molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: أهوال القبور - خالد بن محمد الشارخ الجمعة 4 نوفمبر - 9:36:21 | |
|
أهوال القبور
خالد بن محمد الشارخ
الخطبة الأولى
أما بعد:
فيا أيها الناس: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فقد أمركم بذلك في قوله: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
قال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده: "حدثنا هاشم هو ابن القاسم أبو النضر, ثنا إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص, ثنا سعيد يعني أباه عن عائشة رضي الله عنها أن يهودية كانت تخدمها, فلا تصنع عائشة رضي الله عنها إليها شيئًا من المعروف إلا قالت لها اليهودية: وقاك الله عذاب القبر, قالت عائشة رضي الله عنها: فدخل رسول الله عليَّ فقلت يا رسول الله هل للقبر عذاب قبل يوم القيامة؟ قال : ((لا, من زعم ذلك؟)) قالت: هذه اليهودية, لا أصنع إليها شيئًا من المعروف إلا قالت: وقاك الله عذاب القبر, قال : ((كذبت يهود وهم على الله أكذب, لا عذاب دون يوم القيامة)) ثم مكث بعد ذلك ما شاء الله أن يمكث, فخرج ذات يوم نصف النهار مشتملاً بثوبه محمرة عيناه وهو ينادي ـ بأعلى صوته ـ: ((القبر كقطع الليل المظلم, أيها الناس لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا وضحكتم قليلاً, أيها الناس: استعيذوا بالله من عذاب القبر؛ فإن عذاب القبر حق)).
قال الحافظ ابن كثير: "هذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه".
أيها الناس: اعلموا أن القبر أول منازل الآخرة, وأنه من مات فقد قامت قيامته, وأن العبد إذا قُبر عُرض عليه مقعده بالعذاة ـ أي ما بين الفجر وشروق الشمس ـ والعشي ـ أي ما بين الظهر والغروب.
إن كان من أهل الجنة عرض له مقعده من الجنة, وإن كان من أهل النار عرض عليه مقعده من النار, يُفسح للمؤمن في قبره سبعون ذراعًا, ويملا عليه خضيرًا إلى يوم يبعثون, وأما الكافر فيضرب بمطرقة من حديد ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه.
واعلموا رحمكم الله أنه إذا حف قبر الإنسان فما بعده خير منه.
لذلك كان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا رأى القبر بكى بكاء الثكلى, فقيل له: يا أمير المؤمنين مالك تذكر عندك الجنة والنار وعذاب الآخرة فلا تبكي, فإذا رأيت القبر بكيت؟!! قال رضي الله عنه: إن القبر أول منازل الآخرة إذا صُلح وحسن فما بعده أيسر منه.
إنها الحفرة المظلمة الموحشة, إنها الحفرة التي غطاءها من تراب, ووسادتها من تراب وسقفها من تراب وجوانبها من تراب وتراب على تراب, إنها الباب الأول إلى الآخرة من دفن فيها فقد فُتح له باب من أبواب الأخرة, فإن كان صالحًا فتح له باب إلى الجنة يأتيه من روحها وريحها وطيبها.
وإن كان ممن غلب عليه هواه واتبع شيطانه وعصى مولاه فإنه يفتح له باب إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها حتى تقوم الساعة, إنها الحفرة التي شمر لها المشمرون, وسارع في تحسينها الصالحون, إنها الحفرة التي اقضتت مضاجع الصالحين فما أصبحت عيونهم تكتحل برقاد, ولا نفوسهم ترتوي من سهاد.
فما إن يتوسد أحدهم فراشه ويطفئ عنه مصابحه إلا ويتذكر ظلمة القبر.
فهذا عمر بن عبد العزيز كان إذا اضطجع على فراشه وأطفأ سراجه بكى حتى يبل وسادته من البكاء, ويقول: "اللهم نور قبري, اللهم حسن عملي".
إنها الحفرة التي تنسي أحلى ليلة يمر فيها الإنسان في حياته, وظلمة القبر تنسي ليلة العرسي.
إنها الحفرة التي يقول فيها المصطفى : ((القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار)).
إنها الحفرة التي يفتن فيها الناس فتنة عظيمة مثل أو قريبًا من فتنة المسيح الدجال, ففي الصحيحين من حديث أسماء بنت أبي بكر عن النبي أنه قال: ((أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبًا من فتنة المسيح الدجال)).
قال كعب الأحبار: "إذا وضع الرجل الصالح في قبره احتوشته أعماله الصالحة الصلاة والصيام والحج والجهاد والصدقة ـ وقال: ـ وتجئ ملائكة العذاب من قبل رجليه فتقول الصلاة: إليكم عنه فلا سبيل لكم عليه فقد أطال بي القيام لله عز وجل, قال فيأتونه من قبل رأسه فيقول الصيام: لا سبيل لكم عليه فقد أطال بي الصيام. قال: فيأتونه من قبل جسده, فيقول الحج والجهاد: إليكم عنه فقد أنصب نفسه, وأتعب بدنه وحج وجاهد لله عز وجل لا سبيل لكم عليه, فيأتونه من قبل بديه فتقول الصدقة: كم من صدقة خرجت من هاتين اليدين حتى وضعت في يد الله ابتغاء وجهه, فلا سبيل لكم عليه, قال: فيقال له: هنينًا طبت حيًا وطبت ميتًا.
قال: وتأتيه ملائكة الرحمة فتفرشه فراشًا في الجنة ووثارًا من الجنة فيفسح له في قبره مد بصره, ويؤتى بقنديل من الجنة يستضئ بنوره إلى يوم يبعثه الله من قبره".
اعلموا عباد الله: أن للحياة البرزخية وهي التي تكون بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة نعيمًا وعذابًا.
نعم هذه عقيدة أهل السنة والجماعة.
أما المؤمن فينعم في قبره ويأتيه من ريح الجنة وريحانها فيشتاق إليها فيقول: يا ب أقم الساعة يا رب أقم الساعة.
وإن الكافر أو الفاجر فيأتيه في قبره من سموم النار فيقول: يا رب لا تقم الساعة, رب لا تقم الساعة.
لا إله إلا الله, لا إله إلا الله, ما أشدها من ساعة, وما أتعسها من حياة, وما أشقاها من لذة.
أألعب في الدنيا وارتكب الحرام وأفعل الجرائم واستمع للغناء وانظر إلى الخنا والحرام واتلذذ بشهوة أو أتمتع بمعصية ثم يكون هذا مصيري, اللهم غفرًا, اللهم غفرًا حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحًا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون, وقال تعالى: وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوًا وعشيًا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب, وقال: ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى.
قال أبو سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود: "ضنكًا: قال: عذاب القبر".
عن البراء بن عا+ رضي الله عنهما قال: خرجنا مع رسول الله في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يُلْحد بعد, فجلس رسول الله وجلسنا حوله كأنما على رؤسنا الطير, وبيده عودٌ ينكت به الأرض فرفع رأسه فقال: ((تعوذوا بالله من عذاب القبر)) مرتين أو ثلاثًا, ثم قال: ((إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه, كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر, ويجئ ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة أُخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان, قال: فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السِّقاء, فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين, حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منه كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض, قال: فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الريح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسماءه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا, فيستفتحون له فيفتح له, فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى يُنتهى بها إلى السماء السابعة, فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض في جسده, فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان: من ربك؟ فيقول ربي الله, فيقولان ما دينك فيقول: ديني الإسلام, فيقولان: ما هذا الرجل الذي بُعث فيكم فيقول هو رسول الله, فيقولون: ما يدريك فيقول: قرأت كتاب الله وآمنت به, وصدقته فينادي مناد من السماء أن قد صدق عبدي, فافرشوه من الجنة وافتحوا له بابًا إلى الجنة فيأتيه من ريحها وطيبها, ويفسح له في قبره مد بصره, قال: ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك, هذا يومك الذي كنت توعد, فيقول له من أنت؟ فوجهك الوجه الذي يجئ بالخير؟ فيقول: أنا عملك الصالح, فيقول: رب أقم الساعة, رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي.
وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر, حتى يجئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب, فتفرق في جسده فينتزعها كما يُنتزع السَّفود من الصوف المبلول فيأخذوها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين, حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن جيفة وجدت على وجه الأرض, فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذه الروح الخبيثة؟ فيقولون: فلان ابن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا, حتى يُنتهى بها إلى السماء الدنيا, فيستفتح فلا يفتح له)) ثم قرأ رسول الله : لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ((يقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى, ثم تطرح روحه طرحًا)) ثم قرأ: ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ((فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري, فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري, قال: فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هاه هاه لا أدري, فيناد مناد من السماء أن كذب فأفرشوه من النار وافتحوا له بابًا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه. ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب نتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسؤك, هذا يومك الذي كنت توعد, فيقول: من أنت فوجهك الوجه القبيح يجئ بالشر, فيقول: أنا عملك الخبيث, فيقول: رب لا تقم الساعة)) رواه أحمد وأبو داود والحاكم, وقال: صحيح على شرط الشيخين, رواه الذهبي.
وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي : ((إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم, قال: يأتيه ملكان فيقعدانه...)) نحو حديث البراء, وفيه: ((أما المنافق والكافر فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقوله الناس, فيقال: لا دريت ولا تليت, ويضرب بمطارق من حديث ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين)).
قال رسول الله : ((لولا أن لا تدافنوا لأسمعتكم من عذاب القبر الذي أسمع)) أخرجه.
اللهم أجرنا من عذاب القبر, اللهم أجرنا من عذاب القبر................. يا رب العالمين.
عباد الله: قلت ما قد سمعتم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه, وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه, وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه.
أما بعد:
عباد الله: اعلموا أن لعذاب القبر وعذاب البرزخ أسباب من اقترفها وعملها فهو على خطر عظيم, وسأذكر بعضها:
منها عدم التنزه من البول أن يصيب البدن أو الثوب, أو المشي بالنميمة وهي القالة بين الناس على وجه الإفساد.
ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنه قال: مرَّ النبي على قبرين فقال: ((أنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير, أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة, وأما الآخرة فكان لا يستنزه من بوله)) فدعا بعسيب رطب فشقه اثنين ثم غرس على هذا واحدًا وعلى هذا واحدًا ثم قال: ((لعله يُخَفف عنهما ما لم ييبسا)).
ومنها أيضًا: عدم +اة المال.
ففي الصحيحين عن النبي أنه قال: ((ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي +اتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فيكوى بها جبينه وظهره وجنبه حتى يقضى بين الناس, فيرى مصيره إما إلى الجنة وإما إلى النار)).
واسمعوا لهذا الحديث الجليل العظيم: عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله مما يُكثر أن يقول لأصحابه: ((هل رأى أحدٌ منكم من رؤيا؟ فيقُص عليه من شاء الله أن يقص وإنه قال لنا ذات غداةٍ: ((إنه أتاني الليلة آتيان, وإنهما ابتعثاني, وإنما قالا لي: انطلق وإني انطلقت معهما, وإنا أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة برأسه فيثلغ رأسه, فيتدهره الحجرٌ هاهنا فيتبع الحجر فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان, ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى قال: قلت لهما: سبحان الله ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق, قال: فانطلقنا فأتينا على رجل مستلقٍ لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلّوب من حديد, وإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيُشرشر شدقه إلى قفاه, ومنخره إلى قفاه, وعينه إلى قفاه............................... قال: ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل في الجانب الأول. فما يَفُرغُ من ذلك الجانب حتى يصحَّ ذل الجانب كما كان ثم يعود عليه فيفعل مثل ما فعل المرة الأولى قال: قلت سبحان الله ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق, فانطلقنا فأتينا على مثل التنور قال: وأحسب أنه كان يقول فإذا فيه لغط وأصوات, قال: فانطلقنا فيه فإذا فيه رجال ونساءٌ عرات, وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا ـ أي صاحوا فزعين ـ قال: قلت لهما: ما هؤلاء؟ قال: قالا لي: انطلق, انطلق, قال: فانطلقنا فأتينا على نهر حسبت أنه كان يقول: أحمر مثل الدم وإذا في النهر رجل سابح يسبح وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة وإذا ذلك السابح يسبح ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرًا, فينطلق يسبح ثم يرجع إليه كلما رجع إليه فَغر فاه فألقمه حجرًا قال: قلت لهما: ما هذان؟ قال: قالا لي: انطلق, انطلق, فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء رجلاً مرآة وإذا عنده نار يحشها ـ يوقدها ـ ويسعى حولها قال: قلت لهما ما هذا؟ قال: قالا لي: انطلق انطلق, فانطلقنا فأتينا على روضة.... ـ أي طويلة النبات ـ فيها من كل نور الربيع, وإذا بين ظهري الروضة رجل طويل لا أكاد أرى رأسه طولاً في السماء, وإذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط قال: قلت لهما: ما هذا؟ ما هؤلاء؟ قال: قالا لي: انطلق, انطلق, قال: فانطلقنا فأتينها إلى روضة عظيمة لم أر روضة قط أعظم منها ولا أحسن, قال: قالا لي: ارق فارتقيت فيها, قال: فارتقينا فيها فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهبٍ ولبن فضة فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا, فدخلناها, فتلقانا فيها رجال شُطرٌ من خلتهم كأحسن ما أنت راء وشطر كأقبح ما أنت راء قال: قالا لهما: اذهبوا فقعوا في ذلك النهر, قال: وإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المحضُ في البياض (أي الخالص في البياض) فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم, فصاروا في أحسن صورة قال: قالا لي: هذه جنة عدن, وهذاك منزلك, قال فسما بصري صعدا فإذا قصر مثل الربابة البيضاء (أي السحابة البيضاء) قال: قالا لي: هذا منزلك.
قال: قلت لهما: بارك الله فيكما ذراني فأدخله قالا: أما الآن فلا, وأنت داخله, قال: قلت لهما: فأني قد رأيت منذ الليلة عجبًا, فما هذا الذي رأيت, قال: قالا لي: إنا سنخبرك:
أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة.
وأما الرجل الذي أتيت عليه يُشَرشر شدقه إلى قفاه, ومنخره وعينه إلى قفاه, فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق.
وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فهم الزناة والزواني.
وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويُلقم الحجر فإنه آكل الربا.
وأما الرجل كريه المرآة الذي عند النار يحشها ويسعى حولها, فإنه مالك خازن جهنم.
وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام, وإن الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة, ـ قال: فقال بعض المسلمين, يا رسول الله وأولاد المشركين فقال رسول الله : ((وأولاد المشركين)) ـ وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر قبيحًا فإنهم قوم خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا تجاوز الله عنهم)) رواه البخاري.
وهذه رؤيا من النبي ورؤيا الأنبياء حق وهي.........
اتق الله يا عبد الله, اتق الله يا عبد الله, ولا يكن مثلك مثل هؤلاء, ومصيرك مصير هؤلاء, وأنت تعلم أن هذه الدنيا قد ارتحلت مدبرة, وأن الآخرة قد ارتحلت مقبلة, واذكر ساعة الموت والانتقال, وما يتمثل لديك ساعتها من كثرة السيئات وقلة الحسنات, فما وددت عمله في تلك الساعة فجعل بعمله من اليوم, وما وددت اجتنابه فمن الآن.
| |
|