molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الإسراء والمعراج - داود بن أحمد العلواني السبت 5 نوفمبر - 8:40:25 | |
|
الإسراء والمعراج
داود بن أحمد العلواني
الخطبة الأولى
أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها المسلمون، إن معجزات نبينا محمد ثابتة بالقرآن والسنة الصحيحة، وقد بلغت حد التواتر، فالإيمان بها لازم، والتصديق بها واجب، فلا مجال لإنكارها أو الشك فيها بأيّ حال من الأحوال، وليس محمد صلى الله عليه وآله وسلم بدعًا في الرسل، وقد ثبتت لغيره من الرسل معجزات، ولما كان هو آخرهم وأفضلهم فقد اختصه الله بخصائص لم ينلها أحد من البشر، ولن يصل إليها أحد ممن تقدم أو تأخر.
ومن تلك الخصائص العظيمة معجزة الإسراء والمعرج، والتي ذكرها الله سبحانه في كتابه العزيز فقال الله تعالى: سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأقْصَى ٱلَّذِى بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ ءايَـٰتِنَا إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ [الإسراء:1].
وتتلخص قصة الإسراء والمعراج المعجزة العظيمة الباهرة في أن الله تعالى أرسل جبريل عليه السلام فشقّ صدر النبي وهو نائم في الحجر في الكعبة قبل الهجرة بمكة المكرمة، وأودع وجعل في قلبه الحكمة والإيمان إعدادًا له لهذه الرحلة الخارقة للعادة، ثم أُتي النبي بالبراق فركبه حتى أتى بيت المقدس فدخله وصلى فيه ركعتين إمامًا بالأنبياء والمرسلين جميعًا ليتبيَّن فضله وشرفه وأنه الإمام المتبوع.
ثم خرج فأخذ جبريل بيده فعرج به إلى السموات السبع، وكان كلما مر على واحدة منها استفتح، وقد رأى آدم في السماء الأولى، ويحيى وعيسى في السماء الثانية، ويوسف في السماء الثالثة، وإدريس في السماء الرابعة، وهارون في السماء الخامسة، وموسى في السماء السادسة، وإبراهيم في السماء السابعة، ورأى البيت المعمور الذي يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، ثم رأى سدرة المنتهى، ورُفع إلى مستوى سمع فيه صريف الأقلام ـ أي: أقلام القدر ـ ورأى جبريل على صورته التي خلقه الله عليها وله ستمائة جناح، ثم أدخل الجنة فرأى ما فيها من النعيم والقصور المعدّة للمؤمنين، ونظر في النار فرأى المعذبين كعاقر ناقة صالح والدجال والواقعين في أعراض الناس وخطباء السوء وغيرهم، ثم فرضت على أمته خمسون صلاة، فلما رجع إلى موسى عليه السلام نصحه بالرجوع إلى ربه ليسأله التخفيف، ففعل ذلك مرارًا حتى أمر بخمس صلوات كل يوم لكل صلاة عشر، فذلك خمسون صلاة.
وبعد أن اجتمع بالأنبياء في السموات ورحّبوا به نزل بيت المقدس ونزلوا عليهم الصلاة والسلام معه، وصلى بهم في المسجد، ثم خرج فركب البراق وعاد إلى مكّة بغلس، وشاهد قافلة لقريش في طريقه عند عودته، فلما أصبح حدثهم بمسيره وبعلامة بيت المقدس وبالقافلة فآمن من آمن، وجحد بهذه المعجزة من جحد، آمنا بالله وبكل ما جاء عن الله على مراد الله، وآمنا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبكل ما جاء به وبمعجزاته.
فيا عباد الله، اتقوا الله، وتذكّروا في هذه الأيام ما حلّ بالمسجد الأقصى المبارك ـ أولى القبلتين وثالث المساجد التي أذن الشارع الحكيم بشدّ الرحال إليها ـ على أيدي العصابات اليهودية الفاسدة المجرمة التي قد كتب الله عليها الذلّ والهوان كما قال الله تعالى عنهم: كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا ٱللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلأرْضِ فَسَادًا وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ [المائدة:64]، إنها اليوم تدنّس المسجد الأقصى بأقدامها القذرة، وتهِمّ في كل يوم بإحراق المسجد وتغيير معالمه، إلى جانب ما يرتكبون من الجرائم الفظيعة من قتل الشيوخ والأطفال، وانتهاك حرمات النساء، وسجن واعتقال وتشريد ونفي، يساعدهم بعض النصارى المجرمين، قاتلهم الله أنى يؤفكون.
تذكروا في هذه الأيام ـ يا عباد الله ـ إخوةً لكم في الإسلام يسجنون ويهانون ويعذَّبون على أيدي الكفرة ممن كتب الله عليهم الذلَّ والهوان، تذكّروا موضع معجزة نبيكم وقد تلاعب بها إخوة الخنازير والقردة من اليهود، نسأل الله أن ينتقم منهم وممن شايعهم ومشى على منوالهم من شيوعيين وبعثيين وعلمانيين وحداثيين شيعيين، وكافأهم بما يستحقون.
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أنه لا خير في الذكريات مهما تكلّم الوعّاظ والخطباء ما لم نعرف القصد والهدف من وراء ذلك، إن الهدف أن يصحو المسلمون من غفلتهم وتدابرهم، ويوحدوا الكلمة ويراجعوا دينهم بالالتفاف حوله.
أيها الإخوة المسلمون، إن الهدف من تذكيركم بمعجزة المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في حادثة خارقة العادات عظيمة الادّكار ألا وهي معجزة الإسراء والمعراج أن نعود بذكرياتنا إلى الوراء قليلاً، فنتذكر ما كان أسلافنا عليه من العزة وسيادة العالم بتوحيدهم لربهم والتزامهم بالكتاب وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، عزة ورفعة تمكين وريادة ونصر من الحق مبين، وما أصبحنا عليه اليوم من الذل والهوان بعد أن تخلينا عن مصدر عزتنا وكرامتنا فضيِّعت المقدسات وانتهكت الحرمات.
فيا أيها المؤمنون بالإسراء والمعرج، يا أيها المصدقون بالمعجزات وخوارق العادات، هلاّ عاهدتم الله سبحانه وتعالى في هذه الذّكرى على الأخذ بأسباب النصر والعزة، فتمسكتم بكتاب ربكم وسنة نبيكم، وأعددتم العدة لاستخلاص مقدّسات الإسلام من يهود وأعوانهم، لتتجدّد لنا الفرحة بدلاً من هذه القرحة التي تتجدد كل عام بتجدد الذكرى، فنعيش حياة العزة، والعزة وقفٌ على المؤمنين وهبَها الله لهم: وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون:8].
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أَفَتُمَـٰرُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ وَلَقَدْ رَءاهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ ءايَـٰتِ رَبّهِ ٱلْكُبْرَىٰ [النجم:11-18].
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه الكريم، وبسنة نبيه المبعوث رحمة للعالمين، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله يعز جنده وينصر ح+ه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا.
أما بعد: فيا عباد الله، اتقوا الله، واعلموا أن مما رآه نبيكم ليلة أسري به قومًا يزرعون في يوم ويحصدون في يوم، كلما حصدوا عاد كما كان، فسأل عنهم جبريل عليه السلام فأخبره أنهم المجاهدون في سبيل الله، تضاعف الحسنة بسبعمائة ضعف. الله أكبر يا عباد الله، إنه الجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا.
فهنيئًا للمجاهدين في سبيل الله على هذا الإكرام من ربّ العزة، هنيئًا لهم على هذا ال+ب العظيم الذي لا يظفر به غيرهم، هنيئًا لهم ثم هنيئًا لهم جعلنا الله منهم ورزقنا الشهادة وحشرنا في زمرتهم، وهم لذلك أهل، كيف لا وهم الذين يحملون راية الإسلام نحو العزة والنصر؟! قد وهبوا أنفسهم +ية خالصة في سبيل الله، فصانوا البلاد والعباد، فاغتنموا الفرصة يا عباد الله، جمع الله شمل المسلمين.
أما اليوم ـ أيها الناس ـ وقد ركن الناس إلى الراحة وتوانوا عن الجهاد، وقنعوا بالوعود المعسولة في إيجاد الحلول السلمية التي يفرضها أعداء الدين، فكانت النتيجة المؤلمة، وانع+ الوضع وانقلبت الموازين وضاعت الحقائق، وأصبح صاحب الحق مغتصِبًا، وأضحى عدوّ الله الذليل الدخيل معزَّزًا مكرّمًا، قاتل الله اليهود ومن شايعهم، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يردّ، فإنهم لا يعجزونك، إنك على كل شيء قدير.
ومن يدري أيها الإخوة المسلمون؟ فلعل الإسراء والمعراج هو ما جعل صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى يستبسل ذلك الاستبسال العظيم ويفرغ كلّ جهده في سبيل الله جل وعلا، لصدّ الهجمات الصليبية عن هذه البقعة المقدسة حتى ردّهم على أعقابهم خائبين، وانتصرت جيوش المسلمين.
فاتقوا الله عباد الله، واجعلوا من تذكّر الإسراء والمعراج حافزًا لكم على الجهاد ودافعًا لكم لحمل راية الإسلام خفاقة والذود عنها بالنفس والمال، حتى تكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، وتفوزوا بالجنة، فإن الجنة يستروح روحها المجاهدون من وراء خطوط النار وقصف القنابل، إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوٰلَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ ٱلّجَنَّةَ يُقَـٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ [التوبة:111].
ثم اعلموا ـ رحمكم الله ـ أن الله قد أمركم بالصلاة والسلام على إمام المجاهدين وقائد الغرّ الميامين سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فقال تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، واحم حوزة الدين، ودمر اليهود وأعوانهم وسائر الطغاة والمفسدين...
| |
|