molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: نعمة الأمن - عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض الجمعة 3 فبراير - 4:58:49 | |
|
نعمة الأمن
عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ / الرياض
الخطبة الأولى
أما بعد:
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله، إن خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام لما أكمل بناء بيت الله الحرام، بأمر الله له، دعا لأهله بهذه الدعوات قائلاً: رَبّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا ٱلْبَلَدَ آمِنًا وَٱجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ ٱلأصْنَامَ رَبّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مّنَ ٱلنَّاسِ فَمَن تَبِعَنِى فَإِنَّهُ مِنّى وَمَنْ عَصَانِى فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ رَّبَّنَا إِنَّى أَسْكَنتُ مِن ذُرّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلوٰةَ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُمْ مّنَ ٱلثَّمَرٰتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [إبراهيم:35-37].
أيها المسلم، فتأمل في هذه الدعوة من الخليل عليه السلام، تأمل هذه الدعوة التي دعا بها الخليل عليه السلام لأهل بيت الله الحرام: رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرٰتِ [البقرة:126]. دعا لهم بأمرين:
أولاً: أن يجعله الله حرماً آمناً، وثانياً: أن يرزقهم من الثمرات.
فبدأ بالأمن قبل كل شيء، لأن الأمن إذا تحقق [وتمّ حصل] به الخير كله، فبالأمن يتحقق للعباد مصالح دينهم ودنياهم، بالأمن ينالون الخيرات، يسعون في الأرض، يعملون ويجتهدون، ينتقل من هنا إلى هناك في طلب الرزق وتأمين المعيشة بتوفيق من الله، لكن هذا لا يتم إلا إذا تحقق الأمن، وإذا فقد الأمن ـ والعياذ بالله ـ فإن كل خير يفقد، فلا يتم للعباد أمر، لا في دينهم، ولا في دنياهم، ولهذا قال الخليل: رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَٱرْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ ٱلثَّمَرٰتِ [البقرة:126].
أيها المسلم، إن الأمن في الوطن نعمة من الله عظمى، يذكِّر الله بها عباده، ويبيِّن لهم فضلها، وأنه القادر على تحقيقها، القادر عليها جل وعلا، فهي نعمة من أجلّ نعم الله على عباده بعد نعمة الإسلام، قال تعالى: وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ[النحل:112].
فتأمل ـ أخي ـ قوله تعالى: وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ ءامِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ مَكَانٍ، فصار بالأمن تتحقق المعيشة، وتجلب من أقاصي الدنيا، يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مّن كُلّ مَكَانٍ، أي من كل مكان على وجه الأرض؛ لأن هذا الأمن منح الثقة بالبلد وأهلها، فاطمأن الناس على أنفسهم واطمأنوا على أموالهم، واطمأنوا على دمائهم، فعاشوا بخير ونعمة، لكن إذا غير العباد نعم الله، فـ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11].
فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَاقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلْجُوعِ وَٱلْخَوْفِ، فالخوف والجوع مقترنان، والأمن والرغد مقترنان، نسأل الله شكر نعمته وحسن عبادته.
وقال تعالى مخبراً عن قول نبي الله صالح لقومه، يخاطبهم ويذكرهم نعم الله عليهم: أَتُتْرَكُونَ فِى مَا هَاهُنَا ءامِنِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ وَتَنْحِتُونَ مِنَ ٱلْجِبَالِ بُيُوتاً فَـٰرِهِينَ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ وَلاَ تُطِيعُواْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِى ٱلأرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ [الشعراء:146-152]، فهو يذكرهم نعم الله، يقول لهم: أَتُتْرَكُونَ فِى مَا هَاهُنَا ءامِنِينَ، مع إعراضكم عن الله، وبعدكم عن شرع الله، وتكذيبكم لنبيكم، أَتُتْرَكُونَ فِى مَا هَاهُنَا ءامِنِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ.
إذاً فالأمن نعمة يُذكَّر بها العباد، ويعرَّفون بقدرها، ليشكروا الله عليها بأقوالهم وأعمالهم، ويكونوا على الطريق المستقيم، لتبقى لهم تلك النعمة، ويدوم عليهم بفضل الله هذا الخير.
وقال جل وعلا مخبراً عن قول سبأ وما أعطاهم من النعم قال: وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِى بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَـٰهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا ٱلسَّيْرَ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِىَ وَأَيَّاماً ءامِنِينَ [سبأ:18]، ثم أخبر عنهم: فَقَالُواْ رَبَّنَا بَـٰعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَـٰهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَـٰهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِى ذَلِكَ لآَيَـٰتٍ لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ [سبأ:19].
فانظر قوله تعالى: سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِىَ وَأَيَّاماً ءامِنِينَ [سبأ:18]، ينتقلون من مكان إلى مكان، قدَّروا سير أيامهم ولياليهم، وما يصلون إليه من المكان، وكل مكان له زمن محدد.
أيها الإخوة، وقال جل وعلا مذكراً سكان بيته الحرام بالذات قائلاً لهم: أَوَلَمْ نُمَكّن لَّهُمْ حَرَماً ءامِناً يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَىْء رّزْقاً مّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ [القصص:57].
أَوَلَمْ نُمَكّن لَّهُمْ حَرَماً ءامِناً يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَىْء، فلكونه آمنا جلبت إليه ثمرات كل شيء، لأن المكان الآمن يُطمأن إليه، ويُطمأَن للبيع والشراء فيه، والبقاء فيه، لأنه الأمن، فيتحقق به مصالح الناس.
وقال جل وعلا: أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً ءامِناً وَيُتَخَطَّفُ ٱلنَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِٱلْبَـٰطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ ٱللَّهِ يَكْفُرُونَ [العنكبوت:67]، فبيّن لهم نعمته بالأمن عليهم، وأن غير سكان الحرم بالذات يُتخطفون يميناً ويساراً، غيرهم في قلق واضطراب، وهم بكونهم في البيت الحرام في أمان واستقرار، فالله يذكرهم تلك النعمة، ليعرفوا قدرها، ويقوموا بحقها وواجبها.
أيها المسلمون، إن المتأمل في نعم الله على الحقيقة إذا تأمَّلها على الحقيقة دعاه ذلك التأمل إلى شكر الله، والثناء على الله، ومعرفة قدر من أنعم بهذه النعمة، وتفضل بها، وجاد بها، فهي نعم من الله، يُذكِّر الله بها عباده، ليقوموا بحقها، وليعبدوه تعالى، ويقوموا بما أوجب عليهم، فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِى أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَءامَنَهُم مّنْ خوْفٍ [قريش:3، 4]. انظروا النعمتين: أطعمهم من جوع فهم في شبع ورغد، وآمنهم من خوف فتمت النعمة بالأمن ورغد العيش، وفي الحديث عنه قال: ((من أصبح آمنا في سِربه، معافىً في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها))[1].
أيها المسلمون، الأمن ينال الناسُ به الخير كلَّه، يعبدون الله، يقومون بما أوجب الله عليهم، بالأمن يطمئنون على دمائهم، وعلى أموالهم، وعلى أعراضهم، الأمن يحقق لهم الخير، ويدفع عنهم السوء، الأمن يحصل به رغد العيش، وتنمو به التجارة، ويتبادل الناس المنافع، ويعيشون في طمأنينة ونعمة من الله.
أيها المسلمون، وإذا فكرنا في حالنا، ونظرنا إلى وضعنا، وما نحن فيه من هذه النعم العظيمة، إذا نظرنا وفكرنا حق التفكر في عظيم نعم الله علينا، فرأينا أنفسنا ونحن نعيش هذا الأمن العظيم، هذا الأمن المستتِبّ الذي يخرج [فيه] المسلم ليقطع شمال المملكة إلى جنوبها، وشرقها إلى غربها، آمنٌ مطمئن، لا يخشى إلا الله، لا يحمل سلاحاً معه، بل قد لا يحمل متاعاً معه، فالبلد في خير ونعمة وفضل، وتوافر خير، عمّ المدن والهجر والقرى، وكل الأماكن، إنها نعمة عظيمة من الله وفضل كبير من الله، هذا الأمن يحتاج العباد فيه إلى أن يشكروا الله عليه بقلوبهم وألسنتهم وجوارحهم، وأن يحافظوا عليه قدر ما يمكنهم، وأن يعلم كل فرد أن هذه النعم، مسؤول كل فرد منا بالمحافظة عليها، والحرص عليها بقدر إمكانه، فإنها نعمة من الله ترعى هذه البلاد، هذه النعم من الله إنما أصلها وأساسها تحكيم شريعة الله، نرجو الله أن يثبت الجميع على دينه.
فهذا الأمن والطمأنينة، وهذا الانتظام في المعيشة، وهذا الرغد الذي تعيشونه، وهذه الخيرات التي تجلب لكم من أقطار الدنيا شرقها وغربها، وكلٌ يقصد ودَّ هذا البلد، وكل يتمنى أن يكون يعيش فيه، وكل يتمنى أن له مساهمة فيها، في تجارة ونحوه، كل يتمنى ذلك، لأنه أمن واستقرار وطمأنينة وتكاتف وتعاون، وقد من الله عليه برجال سبّلوا أنفسهم لله ثم لهذا البلد، حرصاً على أمنه، حرصاً على استقراره، وحرصاً على طمأنينته، وحرصاً على بقاء الخير فيه.
فعلى الجميع أن يشكروا الله ليلاً ونهاراً، وسراً وجهاراً، على ما أعطاهم من هذه النعم، ومنحهم من هذا الخير العظيم.
إن غيركم مِن العالم مَن بلغوا الشأو البعيد في الصناعة والتقدم العلمي في كل الأحوال يفقدون هذه النعمة، ولا يعرفون هذه النعمة، إنها نعمة تفضل الله بها عليكم وجاد بها عليكم، لكنها ابتلاء وامتحان، هل نستطيع أن نقوم بشكرها حق القيام؟ فإن الله جل وعلا أكرم الأكرمين، إذا العباد قاموا بنعمه أدامها عليهم، وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌ [إبراهيم:7].
فالحمد لله على نعمائه وإفضاله، والحمد لله على إحسانه وكرمه، والحمد لله على جوده وفضله.
إن الله جل وعلا خصَّ بيته الحرام فجعله حرماً آمناً، حرَّم فيه سفك الدماء، وحرم فيه ظلم العباد، فيقول : ((إن الله حرم هذا البلد يوم خلق السموات والأرض، ولم يحرمه الناس، فهو حرام بتحريم الله له، لا يسفك به دم، ولا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يختلى خلاه، ولا يلتقط لقطته إلا معرفٌ لها)) [2].
والبيت الحرام في هذه الأزمنة يعيش في أمن وطمأنينة، ويتوافد إليه آلاف الحجيج والمعتمرين، فيبقون وينصرفون منه وهم في أمانٍ واستقرار ونعمة عظيمة، فكلها نعمٌ من الله، إنما على العباد أن يشكروا الله عليها، وأن لا يصغوا إلى ما يقوله الأعداء، وإلى ما يروّجه الأعداء الحاقدون، على هذا الدين وأهله، الذين يحبون أن يفتروا الكذب ويقولوا الباطل ليشكِّكوا الأمة في نعمتها وخيرها، إنهم أعداؤنا، أعداء ديننا يغيضهم ما يرون في هذا البلد من هذه النعمة والاستقرار، فالمسلم لا يصغي لأولئك، وليعلم أن ما وراءهم سوى الكذب والباطل، والحقد الذي ملأ قلوبهم حتى قالوا ما قالوا.
فهذه البلاد تعيش أمناً واستقراراً، وتعيش مطمئنة، والخير الكثير الذي تشاهدونه في أسواقكم وفي كل أحوالكم، فاشكروا الله على نعمته، واسألوه من فضله وكرمه، أن يديمها عليكم، وأن يجعلها عوناً على ما يرضيه، وأن يجعلها سبباً للقيام بما أوجب الله، وتحكيم شرع الله، والاستقامة على ذلك، والثبات عليه إنه على كل شيء قدير.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
[1] أخرجه البخاري في الأدب المفرد [300]، والترمذي في الزهد [2268]، وابن ماجه في الزهد [4131] من حديث عبيد الله بن محصن الأنصاري رضي الله عنه، وقال الترمذي : "هذا حديث حسن غريب" ، وحسنه الألباني في الصحيحة [2318] لشواهده.
[2] هذا اللفظ مجموع حديثين: حديث ابن عباس رضي الله عنهما أخرجه البخاري في الجزية [2951]، ومسلم في الحج [2412]، وحديث أي شريح رضي الله عنه أخرجه أيضاً البخاري في العلم [101]، ومسلم في الحج [2413].
الخطبة الثانية
الحمد لله، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى حق التقوى.
عباد الله، إن الله جل وعلا بيّن لنا في كتابه العزيز عداوة الأعداء لنا ولديننا، فقال لنا جل وعلا: وَدَّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِن بَعْدِ إِيمَـٰنِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْحَقُّ [البقرة:109]، وقال: وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلاَ ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ [البقرة:120].
إن أعداءنا يغيضهم ما يرون عندنا من نعمة، يغيضهم هذا الإسلام وتحكيم الشريعة، يغيضهم تحكيم الشريعة والعمل بها، يغيضهم ما يشاهدون من أمن وطمأنينة، يغيضهم أن هذه البلاد تعيش طمأنينةً دائمة، تعيش أمناً وخيرا، وتمر بها السنون وهي تزداد طمأنينة وثباتاً وقوة ولله الحمد والمنة، يغيضهم ذلك لأنهم يرون هذه البلاد وهي أمة واحدة، ويد واحدة، ليس هناك أحزاب ولا طوائف، ولكنها أمة واحدة، تحت قيادة واحدة، في أمن واستقرار ونعمة وخير، فكم تبُثّ قنواتهم السيئة من أكاذيب وأباطيل وأراجيف، وكم يكتب كتابهم من أقوال ملؤها الحقد والبغض للإسلام وأهله، ولكن المسلم على ثقة بدينه، وثقة بنعمة الله عليه، فلا يصغي لأولئك، وليعلم أنهم إنما يقولون ما يقولون عن حقد مَلأَ نفوسهم، وعن غيظ على الإسلام وأهله، قال جل وعلا عنهم أنهم يحبون أن يصيبنا كل شر: إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ [التوبة:50]، إنه يسيؤهم كل خير عندنا، ويسوؤهم كل أمن عندنا، وإنما يسرهم أن يروا في البلد قيل وقال، والبلد حفظها الله بالإسلام، ثم حفظها بولاتها، ونسأل الله أن يديم على الجميع نعمة الإسلام، وأن يحفظ هذه النعمة من الزوال، ربِّ نعوذ بك من زوال نعمتك، ومن تحوّل عافيتك، ومن فجاءة نقمتك، وأن يرزقنا شكر نعمته، وحسن عبادته، وأن نستعمل نِعم الله علينا فيما يقربنا إلى الله، إنه على كل شيء قدير.
واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن أحسن الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بجماعة المسلمين، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار.
وصلوا ـ رحمكم الله ـ على محمد ...
| |
|