molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: مظاهر سوء الخلق - سالم بن عبد الكريم الغميز الأحد 6 نوفمبر - 7:51:03 | |
|
مظاهر سوء الخلق
سالم بن عبد الكريم الغميز
الخطبة الأولى
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق تقواه، وقوموا بما أوجب الله عليكم من الواجبات وانتهوا عن المنهيات تفوزوا برضاه.
أيها المسلمون، إن شأن الأخلاق عظيم ومنزلتها عالية في الدين، فمن خصال الدين الخلق، وأكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً، وأحسنهم أخلاقاً أقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم.
ولقد تظاهرت نصوص الشرع في الحديث عن الأخلاق فحثت وحضت ورغبت في محاسن الأخلاق وحذرت ونفرت ورهبت من مساوئ الأخلاق.
أيها المسلمون، وسوء الخلق عمل مرذول ومسلك دنيء يمقته الله عز وجل ويبغضه الرسول صلى الله عليه وسلم.
بل إن الناس على اختلاف مشاربهم يبغضون سوء الخلق وينفرون من أهله، فهو مما ينفر الناس ويفرق الجماعات ويصد عن الخير، ثم إنه مجلبة للهم والغم ومدعاة للكدر وضيق الصدر سواء لأهله أو لمن يتعامل معهم.
فما أضيق عيش من ساء خلقه، وما أشد بلاء من ابتلي بسيء الخلق قال عليه الصلاة والسلام: ((إن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقاً، الثرثارون المتفيقهون المتشدقون)). وقال بعضهم السلف: "من ساء خلقه ضاق رزقه".
بل إن سوء الخلق من أسباب دمار الأمم وانهيار الحضارات.
أيها المسلمون، ولما كان الإنسان يعتقد في نفسه الكمال ولا يتهم نفسه بسوء الخلق، فإن المعيار بذلك هي المظاهر التي يراها الشرع ومن ثم الناس في الإنسان .. فنذكر بعضاً من هذه الظاهر لعلنا نحذرها ونتجنبها:
فمن مظاهر سوء الخلق:
الغلظة والفظاظة.. فتجد كثيراً من الناس فظاً غليظاً لا يتراخى ولا يؤلَف، ولا يتكلم إلا بالعبارات النابية التي تحمل في طياتها الخشونة والشدة والقسوة.
وذلك كله مدعاة للفرقة والعداوة ونزغ الشيطان وعدم قبول الحق وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].
ومن مظاهر سوء الخلق: عبوس الوجه وتقطيب الجبين، فكم من الناس لا تراه إلا عابس الوجه مقطب الجبين لا يعرف التبسم واللباقة.
ومن مظاهر سوء الخلق أيضاً: سرعة الغضب، وهذا مسلك مذموم في الشرع والعقل، وهو سبب لأمور لا تحمد عقباها.
فكم حصل بسببه من فساد لذات البين وفرقة وتشتت، قال عليه الصلاة والسلام: ((ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)).
فكمال قوة العبد أن يمتنع أن تؤثر فيه قوة الغضب، فمن وفق لترك الغضب فقد أفلح وأنجح، وإلا فلن يصفو له عيش ولن يهدأ له بال، ولن يرتقي إلى الكمال.
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب ولا ينال العلا من طبعه الغضب
ومن مظاهر سوء الخلق: المبالغة في اللوم والتقريع، وهذا كثيراً ما يقع ممن لهم سلطة وتمكن كالرئيس والمدير والمعلم والكفيل والوالد ونحوهم.
فتجد الواحد منهم يُ+ِد ويُرعِد ويطلق العبارات البذيئة ويبالغ في اللوم والتقريع لمجرد خطأ يسير وقع من شخص تحت سلطته.
وهذا الطبع مما تكرهه النفوس وتنفر منه القلوب بل إن هذا الفعل قد يكون سبباً للقطيعة والعقوق بين الأقارب، فإن من الناس من يحجم عن زيارة بعض أقاربه لشدة لومه وتقريعه.
ومن مظاهر سوء الخلق: السخرية بالآخرين، كحال من يسخر بفلان لفقره أو بفلان لجهله أو لرثاثة ثيابه، أو لدمامة خلقته.
فهذا العمل مظهر قبيح من مظاهر سوء الخلق، ويكفي في التنفير منه قول الحق تبارك وتعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مّنْهُمْ وَلاَ نِسَاء مّن نّسَاء عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مّنْهُنَّ [الحجرات:11].
ومن مظاهر سوء الخلق أيضاً: التنابز بالألقاب، وهذا مما نهانا الله عنه وأدبنا بتركه وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَـٰبِ بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلإِيمَانِ [الحجرات:11]، ومع هذا النهي إلا أننا نجد أن غالبية الناس لا يعرفون إلا بألقابهم السيئة، وهذه الألقاب مما يثير العداوة ويسبب الشحناء.
ومن مظاهر سوء الخلق: الكبر .. فهناك من يتكبر في نفسه ويتعالى على بني جنسه فلا يرى لأحد قدراً ولا يقبل من أحد عدلاً ولا صرفاً.
والكبر خصلة ممقوتة في الشرع والعقل.
والمتكبر ممقوت عند الله وعند خلق الله، قال صلى الله عليه وسلم : ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر)).
فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسن ونعله حسناً قال: ((إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمط الناس)).
ومن مظاهر الأخلاق السيئة: الغيبة والنميمة .. فكم فسد بسببهما من صداقة وكم تقطعت أواصر، وهاتان الخصلتان لا تصدران عن نفس كريمة، وإنما تصدر من أنفس مهينة ذليلة دنيئة، أما الكرام فإنهم يترفعون عن مثل هذه الترهات، فاتقوا الله أيها المسلمون واعملوا بصالح الأخلاق، واجتنبوا مساوئها.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم..
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا الظالمين والعاقبة للمتقين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المتقين، صلى الله عليه وسلم.
أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى حق تقواه، وراقبوه ولا تعصوه واعملوا صالحاً تفوزوا برضاه.
أيها المسلمون، ومن مظاهر سوء الخلق أيضاً:
إساءة الظن: فإساءة الظن من الأخلاق الذميمة التي تجلب الضغائن وتفسد المودة وتجلب الهم والكدر، ولهذا حذرنا الله عز وجل من إساءة الظن في قوله تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مّنَ ٱلظَّنّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنّ [الحجرات:12].
وقال عليه الصلاة والسلام: ((إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث)).
ومن صور سوء الظن إذا كان عند أحد أقاربه وليمة ونسي أن يدعوه أساء الظن به واتهمه في احتقاره وعدم المبالاة به.
وإذا نصحه أحد ظن أن الناصح له غرض.
هذه بعض صور سوء الظن، وهو في الغالب لا يصدر إلا عن شخص فارغ أو شخص سيء الفعال ذي نفس مضطربة، لذلك فهو ينظر إلى الناس نظرة المرتاب قال الشاعر:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتـاده من توهـم
وعـادى محبيه لقـول عداتـه وأصبح في ليل من الشك مظلم
فما أحرى بالمسلم أن يستعيذ بالله من الشيطان وأن يحسن ظنه بإخوانه المسلمين، وأن يحملهم على أحسن المحامل، وإلا فلن يريح ويستريح.
أيها المسلمون، لا يدخل في سوء الظن من أساء الظن بعدوه الذي يخاف منه ولا يؤمَن مكره، بل يلزمه في هذه الحالة سوء الظن به وبمكائده ومكره لئلا يصادف منه غِرّة، فهذا من تمام الاحتراز، وهو محمود على كل حال.
كما أنه ليس من الحزم والكياسة أن يحسن المرء ظنه بكل أحد ويثق به ثقة مطلقة، فيبيح له بمكنونه ويطلعه على كل كبيرة وصغيرة من أمره، بل إن هذا سذاجة وبلاهة وجهل وغفلة.
فاتقوا الله أيها المسلمون، واحذروا سيء القول والخلق والفعل واتبعوا محاسن الأخلاق تفوزوا برضا الله.
ألا وصلوا عباد الله على خير خلق الله.
اللهم أبرم لهذه الأمة اللهم عليك الطغاة، اللهم أصلح أحوال المسلمين. اللهم عليك باليهود والنصارى. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة.
عباد الله، إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90].
| |
|