molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: صفات المؤمنين في سورة الأنفال 3 - سعيد بن يوسف شعلان الأحد 13 نوفمبر - 2:55:56 | |
|
صفات المؤمنين في سورة الأنفال 3
سعيد بن يوسف شعلان
الخطبة الأولى
عباد الله: سبق لنا أن عرفنا أن المؤمنين ينحصرون فيمن كان بهذه الصفات التي وردت في الآيات الأولى من سورة الأنفال التي ما زلنا معها منذ فترة، وقد انتهينا من الصفتين الأوليين منها، وسنكون اليوم إن شاء الله وقدّر مع الصفة الثالثة من هذه الصفات، يقول الله تعالى: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون.
عباد الله:
إن الأمر كله لله عز وجل، وليس للعبد فيه شيء البتة، ولهذا فإن التوكل على الله عز وجل هو تسليم الأمر منه وله، وعزل العبد نفسه عن منازعة مالكه، واعتماده عليه فيه وخروجه عن تصرفه بنفسه وحوله وقوته وكونه به سبحانه دون نفسه، وهذا هو مقصود التوكل فإذا عزل العبد نفسه عن مقام المتوكل عزلها عن حقيقة العبودية.
وقد خاطب الله سبحانه في كتابه خواص خلقه وأقربهم إليه وأكرمهم عليه وشرط في إيمانهم أن يكونوا متوكلين.
والمعلق على الشرط يعدم عند عدمه، فهذا يدل على انتفاء الإيمان عند انتفاء التوكل، فمن لا توكل له لا إيمان له.
ومن الآيات الدالة على أن الله تعالى شرط في إيمان خواص خلقه أن يكونوا متوكلين قوله تعالى في سورة المائدة: وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين وقال في سورة آل عمران: وعلى الله فليتوكل المؤمنون وقال في سورة الأنفال: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون فدلت هذه الآية كما سبق على أن المؤمنين ينحصرون في من كان بهذه الصفات.
ومن الآيات الدالة على عاقبة التوكل وفضله قوله تعالى في سورة آل عمران: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم وقوله تعالى في سورة الطلاق: ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
ومن الأحاديث – حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب، وهو في الصحيحين، وقد قال النبي في صفتهم: ((لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون)).
ومن الأحاديث أيضاً ما أخرجه أهل السنة بإسناد حسن عن أنس ابن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي قال: ((من قال – أي إذا خرج من بيته – بسم الله توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له: هُديت ووقيت وكُفيت، فيقول شيطانه لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هُدي ووقي وكُفي)).
والتوكل نصف الدين، والإنابة النصف الثاني، فإن الاستعانة عبادة، والتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة ومن صدق توكله على الله في حصول شيء ناله، من صدق توكله على الله في حصول شيء ناله، فإن كان هذا الشيء محبوباً لله مرضياً كانت للعبد فيه العاقبة المحمودة، وإن كان مسخوطاً لله مبغوضاً كان ما حصل له مضرةً عليه، وإن كان هذا الشيء مباحاً حصلت للعبد مصلحة التوكل دون مصلحة ما توكل فيه إن لم يستعن فيه على طاعة الله عز وجل.
والتوكل عمل قلبي فليس بقول اللسان كأن تقول: أنا متوكل على الله، وعمل قلبك يكذب ذلك. التوكل عمل قلبي فليس بقول اللسان وعمل الجوارح ولا هو من باب العلوم والإدراكات، هو عمل قلبي أن تسلم الأمور بقلبك إلى الله، وأن تعتمد على الله في قضائها وألا تنازعه فيها فهو مالكها. وأن تنزل الأمور كلها بالله عز وجل.
هذا هو التوكل عمل قلبي ليس بقول اللسان ولا بعمل الجوارح ولا هو من باب العلوم والإدراكات.
ويتحقق التوكل بثمان درجات كل درجة منها حريّةٌ بخطبة مستقلة لا سيما وهذه الدرجات قد حصل فيها تفريط عظيم من المسلمين في فهمها وبالتالي في تحقيقها، لكن جمع الفوائد مع الاختصار أمر مطلوب في وقت وزمن قليل البركة سريع الانقضاء والمدى كوقتنا وزماننا هذا، ومن ثمَّ فلابد أن نجملها وننهيها في هذه الخطبة جملة واحدة.
وأول درجة من هذه الدرجات التي يتحقق بها التوكل: معرفة العبد بربه وبصفاته من قدرته وكفايته وقيوميته وانتهاء الأمور كلها إلى علمه وصدورها عن مشيئته وقدرته، وهذه المعرفة أول موضع يضع بها العبد قدمه في مقام التوكل، فكلما كان العبد بالله وبصفاته أعلم وأعرف كان توكله أصح وأقوى، وهذه الدرجة الأولى هي أعظم درجة وأكثر درجة حصل فيها التفريط في الفهم والتحقيق لأن معظم الأمور في زماننا هذا تصرف الناس عن معرفة الله عز وجل وتوسع دائرة علمهم بالدنيا وشهواتها الفانية الزائلة المرحول عنها عما قليل، فحصل الجهل بالله وبصفاته سبحانه وتعالى ومن ثمَّ قدح التفريط العظيم في هذه الدرجة في توكل الناس فعاد ضعيفاً هزيلاً.
عجيب أمر الناس في غاية العجب وشدته، عندما ينصرفون عن إنزال أمورهم بالله عز وجل وإلقائها إليه ويتجهون إلى المخلوقين لينزلوا بهم حاجاتهم.
عجيب أمرهم عندما يغمضون أعينهم وأعين البصيرة بصفة خاصة عن آيات قدرة الله عز وجل وآثارها في الكون الفسيح، فلا يعلمون من هو الجدير بالتوكل عليه القوي أم الضعيف؟ القدير قدرةً لا يقدر مداها أم الضعيف ضعفاً لا يذهل عنه ولا يجهل قدره لكن كما قلت معظم الأمور في هذا الزمان صوارف عن معرفة الله عز وجل، تزيد في جهل الناس بربهم وأسمائه العلى سبحانه، وإذا قامت الدواعي وتوافرت على الخوف من بعض المخلوقين خَوّف الناس بعضهم بعضاً أضعاف أضعاف ما يخوف بعضهم بعضاً، إذا قامت الدواعي وتوافرت على الخوف من الله. يعني لو هدد بعض المخلوقين بالشر والانتقام والإفساد خوّف الناس بعضهم بعضاً من هذا المهدد أضاف أضعاف ما لو ظهرت آية من آيات الله عز وجل التي يخوف بها عباده. فلا تجد الناس يخوف بعضهم بعضاً ولو على النصف من مقدار تخويف بعضهم بعضاً إذا قامت الدواعي وتوافرت على الخوف من تهديد المخلوقين إلا من رحم الله.
نعم هذا من الدلائل القوية على الجهل بالله عز وجل وقدرته. أمن الناس مكر الله عز وجل - إلا من رحم الله –لأنهم جهلوا بالله وبقدره وكفايته وقيوميته وانتهاء الأمور إلى علمه وصدورها عن مشيئته وقدرته.
أما الدرجة الثانية: من الدرجات التي يتحقق بها التوكل: عدم نفي الأسباب، فمن نفاها فتوكله مدخول.
فالتوكل نفسه سبب في حصول التوكل فيه، وقد جعله الله كالدعاء الذي هو سبب في حصول المدعو.
والتوكل من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب ويندفع بها المكروه، التوكل من أعظم الأسباب في ذلك، فمن أنكر الأسباب لم يستقم منه التوكل، ولكن من تمام التوكل عدم الركون إلى الأسباب. تأخذ بالأسباب وتعمل بها، نعم لكن لا تركن إليها ولا تعتمد عليها ولا تكن إليها، بل استعملها فقط وِكل نجاحها إلى مسببها، إلى الله سبحانه.
إذن من تمام التوكل عدم الكرون إلى الأسباب والاعتماد عليها في حدّ ذاتها وحدها. بل يؤخذ به ويعتمد على الله تبارك وتعالى في إنجاحها فيكون حال قلب المرء قيامه بالله لا بها (لا بالأسباب) وحال بدنه قيامه بالأسباب. حال القلب قيامه بالله لا بالأسباب، وحال البدن قيامه بهذه الأسباب يأخذها ويتناولها ويستعملها.
إذن لا يكون متوكلاً من رأى الأسد مثلاً مندفعاً نحوه فلا يسعى لخلاص نفسه وفكاكها بل جلس وقعد يقول: اللهم سلم سلم.
ولا من كان في شدة الجوع وعنده الطعام فلم يتناوله بل قعد وجعل يقول: أنا أتوكل على الله في سدّ جوعتي، ولا من أراد الحج فلم يأخذ بأسبابه من الإحرام ونحوه بل قعد يقول: أنا أتوكل على الله فيما يبلغني مرادي. لا يكون هذا متوكلاً فضلاً على أن يكون من العقلاء. لا هو من المتوكلين ولا هو من العقلاء.
فإن النبي قد ظاهر يوم أحد بين درعين، أخذ بالأسباب حماية لبدنه ، وتوكل على لله في أن يقوم الدرعان بالوظيفة المخولة لهما – الحماية والستر – نعم، ولم يحضر الصف في القتال قط عرياناً بل كان يستر نفسه بالدروع، وقد هدى الله به العالمين وعصمه من الناس أجمعين، ومع ذلك استأجر دليل مشركاً على دين قومه يدله على طريق الهجرة وهذا لا يقدح في التوكل. يأخذ بالأسباب فيما يتعلق بأمور البدن ويتوكل على الله في إنجاح هذه الأسباب.
وكان يدخر قوت أهله سنة، وهو سيد المتوكلين صحيح أن تصدقه الكثير كان يأتي على هذا القوت في بداية أيام السنة وشهورها التي ادّخر فهيا القوت لأهله، لكن على أي حال كان إذا أتاه نصيبه من تمر خيبر أدّخر قوت أهله سنة ثم تأتي الصدقة بعد ذلك على معظم ما عنده أو على كل ما عنده صلوات ربي وسلامه عليه وهو سيد المتوكلين، كان يدخر قوت أهله سنة.
ولم يسافر قط في جهاد أو حج أو عمرة إلا حمل الزاد والمزاد، وكذلك جميع أصحابه، وهم أولو التوكل حقاً، لا يعتمدون على جُرُب الناس وأموال الناس وما عند الناس، بل يحملون كما يحمل النبي ما يلزمه من الزاد والمزاد. وأكمل المتوكلين بعد الصحابة هو من اشتم رائحة توكلهم من مسافة بعيدة أو لحق أثراً من غبارهم.
والدرجة الثالثة من الدرجات التي يتحقق بها التوكل: رسوخ القلب في مقام توحيد التوكل. فإن العبد لا يكون متوكلاً حتى يصح لله توحيده. يتوكل عليه وحده لا عليه وعلى غيره. من الدرجات الأساسية رسوخ القلب في مقام توحيد التوكل بل حقيقة التوكل توحيد القلب، فمتى كان فيه علائق الشرك فتوكله مدخول معلول، فإن العبد متى التفت إلى غير الله عز وجل أخذ ذلك الالتفات شعبة من شعب قلبه، فنقص من توكله بقدر ذهاب تلك الشعبة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وأسأله سبحانه أن يجعلني وإياكم من المتوكلين حق التوكل. آمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله خاتم الأنبياء وإمام المرسلين. اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما الدرجة الرابعة: فهي اعتماد القلب على الله عز وجل واستناده وسكونه إليه بحيث لا يبقى فيه اضطراب من تشويه الأسباب ولا سكون إليها، بل يخلع سكونه إليها من قلبه، ويلبسه سكون إلى مسبّبها.
وعلامة هذا – علامة تحقق هذا الاعتماد أنه لا يبالي بإقبال الأسباب وإدبارها. لا يبالي بإقبال الأسباب وتوفرها في يده أو إدبارها ولا يضطرب قلبه من وجودها في يد عدوه ولا يخفق عند إدبار ما يحب وإقبال ما يكره، لأن اعتماده على الله وسكونه إليه قد حصنه من خوفها، رجائها يا لها من درجة عظيمة لو تحققت، لكن المتأمل في أحوال الناس يجدهم قد فرطوا تفريطاً عظيماً في هذه الدرجة، فإنهم يضطربون أعظم الاضطراب لوجود الإمكانات بيد عدوهم ويقولون ما لنا بهم طاقة، أين نحن منهم وإذا أعطاهم الله الأسباب وتوافرت في أيديهم اغتروا بها وقالوا: هذه خططنا وهذه مهارتنا، هذا شغلنا وعملنا، هذا كدنا وجهدنا، وسكنوا إلى الأسباب وهذا يقدح أعظم القدح في التوكل.
الدرجة الخامسة: حُسن الظن بالله وأنه لن يخذلك وأنه سيكفيك ولو عاداك الناس جميعاً فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم كلما كنت حسن الظن بالله عز وجل شديد الرجاء فيه نفعك توكلك عليه، إذ لا يتصور توكلك على من ساء ظنك به، ولا توكلك على من لا ترجوه. كيف يصح التوكل على من ساء ظنك به وأنه لن يعينك ولن ينصرك في مقابل هذه القوى والتحديات.
إذا ساء ظنك به وقلت ألف مرة ومرة: أنا متوكل لم يستقم منك توكل إذا كنت سيء الظن بالله لا ترجوه ولا تطمع في أن يعينك وينصرك ويخذلك عدوك.
الدرجة السادسة: استسلام القلب لله عز وجل وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعاته: استسلام القلب لله عز وجل، فلا يتغير قلبك إذا لم يقدر الله لك ما كنت تريده بالتحذير. إذا قدّر عليك بعد توكلك شيئاً تظن شراً وخلاف الخير، إذا قدّر عليك شيئاً تظن كذلك فاستسلم له ولتنجذب دواعي قلبك كلها له سبحانه ولا تنازعه.
نعم وهذا فيما يفعله الله بك لا فيما أمرك به ونهاك عنه، وهذه مسألة مهمة ينبغي أن نلتفت إليها وأن نفهمها حق الفهم يعني الاستسلام مطلوب كل الطلب فيما يفعله الله بك إذا قدر الله عليك شيئاً تظنه خلاف الخير المستسلم له. سلّم وارض وأصبر، واعلم أن الله يريد لك الخير، ويقضى لك ويقدر لك الخير لكن هذا لا يستقيم في مقام المأمورات والمنهيات يعني أن الله عز وجل أمرك بالصلاة فلا يجوز لك ولا يقبل منك أن تمتنع من أدائها وأن تتركها إذا قلت الموانع والحوادث والحوائل كائنة ما كانت من مرض ونحوه، إذا قامت هذه الموانع لا يقبل منك أن تمتنع من أداء الصلاة وتقول أنا مستسلم لما قدّره الله علي وقد نهاك الله عن الزنا قال: إنه كان فاحشة وساء سبيلاً، فلا يجوز لك أن تقربه بحجة توافر الأسباب وقيام الدواعي عليه من إغراء وتحريض وما إلى ذلك وعدم عقوبة وعدم تنفير منه وعدم حيلولة بينك وبينه لا يجوز أن تقربه وتقول أنا مستسلم. لا الاستسلام فيما فعله الله بك لا فيما أمرك ونهاك عنه.
الدرجة السابعة: التفويض: وهو روح التوكل ولُبّه وحقيقته، المفوض إنما يفوض أموره إلى الله عز وجل لأنه يعلم أنه يقضي له الخير في معاده ومعاشه. فعليك أيها المسلم أن تلقى أمورك كلها لله عز وجل وأن تنزلها به طلباً واختياراً، لا كرهاً واضطراراً. بطلبك واختيارك تفوض أمورك إلى الله عز وجل وقد حكى الله سبحانه في القرآن عن مؤمن آل فرعون أنه قال: وأفوض أمري إلى الله.
فإذا قضى الله تبارك وتعالى لك خلاف ما تظنه خيراً بعد أن فوضت الأمور إليه فاستسلم كما علمت من الدرجة السادسة لأنه كما علمت لا يقضي للمؤمن إلا ما هو خير.
الدرجة الثامنة والأخيرة: الرضا: والرضا ثمرة التوكل، أن ترضى بما قضاه الله عز وجل لك. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى – المقدور يكتنفه أمران: المقدور الذي يقدره الله عز وجل، يكتنفه أمران التوكل قبله والرضا بعده. فمن توكل قبل الفعل ورضي المقدور له بعده فقد قام بالعبودية، لأن المتوكل يرضى بما يفعله وكيله، فاستكمال هذه الدرجات الثمان يستكمل العبد مقام التوكل، ولما كان النبي أكمل الخلق قياماً بمقامات العبودية ومقام التوكل من هذه المقامات فقد سمّاه الله المتوكل كما رواه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما – لما سُئل عن بعض صفة النبي في التوراة فقال: إن الله عز وجل قال عن عبده ورسوله: ((أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل)). فقد سمي الله تعالى النبي المتوكل، ولذلك قال في سورة النمل: فتوكل على الله إنك على الحق المبين.
ففي ذكر أمر الله لرسوله بالتوكل وإخباره له أنه على الحق دلالة على أن الدين بمجموعه في هذين الأمرين أن يكون العبد على الحق في قوله وعمله واعتقاده ونيته، وأن يكون متوكلاً على الله واثقاً به لأن الله تعالى قال: فتوكل على الله إنك على الحق المبين أنت على الحق وكونك على الحق فإن توكلك سيقع في محله وسيجدي وينفع أعظم النفع لأنك على الحق في قولك وعملك واعتقادك، إذن توكل على الله لتستكمل النصف الثاني من هذا الدين العظيم: أن يكون العبد على الحق في قوله وعمله واعتقاده وأن يكون متوكلاً على الله واثقاً به، وقد قال رسل الله وأنبياؤه صلاة الله وسلامه عليهم كما في سورة إبراهيم: وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا فالعبد آفته إما من عدم الهداية وإما من عدم التوكل، فإذا جمع العبد التوكل إلى الهداية فقد جمع الإيمان كله.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، وأقم الصلاة.
| |
|