molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: حقوق الإنسان بين الإسلام والأمم المتحدة- إسماعيل الخطيب الأربعاء 26 أكتوبر - 5:25:50 | |
|
حقوق الإنسان بين الإسلام والأمم المتحدة
إسماعيل الخطيب
الخطبة الأولى
أما بعد:
فقد روي عن معاذ بن جبل، قال: قال النبي : ((يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً. أتدري ما حقهم عليه؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: أن لا يعذبهم))[1].
عباد الله: الحديث عن الحق والحقوق أصبح في عصرنا يتكرر باستمرار، خاصة بعد أن صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان قبل خمسين عاماً، ولقد ظن بعض الناس أن البشرية لم تعرف الحديث عن حقوقها إلا بعد ما سعت هيئة الأمم المتحدة إلى دراسة هذه الحقوق والإعلان عنها ودعوة الدول إلى الالتزام بها. وقد تناسى أولئك حقيقة بعثة الرسل، ولم يسألوا: لِمَ بعث الله الرسول من آدم ونوح إلى نبينا محمد عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه. إن هذا الحديث النبوي يبين لنا الحكمة من إرسال الرسل وهي أن يبينوا للناس حق كل ذي حق، ابتداء من حق الله على عباده، وحق الله على عباده، كما بينه الرسل هو أن يعبدوا الله وحده ولا يشركوا به شيئاًً.
والعبادة هي كل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال، فالصلاة والصيام وأداء ال+اة والحج، عبادة، وذكر الله بالقلب واللسان وتلاوة القرآن عبادة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبادة، والحكم بشرع الله عبادة، وكل عمل يُعين على طاعة الله عبادة، فالنوم إذا قُصد به التقوِّي على الصيام أو على قيام الليل يكون عبادة، واتصال الرجل بزوجته إذا قصد به التعفف عن الحرام يكون عبادة، وهكذا فكل عمل يرضاه الله ويحبه عبادة. والإنسان عبدٌ ولابد، فأما أن يكون عبداً لله، وإما أن يكون عبداً للطاغوت – وهو كل معبود من دون الله – قال تعالى: ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت والشرك هو جعل شيء من العبادة لغير الله تعالى، فحق الله على عباده أن يطيعوه في كل أمر، ففي طاعتهم له خير في الدنيا والآخرة، وقد وعد الله المؤمنين الصادقين العاملين للصالحات بالمغفرة والجنة، والله لا يُخلف الميعاد، فأصبح عدم تعذيبهم وإدخالهم الجنة حقاً لهم على الله. فالله تعالى لا يُضيع حق كل ذي حق، وقد بعث رُسله فبينوا الحقوق والواجبات، وها هو نبينا عليه الصلاة والسلام يقف في حجة الوداع ليُذكّر الناس بحقوقهم وواجباتهم فيقول: ((أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم)) إنه أول إعلان يعلنه رسول الله ، وهي وصية سيكررها في آخر خطبته تأكيداً لها وإبرازاً لخطورة الاعتداء على الأموال والدماء.
فيوم عرفة – على التحقيق – هو يوم الإعلان عن حقوق الإنسان فيه أعلن الرسول حق الإنسان في الحياة، وفي الملكية، وفصّل حقوق النساء، ووجباتهن، وبين حقوق وواجبات المحكومين والحكام، وأعلن أن من حق كل إنسان أن يعيش في أمن واستقرار، وأعلن أن الله تعالى خالق العباد رحمهم بأن أدى إليهم حقوقهم فهم في خير ما أدوا هذه الحقوق.
عباد الله: لقد عانت البشرية – وما زالت تعاني – من ضياع الحقوق، والدول التي وقعت أول مرة على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948م كانت هي الدول الاستعمارية التي استعبدت الإنسان وقهرت الشعوب، ومن مهازل التاريخ الحديث أنه في نفس العام الذي تم به الإعلان عن حقوق الإنسان قامت العصابات الصهيونية بطرد شعب من أرضه ووطنه لتؤسس دولة اعترف بها دعاة الحقوق الذين لا يعترفون في الواقع إلا بحقوقهم هم، فهل كانت فرنسا سنة 48 تعترف بحقوق شعوب المغرب العربي، وهل كانت بريطانيا تعترف بحقوق الشعوب التي كانت تستعمرها، وهل تعترف أمريكا اليوم بحق أطفال العراق في الحياة وهي تمنع عنهم الغذاء والدواء, بل هل تسمح شريعة أو قانون بحصار شعب ومنعه من حقوقه الأساسية؟ إن حقوق الإنسان عند الغربيين ما هي إلا شعارات جوفاء لذلك كان على علماء المسلمين أن يبينوا للناس حقوق الإنسان وواجباته كما بينها الإسلام وطبقها الرسول وخلفاؤه ليعلم الناس أنهم لن يصلوا إلى حقوقهم كاملة إلا بتطبيق شرع الله وإقامة دينه.
وصدق الله العظيم القائل: إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين [الأنعام:57].
[1] رواه البخاري.
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|