molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: سيد الاستغفار - عبد الله بن إبراهيم الكيلاني / عمّان الثلاثاء 24 يوليو - 10:43:39 | |
|
سيد الاستغفار
عبد الله بن إبراهيم الكيلاني / عمّان
الخطبة الأولى أخرج البخاري في صحيحه عن النبي أنه قال: ((سيد الاستغفار أن يقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال: ومن قالها من النهار موقناً بها، فمات من يومه قبل أن يمسي، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة))[1]. يكشف هذا الحديث الشريف عن المفاهيم الإيمانية التالية: أولاً: يبدأ الحديث بتجديد مفهوم الإيمان وتأكيده من خلال قول المستغفر: ((اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك)). إن هذا الحديث يرمم ويعالج الأضرار الناشئة عن المعصية، فكأن العاصي قد ارتكب حادث سير ثم أرسل سيارته للتصليح، فيُبدأ بمعالجة آثار الضرر على جسم السيارة. وكذلك هذا الحديث يعالج آثار الضرر على المفاهيم الإيمانية، فيبدأ بتجديد مفهوم الإيمان: ((اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت))، ثم إعلان العبودية لله تعالى: ((خلقتني وأنا عبدك)). فلماذا يجدد المستغفر إعلان التوحيد والعبودية؟ يا أهل الجمعة، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ((لا يزني حين يزني وهو مؤمن))، وأقول: كأن الذي ارتكب المعصية خدش إيمانه بما استدعى تـجديد العهد مع الله، فإبليس طرد من رحمة الله بمعصية، وآدم ارتكب معصية وقبل الله توبته، فما الفرق بين المعصيتين؟ أما إبليس فكانت معصيته عن استكبار وتعال على أمر العظيم الجبار، اسمع قوله تعالى: قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَـٰلِينَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِى إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدّينِ [ص:75–77]. وفي سورة الأعراف: قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَٱهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَٱخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ ٱلصَّـٰغِرِينَ [الأعراف:11، 12]. أما في حق أبينا آدم عيه السلام فنجد أن المعصية بالأكل من الشجرة التي نهاهما الله تعالى عنها بقوله: وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ [الأعراف:19]، كانت من غير إصرار ولا استكبار، اسمع قوله تعالى في سورة الأعراف: وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا ٱلشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ ٱلشَّيْطَـٰنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ [الأعراف:22، 23]، هنا نجد موقف آدم موقف المنيب المستغفرفَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ[البقرة:37]. إن سبب طرد إبليس من الرحمة وقبول التوبة من آدم هو الاستكبار عند إبليس والإنابة في حق آدم. ومن هنا جاء حديث سيد الاستغفار يجدد مفهوم العبودية لله تطهيراً للقلب من الاستكبار على أمر الخلاق. أما المقطع الثاني من الحديث فهو توجه إلى الله تعالى بالوقاية من شر المعصية: ((أعوذ بك من شر ما صنعت)). إن من شأن الإنسان أن يتحكم بدوافعه على ضوء معرفته للنتائج، وتأمل قصة السدي وعمر بن عبد العزيز، لما استلم عمر الخلافة دخل عليه سالم السدي فقال عمر: إني خائف، قال السدي: أخاف عليك ألا تخاف، قال: عظني. قال: أبونا آدم خرج من الجنة بمعصية واحدة. يا أهل الجمعة، إن المعاصي تجلب المآسي من ذلك ما ذكره القرآن وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ [النحل:114]. وتكرر هذا المعنى حتى استقر قاعدة اجتماعية وَتِلْكَ ٱلْقُرَىٰ أَهْلَكْنَـٰهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا [الكهف:59]. وفي الحديث: ((إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)). ثم يتابع الحديث: ((أبوء لك بنعمتك علي)): مفهوم متصل بتوحيد الربوبية وأن ما بكم من نعمة فمن الله، ومنها كان رسول الله يتبرأ من حوله وقوته إلى حول الله وقوته ليقينه بأنه لا حول ولا قوة إلا بالله. ثم ينتهي الحديث بالتوجه بالاستغفار لله عز وجل: ((فاغفر لي)). والاستغفار هو التوبة وهو العزم على عدم الفعل والندم على ما فرط في جنب الله. و للتوبة أركان: الندم على ما قدم، والعزم على ألا يعود، وترك ما هو عليه من المعاصي، وإن كان ثمة حقوق للبشر أعادها إليهم. يا أهل الجمعة، إن التوبة تكون من الفرد وتكون من الأمة، أما توبة الفرد فبما بينا، وأما توبة الأمة فسبيلها: توبة القانون بإصلاحه وتوبة الحكم بالعودة إلى الله. ومن أخطر المعاصي موالاة أعداء الله قال سبحانه: لاَّ يَنْهَـٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مّن دِيَـٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُواْ إِلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَـٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ قَـٰتَلُوكُمْ فِى ٱلدّينِ وَأَخْرَجُوكُم مّن دِيَـٰرِكُمْ وَظَـٰهَرُواْ عَلَىٰ إِخْرٰجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ [الممتحنة 7-9]. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...
[1] البخاري: حديث (5974).
الخطبة الثانية لم ترد.
| |
|