molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: من دروس الحج- حسين بن عبد العزيز آل الشيخ الثلاثاء 1 نوفمبر - 6:56:55 | |
|
من دروس الحج
حسين بن عبد العزيز آل الشيخ
الخطبة الأولى
معاشر المسلمين، شرع الله جل وعلا العباداتِ لحكمٍ عظيمة ومقاصد سامية، وأسرار كثيرة، منها ما يعرفه الخلق، ومنها ما لم يدركوه.
وإن من تلك المنظومةِ فريضةَ الحجّ، تلكم الفريضةُ التي عظمت في مناسكها، وجلّت في مظاهرها، وسمت في ثمارها، عظيمةُ المنافع، جمّة الآثار، تضمّنت من المنافعِ والمصالح ما لا يُحصيه المحصون، ولا يقدر على عدّه العادّون، انتظمت من المقاصد أسماها، ومن الحكم أعلاها، ومن المنافع أعظمَها وأزكاها، مقاصدُ تدور محاورها على تصحيح الاعتقاد والتعبّد، وعلى الدعوة لانتظام شملِ المسلمين ووحدة كلمتهم، وعلى التربية الإصلاحية للفرد والمجتمع، والت+ية السلوكيَّة للنفوس والقلوب والأرواح والأبدان.
وبالجملة ففي الحج من المنافع التي لا تتناهى والمصالح التي لا تُجارَى ما شملَه عمومُ قول المولى جل وعلا: لّيَشْهَدُواْ مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ٱلأنْعَامِ [الحج:28]، قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: (منافع الدنيا والآخرة، أما منافع الآخرة فرضوان الله جل وعلا، وأما منافعُ الدنيا فما يصيبون من منافع البدن والذبائح والتجارات) انتهى[1].
وثمة منافعُ يجب على الأمة الإسلامية أفراداً ومجتمعات حكاماً ومحكومين أن يعُوها وأن يدركوا كنهَها، وأن يحقِّقوها في حياتهم سلوكاً عملياً ومثالاً واقعياً، فيومَ تكون الأمة مستلهمَةً رشدَها على نحو تلك الأهداف والمقاصد فستنال عزاً وشرفاً وخيراً ومجداً، قال أحدهم: "سيظلّ الإسلام صخرةً عاتية تتحطّم عليها سفن التبشير ما دام للإسلام هذه الدعائم: القرآن؛ واجتماعُ الجمعة؛ ومؤتمر الحج". فما أحوجَ الأمةَ اليوم وهم يعانون فتناً متلاطمةً وشروراً متنوّعة وبلايا متعددة، ما أحوجهم أن يستلهموا من فرائض الإسلام العبَرَ والعظاتِ والدروس الموجّهات لحياتهم وسلوكهم ونشاطهم وتوجّهاتهم. ما أجدرَ المسلمين أن يوجِّهوا حياتهم من منطلقاتِ دينهم، وأن يديروا شؤونَهم من حقائقِ قرآنهم، وأن يعالجوا مشكلاتِهم وأدواءَهم على ضوء ما يوجّههم إليه خالقُهم، ويرشدهم إليه نبيهم .
عباد الله، في دروس الحج تذكيرُ الأمة بأن أعظمَ ما يجب أن تهتمّ به وأن تحافظ عليه وأن تغرسه في النفوس وتبثّه في المناشطِ كلّها والأعمالِ جميعها تحقيقُ التوحيد لله سبحانه، تحقيق الغايةِ القصوى في الخضوع والتذلل له عز شأنه توجّهاً وإرادة، قصداً وعملاً. فهذه التلبية رمزُ الحج ومفتاحه التي أهلّ بها سيّد الخلق وإمام الأنبياء حين افتتح حجتَه بالتوحيد كما يقول جابر: فأهلّ بالتوحيد: ((لبيك اللهمّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك))[2].
إهلالٌ يتضمن كلماتِ التلبية، ذاك المعنى العظيمُ والمدلول الدقيق ألا وهو روح الدين وأساسُه وأصله، وهو توحيد الله جل وعلا ونبذ الإشراك به بكلّ صوره وشتى أشكاله.
فالواجبُ على أفراد الأمة جمعاء أن يستحضِروا ما دلّت عليه هذه الكلمة من معنى، وأن يعرفوا ما تضمّنته من دلالة، وأن يكونَ المسلم على دراية عظيمة بهذا المعنى في حياته كلّها، محافظاً عليه في كلّ حين وآن، مراعياً له في كلّ جانب، لا يسأل إلا اللهَ، لا يستغيث إلا بالله، لا يتوكَّل إلا على الله، لا يطلبُ المدد والعون والنصر إلا من الله، مستيقناً أنَّ الخير كلّه بيد الله، وأزمَّة الأمور بيده، ومرجعها إليه، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع. يقول ابن القيم رحمه الله: "وقد اشتملت كلماتُ التلبية على قواعدَ عظيمة وفوائد جليلة... ـ إلى أن قال في سياق تعداد فوائدها: ـ ومنها أن التلبيةَ تتضمّن التزامَ دوامِ العبودية، ولهذا قيل: هي من الإقامة أي: أنا مقيم على طاعتك، ومنها أنها تتضمّن الخضوعَ والذل، ومنها أنها تتضمَّن الإخلاصَ لله جل وعلا" انتهى[3].
فحريٌّ بالمسلم الموفّق الاهتمامُ بتلك المعاني كلها، وتحقيقها في حياته بشتى جوانبها.
وإذا كان الأمرُ كذلك في حق الأفراد فالأمة أجمَع حري بها أن تستلهم من الحج تلك الدروسَ والعبر، ولتعلمْ أن القاعدةَ الثابتة لاستقرار حياتها والمستقرّ الآمنَ الذي يذوبون إليه هو تحقيق التوحيد لله جل وعلا في كل شأن من الشؤون، في مناشط الحياة كلّها، وأن تحقق الخضوع التامَ لله والذل المتناهيَ له سبحانه، ترسيخاً للعقيدة الصحيحة في واقع الحياة وتأصيلا لها في النفوس، وإلا فبدون ذلك تتخطّفها الأهواء تخطّف الجوارح، وتتقاذفها الأوهام تقاذف الرّياح.
ألا فلتصبغ الأمة حياتَها كلّها وأنشطتَها جميعَها بقاعدة العقيدة الصحيحة والتوحيد الخالص، فلا تخطو خطوةً ولا تتحرك حركة إلا وهي تنظر من منظار القرآن الكريم، ومن مرآة السنة ورضا الربِّ جل وعلا، فالله جل وعلا يقول: ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَـٰنَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ ٱلأمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ [الأنعام:82].
عباد الله، من دروس الحجّ أن تعلم الأمة وتتذكَّر وأن تستشعرَ وتستيقن أنه لا سعادة ولا نجاح في هذه الحياة والآخرة ولا توفيقَ ولا سدادَ إلا باتباع النبي ، والسير على نهجه والمسيرة الجادة على هديه في الاعتقاد والأعمال، في الحكم والتَّحاكم، في الأخلاق والسلوك، وفي هذا الصدَد يقول سيدنا ونبينا عند كل منسك من مناسك الحج: ((خذوا عني مناسككم))[4].
وانظر ـ أيها العبد ـ كيفَ حقق الصحابة هذا المقصدَ حينما يقول ابن عباس رضي الله عنهما: (حجّوا كما حجَّ النبي ، ولا تقولوا: هذا سنَّة وهذا فرض) انتهى.
فأعظمُ أهداف الحج تذكر هدي المصطفى ولزوم طريقه في هذه الحياة دونَ إفراط ولا تفريط ولا غلوٍّ أو جفاء، ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))[5].
معاشر الأحبة، من الدروس العظيمة في الحجّ أهميةُ الاعتدال والتوسّط في الأمور كلها، ومجانبة الغلوِّ والجفاء أو الإفراط والتفريط، روى أحمد وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله غذاة العقبة: ((القُط لي حصًى)) قال: فلقطتُ له حصىً من حصى الخذف، فجعل ينفضهنّ في كفّه ويقول: ((بأمثال هؤلاء فارموا))، ثم قال: ((يا أيها الناس، إياكم والغلوّ في الدين، فإنّما أهلك من كان قبلكم الغلوُّ في الدين))[6].
فالاعتدال في الأمور كلّها والتوسطُ فيها والبعد عن الغلو والجفاء هو المنهج القويم والصراطُ المستقيم الذي ينبغي أن يسلكه جميع المؤمنين، وذلك ليس بالأهواء، وإنما يكون بالأخذ بحدود القرآن و[....] السنة وما فيهما من الهدي والبيان.
ألا فلتكن مثلُ هذه المناسبة العظيمة التي يجتمع فيها المسلمون على أداء عبادة عظيمة من معالم الدين، لتكن درساً يراجع فيه المسلمون أنفسَهم، ويتبصَّرون فيه في أحوالهم، ليقيموها على المنهج الحق والصراط المستقيم، من منبعه الصافي ومورده العذب الزلال، كتاب الله جل وعلا وسنة سيّد الأنبياء سيدنا نبينا ورسولنا محمد .
عباد الله، الحجُّ مؤتمر جامعٌ للمسلمين قاطبة، وهو مؤتمرُهم وملتقاهم الأكبر، مؤتمر يجدون فيه أصلَهم العريق الضارب في أعماقِ الزمن منذ إمام الحنفيَّة أبينا إبراهيم عليه السلام، يجدون محورَهم الذي يشدّهم إليه جميعاً، هذه القبلة التي يتوجَّهون إليها جميعاً، ويلتقون عليها جميعاً، ويجدُون أيضاً رايتَهم التي يفيؤون إليها، رايةَ العقيدة الواحدة التي تتوارى في ظلّها فوارقُ الأجناس والألوان والأوطان، ويجدُون قوتَهم والتي قد ينسونَها حيناً، قوةَ التجمع والتوحّد والتي تضمّ الملايين التي لا يقف لها حدّ لو فاءت إلى رايتِها الواحدة التي لا تتعدَّد.
فالواجبُ على المسلمين اليوم وهم تتقاذف بهم أمواجُ الفتن، وتتحدّاهم قوى لطغيان والعدوان، الواجبُ عليهم أن يتخذوا من مثلِ هذا الموسم مؤتمراً للتعارف والتشاور وتنسيق الخطط وتوحيد القوى وتبادُل المنافع والمعارف والتجارب. فلا يجد العالَم كلُّه مهما حاولت جهوده وتنسّقت ومهما بلغت خططُه وتنوّعت أن يجد موسماً كالحج منظِّماً لعالم إسلامي واحد كاملٍ متكاملٍ مرّة في كل عام، في ظل الله، بالقرب من بيت الله، وفي ظلال الطاعات القريبة والبعيدة، والذكريات الغائبة والحاضرة، في أنسب مكان وأنسب جوّ وأنسب زمان.
فلا بدَّ أن تدرك الأمة على مختلف مسؤولياتها أنهم على مختلف مشاربهم وتنوع أشكالهم لا رابطةَ تربطهم إلا رابطةُ التوحيد، ولا نسبَ ثابت إلا نسبُ الدين، فيجب أن تكونَ صبغته هي الصبغة السائدة التي يجبُ معها النبذ الصارخ لحميَّة الجاهلية وفخارها، ولهذا يقول الله جل وعلا في سياق آيات الحج: ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ [البقرة:199].
فحريّ بالأمة أن تستثمرَ مثلَ هذا الموسمِ العظيم فرصةً للتوجيهات العامة النافعةِ والنظر في قضاياها المهمة.
إخوة الإسلام، الحجُّ مؤتمر ذو مقاصدَ سياسية للبشرية كلها، مؤتمر يربّي البشرية على أسسِ السلام والأمن والحياة الطيبة، ويدعوهم لتحريم الحرمات والممتلكات والنفوس والمقدَّرات، فربّنا جل وعلا يقول: ذٰلِكَ وَمَن يُعَظّمْ حُرُمَـٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبّهِ [الحج:30].
مؤتمرُ الحج مؤتمر يغرس في النفوس حياة تراعى فيها حرمات الله، لتقوم في الأرض حياةٌ يأمن فيها البشر من البغي والاعتداء، حياة يجدون فيها مثابةَ أمنٍ ودوحةَ سلام ومنطقة اطمئنان، فهذا سيّد البشرية وإمام الحنفية سيدُنا ونبينا محمد يعلنها جليةً ويطلقها صريحة في خطبة الوداع فيقول: ((إن دماءكم وأموالَكم وأعراضَكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا))[7].
اللهم بارك لنا في القرآن، وانفعنا بما فيه من الآيات والبيان، أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
[1] أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره كما في الدر المنثور (6/37).
[2] أخرجه مسلم في الحج (1218).
[3] الحاشية على سنن أبي داود (5/178).
[4] أخرجه مسلم في الحج (1297) من حديث جابر رضي الله عنهما بلفظ : ((لتأخذوا مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه)).
[5] أخرجه مسلم في الأقضية (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها، وهو عند البخاري بلفظ آخر.
[6] أخرجه أحمد (1/215، 347)، والنسائي في المناسك (3057، 3059)، وابن ماجه في المناسك (3029)، وصححه ابن الجارود (473)، وابن خزيمة (2867، 2868)، وابن حبان (3871)، والحاكم (1711)، وهو في صحيح سنن ابن ماجه (2455).
[7] أخرجه البخاري في العلم (67)، ومسلم في القسامة (1679) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه. وجاء من حديث ابن عباس وجابر وابن عمر رضي الله عنهم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وإخوانه.
أما بعد: فيا أيها المسلمون، أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل، فهي وصية الله اللازمة للأولين والآخرين.
عباد الله، تعيشُ الأمةُ الإسلامية أياماً عظيمٌ فضلها كبير مقدارُها، إنها العشر الأوَل من ذي الحجة، أقسم الله بها تنويها بفضلها وإشارة إلى عظيم أجرها فيقول الله جل وعلا: وَٱلْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ [الفجر:1، 2]، ونبينا يقول: ((ما من أيامٍ العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام)) يعني أيام العشر، قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء)) أخرجه البخاري[1].
والعملُ الصالح ـ عباد الله ـ يشمل كلّ خير ومعروف وبر وإحسان من الأقوال والأفعال والسلوك، ومن أعظمِ ذلك تفقد أحوالِ المسلمين في كلّ مكان، والاهتمام بشؤونهم، والتخفيف من كرباتهم، وسدّ حاجاتهم، وصرفُ صالحِ الدعاء لهم بإصلاح الأحوال وكشف المضار والنصر على الأعداء.
ويشرع للحاج وغيره الإكثارُ من ذكر الله جل وعلا في هذه العشر، ففي المسند أنه عليه الصلاة والسلام سئل: أيُّ الحاجّ أعظم عند الله؟ قال: ((أكثرُهم لله ذكراً))[2]، والله جل وعلا يقول: وَأَذّن فِى ٱلنَّاسِ بِٱلْحَجّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَىٰ كُلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلّ فَجّ عَميِقٍ لّيَشْهَدُواْ مَنَـٰفِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَـٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ ٱلأنْعَامِ [الحج:27، 28]، والأيام المعلومات عندَ جماهير أهل العلم هي أيام عشرِ ذي الحجة، وقد أمر الله جل وعلا بذكره كثيراً في أيامِ الحج كما دلَّت عليه آيات سورة البقرة والحج.
والأمرُ بالذكر يشمَل غيرَ الحاج كما قال : ((ما من أيامٍ أعظم عند الله ولا أحبّ إلى الله [من العمل] فيهن من أيام العشر، فأكثروا فيهنَّ من التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد)) رواه أحمد بسند حسن[3].
وقد ذكر البخاري في صحيحه عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهما كانا يخرجان إلى السوق، فيكبران ويكبِّر الناس بتكبيرهما[4]، وكان فقهاءُ التابعين يقولون في أيام العشر: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد. فيستحبُّ للرجال رفعُ الصوت في هذا الذكر في الأسواق والدور والطرقات والمساجد.
ثم اعلموا ـ عباد الله ـ أنَّ من أراد أن يضحِّي فيمسِك عن شعره وأظفاره وبشرته إذا دخلت العشر حتى يضحِّي، ففي صحيح مسلم أن النبي قال: ((إذا رأيتم هلالَ ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره حتى يضحّي)) ، وفي رواية: ((فلا يمسّ من شعره وبشرته شيئاً))[5]. وهذا النهيُ خاصٌّ بالمضحّي، أما من يُضحَّى عنه من أهل البيت فلا يدخل في هذا النهي وحتى لو [شاركوا] ربَّ البيت في أضحيته.
فاتقوا الله سبحانه، وعظِّموا شعائرَه، تفلحوا وتسعدوا في الدنيا والآخرة.
ثم اعلموا أن الله جلَّ وعلا أمرنا بأمر عظيم ألا وهو الصلاة والسلام على النبي الكريم.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين...
[1] أخرجه البخاري في الجمعة (969) من حديث ابن عباس رصي الله عنهما بنحوه، وهذا لفظ الترمذي في الصوم (757).
[2] أخرجه أحمد (3/438)، والطبراني في الكبير (20/186) من حديث معاذ بن أنس رضي الله عنه، وأشار المنذري في الترغيب إلى ضعفه (2/171)، وقال الهيثمي في المجمع (10/74): "فيه +ان بن فائد وهو ضعيف وقد وثق، وكذلك ابن لهيعة، وبقية رجال أحمد ثقات"، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (810، 906).
[3] أخرجه أحمد (2/131)، وعبد بن حميد (807)، والبيهقي في الشعب (3750) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، قال أحمد شاكر في تعليقه على المسند (5446): "إسناده صحيح"، وضعفه الألباني في ضعيف الترغيب (733).
[4] علقه البخاري في كتاب العيدين، باب: فضل العمل في أيام التشريق، ووصله أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في الشافي، والقاضي أبو بكر المروزي في العيدين، كما في فتح الباري لابن رجب (9/8).
[5] أخرجه مسلم في الأضاحي (1977) من حديث أم سلمة رضي الله عنها.
| |
|