STARMUST2

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة : يرجي التكرم بالدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي

STARMUST2

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة : يرجي التكرم بالدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي

STARMUST2
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

STARMUST2

Choose your language=choisir ta langue= अपनी भाषा चुनें=pilih bahasa= Elija su idioma= Выберите язык
 
الرئيسيةأحدث الصوردخولالتسجيلالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Ouuou10الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Uououo10الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Uooous10الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Ooouus10الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Ooouo_10الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Ouooo11الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Ooouo_11الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Uoou_u10الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Uoo_ou10الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Arkan_10الطـهـارةالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Ouooou11محاضرات وكتب مختلفةالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Uuooo_10الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Ouuuuo10الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Oouusu10الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Plagen10الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Uuouou10الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Oouo10
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
مواقيت الصلاة بتالمست
الدول الزائرة للموقع
Free counters!
أفضل 10 فاتحي مواضيع
المدير العام
الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_rcapالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Voting_barالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_lcap 
molay
الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_rcapالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Voting_barالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_lcap 
must58
الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_rcapالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Voting_barالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_lcap 
bent starmust2
الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_rcapالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Voting_barالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_lcap 
sanae
الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_rcapالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Voting_barالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_lcap 
حليمة
الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_rcapالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Voting_barالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_lcap 
mam
الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_rcapالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Voting_barالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_lcap 
zineb
الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_rcapالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Voting_barالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_lcap 
aziz50
الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_rcapالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Voting_barالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_lcap 
mm
الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_rcapالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Voting_barالايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Vote_lcap 
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
هل انت نحيف ام بدين ؟حساب كتلة الجسم
الطول (بالبوصات او السنتميترات):
الوزن (بالارطال او الكيلو جرام):
استخدم النظام المتري ? :
Your BMI is

 

 الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير العام
المديرالعام
المديرالعام
المدير العام


الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 12412
تاريخ التسجيل : 25/06/2009
الموقع : https://starmust2.ahlamontada.com

بطاقة الشخصية
الدرجة:
الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 54620/4620الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 نعم  (4620/4620)

الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Empty
مُساهمةموضوع: الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9   الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9 Emptyالخميس 1 أكتوبر - 9:41:57

‏ ‏حَدَّثَنِي ‏ ‏أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏وَكِيعٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏كَهْمَسٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ‏ ‏ح ‏ ‏و حَدَّثَنَا ‏ ‏عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ‏ ‏وَهَذَا حَدِيثُهُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏أَبِي ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏كَهْمَسٌ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ بُرَيْدَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ ‏ ‏بِالْبَصْرَةِ ‏ ‏مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ ‏ ‏فَانْطَلَقْتُ أَنَا ‏ ‏وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ ‏ ‏حَاجَّيْنِ ‏ ‏أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ ‏ ‏فَقُلْنَا لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مِنْ ‏ ‏أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي ‏ ‏الْقَدَرِ ‏ ‏فَوُفِّقَ لَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ‏ ‏دَاخِلًا الْمَسْجِدَ ‏ ‏فَاكْتَنَفْتُهُ ‏ ‏أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي ‏ ‏سَيَكِلُ ‏ ‏الْكَلَامَ إِلَيَّ فَقُلْتُ ‏ ‏أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏إِنَّهُ قَدْ ظَهَرَ قِبَلَنَا نَاسٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ ‏ ‏وَيَتَقَفَّرُونَ ‏ ‏الْعِلْمَ وَذَكَرَ مِنْ شَأْنِهِمْ وَأَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَرَ وَأَنَّ الْأَمْرَ ‏ ‏أُنُفٌ ‏ ‏قَالَ فَإِذَا لَقِيتَ أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيءٌ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآءُ مِنِّي وَالَّذِي يَحْلِفُ بِهِ ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ‏ ‏لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ ‏ ‏أُحُدٍ ‏ ‏ذَهَبًا فَأَنْفَقَهُ مَا قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ‏
‏ثُمَّ ‏ ‏قَالَ حَدَّثَنِي ‏ ‏أَبِي ‏ ‏عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ يَا ‏ ‏مُحَمَّدُ ‏ ‏أَخْبِرْنِي عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏الْإِسْلَامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ ‏ ‏مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ ‏ ‏الْبَيْتَ ‏ ‏إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا قَالَ صَدَقْتَ قَالَ فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِيمَانِ قَالَ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ صَدَقْتَ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ الْإِحْسَانِ قَالَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَةِ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ ‏ ‏أَمَارَتِهَا ‏ ‏قَالَ أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ ‏ ‏رَبَّتَهَا ‏ ‏وَأَنْ ‏ ‏تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ ‏ ‏الْعَالَةَ ‏ ‏رِعَاءَ الشَّاءِ ‏ ‏يَتَطَاوَلُونَ ‏ ‏فِي الْبُنْيَانِ قَالَ ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ ‏ ‏مَلِيًّا ‏ ‏ثُمَّ قَالَ لِي يَا ‏ ‏عُمَرُ ‏ ‏أَتَدْرِي مَنْ السَّائِلُ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ فَإِنَّهُ ‏ ‏جِبْرِيلُ ‏ ‏أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ ‏
‏حَدَّثَنِي ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْغُبَرِيُّ ‏ ‏وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ ‏ ‏وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ ‏ ‏قَالُوا حَدَّثَنَا ‏ ‏حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏مَطَرٍ الْوَرَّاقِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏لَمَّا تَكَلَّمَ ‏ ‏مَعْبَدٌ ‏ ‏بِمَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي شَأْنِ الْقَدَرِ أَنْكَرْنَا ذَلِكَ قَالَ فَحَجَجْتُ أَنَا ‏ ‏وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ ‏ ‏حَجَّةً ‏ ‏وَسَاقُوا الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ‏ ‏كَهْمَسٍ ‏ ‏وَإِسْنَادِهِ وَفِيهِ بَعْضُ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانُ أَحْرُفٍ ‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ‏ ‏وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏ ‏قَالَا لَقِينَا ‏ ‏عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ‏ ‏فَذَكَرْنَا الْقَدَرَ وَمَا يَقُولُونَ فِيهِ ‏ ‏فَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ كَنَحْوِ حَدِيثِهِمْ عَنْ ‏ ‏عُمَرَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَفِيهِ شَيْءٌ مِنْ زِيَادَةٍ وَقَدْ نَقَصَ مِنْهُ شَيْئًا ‏ ‏و حَدَّثَنِي ‏ ‏حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ‏ ‏حَدَّثَنَا ‏ ‏الْمُعْتَمِرُ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏ابْنِ عُمَرَ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏عُمَرَ ‏ ‏عَنْ النَّبِيِّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ ‏




صحيح مسلم بشرح النووي

‏قَالَ الْإِمَام أَبُو الْحُسَيْن مُسْلِم بْن الْحَجَّاج رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : ( حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْر بْن حَرْب حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ كَهْمَس عَنْ عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْن يَعْمُر ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُعَاذ الْعَنْبَرِيّ وَهَذَا حَدِيثه ثنا أَبِي ثنا كَهْمَس عَنْ اِبْن بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْن يَعْمُر قَالَ : كَانَ أَوَّل مَنْ قَالَ فِي الْقَدَر بِالْبَصْرَةِ مَعْبَد الْجُهَنِيّ إِلَى آخِر الْحَدِيث ) ‏
‏اِعْلَمْ أَنَّ مُسْلِمًا - رَحِمَهُ اللَّه - سَلَكَ فِي هَذَا الْكِتَاب طَرِيقَة فِي الْإِتْقَان وَالِاحْتِيَاط وَالتَّدْقِيق وَالتَّحْقِيق مَعَ الِاخْتِصَار الْبَلِيغ وَالْإِيجَاز التَّامّ فِي نِهَايَة مِنْ الْحُسْن مُصَرِّحَة بِغَزَارَةِ عُلُومه وَدِقَّة نَظَره وَحِذْقه , وَذَلِكَ يَظْهَر فِي الْإِسْنَاد تَارَة وَفِي الْمَتْن تَارَة وَفِيهِمَا تَارَة , فَيَنْبَغِي لِلنَّاظِرِ فِي كِتَابه أَنْ يَتَنَبَّه لِمَا ذَكَرْته فَإِنَّهُ يَجِد عَجَائِب مِنْ النَّفَائِس وَالدَّقَائِق تَقَرُّ بِآحَادِ أَفْرَادهَا عَيْنُهُ , وَيَنْشَرِح لَهَا صَدْره , وَتُنَشِّطُهُ لِلِاشْتِغَالِ بِهَذَا الْعِلْم . وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ أَحَدٌ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي هَذِهِ النَّفَائِس الَّتِي يُشِير إِلَيْهَا مِنْ دَقَائِق عِلْم الْإِسْنَاد . وَكِتَابُ الْبُخَارِيِّ وَإِنْ كَانَ أَصَحَّ وَأَجَلَّ وَأَكْثَرَ فَوَائِدَ فِي الْأَحْكَام وَالْمَعَانِي , فَكِتَاب مُسْلِم يَمْتَاز بِزَوَائِدَ مِنْ صَنْعَة الْإِسْنَاد , وَسَتَرَى مِمَّا أُنَبِّه عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ مَا يَنْشَرِح لَهُ صَدْرك , وَيَزْدَاد بِهِ الْكِتَابُ وَمُصَنِّفُهُ فِي قَلْبك جَلَالَةً إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى . فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا قُلْته فَفِي هَذِهِ الْأَحْرُف الَّتِي ذَكَرَهَا مِنْ الْإِسْنَاد أَنْوَاع مِمَّا ذَكَرْته , فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا : حَدَّثَنِي أَبُو خَيْثَمَةَ , ثُمَّ قَالَ فِي الطَّرِيق الْآخَر : وَحَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُعَاذ , فَفَرَّقَ بَيْن حَدَّثَنِي وَحَدَّثَنَا . وَهَذَا تَنْبِيه عَلَى الْقَاعِدَة الْمَعْرُوفَة عِنْد أَهْل الصَّنْعَة وَهِيَ أَنَّهُ يَقُول فِيمَا سَمِعَهُ وَحْدَهُ مِنْ لَفْظ الشَّيْخ : حَدَّثَنِي , وَفِيمَا سَمِعَهُ مَعَ غَيْره مِنْ لَفْظ الشَّيْخ : حَدَّثَنَا , وَفِيمَا قَرَأَهُ وَحْده عَلَى الشَّيْخ : أَخْبَرَنِي , وَفِيمَا قُرِئَ بِحَضْرَتِهِ فِي جَمَاعَة عَلَى الشَّيْخ : أَخْبَرَنَا , وَهَذَا اِصْطِلَاح مَعْرُوف عِنْدهمْ , وَهُوَ مُسْتَحَبّ عِنْدهمْ , وَلَوْ تَرَكَهُ وَأَبْدَلَ حَرْفًا مِنْ ذَلِكَ بِآخَر صَحَّ السَّمَاعُ وَلَكِنْ تَرَكَ الْأَوْلَى . وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏
‏وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي الطَّرِيق الْأَوَّل : ( حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ كَهْمَس عَنْ عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى بْن يَعْمُر ) ثُمَّ فِي الطَّرِيق الثَّانِي أَعَادَ الرِّوَايَة ( عَنْ كَهْمَس عَنْ اِبْن بُرَيْدَةَ عَنْ يَحْيَى ) فَقَدْ يُقَال : هَذَا تَطْوِيل لَا يَلِيق بِإِتْقَانِ مُسْلِم وَاخْتِصَاره , فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقِف بِالطَّرِيقِ الْأَوَّل عَلَى وَكِيع , وَيَجْتَمِع مُعَاذ وَوَكِيع فِي الرِّوَايَة عَنْ كَهْمَس عَنْ اِبْن بُرَيْدَةَ وَهَذَا الِاعْتِرَاض فَاسِد لَا يَصْدُر إِلَّا مِنْ شَدِيد الْجَهَالَة بِهَذَا الْفَنّ . فَإِنَّ مُسْلِمًا رَحِمَهُ اللَّه يَسْلُك الِاخْتِصَار لَكِنْ بِحَيْثُ لَا يَحْصُل خَلَلٌ , وَلَا يَفُوت بِهِ مَقْصُودٌ , وَهَذَا الْمَوْضِع يَحْصُل فِي الِاخْتِصَار فِيهِ خَلَل , وَيَفُوت بِهِ مَقْصُود ; وَذَلِكَ لِأَنَّ وَكِيعًا قَالَ : عَنْ كَهْمَس , وَمُعَاذ قَالَ : حَدَّثَنَا كَهْمَس . وَقَدْ عُلِمَ بِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَاب الْمُعَنْعَن أَنَّ الْعُلَمَاء اِخْتَلَفُوا فِي الِاحْتِجَاج وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْمُتَّصِل , فَأَتَى مُسْلِم بِالرِّوَايَتَيْنِ كَمَا سُمِعَتَا لِيُعْرَفَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُخْتَلَف فِيهِ وَلِيَكُونَ رَاوِيًا بِاللَّفْظِ الَّذِي سَمِعَهُ . وَلِهَذَا نَظَائِرُ فِي مُسْلِمٍ سَتَرَاهَا مَعَ التَّنْبِيه عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى وَإِنْ كَانَ مِثْل هَذَا ظَاهِرًا لِمَنْ لَهُ أَدْنَى اِعْتِنَاء بِهَذَا الْفَنّ إِلَّا أَنِّي أُنَبِّه عَلَيْهِ لِغَيْرِهِمْ وَلِبَعْضِهِمْ مِمَّنْ قَدْ يَغْفُل , وَلِكُلِّهِمْ مِنْ جِهَة أُخْرَى وَهُوَ أَنَّهُ يَسْقُط عَنْهُمْ النَّظَر وَتَحْرِير عِبَارَة عَنْ الْمَقْصُود . وَهُنَا مَقْصُود آخَر وَهُوَ أَنَّ فِي رِوَايَة وَكِيع قَالَ : عَنْ عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ , وَفِي رِوَايَة مُعَاذ قَالَ : عَنْ اِبْن بُرَيْدَةَ , فَلَوْ أَتَى بِأَحَدِ اللَّفْظَيْنِ حَصَلَ خَلَل فَإِنَّهُ إِنْ قَالَ : اِبْن بُرَيْدَةَ لَمْ نَدْرِ مَا اِسْمُهُ , وَهَلْ هُوَ عَبْد اللَّه هَذَا , أَوْ أَخُوهُ سُلَيْمَان بْن بُرَيْدَةَ ؟ وَإِنْ قَالَ : عَبْد اللَّه بْن بُرَيْدَةَ كَانَ كَاذِبًا عَلَى مُعَاذ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَته عَبْد اللَّه وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏
‏وَأَمَّا قَوْله فِي الرِّوَايَة الْأُولَى ( عَنْ يَحْيَى بْن يَعْمُر ) فَلَا يَظْهَر لِذِكْرِهِ أَوَّلًا فَائِدَةٌ , وَعَادَة مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فِي مِثْل هَذَا أَنْ لَا يَذْكُرُوا يَحْيَى بْن يَعْمُر لِأَنَّ الطَّرِيقَيْنِ اِجْتَمَعَتَا فِي اِبْن بُرَيْدَةَ وَلَفْظهمَا عَنْهُ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَّا أَنِّي رَأَيْت فِي بَعْض النُّسَخ فِي الطَّرِيق الْأُولَى عَنْ يَحْيَى فَحَسْب , وَلَيْسَ فِيهَا اِبْن يَعْمُر , فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَهُوَ مُزِيل لِلْإِنْكَارِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ ; فَإِنَّهُ يَكُون فِيهِ فَائِدَة كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي اِبْن بُرَيْدَةَ وَاَللَّه أَعْلَمُ . وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله : ( وَحَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُعَاذ وَهَذَا حَدِيثه ) , فَهَذِهِ عَادَة لِمُسْلِمٍ - رَحِمَهُ اللَّه - قَدْ أَكْثَرَ مِنْهَا وَقَدْ اِسْتَعْمَلَهَا غَيْره قَلِيلًا وَهِيَ مُصَرِّحَة بِمَا ذَكَرْته مِنْ تَحْقِيقه وَوَرَعِهِ وَاحْتِيَاطِهِ وَمَقْصُودُهُ أَنَّ الرَّاوِيَيْنِ اِتَّفَقَا فِي الْمَعْنَى وَاخْتَلَفَا فِي بَعْض الْأَلْفَاظ وَهَذَا لَفْظُ فُلَان وَالْآخَرُ بِمَعْنَاهُ وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏
‏وَأَمَّا قَوْله ( ح ) بَعْد يَحْيَى بْن يَعْمُر فِي الرِّوَايَة الْأُولَى فَهِيَ حَاءُ التَّحْوِيلِ مِنْ إِسْنَاد إِلَى إِسْنَاد فَيَقُول الْقَارِئ إِذَا اِنْتَهَى إِلَيْهَا : ح قَالَ وَحَدَّثَنَا فُلَان هَذَا هُوَ الْمُخْتَار , وَقَدْ قَدَّمْت فِي الْفُصُول السَّابِقَة بَيَانهَا وَالْخِلَاف فِيهَا وَاَللَّه أَعْلَمُ . فَهَذَا مَا حَضَرَنِي فِي الْحَال فِي التَّنْبِيه عَلَى دَقَائِق هَذَا الْإِسْنَاد وَهُوَ تَنْبِيه عَلَى مَا سِوَاهُ , وَأَرْجُو أَنْ يَتَفَطَّن بِهِ لِمَا عَدَاهُ وَلَا يَنْبَغِي لِلنَّاظِرِ فِي هَذَا الشَّرْح أَنْ يَسْأَمَ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يَجِدهُ مَبْسُوطًا وَاضِحًا فَإِنِّي إِنَّمَا أَقْصِدُ بِذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه الْكَرِيم الْإِيضَاحَ وَالتَّيْسِيرَ وَالنَّصِيحَةَ لِمُطَالِعِهِ وَإِعَانَتَهُ وَإِغْنَاءَهُ مِنْ مُرَاجَعَة غَيْره فِي بَيَانه , وَهَذَا مَقْصُود الشُّرُوح . فَمَنْ اِسْتَطَالَ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَشِبْهه فَهُوَ بَعِيد مِنْ الْإِتْقَان , مُبَاعِد لِلْفَلَاحِ فِي هَذَا الشَّأْن , فَلْيُعَزِّ نَفْسه لِسُوءِ حَاله , وَلْيَرْجِعْ عَمَّا اِرْتَكَبَهُ مِنْ قَبِيح فِعَاله . وَلَا يَنْبَغِي لِطَالِبِ التَّحْقِيق وَالتَّنْقِيح وَالْإِتْقَان وَالتَّدْقِيق أَنْ يَلْتَفِت إِلَى كَرَاهَة أَوْ سَآمَة ذَوِي الْبَطَالَة , وَأَصْحَاب الْغَبَاوَة وَالْمُهَانَة وَالْمَلَالَة , بَلْ يَفْرَح بِمَا يَجِدهُ مِنْ الْعِلْم مَبْسُوطًا , وَمَا يُصَادِفهُ مِنْ الْقَوَاعِد وَالْمُشْكِلَات وَاضِحًا مَضْبُوطًا , وَيَحْمَد اللَّه الْكَرِيم عَلَى تَيْسِيره , وَيَدْعُو لِجَامِعِهِ السَّاعِي فِي تَنْقِيحه وَإِيضَاحه وَتَقْرِيره . وَفَّقَنَا اللَّه الْكَرِيم لِمَعَالِي الْأُمُور , وَجَنَّبَنَا بِفَضْلِهِ جَمِيع أَنْوَاع الشُّرُور , وَجَمَعَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَحْبَابِنَا فِي دَار الْحُبُور وَالسُّرُور . وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏
‏وَأَمَّا ضَبْط أَسْمَاء الْمَذْكُورِينَ فِي هَذَا الْإِسْنَاد : بِفَتْحِ الْمُعْجَمَة وَإِسْكَان الْمُثَنَّاة تَحْت وَبَعْدهَا مُثَلَّثَة . ‏
‏وَأَمَّا ( كَهْمَس ) فَبِفَتْحِ الْكَاف وَإِسْكَان الْهَاء وَفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَة وَهُوَ كَهْمَس بْن الْحَسَن أَبُو الْحَسَن التَّمِيمِيّ الْبَصْرِيّ . ‏
‏وَأَمَّا ( يَحْيَى بْن يَعْمُر ) فَبِفَتْحِ الْمِيم وَيُقَال : بِضَمِّهَا , وَهُوَ غَيْر مَصْرُوفٍ لِوَزْنِ الْفِعْلِ . كُنْيَة يَحْيَى بْن يَعْمُر أَبُو سُلَيْمَان , وَيُقَال : أَبُو سَعِيد , وَيُقَال : أَبُو عَدِيّ الْبَصْرِيّ ثُمَّ الْمَرْوَزِيّ قَاضِيهَا مِنْ بَنِي عَوْف بْن بَكْر بْن أَسَد قَالَ الْحَاكِم أَبُو عَبْد اللَّه فِي تَارِيخ نَيْسَابُور : يَحْيَى بْن يَعْمُر فَفِيهِ أَدِيب نَحْوِيّ مُبَرَّز . أَخَذَ النَّحْو عَنْ أَبِي الْأَسْوَد نَفَاهُ الْحَجَّاج إِلَى خُرَاسَان فَقَبِلَهُ قُتَيْبَةُ بْن مُسْلِمٍ وَوَلَّاهُ قَضَاء خُرَاسَان . ‏
‏وَأَمَّا ( مَعْبَد الْجُهَنِيّ ) فَقَالَ أَبُو سَعِيد عَبْد الْكَرِيم بْن مُحَمَّد بْن مَنْصُور السَّمْعَانِيّ التَّمِيمِيّ الْمَرْوَزِيّ فِي كِتَابه الْأَنْسَاب : الْجُهَنِيّ بِضَمِّ الْجِيم نِسْبَة إِلَى جُهَيْنَة قَبِيلَة مِنْ قُضَاعَة , وَاسْمه زَيْد بْن لَيْث بْن سَوْد بْن أَسْلَمَ بْن الْحَافّ بْن قُضَاعَة . نَزَلَتْ الْكُوفَةَ وَبِهَا مَحَلَّة تُنْسَب إِلَيْهِمْ , وَبَقِيَّتُهُمْ نَزَلَتْ الْبَصْرَة . قَالَ : وَمِمَّنْ نَزَلَ جُهَيْنَة فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ مَعْبَد بْن خَالِد الْجُهَنِيّ كَانَ يُجَالِس الْحَسَن الْبَصْرِيّ , وَهُوَ أَوَّل مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْبَصْرَة بِالْقَدَرِ , فَسَلَكَ أَهْل الْبَصْرَة بَعْده مَسْلَكه لَمَّا رَأَوْا عَمْرو بْن عُبَيْد يَنْتَحِلهُ . قَتَلَهُ الْحَجَّاج بْن يُوسُف صَبْرًا . وَقِيلَ : إِنَّهُ مَعْبَد بْن عَبْد اللَّه بْن عُوَيْمِر هَذَا آخِر كَلَام السَّمْعَانِيّ وَأَمَّا ( الْبَصْرَة ) فَبِفَتْحِ الْبَاء وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا ثَلَاث لُغَات حَكَاهَا الْأَزْهَرِيّ , وَالْمَشْهُور الْفَتْح , وَيُقَال لَهَا الْبُصَيْرَة . بِالتَّصْغِيرِ . قَالَ صَاحِب الْمَطَالِع : وَيُقَال لَهَا : تَدْمُر , وَيُقَال لَهَا : الْمُؤْتَفِكَة لِأَنَّهَا اِئْتَفَكَتْ بِأَهْلِهَا فِي أَوَّل الدَّهْر . وَالنَّسَب إِلَيْهَا بَصْرِيّ بِفَتْحِ الْبَاء وَكَسْرِهَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ . قَالَ السَّمْعَانِيّ يُقَال الْبَصْرَة قُبَّة الْإِسْلَام , وَخِزَانَة الْعَرَب , بَنَاهَا عُتْبَة بْن غَزْوَانَ فِي خِلَافَة عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ , بَنَاهَا سَنَة سَبْع عَشْرَة مِنْ الْهِجْرَة , وَسَكَنَهَا النَّاس سَنَة ثَمَانِي عَشْرَة , وَلَمْ يُعْبَد الصَّنَم قَطُّ عَلَى أَرْضهَا , هَكَذَا كَانَ يَقُول لِي أَبُو الْفَضْل عَبْد الْوَهَّاب بْن أَحْمَد بْن مُعَاوِيَة الْوَاعِظ بِالْبَصْرَةِ . قَالَ أَصْحَابنَا : وَالْبَصْرَة دَاخِلَة فِي أَرْض سَوَاد الْعِرَاق وَلَيْسَ لَهَا حُكْمه وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏
‏وَأَمَّا قَوْله أَوَّل مَنْ قَالَ فِي الْقَدَر فَمَعْنَاهُ أَوَّل مَنْ قَالَ بِنَفْيِ الْقَدَر فَابْتَدَعَ وَخَالَفَ الصَّوَاب الَّذِي عَلَيْهِ أَهْل الْحَقّ . وَيُقَال الْقَدَر وَالْقَدْر بِفَتْحِ الدَّال وَإِسْكَانهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَحَكَاهُمَا اِبْن قُتَيْبَة عَنْ الْكِسَائِيّ وَقَالَهُمَا غَيْره . وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَب أَهْل الْحَقّ إِثْبَات الْقَدَر وَمَعْنَاهُ : أَنَّ اللَّه - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - قَدَّرَ الْأَشْيَاء فِي الْقِدَم , وَعَلِمَ - سُبْحَانه - أَنَّهَا سَتَقَعُ فِي أَوْقَات مَعْلُومَة عِنْده - سُبْحَانه وَتَعَالَى - وَعَلَى صِفَات مَخْصُوصَة فَهِيَ تَقَع عَلَى حَسْب مَا قَدَّرَهَا سُبْحَانه وَتَعَالَى . ‏
‏وَأَنْكَرَتْ الْقَدَرِيَّةُ هَذَا وَزَعَمْت أَنَّهُ - سُبْحَانه وَتَعَالَى - لَمْ يُقَدِّرهَا وَلَمْ يَتَقَدَّم عِلْمه سُبْحَانه وَتَعَالَى بِهَا وَأَنَّهَا مُسْتَأْنَفَةُ الْعِلْمِ أَيْ إِنَّمَا يَعْلَمُهَا سُبْحَانَهُ بَعْدَ وُقُوعِهَا وَكَذَبُوا عَلَى اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى وَجَلَّ عَنْ أَقْوَالهمْ الْبَاطِلَة عُلُوًّا كَبِيرًا . وَسُمِّيَتْ هَذِهِ الْفِرْقَةُ قَدَرِيَّةً لِإِنْكَارِهِمْ الْقَدَرَ . قَالَ أَصْحَاب الْمَقَالَات مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ : وَقَدْ اِنْقَرَضَتْ الْقَدَرِيَّة الْقَائِلُونَ بِهَذَا الْقَوْل الشَّنِيع الْبَاطِل , وَلَمْ يَبْقَ أَحَد مِنْ أَهْل الْقِبْلَة عَلَيْهِ , وَصَارَتْ الْقَدَرِيَّة فِي الْأَزْمَان الْمُتَأَخِّرَة تَعْتَقِد إِثْبَات الْقَدَر ; وَلَكِنْ يَقُولُونَ : الْخَيْر مِنْ اللَّه وَالشَّرّ مِنْ غَيْره , تَعَالَى اللَّه عَنْ قَوْلهمْ . ‏
‏وَقَدْ حَكَى أَبُو مُحَمَّد بْن قُتَيْبَة فِي كِتَابه غَرِيب الْحَدِيث وَأَبُو الْمَعَالِي إِمَام الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابه الْإِرْشَاد فِي أُصُول الدِّين أَنَّ بَعْض الْقَدَرِيَّة قَالَ : لَسْنَا بِقَدَرِيَّةٍ بَلْ أَنْتُمْ الْقَدَرِيَّة لِاعْتِقَادِكُمْ إِثْبَاتَ الْقَدَر . قَالَ اِبْن قُتَيْبَة وَالْإِمَام : هَذَا تَمْوِيه مِنْ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَة وَمُبَاهَتَة ; فَإِنَّ أَهْل الْحَقّ يُفَوِّضُونَ أُمُوركُمْ إِلَى اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى وَيُضِيفُونَ الْقَدَر وَالْأَفْعَال إِلَى اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى , وَهَؤُلَاءِ الْجَهَلَة يُضِيفُونَهُ إِلَى أَنْفُسهمْ , وَمُدَّعِي الشَّيْء لِنَفْسِهِ وَمُضِيفُهُ إِلَيْهَا أَوْلَى بِأَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ مِمَّنْ يَعْتَقِدهُ لِغَيْرِهِ , وَيَنْفِيه عَنْ نَفْسه . قَالَ الْإِمَام وَقَدْ قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْقَدَرِيَّة مَجُوس هَذِهِ الْأُمَّةِ " شَبَّهَهُمْ بِهِمْ لِتَقْسِيمِهِمْ الْخَيْر وَالشَّرّ فِي حُكْم الْإِرَادَة كَمَا قَسَّمَتْ الْمَجُوس فَصَرَفَتْ الْخَيْر إِلَى يزدان وَالشَّرَّ أهرمن إِلَى وَلَا خَفَاء بِاخْتِصَاصِ هَذَا الْحَدِيث بِالْقَدَرِيَّةِ هَذَا كَلَام الْإِمَام وَابْن قُتَيْبَة . وَحَدِيث " الْقَدَرِيَّة مَجُوس هَذِهِ الْأُمَّة " رَوَاهُ أَبُو حَازِم عَنْ اِبْن عُمَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنه , وَالْحَاكِم أَبُو عَبْد اللَّه فِي الْمُسْتَدْرَك عَلَى الصَّحِيحَيْنِ , وَقَالَ : صَحِيح عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ إِنْ صَحَّ سَمَاع أَبِي حَازِم مِنْ اِبْن عُمَر , قَالَ الْخَطَّابِيُّ : إِنَّمَا جَعَلَهُمْ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجُوسًا لِمُضَاهَاةِ مَذْهَبهمْ مَذْهَب الْمَجُوس فِي قَوْلهمْ بِالْأَصْلَيْنِ النُّور وَالظُّلْمَة يَزْعُمُونَ أَنَّ الْخَيْر مِنْ فِعْل النُّور , وَالشَّرّ مِنْ فِعْل الظُّلْمَة , فَصَارُوا . وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّة يُضِيفُونَ الْخَيْر إِلَى اللَّه تَعَالَى وَالشَّرّ إِلَى غَيْره , وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى خَالِق الْخَيْر وَالشَّرّ جَمِيعًا لَا يَكُون شَيْء مِنْهُمَا إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ فَهُمَا مُضَافَانِ إِلَيْهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى خَلْقًا وَإِيجَادًا وَإِلَى الْفَاعِلَيْنِ لَهُمَا مِنْ عِبَاده فِعْلًا وَاكْتِسَابًا وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏
‏وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَدْ يَحْسَب كَثِير مِنْ النَّاس أَنَّ مَعْنَى الْقَضَاء وَالْقَدَر إِجْبَار اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى الْعَبْدَ وَقَهْره عَلَى مَا قَدَّرَهُ وَقَضَاهُ , وَلَيْسَ الْأَمْر كَمَا يَتَوَهَّمُونَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ : الْإِخْبَار عَنْ تَقَدُّمِ عِلْمِ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى بِمَا يَكُون مِنْ اِكْتِسَاب الْعَبْد وَصُدُورِهَا عَنْ تَقْدِيرٍ مِنْهُ وَخَلَقَ لَهَا خَيْرَهَا وَشَرَّهَا . قَالَ : وَالْقَدَر اِسْم لِمَا صَدَرَ مُقَدَّرًا عَنْ فِعْل الْقَادِر , يُقَال قَدَرْت الشَّيْء وَقَدَّرْته بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّثْقِيل بِمَعْنًى وَاحِدٍ , وَالْقَضَاء فِي هَذَا مَعْنَاهُ الْخَلْق كَقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَقَضَاهُنَّ سَبْع سَمَوَات فِي يَوْمَيْنِ } أَيْ خَلَقَهُنَّ , قُلْت : وَقَدْ تَظَاهَرَتْ الْأَدِلَّة الْقَطْعِيَّات مِنْ الْكِتَاب وَالسُّنَّة وَإِجْمَاع الصَّحَابَة وَأَهْل الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف عَلَى إِثْبَات قَدَر اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى . وَقَدْ أَكْثَرَ الْعُلَمَاء مِنْ التَّصْنِيف فِيهِ وَمِنْ أَحْسَنِ الْمُصَنَّفَاتِ فِيهِ وَأَكْثَرِهَا فَوَائِدَ كِتَاب الْحَافِظ الْفَقِيه أَبِي بَكْر الْبَيْهَقِيِّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَقَدْ قَرَّرَ أَئِمَّتنَا مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ ذَلِكَ أَحْسَنَ تَقْرِير بِدَلَائِلِهِمْ الْقَطْعِيَّة السَّمْعِيَّة وَالْعَقْلِيَّة وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏

‏قَوْله : ( فَوُفِّقَ لَنَا عَبْد اللَّه بْن عُمَر ) ‏
‏هُوَ بِضَمِّ الْوَاو وَكَسْرِ الْفَاءِ الْمُشَدَّدَةِ , قَالَ صَاحِب التَّحْرِير مَعْنَاهُ جُعِلَ وَفْقًا لَنَا وَهُوَ مِنْ الْمُوَافَقَة الَّتِي هِيَ كَالِالْتِحَامِ يُقَال أَتَانَا لِتِيفَاقِ الْهِلَال أَيْ حِين أَهَلَّ لَا قَبْله , وَلَا بَعْده , وَهِيَ لَفْظَة تَدُلّ عَلَى صِدْق الِاجْتِمَاع وَالِالْتِئَام وَفِي مُسْنَد أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ ( فَوَافَقَ لَنَا ) بِزِيَادَةِ أَلِف وَالْمُوَافَقَة : الْمُصَادَفَة . ‏

‏قَوْله : ( فَاكْتَنَفْته أَنَا وَصَاحِبِي ) ‏
‏يَعْنِي صِرْنَا فِي نَاحِيَتَيْهِ . ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ : أَحَدنَا عَنْ يَمِينه وَالْآخَر عَنْ شِمَاله . وَكَنَفَا الطَّائِرِ جَنَاحَاهُ وَفِي هَذَا تَنْبِيه عَلَى أَدَب الْجَمَاعَة فِي مَشْيهمْ مَعَ فَاضِلهمْ , وَهُوَ أَنَّهُمْ يَكْتَنِفُونَهُ وَيَحُفُّونَ بِهِ . ‏

‏قَوْله : ( فَظَنَنْت أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ الْكَلَام إِلَيَّ ) ‏
‏مَعْنَاهُ : يَسْكُت وَيُفَوِّضهُ إِلَيَّ لِإِقْدَامِي وَجُرْأَتِي وَبَسْطَة لِسَانِي , فَقَدْ جَاءَ عَنْهُ فِي رِوَايَة : لِأَنِّي كُنْت أَبْسَطُ لِسَانًا . ‏

‏قَوْله : ( ظَهَرَ قَبْلنَا نَاس يَقْرَءُونَ الْقُرْآن وَيَتَقَفَّرُونَ الْعِلْم ) ‏
‏هُوَ بِتَقْدِيمِ الْقَاف عَلَى الْفَاء , وَمَعْنَاهُ : يَطْلُبُونَهُ وَيَتَتَبَّعُونَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُور , وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : يَجْمَعُونَهُ , وَرَوَاهُ بَعْض شُيُوخ الْمَغَارِبَة مِنْ طَرِيق اِبْن مَاهَان ( يَتَفَقَّرُون ) بِتَقْدِيمِ الْفَاء , وَهُوَ صَحِيح وَهُوَ أَيْضًا مَعْنَاهُ : يَبْحَثُونَ عَنْ غَامِضه وَيَسْتَخْرِجُونَ خَفِيَّهُ . وَرُوِيَ فِي غَيْر مُسْلِم يَتَقَفَّوْنَ بِتَقْدِيمِ الْقَاف وَحَذْف الرَّاء وَهُوَ صَحِيح أَيْضًا وَمَعْنَاهُ أَيْضًا : يَتَتَبَّعُونَ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاض : وَرَأَيْت بَعْضهمْ قَالَ فِيهِ ( يَتَقَعَّرُونَ ) بِالْعَيْنِ , وَفَسَّرَهُ بِأَنَّهُمْ يَطْلُبُونَ قَعْرَهُ أَيْ غَامِضَهُ وَخَفِيَّهُ . وَمِنْهُ تَقَعَّرَ فِي كَلَامه إِذَا جَاءَ بِالْغَرِيبِ مِنْهُ وَفِي رِوَايَة أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ يَتَفَقَّهُونَ بِزِيَادَةِ الْهَاء وَهُوَ ظَاهِر . ‏

‏قَوْله : ( وَذَكَرَ مِنْ شَأْنهمْ ) ‏
‏هَذَا الْكَلَام مِنْ كَلَام بَعْض الرُّوَاة الَّذِينَ دُون يَحْيَى بْن يَعْمُر وَالظَّاهِر أَنَّهُ مِنْ اِبْن بُرَيْدَةَ الرَّاوِي عَنْ يَحْيَى بْن يَعْمُر يَعْنِي وَذَكَرَ اِبْن يَعْمُر مِنْ حَال هَؤُلَاءِ وَوَصْفهمْ بِالْفَضِيلَةِ فِي الْعِلْم وَالِاجْتِهَاد فِي تَحْصِيله وَالِاعْتِنَاء بِهِ . ‏

‏قَوْله : ( يَزْعُمُونَ أَنْ لَا قَدَر وَأَنَّ الْأَمْرَ أُنُفٌ ) ‏
‏هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَة وَالنُّون أَيْ : مُسْتَأْنَفٌ لَمْ يَسْبِقْ بِهِ قَدَرٌ وَلَا عِلْمٌ مِنْ اللَّه تَعَالَى , وَإِنَّمَا يَعْلَمُهُ بَعْد وُقُوعه كَمَا قَدَّمْنَا حِكَايَته عَنْ مَذْهَبهمْ الْبَاطِل , وَهَذَا الْقَوْل قَوْل غُلَاتهمْ وَلَيْسَ قَوْلَ جَمِيعِ الْقَدَرِيَّة , وَكَذَبَ قَائِلُهُ وَضَلَّ وَافْتَرَى . عَافَانَا اللَّهُ وَسَائِرَ الْمُسْلِمِينَ . ‏

‏قَوْله : ( قَالَ يَعْنِي اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا فَإِذَا لَقِيت أُولَئِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنِّي بَرِيء مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ بُرَآء مِنِّي , وَاَلَّذِي يَحْلِف بِهِ عَبْد اللَّه بْن عُمَر لَوْ أَنَّ لِأَحَدِهِمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا فَأَنْفِقْهُ مَا قَبِلَ اللَّه مِنْهُ حَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ ) ‏
‏هَذَا الَّذِي قَالَهُ اِبْن عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ظَاهِر فِي تَكْفِيرِهِ الْقَدَرِيَّةَ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاض - رَحِمَهُ اللَّه - : هَذَا فِي الْقَدَرِيَّةِ الْأُوَلِ الَّذِينَ نَفَوْا تَقَدُّمَ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكَائِنَاتِ , قَالَ : وَالْقَائِل بِهَذَا كَافِرٌ بِلَا خِلَاف , وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ الْقَدَر هُمْ الْفَلَاسِفَة فِي الْحَقِيقَة , قَالَ غَيْره : وَيَجُوز أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَذَا الْكَلَام التَّكْفِيرَ الْمُخْرِجَ مِنْ الْمِلَّة فَيَكُون مِنْ قَبِيل كُفْرَان النِّعَم . إِلَّا أَنَّ قَوْله : مَا قَبِلَهُ اللَّه مِنْهُ , ظَاهِر فِي التَّفْكِير ; فَإِنَّ إِحْبَاط الْأَعْمَال إِنَّمَا يَكُون بِالْكُفْرِ إِلَّا أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يُقَال فِي الْمُسْلِم لَا يُقْبَل عَمَله لِمَعْصِيَتِهِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا , كَمَا أَنَّ الصَّلَاة فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة صَحِيحَة غَيْر مُحْوِجَة إِلَى الْقَضَاء عِنْد جَمَاهِير الْعُلَمَاء بَلْ بِإِجْمَاعِ السَّلَف وَهِيَ غَيْر مَقْبُولَة فَلَا ثَوَاب فِيهَا عَلَى الْمُخْتَار عِنْد أَصْحَابنَا وَاَللَّه أَعْلَمُ . وَقَوْله : فَأَنْفَقَهُ , يَعْنِي فِي سَبِيل اللَّه تَعَالَى , أَيْ طَاعَته كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة أُخْرَى . قَالَ نَفْطَوَيْهِ : سُمِّيَ الذَّهَبُ ذَهَبًا لِأَنَّهُ يَذْهَب وَلَا يَبْقَى . ‏

‏قَوْله : ( لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ ) ‏
‏ضَبَطْنَاهُ بِالْيَاءِ الْمُثَنَّاة مِنْ تَحْت الْمَضْمُومَة . وَكَذَلِكَ ضَبَطْنَاهُ فِي الْجَمْع بَيْن الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْره . وَضَبَطَهُ الْحَافِظ أَبُو حَازِم الْعَدَوِيُّ هُنَا ( نَرَى ) بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَة , وَكَذَا هُوَ فِي مُسْنَد أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيّ وَكِلَاهُمَا صَحِيح . ‏

‏قَوْله : ( وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ ) ‏
‏مَعْنَاهُ أَنَّ الرَّجُل الدَّاخِل وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْ نَفْسِهِ وَجَلَسَ عَلَى هَيْئَة الْمُتَعَلِّم . وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏

‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْإِسْلَام أَنْ تَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّه . وَالْإِيمَان أَنْ تُؤْمِن بِاَللَّهِ . . . إِلَى آخِره ) ‏
‏هَذَا قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَإِيضَاحُهُ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَته . ‏
‏قَوْله : ( فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ ) سَبَب تَعَجُّبهمْ أَنَّ هَذَا خِلَاف عَادَة السَّائِل الْجَاهِل , إِنَّمَا هَذَا كَلَام خَبِير بِالْمَسْئُولِ عَنْهُ , وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْت مَنْ يَعْلَم هَذَا غَيْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ‏

‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُد اللَّه كَأَنَّك تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك ) ‏
‏هَذَا مِنْ جَوَامِع الْكَلِم الَّتِي أُوتِيهَا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّا لَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ أَحَدنَا قَامَ فِي عِبَادَة وَهُوَ يُعَايِن رَبّه سُبْحَانه وَتَعَالَى لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا مِمَّا يَقْدِر عَلَيْهِ مِنْ الْخُضُوع وَالْخُشُوع وَحُسْن السَّمْت وَاجْتِمَاعه بِظَاهِرِهِ وَبَاطِنه عَلَى الِاعْتِنَاء بِتَتْمِيمِهَا عَلَى أَحْسَن وُجُوههَا إِلَّا أَتَى بِهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اُعْبُدْ اللَّه فِي جَمِيع أَحْوَالك كَعِبَادَتِك فِي حَال الْعِيَان فَإِنَّ التَّتْمِيم الْمَذْكُور فِي حَال الْعِيَان إِنَّمَا كَانَ لِعِلْمِ الْعَبْد بِاطِّلَاعِ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى عَلَيْهِ فَلَا يُقْدِم الْعَبْد عَلَى تَقْصِير فِي هَذَا الْحَال لِلِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُود مَعَ عَدَم رُؤْيَة الْعَبْد فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْمَل بِمُقْتَضَاهُ فَمَقْصُودُ الْكَلَامِ الْحَثُّ عَلَى الْإِخْلَاص فِي الْعِبَادَة وَمُرَاقَبَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي إِتْمَام الْخُشُوع وَالْخُضُوع وَغَيْر ذَلِكَ . وَقَدْ نَدَبَ أَهْلُ الْحَقَائِقِ إِلَى مُجَالَسَة الصَّالِحِينَ لِيَكُونَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ تَلَبُّسه بِشَيْءٍ مِنْ النَّقَائِص اِحْتِرَامًا لَهُمْ وَاسْتِحْيَاءً مِنْهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ لَا يَزَالُ اللَّه تَعَالَى مُطَّلِعًا عَلَيْهِ فِي سِرّه وَعَلَانِيَته ؟ ! ! . ‏
‏قَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه : وَهَذَا الْحَدِيث قَدْ اِشْتَمَلَ عَلَى شَرْح جَمِيع وَظَائِف الْعِبَادَات الظَّاهِرَة وَالْبَاطِنَة مِنْ عُقُود الْإِيمَان وَأَعْمَال الْجَوَارِح وَإِخْلَاص السَّرَائِر وَالتَّحَفُّظ مِنْ آفَات الْأَعْمَال حَتَّى إِنَّ عُلُوم الشَّرِيعَة كُلّهَا رَاجِعَة إِلَيْهِ وَمُتَشَبِّعَة مِنْهُ قَالَ : وَعَلَى هَذَا الْحَدِيث وَأَقْسَامه الثَّلَاثَة أَلَّفْنَا كِتَابنَا الَّذِي سَمَّيْنَاهُ بِالْمَقَاصِدِ الْحِسَان فِيمَا يَلْزَم الْإِنْسَانَ إِذْ لَا يَشِذُّ شَيْءٌ مِنْ الْوَاجِبَات وَالسُّنَن وَالرَّغَائِب وَالْمَحْظُورَات وَالْمَكْرُوهَات عَنْ أَقْسَامه الثَّلَاثَة . وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏

‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِل ) ‏
‏فِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ وَالْمُفْتِي وَغَيْرهمَا إِذَا سُئِلَ عَمَّا لَا يَعْلَم أَنْ يَقُول : لَا أَعْلَمُ , وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْقُصهُ بَلْ يُسْتَدَلّ بِهِ عَلَى وَرَعه وَتَقْوَاهُ وَوُفُور عِلْمه . وَقَدْ بَسَطْت هَذَا بِدَلَائِلِهِ وَشَوَاهِده وَمَا يَتَعَلَّق بِهِ فِي مُقَدِّمَة شَرْح الْمُهَذَّب الْمُشْتَمِلَة عَلَى أَنْوَاع مِنْ الْخَيْر لَا بُدّ لِطَالِبِ الْعِلْم مِنْ مَعْرِفَة مِثْلهَا وَإِدَامَة النَّظَر فِيهِ وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏

‏قَوْله : ( فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتهَا ) ‏
‏هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَالْأَمَارَة وَالْأَمَار بِإِثْبَاتِ الْهَاء وَحَذْفِهَا هِيَ الْعَلَامَةُ . ‏

‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا ) ‏
‏وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : رَبَّهَا عَلَى التَّذْكِير , وَفِي الْأُخْرَى : بَعْلَهَا وَقَالَ يَعْنِي السَّرَارِيّ . وَمَعْنَى رَبّهَا وَرَبَّتهَا . سَيِّدهَا وَمَالِكهَا وَسَيِّدَتهَا وَمَالِكَتهَا قَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنْ الْعُلَمَاء هُوَ إِخْبَار عَنْ كَثْرَة السَّرَارِيّ وَأَوْلَادهنَّ ; فَإِنَّ وَلَدهَا مِنْ سَيِّدهَا بِمَنْزِلَةِ سَيِّدهَا ; لِأَنَّ مَال الْإِنْسَان صَائِر إِلَى وَلَده , وَقَدْ يَتَصَرَّف فِيهِ فِي الْحَال تَصَرُّفَ الْمَالِكِينَ , إِمَّا بِتَصْرِيحِ أَبِيهِ لَهُ بِالْإِذْنِ , وَإِمَّا بِمَا يَعْلَمهُ بِقَرِينَةِ الْحَال أَوْ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَنَّ الْإِمَاء يَلِدْنَ الْمُلُوكَ فَتَكُون أُمُّهُ مِنْ جُمْلَة رَعِيَّته وَهُوَ سَيِّدهَا وَسَيِّد غَيْرهَا مِنْ رَعِيَّته , وَهَذَا قَوْل إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ , وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَفْسُد أَحْوَال النَّاس فَيَكْثُرُ بَيْع أُمَّهَات الْأَوْلَاد فِي آخِر الزَّمَان فَيَكْثُر تَرْدَادُهَا فِي أَيْدِي الْمُشْتَرِينَ حَتَّى يَشْتَرِيَهَا اِبْنُهَا وَلَا يَدْرِي , وَيُحْتَمَل عَلَى هَذَا الْقَوْل أَنْ لَا يَخْتَصَّ هَذَا بِأُمَّهَاتِ الْأَوْلَاد فَإِنَّهُ مُتَصَوَّرٌ فِي غَيْرهنَّ ; فَإِنَّ الْأَمَة تَلِد وَلَدًا حُرًّا مِنْ غَيْر سَيِّدهَا بِشُبْهَةٍ , أَوْ وَلَدًا رَقِيقًا بِنِكَاحٍ أَوْ زِنًا ثُمَّ تُبَاع الْأَمَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ بَيْعًا صَحِيحًا وَتَدُور فِي الْأَيْدِي حَتَّى يَشْتَرِيَهَا وَلَدُهَا وَهَذَا أَكْثَرُ وَأَعَمُّ مِنْ تَقْدِيره فِي أُمَّهَات الْأَوْلَاد . وَقِيلَ فِي مَعْنَاهُ غَيْر مَا ذَكَرْنَاهُ . وَلَكِنَّهَا أَقْوَال ضَعِيفَة جِدًّا أَوْ فَاسِدَة فَتَرَكْتهَا . ‏
‏وَأَمَّا بَعْلهَا فَالصَّحِيح فِي مَعْنَاهُ أَنَّ الْبَعْل هُوَ الْمَالِك أَوْ السَّيِّد فَيَكُون بِمَعْنَى رَبّهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ . قَالَ أَهْل اللُّغَة بَعْلُ الشَّيْءِ رَبُّهُ وَمَالِكُهُ . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَالْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْله - سُبْحَانه وَتَعَالَى - { أَتَدْعُونَ بَعْلًا } أَيْ : رَبًّا . وَقِيلَ : الْمُرَاد بِالْبَعْلِ فِي الْحَدِيث : الزَّوْج وَمَعْنَاهُ نَحْو مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَكْثُر بَيْع السَّرَارِيّ حَتَّى يَتَزَوَّج الْإِنْسَان أُمَّهُ وَهُوَ لَا يَدْرِي . وَهَذَا أَيْضًا مَعْنًى صَحِيحٌ إِلَّا أَنَّ الْأَوَّل أَظْهَرُ ; لِأَنَّهُ إِذَا أَمْكَنَ حَمْلُ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْقَضِيَّة الْوَاحِدَة عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ كَانَ أَوْلَى . وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏
‏وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لَيْسَ فِيهِ دَلِيل عَلَى إِبَاحَة بَيْع أُمَّهَات الْأَوْلَاد , وَلَا مَنْع بَيْعِهِنَّ . وَقَدْ اِسْتَدَلَّ إِمَامَانِ مِنْ كِبَار الْعُلَمَاء بِهِ عَلَى ذَلِكَ , فَاسْتَدَلَّ أَحَدهمَا عَلَى الْإِبَاحَة وَالْآخَر عَلَى الْمَنْع وَذَلِكَ عَجَبٌ مِنْهُمَا . وَقَدْ أُنْكِرَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلّ مَا أَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَوْنِهِ مِنْ عَلَامَات السَّاعَة يَكُون مُحَرَّمًا أَوْ مَذْمُومًا , فَإِنَّ تَطَاوُلَ الرِّعَاءِ فِي الْبُنْيَان . وَفُشُوَّ الْمَالِ , وَكَوْنَ خَمْسِينَ اِمْرَأَةً لَهُنَّ قَيِّمٌ وَاحِدٌ لَيْسَ بِحَرَامٍ بِلَا شَكٍّ , وَإِنَّمَا هَذِهِ عَلَامَات وَالْعَلَامَة لَا يُشْتَرَط فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ; بَلْ تَكُون بِالْخَيْرِ وَالشَّرّ وَالْمُبَاح وَالْمُحَرَّم وَالْوَاجِب وَغَيْره وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏

‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ ) ‏
‏أَمَّا ( الْعَالَة ) فَهُمْ الْفُقَرَاء , وَالْعَائِلُ الْفَقِيرُ , وَالْعَيْلَة الْفَقْر , وَعَالَ الرَّجُل يَعِيلُ عَيْلَةً أَيْ اِفْتَقَرَ . وَالرِّعَاء بِكَسْرِ الرَّاء وَبِالْمَدِّ , وَيُقَال فِيهِمْ ( رُعَاة ) بِضَمِّ الرَّاء وَزِيَادَة الْهَاء بِلَا مَدٍّ وَمَعْنَاهُ أَنَّ أَهْل الْبَادِيَة وَأَشْبَاههمْ مِنْ أَهْل الْحَاجَة وَالْفَاقَة تُبْسَط لَهُمْ الدُّنْيَا حَتَّى يَتَبَاهَوْنَ فِي الْبُنْيَان . وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏

‏قَوْله ( فَلَبِثَ مَلِيًّا ) ‏
‏هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ لَبِثَ آخِرَهُ ثَاء مُثَلَّثَة مِنْ غَيْرِ تَاءٍ . وَفِي كَثِير مِنْ الْأُصُول الْمُحَقَّقَة ( لَبِثْت ) بِزِيَادَةِ تَاء الْمُتَكَلِّم وَكِلَاهُمَا صَحِيح . وَأَمَّا ( مَلِيًّا ) بِتَشْدِيدِ الْيَاء فَمَعْنَاهُ وَقْتًا طَوِيلًا . وَفِي رِوَايَة أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بَعْد ثَلَاث . وَفِي شَرْح السُّنَّة لِلْبَغَوِيِّ ( بَعْد ثَالِثَة ) وَظَاهِر هَذَا : أَنَّهُ بَعْد ثَلَاث لَيَالٍ . وَفِي ظَاهِر هَذَا مُخَالَفَة لِقَوْلِهِ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة بَعْد هَذَا ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُل فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُل , فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا , فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هَذَا جِبْرِيل " , فَيُحْتَمَل الْجَمْع بَيْنهمَا أَنَّ عُمَر - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - لَمْ يَحْضُر قَوْل النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ فِي الْحَال بَلْ كَانَ قَدْ قَامَ مِنْ الْمَجْلِس , فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَاضِرِينَ فِي الْحَال , وَأَخْبَرَ عُمَر - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - بَعْد ثَلَاث إِذْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَقْت إِخْبَار الْبَاقِينَ . وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏

‏قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( هَذَا جِبْرِيل أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ ) ‏
‏فِيهِ أَنَّ الْإِيمَان وَالْإِسْلَام وَالْإِحْسَان تُسَمَّى كُلُّهَا دِينًا . وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيث يَجْمَع أَنْوَاعًا مِنْ الْعُلُوم وَالْمَعَارِف وَالْآدَاب وَاللَّطَائِف بَلْ هُوَ أَصْل الْإِسْلَام كَمَا حَكَيْنَاهُ عَنْ الْقَاضِي عِيَاض , وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي ضِمْنِ الْكَلَام فِيهِ جُمَلٌ مِنْ فَوَائِده وَمِمَّا لَمْ نَذْكُرهُ مِنْ فَوَائِده أَنَّ فِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ حَضَرَ مَجْلِس الْعَالِم إِذَا عَلِمَ بِأَهْلِ الْمَجْلِسِ حَاجَةً , إِلَى مَسْأَلَةٍ لَا يَسْأَلُونَ عَنْهَا أَنْ يَسْأَلَ هُوَ عَنْهَا لِيَحْصُلَ الْجَوَابُ لِلْجَمِيعِ . وَفِيهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَرْفُقَ بِالسَّائِلِ , وَيُدْنِيَهُ مِنْهُ , لِيَتَمَكَّن مِنْ سُؤَاله غَيْرَ هَائِبٍ وَلَا مُنْقَبِضٍ . ‏
‏وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلسَّائِلِ أَنْ يَرْفُق فِي سُؤَاله . وَاَللَّه أَعْلَمُ . ‏

‏قَوْله : ( حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْغُبَرِيّ وَأَبُو كَامِل الْجَحْدَرِيُّ وَأَحْمَد بْن عَبْدَة ) ‏
‏أَمَّا ( الْغُبَرِيّ ) فَبِضَمِّ الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَة وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَاضِحًا فِي أَوَّل مُقَدِّمَةِ الْكِتَاب , وَ ( الْجَحْدَرِيّ ) اِسْمه الفُضَيْل بْن حُسَيْن وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيم وَبَعْدهَا حَاء سَاكِنَة , وَتَقَدَّمَ أَيْضًا بَيَانُهُ فِي الْمُقَدِّمَة , وَ ( عَبْدَة ) بِإِسْكَانِ الْبَاء وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفُصُول بَيَان عَبْدَة وَعُبَيْدَة . وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد ‏
‏( مَطَر الْوَرَّاق ) ‏
‏هُوَ مَطَر بْن طَهْمَان أَبُو رَجَاء الْخُرَسَانِيّ سَكَنَ الْبَصْرَة كَانَ يَكْتُب الْمَصَاحِف فَقِيلَ لَهُ الْوَرَّاق . ‏

‏قَوْله : ( فَحَجَجْنَا حِجَّةً ) ‏
‏هِيَ بِكَسْرِ الْحَاء وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ فَالْكَسْر هُوَ الْمَسْمُوع مِنْ الْعَرَب , وَالْفَتْح هُوَ الْقِيَاس , كَالضَّرْبَةِ وَشِبْههَا كَذَا قَالَهُ أَهْل اللُّغَة . ‏

‏قَوْله : ( عُثْمَان بْن غِيَاث ) ‏
‏هُوَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَة . ‏

‏وَ ( حَجَّاج بْن الشَّاعِر ) ‏
‏هُوَ حَجَّاج بْن يُوسُف بْن حَجَّاج الثَّقَفِيّ أَبُو مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ بَيَانُهُ وَاتِّفَاقُهُ مَعَ الْحَجَّاج بْن يُوسُف الْوَالِي الظَّالِم الْمَعْرُوف وَافْتِرَاقُهُ . ‏
‏وَفِي الْإِسْنَاد يُونُس وَقَدَّمَ تَقَدَّمَ فِيهِ سِتُّ لُغَاتٍ ضَمُّ النُّون وَكَسْرهَا وَفَتْحهَا مَعَ الْهَمْز فِيهِنَّ وَتَرْكِهِ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 9
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 10
» الايمان بيان الإيمان والإسلام والإحسان حديث رقم 11
» الايمان بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة وأن من تمسك بما حديث رقم 17
» الايمان بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة وأن من تمسك بما حديث رقم 18
» الايمان بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة وأن من تمسك بما حديث رقم 14

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
STARMUST2 :: فئة روات الاحاديث كتب السنة التسعة :: صحيح مسلم-
انتقل الى: