molay مدير مراقب
البلد : المغرب الجنس : عدد المساهمات : 11945 تاريخ التسجيل : 17/12/2009 الموقع : STARMUST2
بطاقة الشخصية الدرجة: (1365/1365)
| موضوع: مسؤولية الكلمة- حسين الأعمش الإثنين 31 أكتوبر - 5:43:21 | |
|
مسؤولية الكلمة
حسين الأعمش
الخطبة الأولى
ثم أما بعد:
فيا أيها المسلمون:
إن الكلمة مسؤولية لابد أن نعي كيف نتعامل معها، فرب كلمة نابية أدت إلى خصومة، ورب كلمة جافية فرقت شمل أسرة، ورب كلمة طاغية أخرجت الإنسان من دينه، والعياذ بالله، ولكن رب كلمة حانية أنقذت حياة، ورب كلمة طيبة جمعت شملا ً، ورب كلمة صادقة أدخلت إلى الجنة، جعلني الله وإياكم من أهلها، ولأهمية الكلمة وأثرها قال رسول الله : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت))، هذا حديث شريف لو فقهه الناس، وصدقوا النية في التعامل معه، لتجنبوا الكثير من المآسي، وكثيرا ما يفسد الود بين الناس كلمة نابية مؤذية ليست في محلها، تنفذ كما ينفذ السهم المسموم، فتفرق ما كان مجتمعا وتفسد ما كان صالحاً.
أيها المسلمون:
إن حالنا في كثير من وجوهه مريض، لأن الكثير منا إذا تكلم لا يتكلم إلا في سوء، لا يتكلم إلا في اللغو والزور، لا يتكلم إلا في الكذب والنفاق والتملق، لا يتكلم إلا مغتابا أو نمّاماً، أو همّازاً أو لمّازاً، أو داعياً إلى فتنة أو بغضاء، ولا يسكت حين يسكت إلا عن خير يسكت عن المنكر، يسكت عن الشر، يسكت عن الظلم والآثام، وإن البغي والانحراف والفساد والبدع والفجور ما قوي واشتد عودها إلا حين سكت أهل الإصلاح وأخرس صوت الحق.
غير أن صلاح اللسان في عرف فقهاء الأمة وأطبائها إنما هو ولد صلاح النفوس والقلوب، فهيهات هيهات أن تصلح الألسنة والقلوب مريضة، ومتى يستقيم الظل والعود أعوج، وما اللسان إلا ترجمان القلوب.
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جُعل اللسان على الفؤاد دليلا
وما أروع ابن المعتز في حكمته القائلة: (الحكمة شجرة تنبت في القلب وتثمر في اللسان)، وهذا الربط بين القلب واللسان هو المقصود لا محالة.
في الحديث الشريف: ((لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه)).
أيها المسلمون:
إن صلاح اللسان لا يقصد به أبداً القدرة على النطق الفصيح والتعبير الجميل، فذلك قد يتأتى حتى لأصحاب النفوس المريضة والسلوكيات المعوجة الذين لا تطابق أقوالهم أفعالهم، والذين شنّع عليهم ربنا – عز وجل – في قوله: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون .
والمسلم في صلاح لسانه مكلف شرعاً بأن يسكت عن كل ما لا يرتضيه الشرع، وأن يجتهد في الصدع بكلمة الحق، وإصلاح ذات البين، وهكذا يكون لسانه +ّاباً للأجر نفاعاً للبشر، أما الثرثرة وإطلاق الكلام دون إدراك مراميه ومخاطره فإنه مهلك لصاحبه، قال : ((إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله، ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه))، ((وكلام ابن آدم عليه لا له إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذكر الله عز وجل )).
كما ورد في حديث آخر عن سيد المرسلين .
أيها المسلمون:
أعود وأكرر، إنه بكلمة قد تخرب جماعة بعد بناء، ويفسد حال أسرة بعد توادد وتعاطف، ويتخاصم الإخوة ويتعادى الأحبة، وقد يهجر الأب ابنه بسبب كلمة تصدر من فاسق منحرف، وهكذا فالكلمة الخبيثة سلاح من أسلحة إبليس ينطق بها فم ملعون رجيم، وصلى الله على سيدنا محمد القائل: ((من صمت نجا)) والصمت المحقق للنجاة – بداهة – هو الصمت عمّا هو معصية أو مؤد إلى معصية.
أقولي قولي هذا وأستغفر الله الكريم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، فصلى الله وسلم على النبي الكريم صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيا أيها المسلمون:
أثر عن الصديق أبي بكر أنه كان كثيراً ما يمسك بطرف لسانه ويقول: ((هذا الذي أوردني الموارد))، فإذا كان أبو بكر وهو من هو في تقواه وورعه وتمسكه بدين الله عز وجل فماذا نقول نحن الذين ظلت ألسنتنا تحصد القليل القليل من الخير الذي تدمره جوارحنا، إنها القساوة في قلوبنا حيث تراكمت فينا الآثام والمعاصي، ألا فلنراقب الله تعالى ولنحترس من ألسنتنا ولنهذبها تهذيبنا لأخلاقنا لنعرض عن السفهاء وكلامهم حتى لا نكون مثلهم وقديماً قال الشاعر:
إذا جاريت في خلق سفيهاً فأنت ومن تجاريه سواء
وليكن قدوتنا في مثل هذا أبو بكر الصديق لما قال له بعض السفهاء: (والله لأسبنك سباً يدخل معك قبرك)، قال الصديق في عزة المؤمن وفي تقوى الصالح: (يدخل معك قبرك وحدك).
وصدق الله العظيم الواصف لعباده الصالحين: وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما .
اللهم إنها نسألك كلمة الحق في الغضب والرضا وفي الجد والهزل، اللهم إنا نسألك الخير كله عاجله وآجله ونستعيذ بك من الشر كله عاجله وآجله، اللهم صلي على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً.
| |
|