molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: صدقة الفطر: إشارات ودلالات - إبراهيم بن صالح الدحيم الثلاثاء 11 أكتوبر - 5:58:30 | |
|
صدقة الفطر: إشارات ودلالات
إبراهيم بن صالح الدحيم
الخطبة الأولى
شهر كامل تنهال فيه عطايا الكريم على عباده، يتقلب فيه المسلم بين صيام وصلاة وصدقة وذكر ودعاء، حتى إذا استتم الشهر وكملت النعمة إذا هو يؤمر بزكاة الفطر تزكية للنفس وجبرًا للنقص. عن ابن عمر قال: فرض رسول الله +اة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين.
إن ختم الشهر ب+اة الفطر فيه فوائد وله دلالات يجب أن لا تغيب عن الأمة وهي تعيش نشوة العيد وفرحته والشغل به، ولعلي في هذه العجالة أعرض إلى بعض الدلالات وأشير إلى شيء من هذه الإشارات:
أولاً: الإخلاص لا الخلاص، زكاة الفطر عبادة تفتقر إلى الإخلاص والمتابعة، الإخلاص لا الخلاص، الإخلاص الذي يجعلها تخرج بطيب نفس ونقاوة خلق، لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى [البقرة:264]، لا يخرجها على أنها عناء يضعه عن كتفه أو هم يزيحه عن عاتقه. إن من الناس من يشغله السعي للخلاص منها عن الإخلاص فيها، فهو يأخذ زكاة فطره يطير بها كالبرق أينما وجهت ركابه، جريًا على عادة آبائه وأهل بلده، فتصل إلى المسكين دون أن تقع في نفسه موقع العبادة. إن +اة الفطر ليست ضريبةً يخرجها كرهًا حتى يجد مبررًا له أن يَغش فيها أو يَخْرُج منها بحيلة، بل هي طهرة له وعلامة على يقينه وصدق إيمانه، يحتاج أن يختارها بعناية ويدفعها برضا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ [البقرة:267].
ثانيًا: طهرة وزكاة، عموم الصدقة التي يخرجها المسلم هي له طهرة ونماء، خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103]، أما في خصوص صدقة الفطر فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: فرض رسول الله زكاة الفطر طهرةً للصائم من اللغو والرفث وطعمةً للمساكين. طهرة للصائم الذي أمضى شهره في عبادةٍ؛ صيام وقيام وتلاوة، ثم يحتاج بعد ذلك إلى تطهير. إن استشعار هذا الأمر يغلق في النفس باب الإعجاب والإدلاء بالعمل على الله، فهو مهما بلغ به حفظ الصيام يحتاج أن يخرج هذه الزكاة تطهيرًا للغو خفيٍّ ورفث خاطر، وبذلك يتعلق القلب بالله خوفًا من ذهاب العمل بالرياء أو بالإعجاب والإدلاء. و+اة الفطر أيضًا طهرة للصائم من البخل والشح والأنانية المقيتة التي قد تحيط بالنفس فتحرمه الفلاح، وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [التغابن:16].
ثالثًا: فرصة لتربية الأولاد، هل أولادنا يحسون بهذه العبادة العظيمة زكاة الفطر؟ وهل يعيشون أحداثها أم أنها تفعل في غيابهم وغفلتهم؟ عجب والله! حتى الصدقة التي تخرج ـ في الحقيقة ـ عنه لا يعلم بها؛ إذ ربما بلغ الشاب أو الفتاة سن التكليف وليس عنده فيها خبر إلا أن تسعفه مناهج التعليم. إن الاتصال السريع من الدكان إلى المسكين مباشرة أفقد شيئًا من روحانية هذه العبادة، ليس على أولاده فقط بل حتى على نفسه هو. ماذا يضير الأب لو أتى يكيل الطعام أمام أبنائه وهو يغرس فيهم معاني البر والعطاء ويلفت نظرهم إلى ضرورة تزكية النفس وتطهيرها من كل لغو يفسد أعمالها؟! جميل أن تقول له: يا بني، إذا كانت أعمالنا التي يظهر فيها الصلاح تحتاج إلى تطهير وت+ية، فكيف بما يظهر منها التقصير؟! يا بني، إننا نؤديها شكرًا لنعمة الله على إدراك الشهر وزيادة الفضل، يا بني، إن المسكين الذي أعوزته الحاجة أخ لنا يجب أن يفرح بالعيد كما نفرح.
رابعًا: أضخم حملة إغاثية، زكاة الفطر صورة كبيرة وضاءة من صور البذل والعطف والرحمة وسد جوعة المسكين ولوعة المحروم، فهي تأكيد للتكافل الاجتماعي بين المسلمين وإغناء لهم عن ذل السؤال ذلك اليوم، وفي الحديث أنه قال: ((أغنوهم في هذا اليوم عن المسألة)). إنها صورة من صور التربية على السخاء ونبذ البخل الذي يجاور ويحاور النفوس الضعيفة. إنها بحق أضخم حملة إغاثية خيرية تقوم بها الأمة كلّ عام، ولو أننا أفدنا منها ووجهناها توجيهًا حسنًا لاستطعنا بعد توفيق الله أن نقضي على حالة الفقر المدقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية اليوم. وبسبب عدم التحري والاحتياط الناشئ عن عدم الهم والاهتمام بهذه الشعيرة المباركة فإنك تجد أن زكاة الفطر تتكدس في بيوت رفعت أعلامها فعرفت، بينما ترى بيوت أقفرت وبقيت تلازم الفقر حَوْلاً وهي تبغي عنه حِوَلا. إن الذي كان في العام الماضي مسكينًا قد يكون هذه السنة غنيًا، والذي كان غنيًا قد يلحقه الفقر، وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140]. إن هذه الكميات الضخمة من الزكوات التي تبلغ بالآصع عدد السكان تحتاج إلى جهد جماعي كبير يتناسب وهذه الكميات الضخمة. وإن جزءًا من هذا الجهد يقع على عاتق الجمعيات الخيرية والإغاثية والتي نذرت نفسها لمثل هذه الأعمال الكبيرة. هذه الكميات من ال+وات تحتاج إلى جهد مؤسسي منظم لتجني النتائج المرجوة. والمطلوب هنا هو تعزيز ثقتنا بهذه الجمعيات والمؤسسات وتحميلها المسؤولية والإدلاء بالآراء والمقترحات والملحوظات إليها، لا أن تبقى ملاحظاتنا حبيسة المجالس الخاصة في صورة من اللمز الخفي الآثم،.كما أن على الجمعيات والمؤسسات الخيرية والهيئات الإغاثية أن تولي هذا المشروع عناية فائقة، وأن تجدد فيه الدراسات وتراجع فيه التنفيذ، والله أعلم.
الخطبة الثانية
لم ترد.
| |
|