molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: شهر الله المحرم وصوم عاشوراء - داود بن أحمد العلواني السبت 5 نوفمبر - 9:01:26 | |
|
شهر الله المحرم وصوم عاشوراء
داود بن أحمد العلواني
الخطبة الأولى
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله وتحلوا بالعبودية الخالصة لله سبحانه وتعالى، واعلموا أنكم قد استقبلتم عامًا جديدًا وشهرًا مفضلاً عظيمًا، وقد افتتحت لأعمالكم سنة جديدة تحصى عليكم فيها أعمالكم، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشر، فلتكن أعمالكم في عامكم الجديد مفتتحة بالتقوى والصلاح، ثم الندم والتوبة على زمن انصرم وانقضى في غير طاعة الله ولم نفز فيه بالرضوان.
فليخلص كل منا ـ رحمكم الله ـ نواياه، ولنعزم العزم على أن يكون حظنا في العام الجديد خيرًا من ماضيه بالتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحات إن شاء الله تعالى، فمن أحسن فليزدَد إحسانًا، ومن أساء فليتب إلى الله تعالى وليزدد عملاً صالحًا وتقوى الله تعالى، وليكرس كل منا جُل جهوده للباقيات الصالحات عند الرب تبارك وتعالى الذي قال في محكم التنزيل: وَكُلَّ إِنْسَـٰنٍ أَلْزَمْنَـٰهُ طَـئِرَهُ فِى عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ كِتَابًا يَلْقَـٰهُ مَنْشُورًا ٱقْرَأْ كَتَـٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدى لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء:13-15].
فيا عباد الله، تزودوا من العمل الصالح الخالص لوجه الله تعالى قبل أن يختم الكتاب وأنتم عنه لاهون، قد غرتكم الحياة الدنيا فتعلقتم بها ونسيتم أن ابن آدم مهما عاش فقلّ أن يجاوز الثمانين أو التسعين، وقد بين رسول الله أن أعمار أمته ما بين الستين والسبعين، ومهما بلغت من العمر ـ يا ابن آدم ـ من مدة فما أقصرها بالنسبة لعمر الأيام، وبالنسبة لأيام الله التي يعدل فيها كل يوم ألف سنة مما تعدون، فالحياة قصيرة والموت قريب، والله المستعان.
فليغتنم كل منا ـ عباد الله ـ هذه الفرصة المتبقية من حياتنا القصيرة، والتي لا ندري متى يكون ختامها، ولنغتنم هذا الشهر العظيم من العام الجديد بالتوبة واستصلاح أغلاط الماضي والتوبة الصادقة النصوح والعزم على عدم العودة إلى فعل القبيح والندم على فعل المنكرات والإقلاع عما اقترفناه من الذنوب والآثام، فإننا لا ندري هل سنعيش للعام القابل أم أن أسماءنا مع الموتى في الديوان، فالله المستعان.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزّلُ ٱلْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى ٱلأرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ [لقمان:34].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الواحد القهار، مدبّر الأمور مصرف الأحوال، رب المشارق والمغارب العزيز الغفار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المبعوث إلى الناس كافة بالهدى والرحمة والأنوار، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه.
أما بعد: عباد الله، فقد صح في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله سئل: أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ وأي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ فقال: ((أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل, أفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم))[1].
ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما قدم رسول الله المدينة رأى اليهود تصوم عاشوراء فقال: ((ما هذا؟)) قالوا: هذا يوم صالح، نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم، وغرق فيه فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا، فنحن نصومه، فقال رسول الله : ((فنحن أحق وأولى بموسى منكم))، فصامه رسول الله وأمر بصيامه[2]. وفي رواية قال: حين صام رسول الله يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى! فقال رسول الله : ((فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع))، فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله [3].
وقد ذكر العلماء أن صيام يوم عاشوراء على ثلاث مراتب:
1- صوم ثلاثة أيام: التاسع والعاشر والحادي عشر.
2- صوم التاسع والعاشر.
3- صوم العاشر وحده أو مع إضافة يوم بعده.
والقصد في كل المراتب التقرب لله تعالى والشكر له جل وعلا على نعمة وفضل هذا اليوم العظيم الذي نجى الله فيه موسى عليه السلام وقومه، وبصومه التاسع قبله أو الحادي عشر بعده مخالفة لليهود والنصارى كما وردت بعض النصوص في مخالفتهم وأمره صلى الله عليه وآله وسلم بمخالفتهم، والأمر يقتضي الوجوب والالتزام، مثل قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((قصوا الشوارب وأعفوا اللحى))، وفي رواية: ((خالفوا اليهود والنصارى، حفوا الشوارب ووفروا اللحى)). والأمر هنا يقتضي الوجوب والإلزام، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورد عنه في بعض الروايات منها قوله: ((أمرني ربي بإعفاء لحيتي وقص الشارب)). وقد قال بعض أهل العلم بفسق حالق اللحية وأنه لا يؤمّ المصلين إلا إذا كانوا مثله، والله المستعان. وأشد من ذلك وأنكى مَن حلَقَ لحيته وأطال شاربه، فقد خالف مخالفة صريحة تستدعي توبته، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
عباد الله، إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بِٱلْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90]، فاذكروا الله على نعمه، واشكروه على آلائه، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
[1] رواه مسلم في الصيام، باب: فضل صوم المحرم (1163).
[2] رواه البخاري في الصوم، باب: صيام يوم عائشوراء (2/250)، ومسلم في الصيام، باب: صوم يوم عاشوراء (1130).
[3] رواه مسلم في الصيام، باب: أي يوم يصام في عاشوراء؟ (1134).
| |
|