molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: إفشاء السلام - رضا عبد السلامي الأحد 6 نوفمبر - 3:20:20 | |
|
إفشاء السلام
رضا عبد السلامي
الخطبة الأولى
أيها المسلمون: لقد كتب الله عز وجل على نبيه الهجرة من مكة إلى المدينة حفظا له من بطش الكافرين، فلما قدم النبي المدينة كان أول شيء قاله للناس ما حدث به عبد الله ابن سلام قال:
لما قدم النبي المدينة انجفل الناس قِبله، وقيل: قد قدم رسول الله، قد قدم رسول الله، قد قدم رسول الله. فجئت في الناس لأنظر، فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذّاب، فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال: ((يا أيها الناس أفشوا بالسلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام)).
فانظروا يا عباد الله، كيف أن النبي أصل وأسس وبنى ذلك المجتمع الذي كان يصبوا إليه على التقوى والألفة والمحبّة.
فوجّه عليه الصلاة والسلام نداء إلى جميع الناس، وخاطبهم بكلام جامع مفهوم، يفهمه الصغير والكبير، والرجل والمرأة، والعالم والجاهل، وهكذا كان هديه يخاطب الناس بما يفقهونه وبما يفهمونه، كلامٌ قليل يحمل معاني كثيرة، وكذلك ينبغي للشيوخ المدرّسين والأئمة الخطباء أن يكونوا، فكما أن النبي رسول إلى جميع الناس، فكذلك يجب على الإمام أن يكون إماما لجميع لجميع الناس.
قال عبد الله بن سلام : لما قدم النبي المدينة انجفل الناس قِبله، أي خرجوا ونفروا إليه قبل مجيئه لانتظاره، فلما أن أشرف على المدينة صاح الناس فرحاً: قدم رسول الله، قدم رسول الله، قدم رسول الله. قال عبد الله: فجئت في الناس لأنظر فلما تبيّنت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب.
الله أكبر، ما أصدق فراسته، يقول هذا وهو لما يٌسلم.
يقول هذا الكلام بمجرّد أن رأى وجهه الأبهر وجبينه الأنور، رأى فيه الصدق باديا، والتواضع ظاهرا، والزهد مرتسِما، ورأى غير ذلك من الأخلاق الفاضلة والآداب الكريمة التي لا تكون إلا في الصادقين.
ثم قال : فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال: ((يا أيها الناس أفشوا السلام)).
أمرنا في هذا الحديث بأمر عظيم، ولعظمته بدأ به، ولأهميته بادر إليه، ألا وهو إفشاء السلام.
إفشاء السلام يا عباد الله هو أن يسلّم على أخيه المسلم إذا لقيه، وأن تسلم المسلمة إذا لقيتها: وما أجمل السلام إذا حُلّي بابتسامة، وزين بطلاقة وجه، وكمّل بالمصافحة، وقارن ذلك كله الإخلاص لوجه الله تعالى.
السلام أيها المسلمون، حق من حقوق المسلم على أخيه فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((حق المسلم على المسلم ست – وذكر منها – إذا لقيته فسلّم عليه)).
السلام أيها المسلمون: أمر الله ورسوله به قال الله تعالى: فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم، وعن البراء بن عا+ قال: أمرنا رسول الله بسبع وذكر إفشاء السلام.
السلام أيها المسلمون: من خير الأعمال عند الله، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: سأل رجل رسول الله فقال: أي الإسلام خير؟ فقال: ((تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)).
السلام عباد الله من أعظم أسباب الألفة والمحبة، وهو طريق إلى الجنة، وهو تحية أهل الجنة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابّوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم))، وقال الله تعالى: تحيتهم يوم يلقونه سلام.
السلام أيها المسلمون من أسباب مغفرة الله عز وجل.
عن هانيء بن يزيد قال: قال رسول الله : ((إن موجبات المغفرة بذل السلام، وحسن الكلام)).
الخطبة الثانية
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضع في الأرض، فأفشوا السلام بينكم)).
فيا له من مغنم وفير، وخير جمّ كثير أن يذكر المسلم اسم الله تعلى وأن يذكّر به الناس، فيذكرهم بالله تعالى الذي بذكره تطمئن القلوب وتنشرح الصدور، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله : ((السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض، فأفشوا بينكم فإن الرجل المسلم إذا مرّ بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب)).
فلتفخروا أيها المسلمون بهذه الشعيرة العظيمة، ولتعتزوا بها، فإن اليهود يحسدونكم عليها عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : ((إن اليهود ليحسدونكم على السلام والتأمين)) وفي رواية: ((ما حسدكم اليهود على شيء ما حسدوكم على السلام والتأمين)).
واعلموا يا عباد الله أن للسلام آداباً.
منها أنه ينبغي أن يكون هو أول ما يبدأ به، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله : ((السلام قبل السؤال، فمن بدأكم بالسؤال قبل السلام فلا تجيبوه)). وقال: ((من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه)).
ومنها ما حدث به أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير)) فإذا كانا متقاربين في السن فالذي يسبق الآخر بالسلام أكثرهما أجراً، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله : ((إن أولى الناس بالله من بدأكم بالسلام)) وقد كان لتواضعه ورحمته ورأفته إذا مرّ بالصبيان يسلّم عليهم.
ومن آداب الإسلام إتباعه بالمصافحة، فعن البراء بن عا+ قال: قال رسول الله : ((ما من مسلمين يلتقيان فيسلم أحدهما على صاحبه، ويأخذ بيده، لا يأخذ بيده إلا لله فلا يفترقان حتى يغفر لهما)).
ومن آداب السلام أن يكون بأحسن الألفاظ وأكملها: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ويكون الجواب كذلك بمثله أو بأحسن منه قال الله تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها، أما التحية بصباح الخير ومساء الخير، فهذا لا بأس به إذا كان بعد السلام الشرعي.
وبعد عباد الله: فهذا أول ما بدأ به النبي عند قدومه المدينة، حث الناس على إفشاء السلام، وعلى الإحسان إلى الأنام، ليدلّنا على أهمية ذلك في بناء المجتمع المسلم المتماسك الذي لا تخترقه العواصف ولا تزلزله الفتن، وقد حقق ذلك في الواقع، فأسس مجتمعاً كان غرّة في التاريخ، ومضربا للأمثال. مجتمعاً تسوده الأخلاق الفاضلة والمحبة والألفة والإحسان والإيثار والبذل والعطاء. حتى قال أحد المستشرقين.
"لقد كانت تلك المرحلة الزمنية مرحلةً لا نظير لها في التاريخ، بل لم يعرف التاريخ مرحلة مثلها". والحق ما شهدت به الأعداء.
فكم هو جميل يا عباد الله، كم هو جميل أن نقتدي بخير خلق الله، نبي الله وصحابته الكرام، فنكون على قلب رجل الصادقين، الأخلاق الفاضلة النبيلة والخلال الحميدة.
ونتخلّى من النفاق والمداهنة، ونتطهّر من الغلّ والحسد والشحناء والبغضاء.
| |
|