molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: التوبة- سعيد بن يوسف شعلان الأحد 13 نوفمبر - 4:11:13 | |
|
التوبة
سعيد بن يوسف شعلان
الخطبة الأولى
وبعد, كان لزاماً أيها الأخوة الكرام بعد أن تكلمنا عن الموت وما يُخشى ويخاف من سوء الخاتمة أن نتكلم عن التوبة التي تخرج العبد المذنب من دائرة العصاة إلى دائرة الطائعين المؤمنين الذين يدخلون تحت طائلة قوله تعالى عند الموت في الآية السابعة والعشرين من سورة إبراهيم: يُثَبّتُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ بِٱلْقَوْلِ ٱلثَّابِتِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِى ٱلآخِرَةِ.
ولقد تحدث القرآن الكريم عن التوبة في سبعة وثمانين موضعاً بمختلف صيغ التعبير, من فعل ومصدر إلى غير ذلك, ونتخذ من هذه المواضع لهذا اليوم موضعاً واحداً، في الآية الثامنة من سورة التحريم في قوله تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَـٰتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِىَّ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـٰنِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ.
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ نداء من النداءات التسعة والثمانين في القرآن الكريم هذا واحد منها، يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عودوا إلى الله عودة حميدة ورجوعاً صادقاً مخلصاً.
التوبة النصوح وإن تباينت فيها عبارات السلف فإن مرجعها كلها إلى شيء واحد، قال عمر ابن الخطاب وأبي بن كعب رضي الله عنهما: (التوبة النصوح هي أن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع).
وقال الحسن البصري رحمه الله: "التوبة النصوح أن يكون العبد نادماً على ما مضى مجمعاً على أن لا يعود فيه"، وقال محمد بن كعب القرظي رحمه الله: "يجمعها أربعة أشياء: الاستغفار باللسان، والإقلاع بالأبدان، وإضمار ترك العود بالجنان, ومهاجرة سيئ الإخوان".
وهكذا عبّر العلماء قديماً وحديثاً عن التوبة بأنها الإقلاع في الحاضر عن الذنب, والندم عليه فيما مضى, والعزم على عدم العود إليه في المستقبل, وينبغي أن يضاف إلى ذلك فعل المأمور, فإن الإقلاع والندم والعزم يتضمن ترك المحذور ولابد أن يضاف إلى ترك المحذور فعل المأمور, توبوا توبة تخيط من ثياب التقوى ما هتكت الذنوب ومزقت، توبة تعيد قلوبكم إلى حظيرة الإيمان والصلاح, قال ابن القيم رحمه الله تبارك وتعالى: "النصح في التوبة يتضمن ثلاثة أشياء:
الأول: تعميم جميع الذنوب واستغراقها بها أي استغراق الذنوب بالتوبة بحيث إنها لا تدع ذنباً إلا تناولته.
الثاني: إجماع العزم والصدق عليها بكليته بحيث لا يبقى عنده تردد ولا تلوم ولا انتظار, بل يُجمع كل إرادته وعزيمته عليها مبادراً بها.
الثالث: الإخلاص, تخليصها من كل الشوائب والعلل القادحة في إخلاصها, ووقوعها لمحض الخوف من الله وخشيته والرغبة فيما لديه والرهبة مما عنده".
لا يمكن يتوب لحفظ جاهه وحرمته ومنصبه ورياسته أو لحفظ حالته وقوته وماله, أو استدعاء حمد الناس, أو الهرب من ذمهم, أو لئلا يتسلط عليه السفهاء, أو لقضاء نهمته من الدنيا، أو لإفلاسه وعجزه عن معاقرة الذنوب والمعاصي فلهذا تاب، ونحو ذلك من العلل التي تقدح في صحتها وخلوصها لله عز وجل.
إذاً فالأول تعميم الذنوب ويتعلق بما يتوب منه, والثاني الصدق فيها وما يتعلق بذات التائب ونفسه, والثالث الإخلاص ويتعلق بمن يتوب إليه ـ بالله تبارك وتعالى ـ ولا ريب أن هذه التوبة تستلزم الاستغفار وتشمله وتمحو جميع الذنوب فهي أكمل ما يكون من التوبة.
ثم رتّب الله على وقوع التوبة النصوح جزاءً عظيماً فقال: عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَـٰتِكُمْ وعسى من الله موجبة.
والمتدبر للقرآن يجد فرقاً بين التكفير والمغفرة في آيات الله تبارك وتعالى, فالتكفير والمغفرة يقعان مقترنين ومفترقين في كتاب الله. فأما مثال المقترنين ففي الآية الثالثة والتسعين بعد المائة من سورة آل عمران في قوله تعالى حاكياً عن عباده المؤمنين: رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفّرْ عَنَّا سَيّئَـٰتِنَا وأما مثال المفترق، ففي الآية الثانية من سورة محمد صلى الله عليه وسلم: وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَءامَنُواْ بِمَا نُزّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيّئَـٰتِهِمْ.
هذا نموذج للتكفير منفرداً وأما المغفرة فمثالها في نفس السورة في الآية الخامسة عشرة وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلّ ٱلثَّمَرٰتِ وَمَغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ.
والتكفير خاصٌ بالسيئات في القرآن, والمراد بالسيئات هنا الصغائر، فالتكفير للصغائر والمغفرة للذنوب وهي الكبائر والدليل على أن التكفير إنما يقع للصغائر قوله تعالى في الآية الحادية والثلاثين من سورة النساء: إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَائِرَ مَا تُنهَوْنَ عَنْهُ نُكَفّرْ عَنْكُمْ سَيّئَـٰتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُّدْخَلاً كَرِيماً, إن تجتنبوا الكبائر نكفر عنكم الصغائر وندخلكم مدخلاً كريماً.
وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)), قل للذين لا يعرفون من الصلوات إلا الجمعة, ولغيرهم ممن لا يعرف منها إلا في رمضان ولغيرهم ممن لا يعرف منها إلا صلاة العيد, بدأ النبي حديثه بالصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان ((مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)). وإذا وقع التكفير منفرداً أو المغفرة دخل كلاً منهما في الآخر، يعني إذا جاء لفظ التكفير منفرداً عن المغفرة وعن ذكر الكبائر شمل الصغائر والكبائر بل إن التكفير أشمل من المغفرة في بعض المواضع إذا انفرد كما في الآية الخامسة والثلاثين من سورة الزمر: لِيُكَـفّرَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ٱلَّذِى كَـانُواْ يَعْمَلُونَ.
هذا ولأهل الذنوب ثلاثة أنهار في الدنيا تُعنى بتطهيرهم فإن لم تفِ بتطهيرهم بسبب كثرة ذنوبهم وزيادتها طُهِّرُوا في نار الجحيم يوم القيامة والعياذ بالله.
فأما الأنهار الثلاثة في الدنيا فهي:
نهر التوبة النصوح، ونهر الحسنات المستغرقة للأوزار المحيطة بها, التي تتضاءل وتتلاشى فيها الذنوب كالبحر لا تضره الجيف، والنهر الثالث نهر المصائب العظيمة المكفرة فإذا أراد الله بعبده خيراً أدخله أحد هذه الأنهار الثلاثة فلم يحتج إلى التطهير الرابع. وإذا أردنا أن نتعرض لنموذج وقصة من نماذج وقصص التوابين فلنأتِ إلى قصة الفضيل بن عياض رحمه الله, كان قاطع طريق يتعرض للناس في طريقهم فيقوم بالسلب والنهب وما إلى ذلك من الفساد في الأرض, وذات ليلة خرج لممارسة عمله المعتاد فأقبلت قافلة فسمع الفضيل رجلاً فيها يقول: حيدوا بنا إلى هذه القرية فإن أمامنا رجلاً يقال له الفضيل بن عياض يقطع الطريق، فأرعد الفضيل وأراد الله أن يلقي في قلبه واعظ الإيمان, فإن العبد لا يتوب إلا أن يتوب الله عليه, فيكون منه التوفيق والإذن والإلهام ثم يتوب العبد فيكون بعد ذلك من الله القبول والتثبيت.
كما قال الله تعالى في الآيتين السابعة عشرة والثامنة عشرة بعد المائة من سورة التوبة: لَقَدْ تَابَ الله عَلَىٰ ٱلنَّبِىّ وَٱلْمُهَـٰجِرِينَ وَٱلاْنصَـٰرِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِى سَاعَةِ ٱلْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءوفٌ رَّحِيمٌ وَعَلَى ٱلثَّلَـٰثَةِ ٱلَّذِينَ خُلّفُواْ حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ ٱلارْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّواْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ.
شاء الله أن يتوب على الفضيل في هذه الساعة فأرعد ثم قال لهم: لا، بل جوزوا ومروا أيها القوم لا خوف عليكم أنتم آمنون بل أنتم أضيافي في هذه الليلة, فاستضافهم ثم خرج ليرتاد لهم طعاماً، فلما عاد إلى بيته سمم قارئاً منهم يقرأ القرآن ـ الآية السادسة عشرة من سورة الحديد ـ سمعه يقرأ: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقّ فقال الفضيل: "بلى والله قد آن"، آن الأوان للمؤمنين أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق. آية كريمة تأخذ بمنكب المؤمن بلين ورفق ـ تحرك الجبال وتلين الحديد ـ كأنها تأخذ بمنكبه وتقول له: أما آن لك أيها المؤمن أن تتوب؟! أما آن لقلبك أن يخشع لذكر الله وما نزل من الحق؟! أما حان الوقت لعودك لله؟! أما آن الأوان إلى متى إلى متى؟!
قال الفضيل بلى والله قد آن.
وقال إبراهيم ابن الأشعث: لقد سمعته يوماً يقول كأنه يخاطب نفسه يؤدبها ويعلمها ويحول بينها وبين الرياء ـ بعد أن هداه الله فصار بعد ذلك معروفاً من العلماء والقراء المشهورين الزهاد المعروفين ـ يقول: "تصنعتَ للناس وتهيأتَ لهم, ولم تزلْ ترائي حتى عظموك فقالوا: رجل صالح, فقضوا لك الحوائج, ووسعوا لك المجالس, خيبةً لك, ما أسوأ حالك إن كان هذا شأنك. قال وسمعته يقرأ يوماً ـ الآية الحادية والثلاثين من سورة محمد ـ: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَـٰهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَـٰرَكُمْ, ويبكي ويقول: تبلو أخبارنا ـ تبلوا أخبارنا تخبر أغوارنا, تمتحننا تختبرنا ـ إن بلوت أخبارنا فضحتنا وهتكت أستارنا".
نعم إن المرء لا يأمن على نفسه إنه يتحدث كثيراً وينصح كثيراً لكنه إذا ابتلي لا يأمن على نفسه أن يخالف فعله قوله, فيفضح بين الناس ويهتك ستره، هكذا يريد الفضيل، إن بلوت أخبارنا فضحتنا إن بلوت أخبارنا أهلكتنا وعذبتنا.
قال وسمعته يقول: "إن قدرت ألا تُعرف فافعل"، إن قدرت ألا تُعرف بين الناس فافعل، ماذا يضرك ألا تعرف؟! وما عليك ألا يُثنى عليك؟! وما عليك أن تكون مذموماً عند الناس إذا كنت عند الله محموداً؟! ماذا عليك؟! هذا نموذج من نماذج العائدين التائبين إلى الله تبارك وتعالى.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يتوب علينا توبةً نصوحاً تعيدنا إلى حظيرة المؤمنين.
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله خاتم الأنبياء والمرسلين, اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك وعلى آله وصحبه.
وكان الجزاء عظيماً فقال الله بعد التوبة النصوح. عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَـٰتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ, يزيل عنكم ما تكرهون بوقايتكم من شر الصغائر والكبائر, وينيلكم ما تحبون, فيدخلكم الجنات في أي يوم؟ في يوم تكون الكرامة فيه للنبي والذين آمنوا معه يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِىَّ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـٰنِهِمْ معهم نورهم على الصراط يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَاٌ يقولون ذلك عندما يُطفأ نور المنافقين, يقولون: ربنا أتمم لنا نورنا، اجعل نورنا تاماً ولا تطفئه كما أطفأت نور المنافقين، وَٱغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ.
ثم ماذا عن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم؟! يا معشر المسلمين, روى البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)).
هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ على اختلاف تفسير أسباب استغفاره ولا داعي للخوض فيها من نحو قول أنه يستغفر من ذنوب الأمة وغير ذلك, أياً كانت الأسباب, أما لنا فيه أسوة حسنة؟ ـ يستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة.
والقرآن يقول في الآية السادسة والعشرين بعد المائة من سورة التوبة: أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِى كُلّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ.
هذا في حق المنافقين السابقين يفتنون في كل عام مرة أو مرتين في العام، وهل نحن نفتن في العام مرةً أو مرتين فحسب؟! وهل كان منا ملاءمة بين التوبة وبين الذنوب؟! لا، إننا لنفتن في العام أكثر من مرة واثنتين وثلاث وأربع, أكثر من مائة مرة, نفتن كثيراً كثيراً, ولا تكون التوبة في هذه الذنوب مساوية لما يقع منا وللفتن التي نقع فيها.
الرسول وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول: ((والله إني لأستغفر إلله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)).
وعند النسائي من طريق مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه)) في المجلس قبل أن يقوم مائة مرة.
وعنده أيضاً أي النسائي من حديث محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر قال: إن كنا لنعد للنبي في المجلس الواحد ((رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور))، في اليوم أكثر من مائة مرة.
وكذلك روى النسائي من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي قال: ـ مؤكداً عدد المائة ـ ((إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة)).
وعند مسلم وأحمد من حديث أبي بردة قال سمعت الأغرّ وكان من أصحاب النبي يحدث ابن عمر قال: قال رسول الله : ((يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إليه أكثر من مائة مرة)).
ألا تدخلون أنفسكم تحت طائلة الذين ناداهم النبي صلى الله عليه وسلم وجمعهم وقال لهم: ((توبوا إلى الله)).
أيها الأخوة الكرام, الفلاح المطلق معلق بالتوبة إلى الله والعودة إليه تبارك وتعالى كما قال في نهاية الآية الحادية والثلاثين من سورة النور: وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
| |
|