molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: سيبقى الإسلام - سعد بن أحمد الغامدي الثلاثاء 8 نوفمبر - 3:33:00 | |
|
سيبقى الإسلام
سعد بن أحمد الغامدي
الخطبة الأولى
وبعد: أيها المسلمون، في هذه الأيام عندما ينظر المسلم ويرى ماذا يحصل للمسلمين من أعداء الدين من يهود ونصارى من قتل وإبادة واحتلال وغزو فكري وظلم وقهر واعتداءات على قتل الأطفال واغتصاب النساء وأخذ الثروات بقوة النار والحديد ظنّ بعض الناس أن لا قائمة سوف تقوم للإسلام والمسلمين، وهذه مصيبة أن يكون المسلم بهذا الظن.
أنزل الله الإسلام ليبقى، أنزل الله هذا الدين ليهيمن على جميع الأديان، أنزل الله الإسلام ليبقى إلى قيام الساعة، أنزل الله الإسلام حتى لا يدع بيت مدر ولا وبر إلا دخلة بعز عزيز أو بذل ذليل، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة:33].
فأول ما يجب عليك أن تعلمه ويتيقن قلبك له وبه أن هذا الدين سيظهره الله على كل دين، وأنه أرسل رسوله بهذا الهدى وبهذا الحق ليبلغ ما بلغ الليل والنهار، كما في صحيح مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه أن النبي قال: ((إن الله قد زوى لي الأرض ـ أي: جمعها ـ فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغها))، وفي حديث آخر يقول: ((ليبلغن هذا الأمر ـ أي: دين الإسلام ـ ما بلغ الليل والنهار)) وهل هناك قطعة من الأرض لا يبلغها ليل أو نهار أيها المؤمنون؟! ((ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر ـ بادية وحاضرة ـ إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزًا يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر))، يعني يبلغ هذا الدين وينتشر هذا الإسلام، ويدخل كل بيت في الحاضرة والبادية بأحد خيارين: إما بعزٍ يسلم أهل ذلك القطر، ويؤمنون بالله واليوم الآخر فيعزهم الله، وإما بذلٍ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29]، ذلاً يذلّ الله به الشرك وأهله.
وحرب أعداء الله ليست وليدة اليوم، بل أعداء الإسلام من الكتابيين والمشركين والذين في قلوبهم مرض والمنافقين ما زالوا منذ بعثة النبي محمد يقاومون دين الإسلام الذي جاء به، يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ [التوبة:32]. قاوموه بالجدال والخصام، وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ [فصلت:26]، فلم يفلحوا. وقاوموه بالسلاح فهزموا، وقاوموه بالنفاق فدخلوا فيه ظاهرًا وقاوموه باطنًا، وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ [البقرة:14]، ففضح الله سرائرهم وأبطل مكائدهم.
حاولوا الكيد له بالدخول فيه ثم الارتداد عنه ليتابعهم المسلمون في ذلك، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [آل عمران:72]، فلم يدركوا مطلوبهم وباؤوا بالفشل ولم يتزحزح المسلمون عن دينهم بهذه المكيدة، بل زادتهم ثباتًا وإيمانًا. أخرجوا النبي وأصحابه من مكة ليقضوا على دعوة الإسلام بزعمهم، وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30]، فخرج النبي من بينهم مختفيًا ولم يشعروا به، وعاد إليهم بعد سنوات قليلة بجيش التوحيد وكتائب الإيمان مدجّجين بالسلاح، ففتح الله له مكة، وجاء نصر الله والفتح، ودخل الناس في دين الله أفواجا، وحطم رسول الله الأوثان و+ر الأصنام، وأعلن دين الإسلام على رؤوس أعدائه، ورفع الأذان في المسجد الحرام، وجلس أعداؤه بالأمس ينتظرون ماذا يفعل بهم لما مكنه الله منهم فقال: ((اذهبوا فأنتم الطلقاء)). وجاء للحج ومعه نحو مائة ألف مسلم بعد أن منع المشركين من أن يقربوا المسجد الحرام.
ولما أكمل الله له ولأمته الدين وأتم عليهم النعمة ورضي لهم الإسلام دينا توفاه الله عز وجل كما هي سنته في خلقه، إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30]، وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ [الأنبياء:34]، فقام بالأمر بعده خلفاؤه الراشدون، وأعاد أعداء الإسلام الكرة للقضاء عليه بعد وفاة الرسول ، فارتد كثير من العرب، فقاتلهم خليفة رسول الله أبو بكر الصديق ومعه إخوانه من المهاجرين والأنصار حتى أعز الله بهم دينه وأبطل كيد أهل الردة ومن وراءهم من الكفار حيث يقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة:54]، فأتى الله بأبي بكر وإخوانه فقضوا على الردة.
وفي آخر عهد الخلفاء الراشدين دسّ اليهود رجلاً يقال له: عبد الله بن سبأ، فأظهر الإسلام وجعل يطعن في الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، يريد شقّ عصا الطاعة عليه، واجتمع حوله جماعة من الأوباش، فسطوا على عثمان رضي الله عنه فقتلوه ظانين بذلك أنهم يقضون على الإسلام ودولته، فخيب الله ظنهم وبقي الإسلام عزيزا. وقام بالأمر من بعده الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فلجأ أعداء الإسلام إلى مكيدة جديدة، فخرجت طائفة الخوارج الذين يكفّرون المسلمين ويستحلون دماءهم، وخرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقاتلهم ونصره الله عليهم، وقتل منهم مقتلة عظيمة في النهروان، ولم يبق منهم إلا القليل. ثم تآمروا على علي رضي الله عنه فقتلوه غيلة، وظن الكفار ومن نفذ خطتهم هذه أنهم سيقضون على الإسلام، ولكن بقي الإسلام عزيزا رغم أنوفهم، واستمرت دولة المسلمين عزيزة تنشر دين الله في المشارق والمغارب في عهد معاوية، كما قال تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة:33].
ثم قامت الدولة الأموية، ثم الدولة العباسية، والإسلام في عز وظهور رغم ما يحصل لأهله من ابتلاء وامتحان. حتى جاء جيش التتر من المشرق فاجتاح بلاد المسلمين، وقتل الخليفة العباسي، وجرت على أيديهم محنة شديدة على المسلمين، لكنهم ثبتوا في وجوههم في أكثر من معركة، حتى هزم الله التتر، وبقي الإسلام عزيزًا شامخًا كما أنزله الله، قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9].
ثم جاء الغزو الصليبي بحقده وشرّه، وحصلت بينه وبين المسلمين معارك شديدة، واستولى النصارى على بيت المقدس فترة طويلة، حتى قيض الله للإسلام والمسلمين صلاح الدين الأيوبي، فدحر الصليبيين، وخلص بيت المقدس من حوزتهم، وأعاده إلى حوزة المسلمين.
وفي وقتنا الحاضر تجمعت الصهيونية اليهودية بمساندة من مغول العصر ومعها دول أخرى تحاول تغزو بلاد المسلمين وتتدخل في شئونهم الخاصة، وتملي عليهم رغباتها، وتتهم الإسلام بالإرهاب والتطرف والغلو، وتريد من المسلمين أن يتخلوا عن كثير من أحكامه وأصوله، وهي تتبجح بالديمقراطية وإزالة الظلم عن الشعوب، وترتكب أشد أنواع الظلم والقسوة، وهكذا تدعي أنها ستزيل الظلم وهي ترتكب أشد أنواع الظلم في حق الشعوب، وقد سنحت الفرصة للمنافقين والذين في قلوبهم مرض بترديد مقالة الكفار باتهام الإسلام بالتطرف والإرهاب واتهام مصادره وعلمائه بذلك والمناداة بحرية المرأة ومساواتها بالرجل وخلعها للحجاب وتوليها أعمال الرجال، ومناداتهم بإزالة الفوارق بين المسلمين والكفار باسم حرية الرأي وحرية الديانة وعدم كره الآخر وترك باب الولاء والبراء وحذفه من الكتب والمقررات الدراسية وعدم تكفير من كفره الله ورسوله ولو ارتكب نواقض الإسلام كلها، كل ذلك تحت مبدأ التسامح وحرية الرأي وقبول رأي الآخر.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214]
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه وبسنة نبيه، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله ذي القوة المتين، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الصادق الأمين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها المسلمون، إنهم يقولون: كل من خالف هذه المبادئ الخبيثة عندهم والتزم بالإسلام وأصوله وأحكامه فهو متشدد ومتطرف وتكفيري حتى تناولوا بهذه الاتهامات أئمة الإسلام ومجدّديه كشيخ الإسلام ابن تيمية وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، حتى نادى بعضهم بإعادة النظر في كتب العقيدة وإخلائها من كل ما يتعارض مع مبادئهم ورغباتهم.
ودول الكفر احتلت أراضي المسلمين ابتداء من فلسطين ثم أفغانستان والعراق والشيشان ينشرون الحرية بزعمهم، وقد انغر وللأسف بعض المسلمين بهذه الدعاوى، فها هي الحرية: قتل وترويع للمدنيين، وعمليات قتل فورية، هدم وتحطيم للمنازل والأسواق والتجمعات السكنية، إعاقة عمليات الإسعاف واستهداف المساجد والمستشفيات والمراكز الصحية، ممارسة عمليات إذلال قاسية بحق المسلمين، واقتيادهم إلى مراكز اعتقال جماعية، بلغ عددهم فيها في العراق فقط عشرة آلاف حسب المصادر الأمريكية, ومائة ألف حسب مصادر عراقية، إفساد الأراضي المزروعة وقلع الأشجار، اقتحام وإتلاف محتويات بيوت الله، لكن سينتصر المسلمون عليهم ويوقعون بهم شر هزيمة إذا اجتمعت كلمة المسلمين وجاهدوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله كما أخبر بذلك النبي . ونقول لهؤلاء وهؤلاء ما قاله الله لهم: مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [آل عمران:119]، وسيبقى الإسلام وتموت المبادئ الهدامة وأهلها، سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً [الأحزاب:62].
| |
|