molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: ثلاث درجات- خالد بن محمد بابطين السبت 5 نوفمبر - 5:40:23 | |
|
ثلاث درجات
خالد بن محمد بابطين
الخطبة الأولى
أيها الإخوة المؤمنون، في هذا اليوم نأتي على الربع الرابع من حديث عبد الله بن عمر عن رسول الله أنه قال: ((ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، وثلاث كفارات، وثلاث درجات. فأما المهلكات فشح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه، وأما المنجيات فالعدل في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى وخشية الله تعالى في السر والعلانية، وأما الكفارات فانتظار الصلاة بعد الصلاة وإسباغ الوضوء في السَبَرات ونقل الأقدام إلى الجماعات، وأما الدرجات فإطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام)) رواه الطبراني في معجمه الأوسط.
وحديثنا هذا اليوم عن الدرجات، وقد ورد في فضلها حديث أبي مالك الأشعري أن النبي قال: ((إن في الجنة غرفًا يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام)) رواه ابن حبان.
أيها الإخوة المؤمنون، فهلمَّ بنا نرتقي أولى درجات هذا الحديث.
إطعام الطعام عمل من أجلّ القربات وأعظم الحسنات، عن عبد الله بن عمر أن رجلاً سأل رسول الله : أي الإسلام خير؟ قال: ((تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)) متفق عليه، وقد قال النبي لصهيب : ((خياركم من أطعم الطعام))، وقال عمر : (ذكر لي أن الأعمال تباهى ـ أي: تتفاخر ـ فتقول الصدقة: أنا أفضلكم)) رواه ابن خزيمة.
ومهما قلَّ وصغر ما يطعمه الإنسان غيره فإنه يعظم عند الله تعالى حين تصحبه نية صالحة، وفي الحديث الذي رواه ابن حبان عن عائشة أن رسول الله قال: ((إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله)) أي صغار الخيل والإبل، وفي حديث أبي برزة : ((إن العبد ليتصدق بال+رة تربو عند الله عز وجل حتى تكون مثل أحد)).
والعبرة ـ أيها الإخوة ـ بصلاح النية ولو مع القليل، وفي حديث أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل)) رواه أبو داود، وفي سنن النسائي أن رسول الله قال: ((سبق درهم مائة ألف درهم))، فقال رجل: وكيف ذاك يا رسول؟! قال: ((رجل كثير المال أخذ من عُرضه مائة ألف درهم تصدق بها، ورجل ليس له إلا درهمان فأخذ أحدهما فتصدق به)). لكن لا شك أنه لو اجتمع صلاح النية مع النفقة الكثيرة فهو خير إلى خير، فالله يضاعف له ما أنفقه عشرة أضعاف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والله واسع عليم.
أيها الأحبة، إن الذاهب من المال هو الباقي والباقي هو الذاهب، عن عائشة أنهم ذبحوا شاة فقال النبي : ((ما بقي منها؟)) قالت: ما بقي منها إلا كتفها، فقال: ((بقي كلها إلا كتفها)) الترمذي.
وهل تريد أن تقي وجهك حر النار؟! اسمع هذا الحديث: قال : ((من استطاع منكم أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل)) رواه مسلم.
وفي يوم الهول الأكبر والحر الأشد وحين تدنى الشمس من الرؤوس يكون المتصدق في ظل صدقته، عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله يقول: ((كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة)) قال يزيد أحد رواة الحديث: فكان أبو مرثد لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه ولو بكعكة أو بَصلة.
وأفضل الصدقة سقي الماء، فعن سعد بن عبادة قال: قلت: يا رسول الله، إن أمي ماتت فأيّ الصدقة أفضل؟ قال: ((الماء))، فحفر بئرًا وقال: هذه لأم سعد. بل إن هذا النوع من الصدقة مما يستشفى بها بإذن الله، حدَّث علي بن الحسن قال: سمعت ابن المبارك وسأله رجل: يا أبا عبد الرحمن، قرحة خرجت من ركبتي منذ سبع سنين وقد عالجت بأنواع العلاج وسألت الأطباء فلم أنتفع به؟ قال: "اذهب فانظر موضعًا يحتاج الناس للماء فاحفر هناك بئرًا، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم"، ففعل الرجل فشفي.
ونحن ـ أيها الإخوة ـ نستقبل شهر الخير والبركة، فيكون للصدقة فيه وإطعام الطعام شأن وأيّ شأن. عن زيد بن خالد الجهني عن النبي قال: ((من فطّر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء)) رواه الترمذي.
الدرجة الثانية في الحديث إفشاء السلام، قال أهل اللغة: السلام في أصل اللغة السلامة، ومنه قيل للجنة: دار السلام؛ لأنها دار السلامة من الآفات، ففيها بقاء بلا فناء، وغنى بلا فقر، وعز بلا ذل، وصحة بلا سُقْم، والسلام من أسماء الله تعالى، قال ابن حجر: "ومعناه السالم من النقائص، وقيل: المسلّم لعباده، وقيل: المسلم على أوليائه" اهـ.
وإفشاء السلام نشره بين الناس ليحيوا سنّته ، أخرج البخاري في الأدب المفرد: ((إذا سلّمت فأسمع، فإنها تحية من عند الله)). وأقله أن يرفع صوته بحيث يسمعُ المسَلَّم عليه، فإن لم يسمعه لم يكن آتيًا بالسنة، قاله النووي رحمه الله.
أيها الإخوة المؤمنون، جاء ذكر السلام في القرآن في نحو ثلاثين موضعًا بمعانيه المختلفة، وحَفِلت نصوص السنة بذكره في خمس وستين حديثًا، يقول : ((أعجز الناس من عَجَزَ في الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام)) رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. فهل رأيت أبخل ممن يحرم نفسه أجر السلام؟! ففي حديث حذيفة أن النبي قال: ((إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر)) رواه الطبراني، وعن عبد الله بن مسعود عن النبي قال: ((السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه، فأفشوه بينكم، فإن الرجل المسلم إذا مرّ بقوم فسلم عليهم فردّوا عليه كان له فضل درجةٍ بتذكيرهم إياهم، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب)).
وهو بركة تحلّ على أهل البيت، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله : ((يا بنيّ، إذا دخلت على أهلك فسلم يكونُ بركة عليك وعلى أهل بيتك)) رواه الترمذي.
وما أعظم أثر السلام على المجتمع حين يفشو فيه وينتشر، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : ((لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟! أفشوا السلام بينكم)) رواه مسلم.
وقد جاءت النصوص بتحريم الهجران بين المؤمنين والحث على التصافي والتوادّ، فعن أبي أيوب عن النبي أنه قال: ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصدُّ هذا ويصدُّ هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)) متفق عليه.
الدرجة الثالثة في الحديث قيام الليل، سئل رسول الله عن أفضل الصلاة بعد المكتوبة؟ فقال: ((الصلاة في جوف الليل)) رواه مسلم.
وقد أثنى الله على أهل قيام الليل في خمسة عشر موضعًا من القرآن، منها قوله تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا [السجدة:16]، وقال في وصف المتقين: كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:17، 18]، قال مطرف بن عبد الله: "قلَّ ليلة أتت عليهم إلا صلوا من أولها أو من وسطها. وقال سبحانه في وصف عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64].
أيها الإخوة، أولى خطوات تعويد النفس على ذلك أن ينام الإنسان طاهرًا ناويًا القيام، وفي الحديث: ((من بات طاهرًا بات في شعاره ـ وهو ما يلي البدن من الثوب ـ ملك فلا يستيقظ إلا قال الملك: اللهم اغفر لعبدك فلان فإنه بات طاهرًا))، وفي سنن أبي داود عن معاذٍ عن النبي أنه قال: ((ما من مسلم يبيت على ذكر طاهرًا فيتعارَّ من الليل فيسألُ الله خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه)).
بل من كان من أهل قيام الليل فغلبته عينه ليلة فنام كتب له أجره وكان نومه صدقة من ربه عليه، ففي سنن النسائي عن أبي الدرداء يبلغ به النبي قال: ((من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه حتى أصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه)).
وكم يسعى الشيطان ويجهد ليحول دون العبد وقيام الليل، في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله قال: ((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس +لان)).
وما أجمل ساعات الليل ودقائقه حين يصفّ العبد قدميه ويقف بين يدي الله، عن جابر قال: سمعت رسول يقول: ((إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة)) رواه مسلم، وعن عمرو بن عبسة أن رسول الله قال: ((أقرب ما يكون العبد من ربه في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن)) رواه الترمذي، وروى الحاكم عن بلال أن رسول الله قال: ((عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم وقربة إلى ربكم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن الجسد))، وصدق الهادي البشير ـ بأبي هو وأمي ـ الذي لا ينطق عن الهوى حين قال: ((ومطردة للداء عن الجسد))، فقد أثبت ذلك طائفة من الأطباء المسلمين في بعض البحوث الطبية التي قدّمت لبعض المؤتمرات الإسلامية، ومُفادها أن الجهاز الدوري والتنفسي ومرونة مفاصل العظام وخاصة العمود الفقري أكثر كفاءة عند من يقوم الليل ويحافظ على صلاة التراويح بخلاف غيرهم.
ومن أعظم ما ورد في شأن أهل الليل قول النبي : ((ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم)) وذكر منهم: ((والذي له امرأة حسناء وفراش لين حسن، فيقوم الليل فيقول الله: يذر شهوته ويذكرني، ولو شاء رقد، والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا فقام من السحر في ضراء وسراء)) رواه الطبراني وإسناده حسن.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله عَظُمَ شأنه ودام سلطانه، أحمده سبحانه وأشكره عم امتنانه وجَزَلَ إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، به علا منار الإسلام وارتفع بنيانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها المؤمنون، ليكن لنا شيء من الليل ولو يسيرًا، عن ابن عباس قال: ذكرت قيام الليل فقال بعضهم: إن رسول الله قال: ((نصفه ربعه فواق حلب ناقة)) أي: قدر ما بين رفع اليد عن الضرع وضمها وقت الحلب.
وعن فضالة بن عبيد عن النبي قال: ((من قرأ عشر آيات في ليلة كتب له قنطار من الأجر، والقنطار خير من الدنيا وما فيها، فإذا كان يوم القيامة يقول ربك عز وجل: اقرأ وارق بكل آية درجة حتى تنتهي إلى آخر آية معه، يقول الله عز وجل للعبد: اقبض، فيقول بيده: يا رب، أنت أعلم، يقول: بهذه ـ أي: بيمينك ـ الخلد، وبهذه ـ أي: بشمالك ـ النعيم)) رواه الطبراني.
وحدثت أمُّنا عائشة بأعجب ما رأته من حاله فقالت: أتاني في ليلتي حتى مسّ جلده جلدي ثم قال: ((ذريني أتعبد لربي عز وجل))، قالت: فقلت: والله، إني لأحب قربك وأحب أن تعبد ربك، فقام إلى القربة فتوضأ ولم يكثر صبَّ الماء، ثم قام يصلي فبكى حتى بلَّ لحيته، ثم سجد فبكى حتى بلَّ الأرض، ثم اضطجع على جنبه فبكى، حتى إذا أتاه بلال يؤذنه بصلاة الصبح قالت: فقال: يا رسول، ما يبكيك وقد غفر الله لك ذنبك ما تقدم وما تأخر؟! فقال: ((ويحك يا بلال، وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل علي في هذه الليلة: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ [آل عمران:190])) ثم قال: ((ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها)).
وقد سار على نهجه في ذلك أصحابه رضي الله عنهم، فهذا عمر كان في وجهه خطان أسودان مثل الشراك من البكاء، وكان يمر بالآية من ورده من الليل فيبكي حتى يسقط، ويبقى في البيت حتى يعاد للمرض. وعثمان بن عفان قيل: نزلت فيه: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ [الزمر:9]، قال النووي: "وقد روي عنه من وجوه كثيرة أنه صلى بالقرآن العظيم في ركعة واحدة عند الحجر الأسود أيام الحج"، وقد كان هذا دأبَه رضي الله عنه. وكان أبو هريرة وامرأته وخادمه يقتسمون الليل ثلاثًا: يصلي هذا ثم يصلي هذا، بل كان الأشعريون قوم أبي موسى يعرفون بالليل بالقرآن قال : ((إني لأعرف أصوات رُفْقَةِ الأشعريين بالقرآن حين يخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل)) رواه مسلم. وليت شعري بأيّ شيء تعرف بيوت كثير من الناس بالليل في هذه الأيام؟! وإلى المشتكى.
وابن عباس تَرْجُمَان القرآن قام شطر الليل فقرأ: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19]، فجعل يرتل ويكثر في ذلكم النشيج. وهو الذي قام الليل وهو ابن عشر سنين مع النبي وأعد له وَضوءه من الليل فدعا له، ولكم يخشع الكلم أمام حبر الأمة وهو يحيي الليل وهو غلام لم يتجاوز العاشرة ويجعل همه حين بات عند خالته ميمونة أن لا ينام حتى ينظر ما يصنع النبي في صلاة الليل، فما أعظم الأدب الذي تأدب به صبية بيت النبوة.
وكان الحسن بن علي يأخذ بنصيبه من القيام في أول الليل، وكان الحسين يأخذه من آخر الليل، ولله درهما، أشبهوا خَلْق جدهما وخُلُقَه، وأخذوا بالحظّ الأوفر والنصيب الأكمل من رعي النجوم والتهجد للملك القيوم. وعبد الله بن ال+ير كان إذا قام إلى الصلاة كأنه عود، وكان يقال: ذلك من خشوعه، لو رأيته وهو يصلي لقلت غصن شجرة يصفقها الريح.
وما أعجب ما ذكر في ترجمة الحسن بن صالح أنه باع جارية، فلما صارت عند الذي اشتراها قامت في جوف الليل فقالت: الصلاة الصلاة، قالوا: طلع الفجر؟! قالت: وليس تصلون إلا المكتوبة؟! قالوا: نعم، فرجعت إلى الحسن وقالت: بعتني إلى قوم سوء ليس يصلون بالليل فردني، فردها. قال أبو العالية: كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام لا يقرأ منه شيئًا.
أيها الإخوة، ولو ذهبت أسرد لكم ما حكي من أحوال السلف لطال بنا المقام ولم يكفِه مجلدات فضلاً عن وريقات كهذه التي بين يدي، لذلك فاطَّرِحْ ـ عبدَ الله ـ في الدجى على باب الذلّ وقل بقلبك ولسانك: إلهي، كم لك سواي، وما لي سواك، عبيدك سواي كثير، وليس لي سيد سواك، فبفقري إليك وغناك عني، بقوتك وضعفي، بعزتك وذلي إلا رحمتني وعفوتَ عني، هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وأدعوك دعاء الخائف الضرير، سؤال من خضعت لك رقبته ورغم لك أنفه وفاضت لك عيناه وذل لك قلبه.
| |
|