أيها الغافل
الشيخ عاطف شمس
بسم الله الرحمن الرحيم
-بعد المقدمة:
قال تعالى (اقترب للناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم) الأنبياء.
اقترب للناس حسابهم الناس كل الناس لكنهم فى غفلة - معرضون عن ذكر الله عز وجل. الغفلة هى: غياب الشىء عن بال الإنسان وعدم تذكره له أحيانا إهمالا وإعراضا لا نسيانا، ما الذى يفصل بينك وبين الحساب - أن تموت. الناس يسألون أنفسهم متى يموتون - هذا سؤال خاطئ - لأنك ستموت ستموت حتما.
الآن السؤال الصحيح هو كيف سأموت؟ على حسن خاتمة أم سوء خاتمة.أأموت والله راض عنى أم سيكون ساخطا على؟ الناس فى غفلة من هذا.
-فما هى مظاهر الغفلة؟
* أولا: الركون إلى الدنيا:
قال تعالى (ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدى القوم الكافرين - أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون) النحل 107- 108.
فضلوا الدنيا على الآخرة - وكأنهم خلقوا لها ولشهواتها. يتقاتلون من أجلها ويتخاصمون من أجلها. بعضهم يترك الصلاة ( لمباراة - لتجارة) يظنون النار قد خلقت لغيرهم يعيشون كالأنعام لا يهتمون إلا بالطعام والشراب واللباس لا يعلمون لم خلقوا؟ ماذا يريد الله منهم؟
إذا رأيت من يقاتل من أجل حجرة فى ميراث أو بضعة آلاف الجنيهات فاتركهم فهؤلاء هم الغافلون.
إذا رأيتهم يومهم كله من أجل المال - ماذا انفق مشغول بماله كم له عند الناس - هذا هو الغافل.
إذا رأيت من يترك أخته وأخاه لا يسأل عنهم لا يزورهم - إذا سئل قال الدنيا شغلتنى - فهذا هو الغافل.
إذا رأيت من يترك أمه تعيش عند أخيه أو أخته لا يزورها لا يسأل عنها - أعلم أنه غافل.
هناك من يتقن حرفته جدا يتكلم طوال النهار عنها - هذا هو همه فى الدنيا - لا يعلم كيف يتوضأ - كيف يصلى - أعلم أنه من الغافلين.
إذا رأيت من تمشى فى الشارع متبرجة تفتن الناس وتنصب عليها اللعنات من السماء فأعلم إنها غافلة.
إذا رأيت من يتكلم عن الكرة فيذكر أهدافا أحرزت منذ أربعين سنة لا ينسى هدف فلان فى مرمى الحارس فلان وتراه يدخل المسجد بالشمال لا باليمين ويخرج بالشمال وهكذا لا يلتفت إلى السنة - فأعلم أنه غافل.
إذا رأيت اثنين يتشاجران من أجل امرأة - إذا رأيت من يظن أنه بمجرد أداء الصلوات الخمسة فالجنة مضمونة فهو غافل. أين أنت مما فعلته من نميمة – غيبة – نظرات.
إذا رأيت من يتحدث عن أفلام منذ ستين سنة يحفظها ويحفظ كم مرة تزوجت الممثلة فلانه - وكم مرة طلقت - فأعلم أنه غافل .
الغافل: هو الذى يركن إلى الدنيا ويطمئن إليها. قال تعالى (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون) الأنعام 7. قال تعالى ظاهرا: لأن الباطن هو أن تعلم ما تصلح به آخرتك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له - ومن كانت الآخرة همه جمع الله له أمره وجعل غناه فى قلبه وأتته الدنيا وهى راغمة)
يقول الإمام على :
الناس تبكى على الدنيا وقد علمت
أن السلامة منها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنها
إلا التى كان قبل الموت يبنيها
فإن بناها بخير طاب مسكنها
وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوى الميراث نجمعها
ودورنا لخراب الدهر نبنيها
*ثانيا: ترك زيارة القبور:
قال رسول الله (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تزهد فى الدنيا وترغب فى الآخرة). نسيان أنك ستسأل فى القبر- ونسيان الحساب - نسيان تطاير الصحف.
الصراط أيها الغافل أدق من الشعرة وأحد من السيف يضرب على متن جهنم عليه خطاطيف – من يعق والديه يخطفه خطاف ليقع فى النار ثم يعود – تارك الصلاة – إذا أكلت حقوق الناس جاء خطاف فأوقعك فى النار.
أتعلم أيها الغافل تطاير الصحف. من الناس من يمسك كتابه باليمين فيجرى مسرعا مهللا (هاؤم أقرأوا كتابيه إنى ظننت أنى ملاق حسابيه – فهو فى عيشة راضية – فى جنة عالية قطوفها دانية – كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية).
أم تأخذ كتابك بالشمال وتقول (يا ليتنى لم أوت كتابيه ولم أدر ما حاسبيه يا ليتها كانت القاضية – ما أغنى عنه ماليه هلك عن سلطانيه).
وهناك أيها الغافل من سيأخذ كتابه من وراء ظهره (وأما من أوتى كتابه وراء ظهره فسوف يدعوا ثبورا ويصلى سعيرا – إنه كان فى أهله مسرورا) الانشقاق.
الذى يسمع الأغانى ليل نهار لماذا لا يتذكر تلك اللحظات التى تكشف جسدها ليل نهار- لماذا لا تتذكرتلك اللحظة
-ثالثا:رفقاء السوء:
قال تعالى (ويوم يعض الظالم على يديه يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا – يا ويلتى ليتنى لم أتخذ فلانا خليلا) الفرقان 27-29. رفيق السوء لا ينكر منكرا ولا يعرف معروفا. لا يأمرك بخير ولا ينهاك عن شر – يقربك من الغفلة مصاحبته خيبه وبوار.
الخطبة الثانية
-العلاج:
-عدم الركون إلى الدنيا وعدم الاطمئنان إليها.
-اجعل الآخرة همك.
-المحافظة على الصلوات الخمس.
-قيام الليل دواء ودليل زوال الغفلة.
-الإكثار من الذكر.
-ترك رفقة السوء والتحول إلى رفقة صالحة.
-زيارة المرضى وأصحاب البلايا وزيارة القبور.
نام النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة حتى طلع الصبح فسأل بلالا لم لم توقظنا قال أخذ بنفسى الذى أخذ بنفسك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تحولوا عن المكان الذى أصابتكم به الغفلة).
الغافل أصعب فى التوبة من صاحب المعصية. صاحب المعصية يعلم أنه عاصى فيخاف أما الغافل لا يظن.
الفضيل بن عياض كان من قبيلة تقطع الطريق ويوما كان على شجرة نائما فسمع رجل يقرأ القرآن حتى وصل إلى قوله تعالى (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق).
قال الشاعر/
كأنك بالعمر قد انقرض وهجم عليك المرض
وفات كل مراد وغرض وإذا بالتلف عرض أخاذا
لقد كنت فى غفلة من هذا
شخص البصر وسكن الصوت ولم يمكن التدارك للفوت
ونزل بك ملك الموت فسامت الروح وحاذى
لقد كنت فى غفلة من هذا
بلغت الروح إلى التراقى ولم تعرف الراقى من الساقى
ولم تدر عند الرحيل ما نلاقى عياذا بالله عياذا
لقد كنت فى غفلة من هذا
ثم درجوك فى الكفن وحملوك إلى بيت العفن
على العيب القبيح والأفن وصرت فى القبر جذاذا
لقد كنت فى غفلة من هذا
تسربت عنك الاقارب تسرى تقد فى مالك وتفرى
وغاية أمرهم أن تجرى دموعهم رذاذا
لقد كنت فى غفلة من هذا
قفلوا الأقفال وبضعوا البضاعة ونسوا ذكرك يا حبيبهم بعد ساعة
وبقيت هناك إلى أن تقوم الساعة لا تجد وزيرا ولا معاذا
لقد كنت فى غفلة من هذا