molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: الصدق - حاتم الحربي السبت 29 أكتوبر - 7:11:30 | |
|
الصدق
حاتم الحربي الزهراني
الخطبة الأولى
أما بعد، يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران:102].
أيها الأحبة، لقد اتفق الخلق قديماً وحديثاً على أمور هي من بدهيات الفطرة السليمة، ثم جاءت الشرائع مقررة لهذه الأمور، ومن هذه الأمور التي اتفق على فضلها وشرفها الغابر واللاحق (صفة الصدق).
وسوف يكون الحديث عنها على وقفات.
الوقفة الأولى: الصدق في الوحي الطاهر، لقد جاء الصدق ممدوحاً في أكثر من آية في كتاب الله تعالى، كما جاء الأمر والحث عليه في آيات عدة، منها قوله تعالى: يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّـٰدِقِينَ [التوبة:119]. فهذا نداء كريم من رب رحيم لعباده المؤمنين بالتخلق بأخلاق أقوام صدقوا في إيمانهم مع الله سبحانه وتعالى كما تجد في السنة النبوية الإرشادات الغالية من النبي وهو يدعو أمته إلى تلك الخصلة الكريمة (الصدق)، ويحذر من التخلق بضدها، ومن ذلك قوله : ((عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإنه الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)) متفق عليه، فانظر إلى نتيجة الصدق وانظر إلى نتيجة الكذب!
الوقفة الثانية: الصدق في أقوال السلف والحكماء.
أخي الكريم، للصالحين والفضلاء في الصدق أقوال جميلة وعبارات سديدة أتحفك ببعضها: قال عمر بن الخطاب : (عليك بالصدق وإن قتلك) وقال أيضاً: (لأن يضعني الصدق ـ وقلّ ما يفعل ـ أحب إلى أن من أن يرفعني الكذب وقلّ ما يفعل) وقال : (قد يبلغ الصادق بصدقه. ما لا يبلغه الكاذب باحتياله) وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (أربع من كن فيه فقد ربح: الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر).
وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ما كذبت مذ علمت أن الكذب يشين صاحبه" وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله: "والله لو نادى منادٍ من السماء أن الكذب حلال ما كذبت" وقال يوسف بن أسباط رحمه الله: "لأن أبيت ليلة أعامل الله بالصدق أحب إلى من أن أضرب بسيفي في سبيل الله"، وقال الشعبي رحمه الله: "عليك بالصدق حيث ترى أنه يضرك فإنه ينفعك.واجتنب الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك" وقال عبد الملك بن مروان لمعلم أولاده: "علمهم الصدق كما تعلمهم القران".
ويقول الشاعر:
عود لسانك قول الصدق تحظ به إن اللسان لما عودت معتاد
الوقفة الثالثة: أقسام الصدق ومراتبه، يقول الإمام بن القيم رحمه الله الصدق ثلاثة أقسام:
1- صدق في الأقوال.
2- وصدق في الأعمال.
3- وصدق في الأحوال.
واعلم أن أعلى مراتب الصدق هي مرتبة (الصّدّيقية) يقول ابن القيم: إن أعلى مراتب الصدق هي الصديقية، وهي كمال الانقياد للرسول مع كمال الإخلاص للمرسل.
الوقفة الرابعة: دوافع الصدق المرغبة به؟ ما الذي يدعو إلى الصدق؟ وما الذي يرغب في هذه الشجرة الباسمة؟ يجيب على ذلك الإمام الماوردي رحمه الله وهو يلخص لك الجواب بما يلي:
أولاً: العقل، من حيث إنه موجب لقبح الكذب.
ثانياً: الشرع، حيث أوجب الصدق ورغب فيه، ونهى عن الكذب وحذر منه، والله سبحانه لم يشرع إلا كل خير.
ثالثا: المروءة، لأنها مانعة من الكذب، باعثة على الصدق.
رابعاً: حب الاشتهار بالصدق، فمن يتمتع بهذا الاشتهار بين الناس لا يرد عليه قوله ولا يلحقه ندم.
خامساً: السعادة والطمأنينة، حيث إن الصدق طمأنينة في الفؤاد وراحة في النفس يجدها الصادقون بخلاف ما يجدها أهل الكذب من انقباض في صدورهم وبعدنا عن الطمأنينة فهم في بحر الشكوك غارقون.
الوقفة الخامسة: الصدق طريق إلى الجنة.
أخي الحبيب، أن أعظم ما في الصدق أنه يقود صاحبه إلى الجنة، وهذا هو الفوز العظيم قال : ((أنا زعيم بيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً))، فهذا هو الرّبح الأوفر لأهل الصدق، وأي ربح أعظم من الجنة لكن يبقى أن تسأل نفسك: ما هو نصيبك من هذا الخير العظيم؟ فإنه ما زاد نصيب الرجل في الصدق إلا وقلّ نصيبه من الكذب، والع+ كذلك، وقد قالوا: قد يكذب الصدوق ـ أي نادراً ولكن لا يصدق الكذوب ـ.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا مع الصادقين وأن يحشرنا معهم وأن يعصمنا من الكذب والزلل، إنه ولي ذلك والقادر عليه، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|