molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: رسالة إلى العابثين بالأعراض- سعيد بن عبد الباري بن عوض السبت 12 نوفمبر - 9:31:42 | |
|
رسالة إلى العابثين بالأعراض
سعيد بن عبد الباري بن عوض
الخطبة الأولى
أما بعد: فقد كان للعرض مكانة عظيمة عند العرب قبل إسلامهم، وكانوا يفتخرون بشرفهم وطهارتهم، وكانوا يحافظون على عرضهم ويفدونه بالغالي والنفيس.
أصون عرضي بمالي لا أدنسه لا بارك الله بعد العرض بالمال
ولذلك وجدت تلك العادة القبيحة عندهم وهي وأد البنات، فإنما كانوا يئدون بناتهم خشية لحوق العار بهم بسبب بناتهم، وإن كان ذلك ليس بمبرر صحيح لقتل الأبناء، ولذا جاء الإسلام بتحريم هذه الفعلة الشنيعة. وجاء الإسلام وأقر العرب على الحرص على العرض، بل وجعل الموت دفاعًا عن العرض شهادة، فقال : ((من قتل دون أهله فهو شهيد)) أخرجه أبو داود الترمذي.
وجعل حرمة الأعراض بين المسلمين كحرمة يوم النحر في شهر ذي الحجة في مكة المكرمة، فقد روى أبو بكر أن رسول الله قال في حجة الوداع: ((ألا أي شهر تعلمونه أعظم حرمة؟)) قالوا: ألا شهرنا هذا، قال: ((ألا أي بلد تعلمونه أعظم حرمة؟)) قالوا: ألا بلدنا هذا، قال: ((ألا أي يوم تعلمونه أعظم حرمة؟)) قالوا: ألا يومنا هذا، قال: ((فإن الله تبارك وتعالى قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم إلا بحقها، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، ألا هل بلغت؟)) ثلاثا، كل ذلك يجيبونه: ألا نعم. رواه البخاري ومسلم.
أيها المؤمنون الغيورون، كل امرئ عاقل بل كل شهم فاضل لا يرضى إلا أن يكون عرضه محل الثناء والتمجيد، ويسعى ثم يسعى ليبقى عرضه حرمًا مصونًا لا يرتع فيه اللامزون ولا يجوس حماه العابثون. إن كريم العرض يخاطر بحياته ويبذل مهجته ويعرض نفسه لسهام المنايا عندما يرجم بشتيمة تلوث كرامته، وتسود الدنيا وتظلم الحياة، ويصبح بطن الأرض خير من ظهرها للمرء إذا أصيب في عرضه. نسأل الله لنا ولكم الستر والعافية.
ومن هنا ـ عباد الله ـ نوجه رسالة إلى طائفة من الناس ـ نسأل الله لهم الهداية ـ قد آذوا المسلمين في أعراضهم. رسالة إلى العابثين بالأعراض. رسالة إلى هاتكي الحرمات. رسالة إلى كاشفي العورات، إلى تلك الفئة من الناس التي تعبث بأعراض المسلمين، فتؤذيهم في زوجاتهم أو بناتهم أو أخواتهم. فئة تتميز بقلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة. الغدر والكذب شعارهم، والخيانة وقلة الحياء دثارهم، وعدم المراقبة لله مسلكهم، وضعف الأنفة ديدنهم، وذهاب الغيرة من القلوب بليتهم. هذا بخلاف ما يترتب على ذلك من غضب الله ومقته وهتك الأعراض والفضائح والقبائح، لذة ساعة وخسارة إلى قيام الساعة إذا حجب عن التوبة، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.
فيا أيها العابث بأعراض المسلمين، إننا نخاطب فيك دينك، فإن لم يكن عندك دين يردعك فإننا نخاطب فيك الغيرة، فإن لم يبق لك منها شيء فإننا نخاطب فيك الرجولة، فإن لم تكن تحمل شيئا من الرجولة فليس إلا أن نخاطب إنسانيتك، فاتق الله الذي يراك ويسمعك وأنت تعبث بأعراض المسلمين وتهتك أستارهم وتقتحم حرماتهم. يراك ويسمعك وأنت تتحدث في هاتف أو تُرْكِبُ في سيارة أو تنفرد في خلوة بعرض من أعراض المسلمين. أما علمت أن الله مطلع عليك ناظر إليك؟! فلو شاء لفضحك وهتك سترك، ولو شاء لأمرضك وسلبك عافيتك، ولو شاء لأخذ روحك في تلك الحالة ولكنه يمهل ولا يهمل، وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى [طه:127].
أيها العابث بأعراض المسلمين، إن لم يردعك دينك وقلّ خوفك من الله وعقوبته في الآخرة أفلا تخشى العقوبة الدنيوية؟! أما علمت أن الجزاء من جنس العمل، وأنه كما تدين تدان؟! أما تخشى أن يسلط الله عليك من يؤذيك في عرضك كما تؤذي المسلمين في أعراضهم؟! أما قرأت قول الله تعالى: وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الأنعام:129]؟! أليس لك أخت أو بنت أو خالة أو عمة؟! أفترضاه لعرضك؟! فكيف ترضاه للناس؟!
يـا هاتكًا حرم الرجـال وقاطعًـا سبل الْمودة عشت غيْر مكرم
لو كنـت حرًا من سلالة مـاجد ما كنت هتاكًا لِحرمة مسلـم
إن الزنـا ديـن إذا أقـرضتـه كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
مـن يـزن يُزن بـه ولو بجداره إن كنـت يا هذا لبيبًا فافهم
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي أمامة قال: إن فتى شابًا أتى النبي فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه! فقال : ((أدنه))، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس، قال: ((أتحبه لأمك؟)) قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لأمهاتهم))، قال: ((أفتحبه لابنتك؟)) قال: لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لبناتهم))، قال: ((أفتحبه لأختك؟)) قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لأخواتهم))، قال: ((أفتحبه لعمتك؟)) قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لعماتهم))، قال: ((أفتحبه لخالتك؟)) قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ((ولا الناس يحبونه لخالاتهم))، قال: فوضع يده عليه وقال: ((اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه))، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.
أيها العابث بأعراض المسلمين، إننا نحذرك من انتهاك حمى الحرمات، فإن عاقبته وخيمة ونهايته أليمة وعقوبته عند الله عظيمة.
أيها العابث بأعراض المسلمين، كم من دعوة قد رفعت إلى الله تسأله الانتقام منك وترجوه أن يجعلك عبرة لمن يعتبر، وتسأل من كل أنواع البلايا والرزايا أن يصيبك الله بها ويبتليك. كل أولئك مظلومون قد ظلمتهم أنت، فاتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب.
أيها العابث بأعراض المسلمين، ماذا تنتظر؟! أتستبطئ العذاب؟! أغرك من الله حلمه أو اغتررت بإمهاله؟! فما هو إلا أن يأذن الله لفضيحة فتحصل، أو مرض فينزل، أو مصيبة فتحل.
أيها العابث بأعراض المسلمين، ها هم ضحاياك يرفعون أكف الضراعة إلى الله أن يريهم فيك عجائب قدرته، فأن تتوب خير لك، وأن تنيب خير لك، قبل أن لا ينفع الندم ولات ساعة مندم. إننا ندعوك إلى العودة إلى الله فإن باب التوبة مفتوح ما دامت الشمس لم تطلع من مغربها، وما دامت الروح لم تبلغ الحلقوم. فإن عدت إلى ربك فهو خير لك، وإن أعرضت فإن الله غني عنك وعن العالمين، يقول عز وجل: مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا [يونس:108].
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا لا ينفد، أفضل ما ينبغي أن يحمد، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء محمد، وعلى آله وصحبه ومن تعبد.
أما بعد: فيا أولياء الأمور من آباء وأمهات، إن مسؤوليتكم اليوم قد غدت أكبر من ذي قبل وأشق؛ وذلك أن وسائل الفساد قد كثرت وقويت، ووسائل الإصلاح قد قلت وضعفت، وانتشرت الفتن وكثرت الذئاب البشرية من العابثين بالأعراض الهاتكين للحرمات؛ لذلك كله أصبحت مسؤوليتكم أعظم، فاتقوا الله في هذه الرعية التي استرعاكم الله إياها من بنين وبنات، فإنهم ضعاف أغرار.
واعلموا ـ وفقكم الله ـ أن النساء ضعيفات عقول، فهن كما وصفهن رسول الله : ((ناقصات عقل ودين)) رواه البخاري ومسلم. يخدعن بسهولة بمعسول الكلام الذي يسمعنه من الذئاب البشرية، فيقعن في شباكهم. ولا يخفى عليكم أن تلك الذئاب البشرية من العابثين بالأعراض يستخدمون طرقًا شيطانية للإيقاع بالنساء فيما لا تحمد عقباه، فيستخدمون التسجيل للمكالمات أو التصوير أو الرسائل أو غيرها كوسائل تهديد للوصول إلى أغراضهم الخبيثة ومقاصدهم الدنيئة. فكم من غافلة وقعت بإحدى هذه الوسائل في حبائلهم وصارت فريسة لهم.
أيها الأب، أيتها الأم، إن الشباب مغرمون بالتقليد مليؤون بالطاقة، فإذا وجدوا بعد ذلك وقتًا فارغًا ومالاً متوفرًا حصل ما لا تحمد عقباه. إن وجود غرفة خاصة وهاتف خاص للابن أو البنت مع غياب الرقابة المنضبطة بضوابط الشرع سبب لحصول تلك المصائب التي نجل المقام عن ذكرها، ومن شاء معرفة التفاصيل فليسأل موظفي هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليسمع قصصًا تشيب لها الرؤوس وتتفطر لها الأكباد.
أيها الوالدان، إن معرفتكما لأصدقاء أبنائكم ومن يزورون وبمن يتصلون ليس شكًا فيهم، بل هي رقابة من أجل حمايتهم من شياطين الإنس والجن. وهذا هو واجب الرعاية الذي ائتمنكم الله عليه.
أيها العقلاء، إن خروج النساء في كل وقت وبغير حساب ومع كل من هب ودب من السائقين أو سيارات الأجرة التي لا يدرى عن حال سائقها أصالح أم طالح، بر أم فاجر، واستخدام أجهزة الهاتف لساعات طويلة وفي الليل والنهار، كل هذه أسباب لوقوع النساء في شباك الذئاب البشرية. والله المستعان.
أيها الأب، إن إدخال أجهزة الفساد إلى البيت بحجة التسلية أو متابعة الأخبار العالمية سبب عظيم من أسباب فساد الذرية، لما يرونه من مناظر مثيرة ومشاهد مغرية. إنك ـ أيها الوالد ـ تتسبب في فتنة أبنائك من حيث لا تشعر.
إخوة الإيمان، كلمة أخيرة موجهة إلى النساء، فلتتق الله كل امرأة في نفسها وفي أهلها، ولتحذر من بداية الطريق، فإن بداية طريق الهلاك والضياع نظرة فاتنة أو كلمة لينة. فإذا خرجت المرأة فلتخرج لضرورة ملحة ليس لها منها بد، ولتلتزم بالحجاب الشرعي الكامل غير متعطرة، ولتحرص على وجود المحرم معها، فإن في ذلك حماية لها من طمع الكلاب البشرية اللاهثة وراء النساء. وإذا احتاجت إلى مخاطبة الرجال من بائع أو غيره فلا تلن له الكلام، فإن القلوب المريضة كثيرة في أيامنا هذه، يقول تعالى: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32]. ولتحذر من الخلوة برجل لا يحل لها؛ فإن رسول الله يقول: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان)) رواه الترمذي. ولتحذر من المكالمات الهاتفية المريبة، فإنها سبب كثير من المصائب اليوم.
اللهم أصلح القلوب والأعمال، وأصلح ما ظهر منا وما بطن، واجعلنا من عبادك المخلصين. اللهم إنا نعوذ بك من الغواية والضلالة، اللهم ثبتنا على دينك، اللهم آمنا في أوطاننا...
| |
|