فريضة الحج (الركن الخامس) الحج واجب على الفور
الشيخ عبدالرحمن العتيبي
الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وقد أوجبه الباري (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) [آل عمران- 97]، وقال صلى الله عليه وسلم: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي ال+اة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا».
وهو واجب في العمر مرة واحدة، وشروط وجوبه الإسلام والعقل والبلوغ والاستطاعة، قال صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟، فسكت حتى قالها ثلاثا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم» [رواه مسلم]، وقد حج النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة.
الحج لغة: القصد، الحج شرعاً: قصد مكان مخصوص في زمن مخصوص لعمل مخصوص، والمكان هو مكة، والمشاعر والزمن أشهر الحج، ومنها أيام الحج، والعمل الطواف والسعي والوقوف بعرفة وأعمال الحج.
الحج واجب على الفور
ويقصد بأنه واجب على الفور أي متى ما توافرت شروط وجوبه، فلا يجوز تأجيله بل يبادر إليه، ومن العلماء من يرى أنه على التراخي، ورجح بعضهم الوجوب على الفور وعليه فمن وجب الحج في حقه ثم أجله من غير عذر وإنما تهاونا وتفريطا فإنه يأثم بذلك.
الاستطاعة
من شروط وجوب الحج الاستطاعة لقوله تعالى (من استطاع إليه سبيلا)، ومن لم يستطع فلا حج عليه، وهذه الاستطاعة تكون بالمال والبدن فإن الحج يحتاج إلى نفقة وهناك أعمال سيقوم بها فلا بد أن يكون معافى يستطيع القيام بها، وكذلك الأمن على نفسه فإن تعذرت الاستطاعة فلا حج عليه وهذا من يسر الإسلام.
الحج إلى مكة فقط
قال تعالى (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس) [المائدة- 97]، قد يستغرب ويتساءل من يعلم أن ممن يدعي الإسلام من يحج إلى غير مكة، فهناك بعض الناس يحج إلى مزارات الأولياء وقبور الصالحين ويكون لهم أوقات يذهبون إلى هذه الأماكن لغرض العبادة عندها ويظنون أنها أماكن مقدسة في الإسلام والحقيقة أن الإسلام بريء من تلك الأعمال، وما يقومون به فيه مضاهاة لحج الإسلام وهو قصد مكة والبيت الحرام الذي عظم شأنه الله، وأماكنهم التي يذهبون إليها لم يذكر الذهاب إليها لا في كتاب الله ولا سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بل جاء التحذير من كل بدعة في الدين لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي الحديث «كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار»، فليتفطن كل مسلم إلى تصحيح عقيدته وأعماله ويعلم أنه لا يزاحم الحج إلى مكة أي حج آخر لأي مكان وأن لا طواف إلا حول بيت الله الحرام، ومن أراد التقرب إلى الله فليعبده بما شرع، ومن أراد التقرب إلى غيره فقد ضل، وسينال عقوبته من الله على باطله وانحرافه.
أعذار يتعلق بها من يؤجل الحج
1- أن العمر فيه متسع فإن لم يحج هذا العام فسيحج العام المقبل وهكذا يسوف حتى تمضي الأعوام وهو لم يحج، وربما لا يمتد به العمر، أو يفقد الاستطاعة فيما بعد فيكون آثما لهذا التفريط.
2- هناك من يظن أن الحج لا يصح إلا بعد الزواج ويربط بين الزواج والحج وهذا غير صحيح فالشاب المستطيع يجب عليه الحج، ولو افترضنا أنه أجل الزواج إلى سن الأربعين فهل يؤجل الحج إلى هذه السن؟!
3- منهم من يعتذر بتأخير الحج مع أنه مستطيع بأن الحجاج عددهم كثير والزحام شديد وهو لا يحب الزحام وهذه شبهة تدل على الترف وحب الراحة، ولا شك أن الحج فيه أعمال تحتاج إلى التعب وبذل الجهد والتحمل في سبيل الله وهو مأجور على ذلك، والحج أيام قلائل سريعا ما تمضي فلماذا يتركه من يخشى التعب والزحام، فليسأل العبد ربه الإعانة ويتوكل على الله ويجزم على أداء هذه الفريضة.
ماذا ينبغي أن يعمل من أراد الحج؟
1- الإخلاص لله في هذا العمل وفي جميع الأعمال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى».
2- طلب الرفقة الصالحة التي تعينه على الطاعة وتذكره إذا غفل وتهيئ له بيئة صالحة ليس فيها معاص، وفي هذا الزمن فليحرص الحاج على اختيار حملة الحج التي تحرص على الحج بما يوافق الأعمال الشرعية ولذلك تجدهم يمنعون التدخين وسماع المعازف في حملتهم وهذا من صالح الحاج حتى يؤدي إلى سلامة حجه ويكون حجا مبرورا.
3- أن يكون المال الذي سيحج به حلالا ومن +ب طيب.
4- الحرص على تسديد الديون ورد المظالم إلى أهلها وهذه خصلة ينبغي الحرص عليها في كل وقت وخاصة من يريد السفر والخروج من بلده.
5- الاستعداد لهذه العبادة بمعرفة أحكام الحج والذي يجب أن يعمله من أعمال الحج، وأي عبادة لله لا بد من معرفة أحكامها عند القيام بها حتى تحصل على الوجه المشروع.
6- الشعور بأن العبد يمتثل أمر ربه عند القيام بهذه الفريضة والاستفادة منها في تجديد التوبة إلى الله من الذنوب والمعاصي وخاصة أن الحج إذا قبل منه فسيرجع الحاج بلا ذنوب وأن هذا الحج سيكون له الأثر في تغيير حياته إلى القرب من ربه أكثر.
فضل الحج وأنه سبب لمغفرة الذنوب
عن ابن المسيب قال: قالت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وأنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة» [رواه مسلم].
وقال تعالى (الحج أشهر معلوما ت فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) [البقرة- 197]، وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» [رواه البخاري].
الرفث: الجماع، ولم يفسق: قال ابن حجر: لم يأت بسيئة ولا معصية ومما يدل على فضل الحج حديث النبي صلى الله عليه وسلم «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة» [رواه مسلم].
وسُئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله ورسوله، قيل: ثم ماذا؟ قال: جهاد في سبيل الله، قيل: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور. [رواه البخاري].
الحج المبرور: قال ابن خالويه: هو المقبول، وقال النووي: الذي لا يخالطه شيء من الإثم.
وليدرب نفسه من أراد الحج على حسن الخلق والصفح عن الناس والعفو عمن أخطأ عليه، وهذا مما يجعل حجه مبرورا، ولعلنا نكمل الموضوع بذكر أركان الحج وواجباته وبعض أحكامه.
أعاننا الله وإياكم على أداء ما افترضه علينا ورزقنا جميعا حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا.