نعمة الأمن
الشيخ عاطف شمس
بعد المقدمة
نعمة الأمن نعمة جليلة ومنة كبيرة ومطلب كل امة وغاية كل دولة من أجلها جندت جنود ورصدت الأموال وفى سبيلها قامت الصراعات والحروب
والله عز وجل يمن على قريش أو مكة المكرمة بنعمة الأمن قال تعالى ( أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم ) العنكبوت 67
ثم عاتبهم رب العالمين أنهم بالباطل يؤمنون أي بالتماثيل والأصنام ويكفرون بنعمة الله أي بالإسلام وبمحمد صلى الله عليه وسلم بعد أن من عليهم بالأمن
ثم جاءت سورة باسم قريش وهى رقم 106 ( لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف ) قريش 1-4
يمتن الله عز وجل عليهم بنعمة الأمن والرزق ثم أمرهم بعبادته سبحانه وحده
رحلة الشتاء إلى اليمن ورحلة الصيف إلى الشام فيأتوا بالرزق والمكاسب وهم أمنون فقد أسبغ الله عليهم نعمة الأمن فالواجب عليهم شكر هذه النعم بأن يعبدوه سبحانه
لاحظ أخي في الله نعمة الرزق ونعمة الأمن مع الإيمان فهناك علاقة قوية بينهم
انظر إلى إبراهيم الخليل وهو يبنى الكعبة مع ولده إسماعيل عليهما السلام ويقولان (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم ) البقرة ثم دعا إبراهيم عليه السلام فقال ( رب اجعل هذا بلدا أمنا وارزق أهله من الثمرات ) البقرة 126 يدعو الله عز وجل بنعمة الأمن والرزق
ثم دعا عليه السلام في موضع آخر قائلا ( رب اجعل هذا البلد أمنا واجنبنى وبني أن نعبد الأصنام ) إبراهيم 35
دعا الله عز وجل هنا بأن يمن على البلد الحرام بنعمتي الأمن والإيمان
اجمع الآيتين تجد العلاقة القوية بين الأمن والرزق والإيمان
ففي رحاب الأمن يأمن الناس على أموالهم ومحارمهم وأعراضهم وفى رحاب الأمن يعبدون الله ويقيمون شريعته ويدعون إلى سبيله
ولو انفرط عقد الأمن ساعة عمت الفوضى وتعطلت المصالح
والأمن والإيمان قرينان فلا أمن بلا إيمان ( الذين امنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) الأنعام 82 ويقول الشاعر الذي أدرك هذه العلاقة القوية : -
إذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن لم يحيى دينا
ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لها قرينا
فما هو الأمن
عرفا / هو اطمئنان النفس وزوال الخوف وقال تعالى عن نفسه ( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون ) الحشر 23
اسم من أسماء الله عز وجل المؤمن أي المعطى الأمان لعباده المؤمنين فيؤمنهم من العذاب في الدنيا والآخرة
ومنح الله لعباده هذا الاسم فسماهم المؤمنين
علمنا العلاقة بين الأمن والرزق والإيمان
ونقول إن الله عز وجل إذا امتن على قوم بنعمة الأمن والرزق ثم لم يؤمنوا عاقبهم سبحانه والدليل
( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف --------) النحل 112
وهى مكة المكرمة كانت آمنة مطمئنة تنعم بالأمن حتى أن الرجل يرى قاتل أبيه في مكة فلا يهيجه لحرمة مكة وكذا نعمة الرزق فيأتيها رغدا من كل مكان فكان الواجب أن تؤمن بالله وبرسول الله الذي نشأ بينهم ولم يجربوا عليه كذبا لكنها كفرت بأنعم الله فحول الله عز وجل الأمن إلى خوف والرزق إلى جوع
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( من أصبح آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ) الترمذي – بن ماجة – وسنده حسن وقال الألباني حسن بمجموع طرقه في السلسلة الصحيحة 2318
وهاهو خباب بن الأرت من شدة التعذيب الذي كان يتعرض له ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم قائلا ألا تدعو لنا ألا تستنصر لنا فقال له كان الرجل مما كان قبلكم يؤتى فينشر بالمنشار فيجعل نصفين ويؤتى بأمشاط الحديد لايصدنه ذلك عن دينه ثم قال والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لايخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون )
وأعطاهم الله عز وجل الأمن وأعطاهم الرزق
وقال تعالى ( ادخلوا مصر إن شاء الله امنين ) يوسف أمنين من القحط ومن الملك والقحط ضد الرزق والملك ضد الخوف فكانوا لايدخلون إلا بجواره
والأمن أنواع
وهو يساعد على الاستقرار فصاحب المال يذهب إلى البلد الذي فيه امن وأمان ويستثمر فيها أمواله لذا هرب كثير من رجال الأعمال من مصر في الشهرين الأخيرين
الأمن الإجتماعى / فالبنت تذهب إلى الدروس وترجع وأنت مطمئن عليها لكن إن اهتز الأمن خاف الناس على أولادهم وانتابهم القلق كلما تأخروا
الأمن لغير المسلم / أثناء ثورة يناير الماضية لم يحدث اعتداء على نصراني ولا على كنيسة بل الشباب المستقيم كان يحمى المنازل والمساجد والكنائس فالإسلام لايظلم فيه أحد عاش تحت ظلاله
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من قتل نفسا معاهدا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما )
والمعاهد هو الذي له ذمة وعهد وهدنة وأمان وفى رواية سبعين خريفا
المعاصي والأمن لايجتمعان فالذنوب مزيلة للنعم
مانزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة
والإعلام الضال هو الذي يشيع الخوف بين الناس الآن يخوفون الناس من السلفية نفس الرسالة القديمة قبل الثورة كانوا يخوفون من الإخوان فالمقصود هو تخويف الناس من الدين لايريدون للدين أن يحكم
وكذلك المظاهرات المستمرة ضد الأمن تشيع القلق في المجتمع ويحس الناس بأن الدولة مازالت بعيدة عن الأمن والأمان
وكذا البدعة التي ابتدعوها وهى جمعة التحرير وجمعة الغضب وجمعة الصمود وجمعة المحاكمة فساد القلق في المجتمع وتعطل الكثير من الناس عن أعمالهم بكثرة الإضرابات والوقفات الاحتجاجية والطلبات الفئوية
قال الشعراوى كلمة رائعة هي إن آفة الثائر أنه يظل ثائرا لكن الثائر الحق هو الذي يثور على فساد ثم يهدأ ليبنى أمجاد
وهؤلاء الذين أشعلوا الثورة لايهدأون ولا يريدون الهدوء فالبلاد الآن مضطربة لا أمن فيها بسببهم
وفى الاستفتاء على تغيير بعض مواد الدستور فوجئوا بهبة أهل السلف فقلبوا الموازين واختارت الأغلبية نعم
فجن جنونهم فأقاموا الدنيا ولم يقعدوها على السلفيين وبعد أن كانوا يطالبون بسرعة التغيير الآن هم الذين يطلبون التريث
وأخر سوءاتهم الوقيعة بين السلفية والصوفية بإثارة الشائعات عن هدم الأضرحة
إذن لا أمن في مصر الآن إلا قليلا لذا جاء القحط وبدأت بوادر الأزمات وأولها الغاز غير موجود وبعض مواد التموين
فكما قلنا أولا مع الأمن يوجد الزرق
ومع عدم الأمن ينزع الرزق
والواجب في هذه الفتن أن يقوى إيماننا بالله عز وجل وندعوه أن يسبغ علينا نعمة الأمن والرزق