molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: نصر الله قادم - أحمد فريد الخميس 20 أكتوبر - 5:33:53 | |
|
نصر الله قادم
أحمد فريد
الخطبة الأولى
ثم أما بعد:
فمن سنن الله عز وجل التي لا تتبدل ولا تتحول أن ينصر أولياءه ويخذل أعداءه، فإذا تواجه الإيمان الصادق، والكفر الماحق فلابد أن ينتصر الإيمان الصادق كما قال تعالى: ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون ولياً ولا نصيراً سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلاً [الفتح:22-23].
فالله عز وجل قد وعد أولياءه بالنصر والتمكين رغم أنف الجاحدين والمعاندين قال تعالى: وإن جندنا لهم الغالبون [الصافات:173].
وقال تعالى: كتب الله لأغلبن أنا ورسلي [المجادلة:21].
وقال تعالى: إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد [غافر :51].
وقال تعالى: قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار [آل عمران:12-13].
قل للذين كفروا في كل زمان وفي كل مكان، قل للعلمانيين والمنافقين ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد: قد كان لكم آية أي معجزة ظاهرة ودلالة واضحة: في فئتين التقتا فئة مؤمنة بقيادة رسول الله ، وأخرى كافرة بقيادة أبى جهل لعنه الله يرونهم مثليهم رأي العين مع أن المسلمين كانوا ثلاثمائة وتسعة عشر يوم بدر، وعدد الكفار ينوف على الألف.
ولا ينافى هذا قوله عز وجل: وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلاً ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمراً كان مفعولاً [الأنفال:44]، فقد قلل الله عز وجل عدد المسلمين في أعين المشركين، وقلل المشركين في أعين المسلمين أولا حتى يتم اللقاء، وليقضى الله أمرا كان مفعولا.
فلما التحم الجيشان، كثّر الله عز وجل المسلمين في أعين المشركين، وقذف في قلوب المشركين الرعب، آية أخرى ومعجزة من الله عز وجل: والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار [آل عمران:13].
فالله عز وجل ينصر أولياءه ويعز جنده بأسباب لا تخطر على قلب بشر، أنزل الله عز وجل على المسلمين ليلة بدر طلا ومطرا خفيفا طهرهم به، وثبت الأرض من تحتهم، وأنزل على المشركين مطرا شديدا جعلهم لا يستطيعون أن يتحركوا من أماكنهم، وأرسل الله عز وجل على المشركين يوم الأحزاب ريحا شديدة تخلع خيامهم، وتكفأ قدورهم، وأنزل ملائكة تزلزل قلوبهم كما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيراً [الأحزاب:9].
فالله عز وجل ينصر أولياءه بجنود لا يعلمها إلا الله كما قال تعالى: وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر [المدثر:31].
ونصر الله عز وجل لا يتنزل على أناس متعاطفين مع الإسلام، يرشحون الإسلام وينتخبونه يفضلونه على العلمانية والشيوعية والرأسمالية والمذاهب الكافرة.
نصر الله عز وجل يتنزل على أناس وصفهم الله عز وجل بقوله: يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم [المائدة:54].
يتنزل نصر الله عز وجل على أناس أخبر الله عز وجل عنهم فقال: إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون [التوبة:111].
فحيهلا إن كنت ذا همة فقد حدى بك حادى الشوق فاطو المراحلا
وقل لمنادى حبهم ورضاهم إذا مـا دعـا لبـيك ألفـا كـواملا
ولا تنظر الأطلال من دونهم فإن نظرت إلى الأطلال عدن حوائلا
ولا تنتظر بالسير رفقة قاعد ودعـه فـإن الشـوق يكفيك حاملا
فما هي إلا ساعة ثم تنقضي ويصبح ذو الأحـزان فـرحان جاذلا
لقد حرك الداعي إلى الله عز وجل وإلى دار السلام النفوس الأبية، وأسمع منادى الإيمان من كانت له أذن واعية، وأسمع الله من كان حيا، فهزه السماع إلى دار الأبرار، وحدا به في طريق سيره، فما حطّت به رحاله إلا بدار القرار، أين المسلمون عباد الله من المنازل الشريفة؟ أين المسلمون من روح الجهاد، والتشوق إلى البذل والشهادة في سبيل الله عز وجل؟
قال النبي : ((للشهيد عند الله ست خصال: يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه))([1]).
وقال : ((إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين الدرجة والدرجة كما بين السماء والأرض ))([2]).
لماذا لا يتربى أطفال المسلمين وشبابهم على التطلع إلى الجهاد في سبيل الله عز وجل، والتشوق إلى الشهادة في سبيله؟ والله لا تحيا هذه الأمة، ولا تعود إلى سالف عزها وكرامتها حتى يبذل شبابها في دين الله عز وجل.
شجرة الإسلام عباد الله لا تروى بالماء ولكنها تروى بالدماء، فحتى تترعرع شجرة الإسلام، وتعلو راية الملك العلام، لابد من البذل في سبيل الله عز وجل.
وليس البذل في سبيل الله إلقاء للنفس إلى التهلكة، وإنما الإلقاء بالنفس إلى التهلكة أن نبخل بالبذل في سبيل الله عز وجل.
عن أبي عمران التجيبي رضي الله عنه قال: كنا بمدينة الروم فأخرجوا لنا صفا عظيما من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلهم أو أكثر، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر، وعلى الجماعة فضالة بن عبيد، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح الناس وقالوا : سبحان الله يلقى بيديه إلى التهلكة. فقام أبو أيوب الأنصاري فقال: ياأيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل، وإنما أنزلت فينا معشر الأنصار لما أعز الله الإسلام، وكثر ناصروه، فقال بعضنا لبعض سرا دون رسول الله : إن أموالنا قد ضاعت، وإن الله تعالى قد أعز الإسلام وكثر ناصروه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله تعالى على نبيه ما يرد علينا ما قلناه: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة [البقرة:195]. فكانت التهلكة الإقامة على الأموال وإصلاحها وتركنا الغزو. فمازال أبو أيوب شاخصا في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم([3]).
فليس البذل في سبيل الله إلقاء بالنفس إلى التهلكة، وإنما الإلقاء بالنفس إلى التهلكة، أن نبخل بالبذل في سبيل الله عز وجل، وليس الأمر عباد الله بالعواطف الهوجاء التي لا يضبطها شرع الله عز وجل، بل لابد أن يتحرك المسلمون لدين الله عز وجل، وأن يتحركوا كذلك بدين الله عز وجل، ولابد أن يكون المسلم بصيرا بزمانه، فيعرف العبودية المطلوبة منه، ولابد أن يكون واضحا للمسلمين أن الدعوة الإسلامية تمرّ بمراحل مختلفة بحسب ظروفها وأحوالها، فحيث كان المسلمون مستضعفين بمكة، لا شوكة لهم ولا دولة، كانت العبودية في كف الأيدي وإقامة الصلاة وإيتاء ال+اة، والجهر بالدعوة إلى الله عز وجل.
قال تعالى: قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله [الجاثية:14]. وقال تعالى: ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا ال+اة [النساء:77].
ولما بايع الأنصار الكرام رسول الله بيعة العقبة الثانية وأمر النبي الصحابة رضي الله عنهم بالهجرة، صارت العبودية المطلوبة في هذا الزمان الهجرة إلى الله عز وجل، وترك الأهل والوطن والعشيرة، لتقوية شوكة المسلمين وتأسيس دولتهم، ولما هاجر النبي إلى المدينة النبوية، وصار للمسلمين دولة وشوكة، صارت العبودية في الجهاد والجلاد وإراقة دماء الكفار وإزهاق أرواحهم.
ولقد كان الصحابة رضي الله عنهم أوفياء لدينهم، مخلصين لربهم، كفوا أيديهم حين أمروا بكف الأيدي، وهاجروا حين أمروا بالهجرة، وجاهدوا وجالدوا حين أمروا بالجهاد والجلاد وبذلوا نفوسهم لله عز وجل يعزّون دين الله، ويرفعون راية لا إله إلا الله، المسلمون اليوم عباد الله يشترون سلام أبدانهم وأموالهم بأديانهم، فلا يبالي الواحد منهم إذا سلم ماله ودمه، صارت الدولة للإسلام أو لأعداء الملك العلام، ولا يبالون تحاكم الناس إلى شرع الرحمن، أو تحاكموا إلى الطواغيت اللئام.
ولم يكن كذلك السلف الصالح رضي الله عنهم، بل كان الواحد منهم يرحب بأن يندق عنقه ولا يُثْلَمْ دينه، فهذا خبيب بن عدي لما أسره المشركون وعذبوه عذابا شديدا وقالوا له: أتحب أن محمدا مكانك وأنك معافا في أهلك ومالك فقال: والله ما أحب أنني معافا في أهلي ومالي ويشاك محمد بشوكة أي وهو كذلك معافا في أهله وماله، وفي ذلك قيل:
أَسـَرت قـريش مـسـلـما فمضى بلا وجلٍ إلى السيّاف
سألوه هل يرضيك أنك سـالم ولك النـبي فدا من الإتلاف
فأجاب كلا لا سلمت من الردى ويصاب أنف محمد برعاف
ولما أرادوا قتله أنشأ يقول :
ولست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي
مادام في ذات الإله وإن يشأ يبـارك على أشـلاء شلـو ممزّع
فبهذا البذل عباد الله، وبهذه التضحية وبهذه الروح الجهادية يمكّن للإسلام وأهله، فنصر الله عز وجل ليس بالهتافات ولا بالشعارات، نصر دين الله عز وجل بتطبيق الإسلام على أنفسنا وزوجاتنا وأولادنا نصر الله عز وجل هو البذل في سبيل إعزاز دينه ورفع رايته قال الله عز وجل: ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز [الحج:40].
وقال تعالى ]إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم[ [محمد:7].
نصر الله قادم، ووعد الله قائم، رغم أنف المعاندين ورغم أنف العلمانيين والمنافقين.
سوف تعلو راية الله عز وجل كما أخبر الله عز وجل، وكما بشّر رسوله .
([1])رواه الترمذي (7/161) فضائل الجهاد وقال : هذا حديث حسن صحيح غريب وابن ماجة (2799) واللفظ له ، وأحمد (4/131) وصححه الألباني .
([2])رواه البخاري (6/14) الجهاد والسير ، درجات المجاهدين في الله .
([3])رواه الترمذي (11/96،97عارضه) التفسير وقال : هذا حديث حسن غريب.
الخطبة الثانية
لم ترد. .
| |
|