molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الربا- سعد بن عبد الله العجمة الغامدي الأربعاء 9 نوفمبر - 5:17:24 | |
|
الربا
سعد بن عبد الله العجمة الغامدي
الخطبة الأولى
أما بعد: فعلينا أن نتقي الله ونحذر من دخول الربا في معاملاتنا واختلاطه بأموالنا فإن أكل الربا وتعاطيه من أكبر الكبائر عند الله، وقد توعّد الله المرابي بالنار وآذنه بحرب من الله ورسوله، قال عز وجل: يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ ٱلرّبَوٰاْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبتُمْ فَلَكُمْ رُءوسُ أَمْوٰلِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [البقرة: 278، 279].
فهذا النص القرآني واضح الدلالة على تعليق إيمان الذين آمنوا على ترك ما بقي من الربا، فهم ليسوا بمؤمنين إلا أن يتقوا الله ويذروا ما بقي من الربا، ليسوا بمؤمنين ولو أعلنوا أنهم مؤمنون، فإنه لا إيمان بغير طاعة وانقياد واتباع لما أمر الله به، فهم مسلمون وفي دائرة الإسلام، والإيمان مرتبة أعلى، كما أن الإحسان أعلى مرتبة من الإيمان، فلا يدع الإسلامُ إنسانًا يتستر وراء كلمة الإيمان بينما هو لا يطيع ولا يرتضي ما شرع الله عز وجل، ولا يُنَفِّذُ هذا الشرع في حياته ولا يحكمه في معاملاته، فالذين يفرقون في الدين بين الاعتقاد والمعاملات ليسوا بمؤمنين مهما ادعوا الإيمان وأعلنوا بلسانهم أو بشعائر العبادة الأخرى أنهم مؤمنون، فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة: 279]. ماذا يستطيع أن يواجه هذا الإنسان الضعيف الفاني في حرب رهيبة معروفة المصير؟! إنه يفتح على نفسه باب الخسران والهلاك.
لقد أمر رسول الله عامله على مكة بعد نزول هذه الآيات التي نزلت متأخرة أن يحارب آل المغيرة هناك إذا لم يَكُفُّوا عن التعامل الربوي، وقد أمر في خطبته يوم فتح مكة بوضع كل ربا في الجاهلية ـ وأوله ربا عمه العباس ـ عن كاهل المدينين الذين ظلوا يحملونه إلى ما بعد الإسلام بفترة طويلة، ولم يأمرهم برد الزيادات التي سبق لهم أخذها في حال الجاهلية، فقال في معرض خطبته عليه الصلاة والسلام: ((وكل ربا في الجاهلية موضوع تحت قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ، وأول ربا أَضَعُ ربا العباس بن عبد المطلب)).
وقد لعن رسول الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وما ظهر الربا والزنا في قوم إلا ظهر فيهم الفقر والأمراض المستعصية التي لم تكن في أسلافهم وظهر فيهم ظلم السلطان. إن الربا يهلك الأموال ويمحق البركات وإن تراءت لأصحابها بأنها كثيرة في نظرهم، قال تعالى: يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلْرّبَوٰاْ وَيُرْبِى ٱلصَّدَقَـٰتِ [البقرة: 276].
لقد شدد الله الوعيد على آكل الربا وجعل أكله من أفحش الخبائث وأكبر الكبائر، وبين عقوبة المرابي في الدنيا والآخرة، وأخبر بأنه محارب لله ولرسوله، فعقوبة الربا في الدنيا أنه يمحق بركة المال ويعرضه للتلف والزوال حتى يصبح صاحبه من أفقر بني آدم، وكم نسمع من تلف الأموال العظيمة بالحريق والغرق والفيضانات فيصبح أهلها فقراء بين الناس، وإن بقيت هذه الأموال الربوية بأيدي أصحابها فهي ممحوقة البركة لا ينتفعون منها بشيء، بل هي شَرٌّ عليهم يعانون منه ويلاقون العذاب من أتعابها، ويتحملون حسابها ويَصْلَوْنَ عذابها يوم القيامة ويرثها غيرهم في الدنيا.
والمرابي مُبْغَضٌ عند الله وعند الناس؛ لأنه يأخذ ولا يعطي، يجمع ويمنع، لا ينفق ولا يتصدق، شحيح جشع جموع منوع، تنفر منه القلوب وينبذه المجتمع، وهذه عقوبات عاجلة، وأما عقوبته الآجلة فهي أشد وأبقى، وقد ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة ما يلاقيه المرابي، فورد في القرآن الكريم عن حال المرابي عند قيامه من قبره للحشر والنشور قول الله عز وجل: ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرّبَوٰاْ لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِى يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَـٰنُ مِنَ ٱلْمَسّ [البقرة: 275]، وذلك أن الناس إذا بعثوا من قبورهم خرجوا مسرعين إلى المحشر كما قال الله عز وجل: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأجْدَاثِ سِرَاعًا [المعارج: 43]، إلا آكل الربا فإنه يقوم ويسقط كحالة المصروع الذي يقوم ويسقط بسبب الصرع؛ لأنَّ أَكَلَةَ الربا في الدنيا تَكْبرُ بطونُهم بسبب تَضَخُّمِ الربا فيها، فكلما قاموا سقطوا لثقل بطونهم، وكلما هَمُّوا بالإسراع مع الناس تَعَثَّرُوا وتأخَّرُوا عقوبةً وفضيحةً لهم، ثم يأتيهم بعد ذلك العذاب الأليم.
وفي حديث الإسراء أن النبي رأى رجلاً يسبح في نهر من الدم، وكلما جاء ليخرج من هذا النهر استقبله رجل على شاطئ النهر وبين يديه حجارة يرجمه بحجر منها في فمه حتى يرجع حيث كان، فسأل عنه النبي فأُخبر أنه آكِلُ الربا. وجاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي أتى ليلة أسري به على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم، قال: ((فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء أكلة الربا))، وورد عنه أنه قال: ((الربا ثلاثة وسبعون بابًا، أَيْسَرُهَا مثل أن ينكح الرجل أمه))، وعن جابر رضي الله عنه أن النبي قال: ((لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه))، وقال: ((هم سواء)).
أيها المسلمون، إن الربا حرام في جميع الشرائع السماوية، قال الله تعالى في حق اليهود: فَبِظُلْمٍ مّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيّبَـٰتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيرًا وَأَخْذِهِمُ ٱلرّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَـٰطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَـٰفِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [النساء: 160، 161].
وفي الإسلام مَرَّ تحريم الربا بأدوار أربعة، تَدَرَّجَ فيها في تقرير التحريم حيث نزلت الآية السالفة الذكر وفي المرة الثانية حيث التلويح فيها بالتحريم لا التصريح، وقد سبقتها الآية الكريمة حيث قال تعالى: وَمَا ءاتَيْتُمْ مّن رِبًا لّيَرْبُوَاْ فِى أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ وَمَا ءاتَيْتُمْ مّن زَكَوٰةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ [الروم: 39]. ثم نزل قوله تعالى: يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرّبَا أَضْعَـٰفًا مُّضَـٰعَفَةً [آل عمران: 130]. ثم نزل التحريم الكلي القاطع الذي لا شك فيه لدى كل مؤمن، ولا تفريق فيه بين قليل أو كثير حيث قال تعالى: يا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِىَ مِنَ ٱلرّبَوٰاْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبتُمْ فَلَكُمْ رُءوسُ أَمْوٰلِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ [البقرة: 278، 279]. وذلك بعد الحكم الصريح بالتحريم في الآية التي سبقت هذه الآيات حيث قال عز وجل: وَأَحَلَّ ٱللَّهُ ٱلْبَيْعَ وَحَرَّمَ ٱلرّبَوٰاْ فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مّنْ رَّبّهِ فَٱنتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى ٱللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ [البقرة: 275].
ومع هذا الوعيد الشديد لمن أكل الربا فإن كثيرًا من المسلمين لا يبالون في جمع المال من أي طريق، لا يهمهم إلا تضخيم الثروة وتكديس الأموال التي سوف يجدون عاقبة الخسران فيها في الدنيا والآخرة، فالحرام عندهم ما تعذر عليهم أخذه، والحلال في عرفهم ما تمكنوا من تناوله من أي طريق، وهذا يدل على عدم خشية الله في قلوبهم وإعراضهم عن دينهم وعدم مبالاتهم بأحكام الشريعة وتطبيقها في حياتهم، وإذا وصل حال المجتمع إلى هذا المستوى فعقوبة ذلك قريبة، ولا خير في حياة تبنى على الربا، ولا في كَسْبٍ مَوْرِدُهُ حَرَامٌ، إنَّ مالاً يُجْمَعُ من حرام كالمستنقع المتجمع من الماء النجس القذر، يتأذى مِنْ نَتَنِ رِيحِهِ كُلُّ مَنْ قَرُبَ منه أو مَرَّ عليه.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، أحمده تبارك وتعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.
أما بعد: فلقد اعتبر الإسلام الربا من أكبر الجرائم الاجتماعية والدينية، وشَنَّ عليه حربًا لا هَوَادَةَ فيها، وتوعد الله جل جلاله المتعاملين بالربا بالعذاب الأليم، ويكفي أن نعلم عظم هذه الجريمة النكراء من خلال تصوير حالة المرابين ذلك التصوير الشنيع الفظيع الذي صَوَّرَهُمْ به في القرآن الكريم، صورة الشخص الذي به مسٌّ من الجن، فهو يتخبط ويَهْذِي كالمجنون الذي أصيب في عقله وجسمه، ولم يبلغ من تفظيع أمر من أمور الجاهلية ـ أراد الإسلام إبطاله ـ ما بلغ من تفظيع أمر الربا، ولا بلغ من التهديد في منكر من المنكرات كما بلغ في شأن الربا والمرابين، فالربا في الإسلام جريمة وكبيرة من الكبائر ومن السبع الموبقات التي حذر منها الرسول ، والربا أساس المفاسد وأصل الشرور والآثام، وهو الوجه الكالح الطالح الذي يقابل الصدقة والبر والإحسان وال+اة والدين المأمور بها في الإسلام، ولو تدبر المسلمون ووعوا قرآنهم وقرؤوا الآيات التي قبل هذه الآيات التي تحرم الربا وفي ثناياها وبعدها، لو فعلوا ذلك لأدركوا سِرَّ التحريم، وكذلك ما يصلح المجتمع المسلم ويجعل حياته آمنة مطمئنة قائمة على المحبة والإخاء والإيثار، بعيدة عن حب الذات والأنانية والأثرة.
إن الصدقة والدَّين عطاء وسماحة وطهارة وزكاة للمال والنفس وتعاون وتكافل، والربا شح وقذارة ودنس وجشع وأثرة وأنانية، الصدقة وال+اة إعطاءُ المالِ للغير بدون عِوَضٍ ولا رَدٍّ من البشر، ولكنَّ الأجرَ مُدَّخَرٌ عند الله جل جلاله متى صلحت النية وكان صوابًا وتقبله رب العزة والجلال، أما الربا فهو استرداد للدين ومعه زيادة حرام مُقْتَطَعَةٌ من جهد المدين أو من لحمه، من جهده إن كان قد عمل بالمال الذي اسْتَدَانَهُ فَرَبِحَ نتيجةً لِكَدِّهِ وعمله، ومن لحمه إن لم يربح أو خسر، أو كان قد أخذ المال للنفقة على نفسه وأهله، فلا عجب إذًا أن يعده الإسلام أعظم المنكرات والجرائم الاجتماعية والدينية، وأن يعلن الحرب على المرابين: فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة: 279]؛ وذلك للأضرار الفادحة والمساوئ التي تترتب عليه من النواحي النفسية والاجتماعية والاقتصادية، حيث يُوَلِّدُ في الإنسان حُبَّ الأَثَرَةِ والأنانية، فلا يعرف إلا نفسه، ولا يعرف إلا مصلحته ونفعه، وبذلك تنعدم فيه روح التضحية والإيثار ومعاني حب الخير، ويغدو المرابي وَحْشًا مُفْتَرِسًا لا يهمه من الحياة إلا جمع المال وامتصاص دماء الناس واسْتِلاب ما في أيديهم. ويولِّد الربا العداوةَ والبغضاءَ بين أفراد المجتمع، ويقضي على كل مظاهر الشفقة والبر والإحسان، ويزرع في القلب الحسد والبغضاء، ويدمر قواعد المحبة والإخاء، ويقسم الناس إلى طبقتين: طبقة مترفة تعيش على النعيم والرفاهية والتمتع بعرق جبين الآخرين، وطبقة معدمة تعيش على الفاقة والحاجة والبؤس والحرمان، وبذلك ينشأ الصراع بين الطبقتين.
إن المعاملات الربوية لها صور متعددة, وهي تتفاوت في الإثم، فأدناها مساعدة المرابي بوضع المال عنده ليحفظه، وأعلاها ما يسمى بالفوائد وهو عين الربا، وما نذكره هنا هو صورة من صور متعددة. إن بعض المسلمين إذا لم يُذْكَرْ له الحكمُ صريحًا في الربا لا يفهمه تلويحًا وتعريضًا، فتكثر الأسئلة عن حكم أخذ ما يُسَمَّى بالفوائد من المصارف أو ما يُسمى بالبنوك، وعن وضع المال عندهم أمانة، وعن عمل الموظف لديهم، لذا فإن تسمية الربا بالفوائد هو من باب التدليس والتلبيس على الناس، فالفوائد هي عين الربا الصريح المحرم في القرآن والسنة، ومن تعامل بهذه المعاملة سواء كان آخِذًا أو مُعْطِيًا أو كاتبًا أو شاهدًا فهو من الملعونين على لسان رسول الله ومن المحاربين لله ورسوله، ولا يخرج منه الموظف الذي يعمل في المصارف لأنه كاتبٌ للربا وشاهدٌ عليه ومُعِينٌ ومُسَاعِدٌ على انتشاره في المجتمع، وأبواب الرزق الحلال مفتوحة، ومن ترك شيئًا لله عَوَّضَهُ الله خيرًا منه، قال رسول الله : ((لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه))، فذلك عام سواء كان على مستوى الفرد أو الشركات التي تتعامل بالربا المكونة من مئات الأفراد، هذا بالنسبة للأخذ والعطاء في حال الْقَرْضِ أو الإقْرَاضِ زيادة على رأس المال، أما الذين يُودِعُونَ أموالهم عند المرابين فهم يعاونونهم على أكل الربا وعلى الإثم والعدوان، ويمدُّونهم بالمال لكي ينتشر الحرام في المجتمع، فلا عذر لأحد في هذا البلد أن يضع ماله لدى المصارف الربوية، ونعمة الأمن الموجودة في هذا البلد من أكبر النعم التي مَنَّ الله علينا بها بعد نعمة الإسلام، وكذلك المصارف البعيدة عن التعامل بالربا موجودة أيضًا، فعلى كل مسلم أن يتقي الله ويخاف من العذاب الأليم في الدنيا والآخرة ولا يتعامل بالربا ولا يساعد عليه وينصح من كان واقعًا فيه، وعليه أنْ يَسْحَبَ أموالَهُ من مصارف الربا ومؤسساته ومن المرابين لأنهم قد يكونون أفرادًا يتعاملون بالربا، ولا عذر لأيِّ شخصٍ في هذا البلد في إيداع الأموال لدى المرابين أيًا كانوا، ولا يَغْتَرّ المسلم بكثرة الهالكين والواقعين في ذلك، فإنهم ليسوا قدوة صالحة في فعلهم ذلك كما قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِ وَٱلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ [المائدة: 2]. أما إن كان في بلدٍ غيرِ آمِنٍ فإن وضع المال لدى المرابين يكون من باب الضرورة فقط والخوف على ضياعه، ومتى وَجَدَ المسلم طريقًا غير ذلك فإنه لا عذر له في الإيداع لديهم؛ لأنه بذلك يدعمهم بالمال ويعينهم على الربا وأكل أموال الناس بالباطل.
فاتقوا الله عباد الله، وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله...
| |
|