الدعوة إلى التعرَّفَ إلى الحكمِ الشرعيِّ في السَّعةِ والضيق
الشيخ منصور حمادة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ وبه نستعين، نعمَ المولى ونعمَ المعين، ناصرِ المؤمنين الموحدين الطائعين، مدمِّرِ الكافرين والمنافقين والمبدعين، مجزلِ العطاءِ للصابرين المسترجعين، ومضاعفِه للشاكرين المؤتمرين المتطوِّعين، خاذلِ المستكبرين المتبرّمين الجازعين، منيرِ طريقِ المخلصين الطائعين، مبيرِ الظالمين ومر+ِهم فيما كانوا فيه خانعين، كما قال سبحانه في القرآن هداية متدبِّريه من التالين والمستمعين: ((اللَّـهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ۗ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿٢٥٧﴾ ﴿سورة البقرة﴾)).
أحمدُه مقرًّا بنعمائه، ومستدرًا المزيدَ من عطائه، في حياتنا الدنيا ويوم لقائه، منتظرًا لما وعدَ به في إنبائه، حيث قال في القرآنِ المجيد: ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴿٧﴾ ﴿سورة إبراهيم﴾)). أشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمدًا (ص) عبدُه ورسولُه بدينِ الحق، الذي أنزلَه كاملًا شاملًا لاحتياجاتِ الخلق. اللهمَّ صلِّ وسلِّم على محمدٍ وآلِ محمدٍ المعصومين الأطهار، وأدخلنا بولايتهم الجنةَ وقنا عذابَ النار، واكفنا شرَّ الأشرارِ وكيدَ الفجار، برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
أما بعد، فيا عبادَ الله اتقوا الله، الذي لا خالقَ غيرُه ولا إلهَ سواه، وأطيعوه في كلِّ ما أنزلَه وأوحاه، فإنَّ التقوى مؤمِّنةٌ للآخذِ بها في آخرتِه بل وفي دنياه، كما أوضحَ ذلك ربُّنا جلَّ جلالُه وعلاه، في القرآنِ الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، مبيِّنًا جزاءَ المتقي المتوكلِ في دنياه وبعد ملاقاته لحتفِه، فقال: ((وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴿٢﴾ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللَّـهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴿٣﴾ ﴿سورة الطلاق﴾)).
وتقوى اللهِ يا إخوةَ الإيمانِ والتصديق، إنَّما تتجلى في أن يقومَ المرءُ بالتحرّي والتحقيق، ليتعرَّفَ إلى الحكمِ الشرعيِّ في السَّعةِ والضيق، وألّا يقولَ أو يفعلَ حتى يحرزَ حكمَه الدقيق، سواء ما يتعلقُ بالغايةِ أو ما يؤدي إليها من الطريق، إذ قد تكونُ الغايةُ ساميةً محمودة، غيرَ أنَّ الوسيلةَ إليها محرمةٌ منبوذة، وتبريرُ الغايةِ للوسيلةِ في بعضِ الأفعال، ليس قاعدةً شرعيةً مضطردةً في جميعِ الأحوال، وتشخيصُ الحكمِ للموضوعِ ليس متروكًا دائمًا للعوام، وإنما هو خاصٌّ بالفقهاءِ العدولِ المأذونِ بتقليدِهم في الإسلام، والمتورِّعين من ذوي البصيرةِ والأفهام، والإخلاصِ إلى الله والحكمةِ في السلوكِ والكلام.
فيا أيها المحكومون والحكام، اتقوا اللهَ وارجعوا إلى دينِ الإسلام، وحكِّموه كما أمرَكم الملكُ العلام، وقدِّموه حلًّا حاسمًا للنزاعِ والخصام، منطلقين من كونِكم مستخلَفين من الله في أرضِه، لتتعبَّدوا إليه بإقامةِ شرعِه وإحياءِ فرضِه، متذكِّرين أنَّكم جميعًا إليه منقلبون، في يومٍ يحاسبُكم فيه وهو العليمُ بما كنتم ت+بون، وعلى ما جئتموه به تؤجرون أو تعذَّبون، وقد بيَّنَ سبحانه مصيرَ الطغاة، والمتكبِّرين عن طاعتِه العتاة، سواء كانوا من الرعيَّةِ أو الرعاة، فقال: ((إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ﴿٢١﴾ لِّلطَّاغِينَ مَآبًا ﴿٢٢﴾ لَّابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ﴿٢٣﴾ لَّا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا ﴿٢٤﴾ إِلَّا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ﴿٢٥﴾ جَزَاءً وِفَاقًا ﴿٢٦﴾ إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا ﴿٢٧﴾ وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا ﴿٢٨﴾ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا ﴿٢٩﴾ فَذُوقُوا فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا ﴿٣٠﴾ ﴿سورة النبأ﴾)).
ثم بيَّنَ سبحانه مصيرَ المتقين، الذين كانوا إلى فعلِ الخيرِ منطلقين، وبخالقيَّةِ اللهِ ومالكيَّتِه مصدِّقين، فقال جلَّ من قائل: ((إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴿٣١﴾ حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا ﴿٣٢﴾ وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا ﴿٣٣﴾ وَكَأْسًا دِهَاقًا ﴿٣٤﴾ لَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا كِذَّابًا ﴿٣٥﴾ جَزَاءً مِّن رَّبِّكَ عَطَـاءً حِسَـابًا ﴿٣٦﴾ ﴿سورة النبأ﴾)).
فاتقوا اللهَ عبادَ الله، وانطلقوا إلى تطبيقِ دينِه الذي ارتضاه، ولا تطلبوا الخيرَ والعزةَ في سواه، وانطلقوا إلى تحقيقِ ما يحبُّه اللهُ ويرضاه، وتفرَّقوا عن الباطلِ أيًّا كانَ مصدرُه ومأواه، ووالوا مَن والى اللهَ وعادوا من عاداه، وصلوا أرحامَكم ولو بالسلام، وتناصحوا بالتقوى وملازمةِ الإسلام، وتكفَّلوا الفقراءَ وارعوا الأيتام، وتبادلوا التحيةَ والتقديرَ والاحترام، والتناصحَ بطاعةِ الملكِ العلّام، والتناهي عن المنكراتِ كما حثَّكم النبيُّ عليه وآله الصلاة والسلام، وحذَّرَكم من مَغَبَّةِ ذلك حيث قال: "لتأمرُنَّ بالمعروفِ ولتنهَوُنَّ عن المنكرِ أو ليُسَلَّطَنَّ عليكم شرارُكم، ثمَّ تدعون فلا يستجابُ لكم". وتعاونوا حيث أمرَكم ذو الجلال والإكرام، ضمنَ ما أنزلَ في آياتِ القرآن، فقال: ((وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴿٢﴾ ﴿سورة المائدة﴾)).
ألا وإنَّ خيرَ ما يُختَمُ به القولُ السديد، خاصةً في الخطبةِ الأولى من الجمعةِ والعيد، سورةٌ قصيرةٌ ممّا أنزلَ اللهُ في القرآنِ المجيد. أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيم: ((بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا ﴿١﴾ وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا ﴿٢﴾ وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا ﴿٣﴾ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ﴿٤﴾ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ﴿٥﴾ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ﴿٦﴾ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿٧﴾ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴿٨﴾ ﴿سورة الزلزلة﴾)).
أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم، ولجميعِ المؤمنين والمؤمنات، الأحياءِ منهم والأموات، إنَّه هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ ذي القدرةِ والطَّولِ والجِدَة، خالقِ جميعِ البشرِ من نفسٍ واحدة، وكثَّرَهم فكانوا بأبدانٍ وأرواحٍ وعقولٍ متعددة، وأنزلَ لهم دينَه ليكونوا أمةً واحدة، ليعمروا أرضَه ويعبدوه كتلةً متحدة، فقالَ سبحانه في القرآنِ الذي أنزلَه وخلَّدَه: ((يَـا أَيُّـهَا النَّـاسُ اتَّقُـوا رَبَّكُمُ الّـَذِي خَلَقَكُم مِّـن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْـهَا زَوْجَـهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴿١﴾ ﴿سورة النساء﴾))، وقال: ((وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴿٥٢﴾ ﴿سورة المؤمنون﴾)).
أحمدُه وأثني عليه، وأعبدُه ليقرِّبَني زُلفةً لديه، وأستنجدُه للتوفيقِ إلى ما وجَّهَني إليه، فإنَّه الباسطُ لخلقِه بالعطاءِ يدَيه. أشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا (ص) أكملُ مَن خلقَه وأجلُّ مَن فضَّلَه، وأولُ مَن نبَّأه وأنبلُ مَن أرسلَه، وختمَ به الأنبياءَ والمرسلين، وتمَّمَ بشريعتِه ما أنزلَ على الأولين. اللهمَّ صلِّ وسلِّم على محمدٍ وآلِ محمدٍ يا أكرمَ الأكرمين، وارحمنا بهم في الدارَين يا أرحمَ الراحمين.
وبعد، فيا إخوتي في اللهِ وما أنزل، من الدينِ على سيدِ مَن أرسل، أوصيكم ونفسيَ المظلومةَ الظالمة، بتقوى اللهِ خيرِ ما تضمَّنَته خطبةٌ أو كلمة، وأحذِّرُكم ونفسيَ من الدنيا وشهواتِها، وما زيَّنَه الشيطانُ الرجيمُ من ملذّاتِها، وما ضلَّ به الكثيرون من زعاماتِها، فأمهروها بالآخرةِ ورفيعِ مقاماتِها، متناسين أنَّها ممرٌّ ليسَ بها استقرار، بل ممرٌّ يتزوَّدُ منه الأشرارُ والأخيار، فيأخذُ منها أولئك ما يجعلُهم وقودَ النار، ويأخذُ منها هؤلاء ما يؤهِّلُهم إلى رضا الجبّار، والجنةِ الزاخرةِ بالأشجارِ والأنهار، وحورِ العينِ الحسانِ الأبكار، والملائكةِ الذين يتلقَّونهم بالترحيبِ والاستبشار، وغير ذلكم ممّا خطرَ وما لم يخطر في الأفكار، كما رُوِيَ عن المصطفى صلّى اللهُ عليه وآلِه الأطهار، في وصفِ الجنةِ التي أعدَّها اللهُ كرامةً للأبرار: "فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمِعَت، ولا خطرَ ببالِ بشر".
فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ وأطيعوه، وما علمتم من أحكامِ دينِه فأذيعوه، وما جهلتموه من شريعتِه فاستطلعوه، ومَن دعا إلى غيرِ ذلكم فامنعوه، وإن لم يرعوِ ويقتنع فاردعوه، وإن كانَ من غيرِ الممكنِ ردعُه فقاطعوه، حذرًا من تأثيرِ سمومِه فيكم، وفي صبيانِكم من ذرياتِكم وذويكم.
وتوحَّدوا بكلمةِ التوحيدِ يا أمةَ التوحيد، فإنَّها الجامعُ الأعظمُ للقريبِ منكم والبعيد، واستجيبوا لنداءِ اللهِ سبحانَه في القرآنِ المجيد، إذ يقول: ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ﴿١٠٣﴾ ﴿سورة آل عمران﴾)).
وقد بيَّنَ لكم اللهُ عزَّ وجل، أنَّ النتيجةَ الحتميةَ لتنازعِ الأمةِ هي الفشل، وأنَّ المانعَ من التنازعِ ليسَ إلا طاعةُ اللهِ ومَن أرسل، فقال: ((وَأَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴿٤٦﴾ ﴿سورة الأنفال﴾)).
واعلموا أنَّما يعيشُه المسلمون هذه الأيام، من الصراعاتِ الداميةِ بينَ الشعوبِ والحكّام، إنَّما سببُه الابتعادُ عن أحكامِ وتربيةِ الإسلام، والتمييزُ في المعاملةِ على أساسِ أنَّ هذا خاصٌّ وذاكَ عامّ، وهو ما حذَّرَ منه نبيُّنا الأعظم، صلى الله عليه وآله وسلم، حيث رُوِيَ عنه أنَّه قال: "إنَّما أخذَ اللهُ الأممَ السالفة لأنَّهم إذا سرقَ فيهم الشريفُ تركوه، وإذا سرقَ فيهم الوضيعُ أقاموا عليه الحد، وإنّي والذي نفسي بيدِه لو أنَّ فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقَت لقطعتُ يدَها". وجاءَ عنه (ص) ضمنَ بيانِه لشريعةِ الله، والمساواةِ والإنصافِ في تطبيقِ الأحكامِ في خلقِ الله: "الناسُ سواسةٌ كأسنانِ المشط".
وتنبَّهوا إلى أنَّ أخطرَ ما تدركُه الأبصارُ والأسماع، هذه الأيام عبرَ ما يُنشَرُ ويذاع، إثارةُ النزعاتِ والنعراتِ الطائفية، والفرقةِ بينَ أبناءِ المذاهبِ الإسلامية، في بلدٍ عاشَ فيه آباؤنا اللحمةَ المجتمعية، والعلاقاتِ النَّسَبيةِ والتجارية، وتبادلِ الأحاسيسِ والمشاعر الإنسانية.
فاتقوا اللهَ واعتبروا بما حدثَ في بعضِ البلدان، عندما أُثيرَت الأحقادُ بينَ الطوائفِ والأديان، وما نتجَ عن ذلكم من سفكِ الدماءِ وخرابِ الأوطان، وتأكَّدوا أنَّ مَن وراءَ ذلكم هم جنودُ الشيطان، ومنفِّذو رغبتِه الخبيثة، التي بيَّنَها اللهُ سبحانه في القرآن، فقال: ((إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ﴿٩١﴾ ﴿سورة المائدة﴾)).
وإنَّني لأدعوكم أيها الحاضرون المدرِكون، إلى التوجُّهِ جميعًا إلى مَن يقول للشيءِ كن فيكون، ورفعِ الأيدي والأبصار، لنقرأَ الدعاءَ المأثورَ عن ثاني عشرِ الأئمةِ الأطهار: "بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وآلِ محمد، اللهمَّ إنّا نشكو إليك فقدَ نبيِّنا، صلواُك عليه وآلِه، وغَيبةَ إمامِنا، وكثرةَ عدوِّنا، وقلةَ عددِنا، وشدةَ الفتنِ بنا، وتظاهرَ الزمانِ علينا، فصلِّ على محمدٍ وآلِ محمد، وأعِنّا على ذلكَ بفتحٍ منكَ تعجِّلُه، وضرِّ تكشفُه، ونصرٍ تعزُّه، وسلطانِ حقٍّ تظهرُه، ورحمةٍ منك تجلِّلُناها، وعافيةٍ منك تلبسُناها، برحمتِك يا أرحمَ الراحمين، وصلِّ اللهمَّ على محمدٍ وآلِه الطيبين الطاهرين".
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على إمامِ الهداة، وسيدِ الدعاة، المنصورِ المؤيد، والرسولِ المسدد، المحمودِ الأحمد، أبي القاسمِ المصطفى محمد.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على المضحِّي بحياتِه، لحمايةِ النبيِّ ونجاتِه، الصابرِ على الأذى في نفسِه، وفي حليلتِه وعرسِه، حفاظًا على الإسلامِ والمسلمين، عليِّ بنِ أبي طالبٍ أميرِ المؤمنين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على الإنسيةِ الحوراء، الدرةِ النوراء، البتولِ العذراء، أمِّ الحسنين فاطمةَ الزهراء.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على دلالةِ الحَبوةِ والكرامة، وسلالةِ النبوةِ والإمامة، الإمامَين الفاضلَين، أبي محمدٍ الحسن، وأبي عبدِ اللهِ الشهيدِ الحسين.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على الأئمةِ الأمجاد، الذائعِ صيتُهم في كلِّ واد، بالعلمِ والحلمِ والتقى والسَّداد، الثابتةِ إمامتُهم بالنصِّ المُعتمَدِ في صحيحِ الاعتقاد، عليِّ بنِ الحسينِ السجّاد، ومحمدٍ الباقرِ سندِ الأسناد، وجعفرٍ الصادقِ في العملِ والاعتقاد، وموسى الكاظمِ لغيظِه عن أهلِ الجهالةِ والعناد، وضامنِ الجنَّةِ عليٍّ الرضا وابنِه محمدٍ الجواد، وعليٍّ الهادي من الضلالةِ بالرشاد، والحسنِ العسكريِّ والدِ مُزيلِ حصونِ الفساد، والقائمِ المهديِّ خاتمِ حججِك في العباد.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم على خلاصةِ الإنسان، من سادةِ بني عدنان، حجتِك على الإنسِ والجانّ، المهديِّ بنِ الحسنِ صاحبِ الزمان.
اللهمَّ عجِّل له الفرج، وسهِّل له المخرَج، وأعْلِ به شأنَ الدين، واقمع به المُلحِدين، والكافرين والجاحدين، واكتبنا من خدّامه، الممكّنين في أيامِه، واختم لنا بالشهادةِ تحتَ لوائه، في مجاهدةِ أعدائه، بحقِّه وحقِّ آبائه، يا ربَّ العالمين، برحمتِك يا أرحمَ الراحمين.
عباد الله: ((إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿٩٠﴾ ﴿سورة النحل﴾)).
هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم، ولجميع المؤمنين والمؤمنات، إنَّه هو الغفورُ الرحيم.