ((يا أم فلان، انظري أي السكك شئت حتى أقضي لك حاجتك))، فخلا معها في بعض الطرق حتى فرغت من حاجتها. وكانت الأمة من إماء أهل المدينة تأخذ بيد رسول الله فتنطلق به حيث شاءت. وكان رسول الله يدعى إلى خبز شعير والإهالة السنخة ـ أي: الدهن متغير الرائحة من طول المكث ـ فيجيب, وقال: ((لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت)). ولم يكن أحد أحب إلى الصحابة من رسول الله إلا أنهم كانوا إذا رأوه لا يقومون له لما يعلمون من كراهته لذلك. وقال : ((ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)). وكان لا يستكبر عن خدمة أهله، بل يكون في مهنة أهله كما قالت عائشة رضي الله عنها.
أما خلقه عليه الصلاة والسلام فقد كان يُقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم يتألفه بذلك, وخدمه أنس بن مالك عشر سنين، فما قال له: أف قط، وما قال لشيء صنعه: لم صنعته؟ ولا لشيء تركه: لم تركته؟ ولم يكن رسول الله فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح، ويقول: ((خياركم أحسنكم أخلاقا)). وقال لعائشة رضي الله عنها: ((إن شر الناس من تركه الناس اتقاء فحشه)). ونهى عن اللعن وقال: ((لا ينبغي لِصِدِّيق أن يكون لعانًا)). وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة)). ولما قيل له: ادعُ على المشركين قال: ((إني لم أبعث لعانًا، وإنما بعثت رحمة)). وما خيِّر رسول الله بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما, ولم ينتقم لنفسه شيئًا حتى تنتهك حرمات الله فينتقم لله تعالى, وما ضرب رسول الله شيئًا قط بيده لا امرأة ولا خادمة إلا أن يجاهد في سبيل الله تعالى, وما سئل رسول الله قط فقال: لا.
أما شجاعته فقد قال أنس : كان رسول الله أشجع الناس, ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله راجعًا وقد سبقهم إلى الصوت، وهو على فرس لأبي طلحة عُرْىٍ في عنقه السيف، وهو يقول: ((لم تُرَاعُوا لم تُرَاعُوا)). قال علي : لما حضر البأس يوم بدر اتقينا برسول الله ، وكان من أشد الناس، ولم يكن أحد أقرب من المشركين منه.
أما حياؤه فقد قال أبو سعيد : كان رسول الله أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئًا يكرهه عرفناه في وجهه. وقال : ((الحياء لا يأتي إلا بخير)). وروى ابن عمر: أن النبي مر على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول: إنك لتستحي حتى كأنه يقول: قد أضر بك، فقال : ((دعه؛ فإن الحياء من الإيمان)). وقال عليه الصلاة والسلام: ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فصنع ما شئت)). ولم يكن يستحي من الحق، فقد روت أم سلمة أن أم سليم جاءت إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله، إن الله لا يستحي من الحق، فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال: ((نعم، إذا رأت الماء)).
ومن شمائله وصفاته التيسير والرفق وهو القائل: ((يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا)). قال أبو هريرة : إن أعرابيا بال في المسجد، فثار إليه الناس ليقعوا فيه, فقال لهم رسول الله : ((دعوه، وأهريقوا على بوله ذنوبا من الماء أو سجلا من الماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)). وقال عليه الصلاة والسلام في الرفق: ((من يحرم الرفق يحرم الخير))، وقال أيضا: ((إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه)). وقال : ((إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)).
ومن ذلك الحذر من الغضب، قال جل وعلا في بيان بعض أوصاف المؤمنين: وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ [الشورى:37]، وقال : ((ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)). ولما قال له رجل: أوصني قال: ((لا تغضب))، فرددها مرارًا قال: ((لا تغضب))، صلوات ربي وسلامه عليه.
ومنه الحلم والأناة، فقد كان رسول الله يحب هاتين الصفتين, قال لأشج عبد قيس: ((إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة)).
ومن ذلك الوصية بالجار، قال رسول الله : ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)), قال لأبي ذر: ((يا أبا ذر، إذا طبخت مَرَقَةً فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك))، وفي رواية: ((ثم انظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم منها بمعروف)), وقال عليه الصلاة والسلام: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره))، وفي رواية: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره)).
ومن ذلك رحمته بالأطفال، قال أنس : إن النبي أخذ ولده إبراهيم فقبله وشمه. وبشر بالجنة من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث بفضل رحمته إياهم. وكانت تفيض عيناه لموتهم. وقد سأله مرة سعد بن عبادة فقال: يا رسول الله، ما هذا؟! فقال رسول الله : ((هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)). ولما ذرفت عيناه لوفاة ابنه إبراهيم قال له ابن عوف: وأنت يا رسول الله؟! فقال عليه الصلاة والسلام: ((يا ابن عوف، إنها رحمة))، ثم أتبعها بأخرى وقال: ((إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون)). وخرج النبي على الصحابة وأمامة بنت ابنته على عاتقه، فصلى فإذا ركع وضعها وإذا رفع حملها. وقبل الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس, فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا, فنظر إليه رسول الله ثم قال: ((من لا يرحم لا يرحم)). وجاءه أعرابي فقال: تقبِّلون صبيانكم؟! فقال النبي : ((أوَأملك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟!)).
اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنا وسائر بلاد المسلمين.
أقول هذا، وأستغفر الله...
الخطبة الثانية
فمن شمائله وصفاته عليه الصلاة والسلام حنانه وشفقته بالمريض, لما اشتكى سعد بن عبادة عاده فقال: ((قد قضى؟))، قالوا: لا يا رسول الله، فبكى عليه الصلاة والسلام، فلما رأى القوم بكاء رسول الله بكوا, فقال عليه الصلاة والسلام: ((إن الله لا يعذّب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا ـ وأشار إلى لسانه ـ أو يرحم)).
ومن ذلك رحمته بالنساء والبنات، فقد شبه النساء بالقوارير؛ إشارة إلى ما فيهن من الصفاء والنعومة والرقة, وإشارة إلى ضعفهن وقلة تحملهن، ولذا فإنهن يحتجن إلى الرفق والصبر, قال عليه الصلاة والسلام: ((من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار)). وكان يحب فاطمة رضي الله عنها حبًا جمًا, فقد روي أنها كانت تأتيه فيقوم لها ويأخذ بيدها ويقبلها ويجلسها في مكانه الذي كان يجلس فيه. قال الله جل جلاله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].
اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم نسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد, اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين...
| |
|